حديث: بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب جواز العرايا فيما دون خمسة أوسق

عن أبي هريرة أن رسول اللَّه ﷺ أرخص في بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق، أو في خمسة أوسق.

متفق عليه: رواه مالك في البيوع (١٤) عن داود بن الحصين، عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد، عن أبي هريرة فذكره.

عن أبي هريرة أن رسول اللَّه ﷺ أرخص في بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق، أو في خمسة أوسق.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث الذي ذكر حديث عظيم، فيه بيان لرخصة من رخص الشريعة الإسلامية التي جاءت لتيسير أمور الناس ورفع الحرج عنهم. وإليك الشرح الوافي له على النحو التالي:
### أولاً. تخريج الحديث ومصادره المعتمدة
هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه (كتاب البيوع، باب بيع العرايا) برقم (2191)، ومسلم في صحيحه (كتاب البيوع، باب بيع العرايا) برقم (1596)، والترمذي والنسائي وأبو داود وغيرهم من أئمة الحديث. وهو حديث صحيح متفق على صحته.
### ثانياً. شرح المفردات
● أرخص: أي أباح وجوّز استثناءً من الأصل العام.
● بيع العرايا: العرايا جمع عرية، وهي أن يهب الإنسان لآخر ثمر نخلة أو أكثر وهي على رؤوس النخيل، ثم يبيعه إياها بعد ذلك بثمن معجل قبل قطافها.
● بخرصها: الخرص هو التقدير بالظن، أي أن يقدّر الثمرة وهي على النخيل ثم يبيعها بمقدار ذلك التقدير من الثمر الجاف (التمر) أو النقد.
● الأوسق: الوَسق مكيال يساوي ستين صاعاً، والصاع أربعة أمداد، والمد يساوي ملء الكفين المعتدلتين. وخمسة أوسق تساوي ثلاثمائة صاع.
### ثالثاً. شرح الحديث ومعناه الإجمالي
كان الأصل في الشريعة تحريم بيع الثمر قبل بدو صلاحه، كما جاء في الحديث الصحيح: "من ابتاع نخلاً بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع" (متفق عليه). كما حرمت الشريعة بيع الطعام قبل قبضه، وكذلك بيع الغرر (أي المجهول).
ولكن النبي صلى الله عليه وسلم رخّص في نوع معين من البيوع وهو "بيع العرايا" استثناءً من هذا الأصل، وذلك رفعاً للحرج عن الناس وتيسيراً عليهم. والصورة التي يرخص فيها هي: أن يكون لرجل نخيل فيه ثمر، فيأتي فقير أو محتاج فيقول له: أهب لي هذه النخلة أو النخلة (عرية)، فيقول المالك: بل أبيعك إياها بتقدير ثمرها (خرصها) نقداً أو تمراً جافاً، فيتم البيع على هذا الأساس.
وشُرط لهذه الرخصة أن يكون القدر أقل من خمسة أوسق (أي أقل من 300 صاع)، فإن زاد على ذلك لم يجز؛ لأن الحكمة من الرخصة هي التيسير على المحتاجين في قضاء حاجتهم البسيطة، فإذا كثر القدر خرج عن كونه حاجة بسيطة إلى التجارة، فيعود إلى الأصل العام وهو المنع.
### رابعاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث
1- يسر الشريعة ومرونتها: فالشريعة الإسلامية جاءت برفع الحرج وتيسير أمور الناس، وهذه الرخصة خير دليل على ذلك.
2- مراعاة أحوال الناس وحاجاتهم: فالرخصة جاءت لمساعدة المحتاج الذي قد لا يملك ثمن شراء التمر بعد جفافه، فيُباح له شراؤه وهو على النخيل بتقدير قيمته.
3- التفريق بين الحاجة والتجارة: فالتيسير مقيد بما دون خمسة أوسق لأن الحاجة الشخصية لا تتعدى ذلك عادة، فإذا زاد أصبح تجارة تدخل في نطاق المنع.
4- تحريم بيع الغرر والمجهول: والأصل منع بيع الثمر قبل بدو صلاحه لأنه غرر، ولكن هذه الرخصة استثناء مؤقت مقيد.
5- جواز الخرص في الأمور المعاملاتية: فالخرص طريقة معتبرة شرعاً في تقدير الزكاة وغيرها، وهنا جاز في البيع للضرورة.

خامساً:

أحكام فقهية متعلقة بالحديث
- ذهب جمهور العلماء (الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة) إلى العمل بهذه الرخصة بشروطها.
- الشروط هي:
- أن يكون البائع مالكاً للنخيل.
- أن يكون الثمر أقل من خمسة أوسق.
- أن يكون الخرص بتقدير عدل.
- أن يكون الثمن معجلاً (نقداً أو تمراً جافاً).
- إذا زاد الثمر على خمسة أوسق لم يجز البيع بهذه الطريقة.

سادساً:

خلاصة
الحديث показывает سماحة الإسلام ومرونته، حيث رخّص في بيع العرايا بتقدير خرصها فيما دون خمسة أوسق تيسيراً على الناس ورفعاً للحرج عنهم، مع المحافظة على الضوابط الشرعية التي تمنع الغرر والجهالة في المعاملات.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في البيوع (١٤) عن داود بن الحصين، عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد، عن أبي هريرة فذكره. ورواه البخاريّ في البيوع (٢١٩٠)، ومسلم في البيوع (١٥٤١) كلاهما من طريق مالك به مثله.
زاد مسلم: يشك داود قال: خمسة، أو دون خمسة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 344 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق

  • 📜 حديث: بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب