بيع الثمر حتى يطيب ولا يباع إلا بالدينار والدرهم إلا العرايا

حديث: بيع الثمر حتى يطيب ولا يباع إلا بالدينار والدرهم إلا العرايا

عن جابر قال: نهى النبي ﷺ عن بيع الثمر حتى يطيب، ولا يباع شيء منه إِلَّا بالدينار والدرهم إِلَّا العرايا.

متفق عليه: رواه البخاري في البيوع (٢١٨٩) من طريق ابن جريج، عن عطاء، وأبي الزبير، عن جابر فذكره.

عن جابر قال: نهى النبي ﷺ عن بيع الثمر حتى يطيب، ولا يباع شيء منه إِلَّا بالدينار والدرهم إِلَّا العرايا.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وهو من الأحاديث التي تُبيّن أحكاماً مهمة في المعاملات المالية في الإسلام، وتحفظ للناس أموالهم من الغرر والجهالة.

أولاً. شرح المفردات:

● نهى: أي حرّم وأمر بالترك.
● بيع الثمر: المقصود به هنا بيع ما على الشجر من ثمار كالتمر والعنب وغيرها.
● حتى يطيب: حتى يصل إلى مرحلة النضج والصلاح للأكل، ويُعرف هذا بظهور علامات النضج مثل الاحمرار أو الاصفرار حسب نوع الثمرة.
● إلا بالدينار والدرهم: أي لا يجوز بيعه إلا بنقد (ذهب أو فضة)، والمقصود هنا النقود الحاضرة، وليس الدَّين.
● العرايا: جمع عرية، وهي أن يعطي الإنسانُ الآخرَ ثمرَ نخلة أو أكثر ليأكلها رطباً، ثم يردّ إليه بعد ذلك ما يعادل قيمتها من التمر اليابس.

ثانياً. شرح الحديث:

يحتوي هذا الحديث على نهيين من النبي صلى الله عليه وسلم:
1- النهي الأول: عن بيع الثمر حتى يطيب
- هذا النهي من باب سدّ ذريعة الغرر والجهالة. فبيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه مجازفة وخطر، لأنه قد يعرضه آفة تأكله أو تلفه، فيحدث النزاع بين البائع والمشتري. فالشريعة الإسلامية تحرص على أن تكون العقود واضحةً خاليةً من الغرر الذي يؤدي إلى الخصام والعداوة.
2- النهي الثاني: عن بيعه إلا بالدينار والدرهم (أي النقد الحاضر) إلا العرايا
- النهي هنا عن بيع الثمر بثمن مؤجل (دين) أو بمقايضة بسلعة أخرى (مثلاً: بيع كيلو من التمر على الشجر بكيلو من الحنطة)، وهذا يسمى بيع الكالىء بالكالىء أو بيع الدين بالدين، وهو محرم لأنه يؤدي إلى الربا والغرر.
● استثناء العرايا: رخص النبي صلى الله عليه وسلم في "العرايا" وهي صورة معينة للحاجة. فكان بعض الناس لا يملكون النقود ليشتروا الرطب ليأكلوه، ولكن عندهم تمر يابس. فأباح الشارع أن يأخذ الرجل من صاحب النخيل رطباً بقدر حاجته ليأكله، على أن يرد له عند الجذاذ (حصاد التمر) مقداراً معلوماً من التمر اليابس. وهذا من رحمة الشريعة ومرونتها وتيسيرها على الناس لقضاء حوائجهم.

ثالثاً. الدروس المستفادة منه:

1- تحريم الغرر في البيوع: فالشرع يمنع أي عقد يحتمل النزاع أو الجهالة أو المخاطرة التي تضر بأحد المتعاقدين.
2- الحكمة من التشريع: الأحكام الشرعية ليست عشوائية، بل لها حكم عظيمة منها حفظ الأموال ومنع الظلم والخصومة بين الناس.
3- مراعاة الحاجة: من حكمة الشريعة أنها حيث تمنع شيئاً لضرره، تفتح باباً آخر للحاجة، كما في رخصة العرايا.
4- وجوب التعامل بالنقد في بيع الثمار قبل جنيها: لقطع طريق الربا والجهالة.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث أصل من أصول فقه البيوع، وخاصة بيوع الغرر.
- الفقهاء يستدلون به على تحريم بيع المعدوم والمجهول.
- العرايا لها شروط محددة عند الفقهاء، منها أن تكون بقدر الحاجة (أقل من خمسة أوسق تقريباً)، وأن يكون القصد منفعتها لا الاتجار بها.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في البيوع (٢١٨٩) من طريق ابن جريج، عن عطاء، وأبي الزبير، عن جابر فذكره.
ورواه مسلم في البيوع (١٥٣٦: ٥٣) عن رجلين آخرين، عن أبي الزبير به الشطر الأول منه فقط، ولم يقل: «ولا يباع شيء منه. . . .».
ورواه من طريق عمرو بن دينار، عن جابر بلفظ: «نهى رسول اللَّه ﷺ عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 354 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: بيع الثمر حتى يطيب ولا يباع إلا بالدينار والدرهم إلا العرايا

📜 حديث: بيع الثمر حتى يطيب ولا يباع إلا بالدينار والدرهم إلا العرايا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: بيع الثمر حتى يطيب ولا يباع إلا بالدينار والدرهم إلا العرايا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: بيع الثمر حتى يطيب ولا يباع إلا بالدينار والدرهم إلا العرايا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: بيع الثمر حتى يطيب ولا يباع إلا بالدينار والدرهم إلا العرايا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية