حديث: رجل آتاه الله مالًا فسلطه على هلكته في الحق

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب فضل من أوتي الحكمة فقضى بها

عن ابن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: «لا حسد إِلَّا في اثنتين: رجل آتاه اللهُ مالًا، فسلّطه على هلكته في الحق، وآخر آتاه الله حكمةً فهو يقضي بها ويعلِّمها».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الأحكام (٧١٤١)، ومسلم في صلاة المسافرين وقصرها (٨١٦) كلاهما من طريق إسماعيل، عن قيس، عن عبد الله بن مسعود فذكره.

عن ابن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: «لا حسد إِلَّا في اثنتين: رجل آتاه اللهُ مالًا، فسلّطه على هلكته في الحق، وآخر آتاه الله حكمةً فهو يقضي بها ويعلِّمها».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا حسد إِلَّا في اثنتين: رجل آتاه اللهُ مالًا، فسلّطه على هلكته في الحق، وآخر آتاه الله حكمةً فهو يقضي بها ويعلِّمها».

أولاً. شرح المفردات:


● لا حسد: الحسد هنا بمعنى الغبطة، وهي أن يتمنى الإنسان مثل ما لأخيه من نعمة دون أن يتمنى زوالها عنه. وهذا هو الحسد المباح، بخلاف الحسد المذموم الذي هو تمني زوال النعمة عن الغير.
● هلكته: الهلكة هنا تعني الإنفاق والبذل، أي أنفق ماله في وجوه الخير حتى أفناه.
● الحق: أي في الطاعات والقربات والوجوه المشروعة للإنفاق.
● حكمة: الحكمة هنا تشمل العلم النافع والفهم في الدين، وقد فسرها بعض العلماء بالقرآن والسنة.

ثانياً. شرح الحديث:


يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن الحسد – بمعنى الغبطة – لا يجوز إلا في موضعين اثنين:
1- رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق:
- هذا رجل وهبه الله ثروة ومالاً كثيراً، ولكنه لم يبخل به أو ينفقه في المعاصي واللهو، بل أنفقه في طاعة الله تعالى، في وجوه الخير كالصدقة على الفقراء، وبناء المساجد، ونشر العلم، وإغاثة الملهوفين، وغير ذلك من أبواب البر. فحتى إذا أنفق كل ماله في سبيل الله لم يندم، بل كان سعيداً بذلك.
2- رجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها:
- وهذا رجل أعطاه الله علماً نافعاً وفهماً في الدين، فلم يكتف بحفظه لنفسه، بل عمل به وقضى بين الناس بالعدل، وعلّمه الآخرين لينتفعوا به. فهو يجمع بين العلم والعمل والتعليم.
فالمغبوط هنا ليس لمجرد امتلاك المال أو العلم، بل لاستخدامهما في طاعة الله ونفع الخلق.

ثالثاً. الدروس المستفادة:


1- الحسد نوعان:
- مذموم: وهو تمني زوال النعمة عن الغير.
- مباح: وهو الغبطة، وهي أن يتمنى الإنسان مثل ما لأخيه من خير دون أن يتمنى زواله.
2- شرف العلم والعمل به:
- أن العلم النافع والعمل به وتعليمه للناس من أعظم القربات التي يغبط عليها صاحبها.
3- فضل إنفاق المال في الخير:
- أن إنفاق المال في وجوه البر من أعظم الأعمال الصالحة، وهو دليل على الإيمان والإخلاص.
4- الحث على التنافس في الخيرات:
- الحديث يحث المسلم على أن ينافس في الخير، ويتمنى أن يكون مثل من أعطاه الله نعمة فشكرها واستخدمها في طاعته.
5- أن النعمة لا تكتمل إلا بالشكر:
- فصاحب المال شكر نعمة الله بأن أنفقها في الحق، وصاحب العلم شكر بأن عمل به وعلّمه.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث من الأحاديث التي تحث على استغلال النعم في طاعة الله، وتذكير بأن الغبطة المحمودة هي في الأمور الدينية لا الدنيوية.
- ينبغي للمسلم أن يسعى لأن يكون من هذين الصنفين، فإن كان عنده مال أنفقه في الخير، وإن كان عنده علم نشره وعمل به.
- كما أن الحديث يربي في المسلم عدم الحسد على الأمور الدنيوية الزائلة، بل يتطلع إلى ما عند الله من الأجر والثواب.
نسأل الله أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح، وأن يوفقنا لإنفاق أموالنا في مرضاته.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الأحكام (٧١٤١)، ومسلم في صلاة المسافرين وقصرها (٨١٦) كلاهما من طريق إسماعيل، عن قيس، عن عبد الله بن مسعود فذكره.
قال الحافظ: «وفي الحديث الترغيب في ولاية القضاء لمن استجمع شروطه، وقوي على أعمال الحق، ووجد له أعوانا لما فيه من الأمر بالمعروف ونصر المظلوم، وأداء الحق لمستحقه
وكف يد الظالم والإصلاح بين الناس، وكلّ ذلك من القربات، ولذلك تولاه الأنبياء ومن بعدهم من الخلفاء الراشدين، ومن ثمّ اتفقوا على أنه من فروض الكفاية؛ لأن أمر الناس لا يستقيم بدونه». الفتح (١٣/ ١٢١).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 6 من أصل 77 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: رجل آتاه الله مالًا فسلطه على هلكته في الحق

  • 📜 حديث: رجل آتاه الله مالًا فسلطه على هلكته في الحق

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: رجل آتاه الله مالًا فسلطه على هلكته في الحق

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: رجل آتاه الله مالًا فسلطه على هلكته في الحق

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: رجل آتاه الله مالًا فسلطه على هلكته في الحق

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب