حديث: تحريم أخذ مال المسلم بغير حق

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في وضع الجائحة

عن جابر بن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لو بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا، بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟».

صحيح: رواه مسلم في المساقاة (١٥٥٤: ١٤) عن أبي الطاهر، أخبرنا ابن وهب، عن ابن جريج أن أبا الزبير أخبره عن جابر بن عبد اللَّه فذكره.

عن جابر بن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لو بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا، بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما وفقها في الدين، وأن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويجعلنا هداة مهتدين.
الحديث الشريف:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَرًا فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ، فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا، بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقّ؟».
(رواه مسلم في صحيحه)


1. شرح المفردات:


* ثمرًا: أي ثمر النخل أو الأشجار، وهو ما يطلق عليه في البيع "الثمار الظاهرة على الشجر".
* جائحة: مصيبة أو آفة تنزل من السماء كالصقيع، أو الريح الشديدة، أو الجراد، أو الحريق، فتهلك الثمر أو تفسده. ويقابلها "الجوائح" في اللغة.
* بِمَ تَأْخُذُ: استفهام توبيخي، أي: بأي سبب أو حق تأخذ.
* بغير حق: أي بدون سبب شرعي يبيح لك أخذه.


2. شرح الحديث:


يضع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد العدل والرحمة في المعاملات المالية، وخاصة في بيع الثمار التي لم يتم جنيها بعد.
* الصورة التي يتحدث عنها الحديث: أن يبيع شخص لآخر ثمارًا ما زالت على الشجر (مثل بيع تمر على النخل، أو عنب على الشجر)، ثم بعد البيع وقبل أن يتم جنيها وجمعها، تقع جائحة طبيعية (كعاصفة أو صقيع) فتتلف الثمرة بالكامل أو يفسد معظمها.
* حكم الشرع في هذه الصورة: يحرم على البائع (صاحب الشجر) أن يأخذ من المشتري ثمن الثمرة أو أي جزء منه. فالمشتري قد دفع الثمن مقابل ثمرة سليمة، لكنها هلكت قبل أن يتمكن من الانتفاع بها، فأصبحت الخسارة عليه. أخذ المال في هذه الحالة يعتبر أكلًا لأموال الناس بالباطل، لأنه لم يقابل بعوض (لم يسلم له الثمر).
* الحكمة من هذا الحكم: تحقيق العدالة بين المتعاقدين. فالبائع قد استفاد من بستانه طوال العام، والمشتري تحمل مخاطر التلف بعد العقد وقبل القبض. وهذا منع للضرر والغبن الفاحش، وحماية لأموال المسلمين.


3. الدروس المستفادة منه:


1- تحريم أكل أموال الناس بالباطل: يؤكد الحديث على تحريم أي طريقة تؤدي إلى أخذ مال الغير دون حق شرعي، وهو من الكبائر. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}.
2- الرحمة والتيسير في المعاملات: الإسلام دين يسر وعدل، ويحرص على إزالة الحرج والمشقة عن الناس في معاملاتهم، ويراعي الظروف الطارئة كالكوارث الطبيعية.
3- مراعاة عنصر المخاطرة في البيوع: يبين الحديث أن من قواعد البيع في الإسلام أن "الخراج بالضمان"، أي أن من يتحمل مخاطر تلف المبيع (الضمان) هو الذي له الحق في الانتفاع به (الخراج). فما دام الثمر لم يسلم للمشتري، فهو لا يزال في ضمان البائع من حيث المخاطر غير المتوقعة.
4- الحفاظ على الأخوة الإسلامية: ختم النبي صلى الله عليه وسلم الحديث بقوله: "مال أخيك" ليؤكد على أن الرباط الإيماني والأخوة بين المسلمين يجب أن يكونا فوق المصلحة المادية، فلا يجوز إيذاء الأخ المسلم أو الإضرار به ماليًا.
5- بيان كمال الشريعة: هذا الحديث من أدلة كمال الشريعة الإسلامية وشمولها لجميع جوانب الحياة، بما فيها التفاصيل الدقيقة للمعاملات التجارية، لتحقيق العدل ومنع النزاع.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الحديث أصل في مسألة "بيع الثمار قبل بدو صلاحها"، وهو بيع مكروه أو محرم عند كثير من العلماء لأنه غرر وجهل، وقد يؤدي إلى مثل هذه المشكلة.
* الفقهاء استنبطوا من هذا الحديث قاعدة فقهية كبرى وهي: "إذا تلف المبيع بعد العقد وقبل القبض، فهو من ضمان البائع"، ما لم يشترط المشتري غير ذلك بشروط معينة.
* هذه القاعدة تنطبق على كل ما يشبه بيع الثمار قبل جنيها، كبيع المحاصيل الزراعية وهي في الأرض، أو بيع صغار الحيوانات قبل أن تبلغ.
* إذا أصاب التلف جزءًا من الثمرة (وليس كله)، فالمشتري له الخيار: إما أن يقبل البيع مع أخذ خصم بقيمة التالف، أو أن يفسخ العقد.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا الفقه في الدين، والعدل في المعاملة، والنجاة من أكل الحرام.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في المساقاة (١٥٥٤: ١٤) عن أبي الطاهر، أخبرنا ابن وهب، عن ابن جريج أن أبا الزبير أخبره عن جابر بن عبد اللَّه فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 362 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: تحريم أخذ مال المسلم بغير حق

  • 📜 حديث: تحريم أخذ مال المسلم بغير حق

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: تحريم أخذ مال المسلم بغير حق

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: تحريم أخذ مال المسلم بغير حق

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: تحريم أخذ مال المسلم بغير حق

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب