حديث: بيع الغرر
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب النهي عن بيع الغرر، وبيع الحصاة
حسن: رواه الإمام أحمد (٦٣٠٧) عن يعلى ومحمد قالا: حدثنا محمد -يعني ابن إسحاق-، حدثني نافع، عن ابن عمر فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فإن حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما الذي رواه مسلم في صحيحه وغيره: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ بَيْعِ الغَرَرِ" من الأحاديث العظيمة التي تحدد قاعدة مهمة من قواعد المعاملات المالية في الإسلام.
1. شرح المفردات:
* نهى: أي منع وزجر وتحريم.
* بيع: العقد الذي يتم بمقتضاه تبادل المال بالمال، وهو يشمل جميع أنواع المعاوضات المالية التجارية.
* الغرر: هو الجهالة والاحتمال والخطر. وهو كل بيع لا يُعلم حصوله أو لا تُعلم صفاته أو مقداره أو وقته. ويسمى أيضًا "بيوع الجهالة".
2. شرح الحديث:
معنى الحديث النبوي الشريف أن رسول الله ﷺ حرم وحذر من كل عقد بيع يتضمن غررًا فاحشًا، أي جهالة كبيرة تفضي إلى النزاع والخصام، أو إلى أكل أموال الناس بالباطل.
والغرر المذكور في الحديث هو الذي يكون كثيرًا مؤديًا إلى النزاع، وأما الغرر اليسير الذي لا يؤدي إلى نزاع أو خصام فإنه مغتفر في العادات والمعاملات، كالغرر اليسير في ثمرة النخلة عند بيعها، أو في بيع السمك في الماء.
أمثلة على بيع الغرر المحرم:
* بيع الطير في الهواء أو السمك في الماء: لأنه مجهول التمكين والتسليم، فقد لا يتمكن البائع من الإمساك به.
* بيع الحمل في البطن: دون أن يكون تابعًا لأمه، لجهالة صفاته وحياته.
* بيع المعدوم: مثل بيع ما سيُصطاد غدًا دون ضمان.
* بيع "حَبَالةَ الْحَابِلَةِ": وهو بيع نتاج النتاج (مثل بيع ما في بطن الناقة التي في بطن أمها)، لشدة الجهالة.
* بيع العينة: وهي أن يبيع شخص سلعة بثمن مؤجل، ثم يشتريها نقدًا بثمن أقل، فهي صورة للربا متضمنة للغرر والجهالة في الحقيقة.
* بيع الثمر قبل بدو صلاحه: لجهالة هل سينجو حتى يصلح للأكل أم لا.
* بيع اللبن في الضرع: لجهالة مقداره.
3. الدروس المستفادة منه:
1- حكمة التشريع الإسلامي: يهدف الإسلام إلى إقامة العدل ومنع الظلم في المعاملات، وبيع الغرر يؤدي إلى الخصومات وأكل الأموال بالباطل، فحرمه الإسلام سدًا لهذه الذرائع.
2- النهي عن المخاطرة والمقامرة: الغرر يشبه القمار، حيث يدفع أحد المتعاقدين مالًا دون أن يكون على يقين من الحصول على مقابله، أو يكون المقابل مجهولًا.
3- الشفافية والوضوح في المعاملات: يشترط الإسلام في البيع أن يكون المبيع معلوماً للمشتري علماً تاماً من حيث جنسه ونوعه وصنفه ومقداره وصفته، ليحصل الرضا والاطمئنان للطرفين.
4- تحقيق التعاون والبر بدل العداوة والخصام: المعاملات الخالية من الغرر تؤدي إلى طمأنينة القلب ونزاهة التعامل وتقوية أواصر الثقة بين أفراد المجتمع.
5- مراعاة مصلحة المجتمع: حيث أن المعاملات المحتوية على غرر تؤدي إلى انتشار الظلم والعداوة بين الناس، فمنعها يحقق المصلحة العامة.
4. معلومات إضافية مفيدة:
* هذا الحديث أصل من الأصول الكبرى التي بنى عليها الفقهاء كثيرًا من أحكام البيوع الفاسدة.
* يشترط في البيع الصحيح أن يكون المبيع معلوماً ومقدوراً على تسليمه.
* الضابط في الغرر المحرم هو ما كان كثيراً يؤدي إلى النزاع والخصام، وأما اليسير الذي لا ينزع إليه الناس فإنه يعفو عنه الإسلام.
* يدخل في مفهوم الغرر الحديث الكثير من المعاملات المالية الحديثة التي فيها جهالة أو مخاطرة عالية، مثل بعض عقود المشتقات المالية (Derivatives) ذات الطبيعة المقامرة، مما يستدعي النظر فيها من قبل المتخصصين في الاقتصاد الإسلامي لموافقة أحكام الشريعة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق؛ فإنه مدلس، ولكنه صرّح بالتحديث.
ورواه ابن حبان في صحيحه (٤٩٧٢) من طريق محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا معتمر، عن أبيه، عن نافع، عن ابن عمر فذكر مثله.
ومعتمر هو ابن سليمان التيمي، وقد قيل: إن بين سليمان التيمي وبين نافع رجلا، وقد مشى على ظاهره ابن حبان، فأخرجه في صحيحه، وكذا أخرجه غيره أيضًا، وصحح إسناده.
وحسنه ابن حجر في التلخيص (٣/ ٦)، ولم يعزُ الحديث إلى أحمد، فلعله لم يقف عليه. ثم إنه جمع بين ابن حبان والبيهقي في الإسناد المذكور مع أن البيهقي رواه من طريق أخرى من طريق
سفيان، عن ابن أبي يعلى، عن نافع، عن ابن عمر فذكره.
وابن أبي يعلى سيء الحفظ إِلَّا أنه توبع في إسناد أحمد.
وفي الباب ما روي عن شيخ من بني تميم قال: خطبنا علي بن أبي طالب، -أو قال- قال علي: «سيأتي على الناس زمان عضوض يعضُّ الموسر على ما في يديه، ولم يؤمر بذلك. قال اللَّه تعالى: ﴿وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ [سورة البقرة: ٢٣٧] ويبايع المضطرون، وقد نهى النبي ﷺ عن بيع المضطر، وبيع الغرر، وبيع الثمرة قبل أن تدرك.
رواه أبو داود (٣٣٨٢) عن محمد بن عيسى، حدثنا هشيم، أخبرنا صالح بن عمر، حدثنا شيخ من بني تميم فذكره.
ورواه الإمام أحمد (٩٣٧) عن هشيم قال: أخبرنا أبو عامر المزني، حدثنا شيخ من بني تميم فذكره. وفي الإسناد رجل لم يسم.
و«العضوض» الكلب، فيه عسف وظلم.
وفي الباب أيضًا عن ابن عباس قال: نهى رسول اللَّه ﷺ عن بيع الغرر.
رواه ابن ماجه (٢١٩٥) من طريق الأسود بن عامر، وعنه الإمام أحمد (٢٧٥٢) عن أيوب بن عتبة، عن يحيى بن أبي كثير، عن عطاء، عن عبد اللَّه بن عباس فذكره.
وأيوب بن عتبة هو اليمامي، أبو يحيى القاضي، وهو من رجال ابن ماجه وحده، ضعيف عند جمهور أهل العلم.
ورواه الطبراني في الكبير (١١٦٥٥) من وجه آخر، ولكن فيه النضر أبو عمر، متروك، كما قال الهيثمي في المجمع (٤/ ٨٠).
وذكر أحمد: قال أيوب: وفسَّر يحيى بيع الغرر قال: إن من الغرر ضربة الغائص، وبيع الغرر العبد الآبق، وبيع البعير الشارد، وبيع الغرر ما في بطون الأنعام، وبيع الغرر تراب المعادن، وبيع الغرر ما في ضروع الأنعام إِلَّا بكيل. اهـ.
وفي الباب أيضًا ما رواه مالك في البيوع (٧٥) عن أبي حازم بن دينار، عن سعيد بن المسيب أن رسول اللَّه ﷺ نهى عن بيع الغرر.
هذا مرسل باتفاق رواة الموطأ.
ورواه عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه، عن سهل بن سعد، أخرجه الطبراني في الكبير (٦/ ٢١٢)، وابن عبد البر في التمهيد (٢١/ ١٣٥)، وقال: «هذا خطأ، ولم يرو هذا الحديث أبو حازم عن سهل، وإنما رواه عن سعيد بن المسيب، كما قال مالك، وليس ابن أبي حازم في الحديث ممن يحتج به فيما خالف غيره، وهو عندهم لين الحديث، ليس بحافظ، والحديث محفوظ من حديث أبي هريرة، ومعلوم أن سعيد بن المسيب من كبار رواة أبي هريرة». انتهى.
ورجح البيهقي إرساله، وقال: «وقد روينا موصولا من حديث الأعرج، عن أبي هريرة، ومن حديث نافع، عن ابن عمر«، السنن الكبرى (٥/ ٣٣٨).
إِلَّا أن بعض أهل العلم يرون أن عبد العزيز بن أبي حازم احتج به الشيخان، فزيادته مقبولة، ولكن الصحيح ما قاله ابن عبد البر؛ فإن مخالفة ابن أبي حازم لمثل مالك لا تقبل.
والغرر هو كل شيء يغر المشتري ظاهره، وباطنه مجهول وهو لا يدري.
ذكر مالك ﵀ عدة صور من الغرر والمخاطرة، منها أن يعمل الرجل قد ضلت دابته، أو أبق غلامه، وثمن الشيء من ذلك خمسون دينارا، فيقول رجل: أنا آخذه منك بعشرين دينارا، فإن وجده المبتاع ذهب من البائع ثلاثون دينارًا، وإن لم يجده ذهب البائع من المباتع بعشرين دينارًا.
قال مالك: وفي ذلك عيب آخر: إن تلك الضالة إن وجدت لم يدر أزادت أم نقصت، أم حدث بها من العيوب، فهذا أعظم المخاطرة». انتهى.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 365 من أصل 506 حديثاً له شرح
- 340 بيع العرايا بخرصها.
- 341 نهى رسول الله عن المحاقلة والمزابنة والمعاومة والمخابرة
- 342 بيع الثمر بالتمر نهى عنه رسول الله ﷺ وقال ذلك...
- 343 بيع الثمر بالتمر نهى عنه إلا لأصحاب العرايا
- 344 بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق
- 345 بيع العرايا بخرصها: الوسق والوسقين والثلاثة والأربعة
- 346 بيع الرطب بالتمر نهى عنه رسول الله ﷺ
- 347 بيع الثمار حتى يبدو صلاحها نهى البائع والمشتري
- 348 بيع النخل حتى يزهو والسنبل حتى يبيض
- 349 لا يُسبح في السفر قبل الصلاة ولا بعدها
- 350 بيع ثمر النخل حتى تزهو
- 351 بيع الثمار حتى تحمر
- 352 لا تأخذ مال أخيك بغير حق
- 353 الثمرة لا تباع حتى تشقح
- 354 بيع الثمر حتى يطيب ولا يباع إلا بالدينار والدرهم إلا...
- 355 لا تبتاعوا الثمار حتى يبدو صلاحها
- 356 بيع النخل حتى يأكل منه أو يؤكل
- 357 لا يباع الثمر حتى يطعم
- 358 لا تتبايعوا الثمار حتى يبدو صلاحها
- 359 لا تبيعوا ثماركم حتى يبدو صلاحها
- 360 وضع الجوائح
- 361 نهى النبي ﷺ عن بيع السنين ووضع الجوائح.
- 362 تحريم أخذ مال المسلم بغير حق
- 363 صيب رجل في عهد رسول الله ﷺ في ثمار ابتاعها،...
- 364 نهى رسول الله عن بيع الحصاة وبيع الغرر.
- 365 بيع الغرر
- 366 نهي النبي عن بيع حبل الحبلة
- 367 السلف في حبل الحبل ربا
- 368 رخص في العرايا
- 369 نهي رسول الله ﷺ عن الملامسة والمنابذة.
- 370 نهي النبي عن الملامسة والمنابذة في البيع
- 371 نهى رسول الله عن المحاقلة والمخاضرة والملامسة والمنابذة والمزابنة
- 372 نهى رسول الله عن بيع الصبرة من التمر لا يعلم...
- 373 قاتل الله اليهود، إن الله لما حرم شحومها جملوه، ثم...
- 374 تحريم بيع المحرمات وذم التحايل عليها
- 375 لعن الله اليهود إن الله حرم عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا...
- 376 الذي حرم شرب الخمر حرم بيعها
- 377 عنوان الحديث: لعن الله الخمر وعاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها
- 378 إن الله حرم عليكم الخمرة، والميسرة، والكوبة
- 379 قاتل الله يهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها
- 380 حرم الله الخمر وثمنها والميتة وثمنها والخنزير وثمنه
- 381 ثمن الدم وثمن الكلب وكسب الأمة
- 382 تحريم التجارة في الخمر
- 383 إن الله تعالى حرم الخمر فمن أدركته هذه الآية فلا...
- 384 عنوان الحديث: إن الخمر حرام وثمنها حرام
- 385 إن الذي حرم شربها حرم ثمنها
- 386 بيع الخمر والميتة والخنزير حرام
- 387 بيع الخمر وثمنه حرام
- 388 عاصرها، ومعتصرها، وبائعها، ومبتاعها، وحاملها، والمحمولة إليه
- 389 حكم بيع الخمر وثمنها في الإسلام
معلومات عن حديث: بيع الغرر
📜 حديث: بيع الغرر
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: بيع الغرر
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: بيع الغرر
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: بيع الغرر
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








