حديث: لا تأخذ مال أخيك بغير حق

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها

عن جابر بن عبد اللَّه يقول: قال رسول اللَّه ﷺ: «لو بعت من أخيه تمرا، فأصابته جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا، بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟».

صحيح: رواه مسلم في المساقاة (١٥٥٤) عن أبي الطاهر، أخبرنا ابن وهب، عن ابن جريج، أن أبا الزبير أخبره عن جابر بن عبد اللَّه فذكره.

عن جابر بن عبد اللَّه يقول: قال رسول اللَّه ﷺ: «لو بعت من أخيه تمرا، فأصابته جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا، بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي الشريف، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الحديث: عن جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله ﷺ: «لو بعت من أخيه تمرًا، فأصابته جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا، بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟».
(رواه مسلم في صحيحه)


1. شرح المفردات:


* بِعْتَ: أي قمت ببيع شيء.
* من أَخِيكَ: الخطاب موجه للبائع، والمقصود بالأخ هنا هو الأخوة في الإسلام، مما يؤكد على أهمية التراحم والتعامل بين المسلمين.
* تَمْرًا: التمر هو المثَل الذي ذكره النبي ﷺ، ولكن الحكم يعم كل ما يبيعه الإنسان من ثمار أو زرع أو غيرها.
* جَائِحَةٌ: المصيبة أو الآفة التي تُصيب المبيع بعد بيعه وقبل قبضه وتسلمه من قبل المشتري، كأن تهب عاصفة فتقصف الثمار، أو يأكلها الجراد، أو تحرقها النار، أو يغرقها السيل.
* بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ؟: استفهام إنكاري، أي: بأي حق أو بأي سبب تأخذ مال أخيك هذا الأخذ الذي لا يستند إلى حق شرعي؟ فهو توبيخ وتقريع للبائع إذا طالب بالثمن بعد هلاك المبيع.


2. شرح الحديث:


يضع هذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد المعاملات في الإسلام، وهي قاعدة "الخراج بالضمان".
* المقصود بالقاعدة: أن من يضمن العوض (أي الثمن أو النفع) فهو يتحمل الخراج (أي النتاج والثمرة والمنفعة)، والعكس صحيح. فمن يتحمل خطر الهلاك عليه ينتفع بالمنفعة.
* تطبيق القاعدة على الحديث:
* البائع يبيع تمرًا (أو أي سلعة) للمشتري.
* قبل أن يقبض المشتري التمر ويستلمه ويصبح تحت يده ومسؤولياته، يظل التمر في ضمان البائع. أي أن البائع هو الذي يتحمل مخاطر هلاكه أو تلفه.
* إذا أصاب التمرَ جائحةٌ وهلك قبل القبض، فإن الخسارة تقع على البائع (الضامن)، وليس للمشتري أي ذنب أو تقصير.
* لذلك، لا يحل للبائع أن يطالب المشتري بدفع الثمن أو بأي جزء منه، لأن البائع هو الذي كان يضمن السلعة فهلكت تحت ضمانه. ومطالبته بالثمن في هذه الحالة هي أخذٌ للمال بغير حق، وهو من الظلم المحرم.
* الفقه في المسألة: ذهب جمهور العلماء (من الحنفية والشافعية والحنابلة) إلى أن ضمان المبيع ينتقل من البائع إلى المشتري بمجرد القبض. فإذا هلك بعد القبض، فهو من ضمان المشتري ويجب عليه الثمن. أما إذا هلك قبل القبض، فهو من ضمان البائع ويسقط به الثمن.


3. الدروس المستفادة منه:


1- العدل والتراحم في المعاملات: الإسلام لا يهدف فقط إلى تنظيم البيع والشراء بشكل مجرد، بل يهدف إلى إقامة العدل والتراحم بين المتعاملين، وحماية الطرف الضعيف من الظلم.
2- تحريم أكل أموال الناس بالباطل: يؤكد الحديث على تحريم أي طريقة يأخذ بها الإنسان مال غيره بدون حق شرعي، ويعد هذا من كبائر الذنوب.
3- تقوى الله في المعاملات: على المسلم أن يتقي الله في جميع تعاملاته، ويحرص على تطبيق الأحكام الشرعية حتى لو كانت تخالف هواه أو تقلص أرباحه.
4- وضوح الشروط وتحديد المسؤوليات: من الحكمة في المعاملات أن تكون الشروط واضحة بين الطرفين، خاصة فيما يتعلق بموعد انتقال ملكية السلعة ومسؤولية ضمانها.
5- الحث على الأخوة الإسلامية: استخدام النبي ﷺ لكلمة "أخيك" يذكرنا بأن العلاقة بين المسلمين يجب أن تقوم على الأخوة والتناصح، وليس على الاستغلال والطمع.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الحديث أصل من أصول فقه البيوع والمعاملات، ويستدل به العلماء على بطلان بيع ما لم يقبض، وعلى أن الهلاك قبل القبض يفسخ العقد.
* القبض أنواع تختلف باختلاف السلع والأعراف، فقبض العقار يكون بالتسليم وتسليم المفاتيح، وقبض السلع المحسوسة يكون بأخذها ونقلها، etc.
* هذه القاعدة (الخراج بالضمان) تطبق في مجالات أخرى غير البيع، مثل الجعالة والإجارة، فمن هو الضامن للعين هو الذي له منفعتها ونتاجها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في المساقاة (١٥٥٤) عن أبي الطاهر، أخبرنا ابن وهب، عن ابن جريج، أن أبا الزبير أخبره عن جابر بن عبد اللَّه فذكره.
ورواه أيضًا من وجه آخر عن ابن جريج، عن أبي الزبير، أنه سمع جابر بن عبد اللَّه يقول فذكر الحديث.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 352 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تأخذ مال أخيك بغير حق

  • 📜 حديث: لا تأخذ مال أخيك بغير حق

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا تأخذ مال أخيك بغير حق

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا تأخذ مال أخيك بغير حق

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا تأخذ مال أخيك بغير حق

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب