حديث: من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الترهيب من تولي القضاء لمن لا يثق بنفسه

عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «من وليَ القضاء، فقد ذبح بغير سكين».

حسن: رواه أبو داود (٣٥٧١)، والتِّرمذيّ (١٣٢٥)، والدارقطني (٤/ ٢٠٤)، والبيهقي (١٠/ ٩٦) كلّهم من طريق فضيل بن سليمان، عن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب، عن سعيد المقبريّ، عن أبي هريرة فذكره.

عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «من وليَ القضاء، فقد ذبح بغير سكين».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم الشأن، عالي المكان، يحمل تحذيرًا نبويًا لكل من يتولى منصب القضاء بين الناس. وإليك الشرح الوافي لهذا الحديث وفق الكتب المعتمدة عند أهل السنة والجماعة:

نص الحديث:


عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «مَنْ وَلِيَ الْقَضَاءَ، فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ».

1. شرح المفردات:


● وَلِيَ: تولى، أي تقلد منصبًا أو ولاية.
● الْقَضَاءَ: هنا بمعنى منصب القضاء، وهو الفصل بين الناس في الخصومات والحكم بينهم بالحق.
● ذُبِحَ: الذبح هو قطع الحلقوم والمريء والودجين، وهو هنا كناية عن الهلاك والتعرض للخطر العظيم.
● بِغَيْرِ سِكِّينٍ: السكين هي الأداة المعتادة للذبح، والذبح بغير سكين يدل على شدة العذاب والألم، لأن الذبح بغير آلة حادة يكون أبطأ وأكثر إيلامًا.

2. شرح الحديث:


هذا الحديث الشريف يحذر من تولي منصب القضاء، ويشبه النبي ﷺ من يتولاه بأنه كمن ذبح نفسه بغير سكين، أي أنه أهلك نفسه وتعرض للهلاك الشديد من حيث لا يشعر.
والمراد بالذبح هنا هو الذبح المعنوي، وهو تعرض القاضي للهلاك في دينه بسبب ما قد يقع فيه من أخطاء في الأحكام، أو تحيز، أو ظلم، أو تقصير في البحث عن الحق، مما يؤدي إلى الإثم العظيم والعقاب الشديد. فالقاضي يحكم بين الناس بما أنزل الله، فإن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد، ولكن الخطأ في القضاء قد يؤدي إلى ظلم الناس وأكل حقوقهم، وهذا من الكبائر.
وقوله "بغير سكين" يشير إلى أن هلاكه يكون بطيئًا ومؤلماً، لأنه قد يظن أنه على حق وهو في الواقع على باطل، فيستمر في الخطأ ويتراكم عليه الإثم من حيث لا يدري.

3. الدروس المستفادة منه:


● خطورة منصب القضاء: فهو ليس منصبًا دنيويًا فحسب، بل هو أمانة عظيمة ومسؤولية كبرى أمام الله تعالى.
● الحذر من التسرع في طلب القضاء: فلا ينبغي للمسلم أن يطلب هذا المنصب أو يتهافت عليه، بل عليه أن يتجنبه ما لم يكن هناك ضرورة، وخير له أن يكون محكومًا لا حاكمًا.
● ضرورة التأهل للقضاء: فمن يتولى القضاء يجب أن يكون عالمًا بالشرع، عادلاً، قويًا، أمينًا، ذا خبرة وبصيرة، وأن يتواضع ويعلم أنه يحكم بين عباد الله.
● التخويف من عواقب الظلم: فالحديث يذكر بعقاب الله الشديد لمن يظلم في حكمه، أو يقصر في البحث عن الحق.
● بيان أن القضاء مسؤولية لا مغنم: فليس القضاء وسيلة للجاه أو المال، بل هو تكليف قبل أن يكون تشريف.

4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وحسنه بعض العلماء، وهو من الأحاديث التي يعتمد عليها في بيان خطورة القضاء.
- العلماء يستدلون بهذا الحديث على كراهة طلب القضاء والتسرع في قبوله، إلا إذا تعين الشخص وكان أهلاً له ولم يوجد غيره.
- من يتولى القضاء يجب عليه أن يجتهد في البحث عن الحق، ويستشير العلماء، ويتقي الله في أحكامه، فإن فعل ذلك فإن الله يعذره ويؤجره حتى لو أخطأ في اجتهاده.
- القضاء من أعظم الفرائض الكفائية، فإذا قام به من هو أهل سقط الإثم عن الباقين، وإذا تركه الجميع أو تولاه غير الأهل أثموا جميعًا.
أسأل الله تعالى أن يعين ولاة أمورنا على القسط والعدل، وأن يوفق القضاة للحكم بالحق، وأن يجنبنا جميعًا الظلم والخطأ. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣٥٧١)، والتِّرمذيّ (١٣٢٥)، والدارقطني (٤/ ٢٠٤)، والبيهقي (١٠/ ٩٦) كلّهم من طريق فضيل بن سليمان، عن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب، عن سعيد المقبريّ، عن أبي هريرة فذكره.
قال الترمذيّ: «هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه».
قال الأعظمي: فُضيل بن سليمان النميري صدوق له خطأ كثير إِلَّا أنه توبع.
رواه النسائيّ في الكبرى (٥٩٢٤)، والحاكم (٤/ ٩١)، والبيهقي (١٠/ ٩٦) كلّهم من طرق عن ابن أبي ذئب، عن عثمان بن محمد الأخنسيّ، عن سعيد المقبريّ به مثله.
قال الحاكم: «صحيح الإسناد».
وللحديث أسانيد أخرى عن عثمان بن محمد الأخنسيّ، عن سعيد المقبريّ.
رواه أحمد (٨٧٧٧)، وابن ماجة (٢٣٠٨)، والدارقطني (٤/ ٢٠٤) والبيهقي وغيرهم. ومن قال فيه: «سعيد بن المسيب» فقد أخطأ. نبه على ذلك الدَّارقطنيّ في العلل (١٠/ ٤٠٠).
وانظر للمزيد من التخريج: المنة الكبرى (٩/ ٧ - ٨).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 10 من أصل 77 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين

  • 📜 حديث: من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب