حديث: صاحب العرية يبيعها بخرصها.
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء في الرخصة في بيع العرايا
متفق عليه: رواه مالك في البيوع (١٤) عن نافع، عن عبد اللَّه بن عمر، عن زيد بن ثابت فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يفتح لنا أبواب فضله وكرمه، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما وفقها في الدين وارض عنا يا أكرم الأكرمين.
الحديث الشريف:
عن زيد بن ثابت رضي الله عنه: "أن رسول الله ﷺ أرخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها".
(متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب بيع العرايا، ومسلم في كتاب البيوع، باب بيع العرية)
1. شرح المفردات:
* أرخص: أي أباح وجوَّز وأحلَّ، بعد أن كان محظوراً أو مكروهاً. والإرخصة في الشرع هي الرخصة الشرعية التي تبيح شيئاً كان ممنوعاً لعذر معين.
* صاحب العرية: هو الشخص الذي يُعطى ثمار نخلة أو أشجار معينة في بستانه (بستان غيره) ليأكلها طازجة، على أن يردَّ مثلها تمراً بعد جنيها وتجفيفها. أو هو الموهوب له هذه الثمار على الشجر.
* العرية: هي أن يهب الإنسان لآخر ثمار نخلة معينة أو أشجار معينة في بستانه (وهي قائمة على أصولها) ليأكلها رطباً، على أن يردَّ له بدلها بعد الجذاذ (القَطْف) وتجفيفها قدراً معيناً من التمر اليابس.
* بخرصها: الخرص هو التقدير والتحزير (التخمين) لما على الشجرة من الثمر. و"خرصها" يعني: بقيمة ما يُقدَّر أن عليها من الرطب لو جُذَّتْ وجُفِّفتْ وصارت تمراً. أي يبيعها بتمرٍ يُقدَّر بمقدار ما تنتجه من التمر لو تركت حتى تجف.
2. شرح الحديث:
كان من قواعد البيوع في الإسلام تحريم بيع الرطب بالتمر، لأنه من بيع الطعام بالطعام، وهو داخل في عموم النهي عن ربا الفضل إذا كان يباع بجنسه (كالتمر بالتمر) وكانت المقادير مختلفة وغير متساوية حال التقابض. فبيع كيلو من الرطب بكيلوين من التمر مثلاً، هو زيادة بدون مقابل، وهذا هو الربا المحرم.
ولكن النبي ﷺ وجد أن الناس، وخاصة الفقراء ومن لا يملكون نخيلاً، يحتاجون أحياناً إلى أكل الرطب الطازج، ولا يملكون إلا التمر اليابس ليبادلوه به. فلو مُنِعوا من هذه المبادلة تماماً لحصل عليهم حرج ومشقة.
فجاءت رخصة العرية لحل هذه المشكلة وتيسير الأمر على الناس، خاصة للفقراء والمساكين والضيوف الذين يريدون تناول الفاكهة الطازجة. فأباح النبي ﷺ لصاحب العرية (الواهب أو الموهوب له) أن "يبيع" هذه العرية، أي أن يستبدل حقه فيها – وهو الحصول على التمر المجفف لاحقاً – بتمر يابس موجود معه الآن، على أساس تقدير كم سيكون ناتجها من التمر (الخرص)، ويأخذ مقداره من التمر اليابس حالاً، ويتنازل عن حقه في الثمار المستقبلية.
مثال توضيحي:
رجل فقير يزور صاحله الذي له بستان. يعجبه رطب نخلة معينة. فيقول صاحب البستان: "هذه النخلة لك عرية، خذ ثمرتها عندما تنضج". لكن الرجل الفقير يريد التمر اليابس الآن ليأكله أو ليطعم أهله، ولا يستطيع الانتظار حتى تجف الثمار. فأرخص له النبي ﷺ أن يذهب إلى رجل آخر، فيقول له: "عندي عرية في بستان فلان (أي لي حق في الحصول على تمر من تلك النخلة لاحقاً)، فهل تشتريها مني بتمر يابس الآن؟". فيخرصها رجل خبير (يقدّر أن هذه النخلة ستعطي مثلاً 50 كيلو من التمر إذا جفت)، فيبيعها لهذا الرجل بـ 50 كيلو تمر يابس حالاً. فهذه هي الرخصة.
الخلاصة: الرخصة هي الخروج من بيع الرطب بالتمر (الممنوع) إلى بيع الدين بالدين أو بيع الحقوق (المباح بشروط)، عن طريق تقدير العرية بخرصها.
3. الدروس المستفادة منه:
1- يسر الإسلام ورفع الحرج: من أعظم الدروس المستفادة من هذا الحديث وما شابهه من الرخص أن شريعة الإسلام جاءت لرفع الحرج والمشقة عن الناس، قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}. فالشرع يمنع البيوع المحرمة لحكم عظيمة، ولكن إذا أدى المنع الكلي إلى مشقة كبيرة، جاءت الرخصة للتيسير.
2- مراعاة حاجات الناس: الشرع الحكيم لا يتجاهل واقع الناس واحتياجاتهم المعيشية، بل يتعامل معها ويضع لها حلولاً شرعية تخرجهم من الحرج مع الحفاظ على أصول الدين.
3- الحكمة من تحريم الربا: الحديث يوضح جانباً من حكمة تحريم ربا الفضل، وهو منع الاستغلال والجهالة والغرر. فبيع الرطب بالتمر المجفف يؤدي إلى جهالة في المقايضة (لا يدري البائع والمشتري كم سيكون وزن الرطب إذا جف) وإلى زيادة بدون مقابل واضح.
4- جواز الخرص: الحديث أصل في جواز الخرص وتقدير الثمار على الأشجار للضرورة والحاجة، بشروط أهمها أن يكون الخارص (المقدر) خبيراً أميناً معروفاً بالعدالة والمهارة.
5- الفقه في تطبيق النصوص: العالم والمفتي يجب أن ينظر إلى النصوص الشرعية جميعها، ويجمع بينها، ولا يأخذ ببعضها ويترك الآخر. فجمع
تخريج الحديث
ورواه البخاريّ في البيوع (٢١٨٨) ومسلم في البيوع (١٥٣٩: ٦٠) كلاهما من طريق مالك به مثله، وزاد مسلم: «من التمر».
ورواه البخاري (٢١٩٢) من وجه آخر عن موسى بن عقبة، عن نافع به بلفظ: «أن رسول اللَّه ﷺ رخص في العرايا أن تباع بخرصها كيلا».
قال موسى بن عقبة: «والعرايا نخلات معلومات، تأتيها، فتشتريها».
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 339 من أصل 506 حديثاً له شرح
- 314 بع بالورق ثم اشتر به
- 315 لا ربا فيما كان يدا بيد
- 316 الربا في النسيئة
- 317 قولك في الصرف؟
- 318 بيع التمر بالتمر ربا
- 319 بيع التمر بالتمر إذا زدت بعض الزيادة
- 320 الذهب بالذهب مثلا بمثل والورق بالورق مثلا بمثل
- 321 نهى رسول الله ﷺ عن الصرف
- 322 نهى رسول الله عن بيع الذهب بالورق دينا
- 323 ما كان يدا بيد فليس به بأس وما كان نسيئة...
- 324 الصرف يدا بيد فلا بأس، وإن كان نساء فلا يصلح
- 325 ما كان بنقد فأجيزوه وما كان نسيئة فردوه
- 326 نهى النبي ﷺ عن الصرف
- 327 الذهب بالذهب وزنا بوزن
- 328 من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يأخذن إلا مثلا...
- 329 ربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضع ربا عباس بن عبد...
- 330 ألا أن كل ربا من ربا الجاهلية موضوع
- 331 بيع الدنانير بالدراهم بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء
- 332 نهى رسول الله ﷺ عن المزابنة
- 333 والمزابنة اشتراء الثمر بالتمر في رؤوس النخل. والمحاقلة كراء الأرض...
- 334 نهى النبي عن المحاقلة والمزابنة
- 335 نهي النبي عن المزابنة والحقول
- 336 نهى رسول الله ﷺ عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة وشراء النخل...
- 337 نهي النبي عن بيع المحاقلة
- 338 نهي النبي عن المحاقلة والمزابنة في الزرع
- 339 صاحب العرية يبيعها بخرصها.
- 340 بيع العرايا بخرصها.
- 341 نهى رسول الله عن المحاقلة والمزابنة والمعاومة والمخابرة
- 342 بيع الثمر بالتمر نهى عنه رسول الله ﷺ وقال ذلك...
- 343 بيع الثمر بالتمر نهى عنه إلا لأصحاب العرايا
- 344 بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق
- 345 بيع العرايا بخرصها: الوسق والوسقين والثلاثة والأربعة
- 346 بيع الرطب بالتمر نهى عنه رسول الله ﷺ
- 347 بيع الثمار حتى يبدو صلاحها نهى البائع والمشتري
- 348 بيع النخل حتى يزهو والسنبل حتى يبيض
- 349 لا يُسبح في السفر قبل الصلاة ولا بعدها
- 350 بيع ثمر النخل حتى تزهو
- 351 بيع الثمار حتى تحمر
- 352 لا تأخذ مال أخيك بغير حق
- 353 الثمرة لا تباع حتى تشقح
- 354 بيع الثمر حتى يطيب ولا يباع إلا بالدينار والدرهم إلا...
- 355 لا تبتاعوا الثمار حتى يبدو صلاحها
- 356 بيع النخل حتى يأكل منه أو يؤكل
- 357 لا يباع الثمر حتى يطعم
- 358 لا تتبايعوا الثمار حتى يبدو صلاحها
- 359 لا تبيعوا ثماركم حتى يبدو صلاحها
- 360 وضع الجوائح
- 361 نهى النبي ﷺ عن بيع السنين ووضع الجوائح.
- 362 تحريم أخذ مال المسلم بغير حق
- 363 صيب رجل في عهد رسول الله ﷺ في ثمار ابتاعها،...
معلومات عن حديث: صاحب العرية يبيعها بخرصها.
📜 حديث: صاحب العرية يبيعها بخرصها.
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: صاحب العرية يبيعها بخرصها.
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: صاحب العرية يبيعها بخرصها.
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: صاحب العرية يبيعها بخرصها.
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








