حديث: القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب في القاضي يخطيء

عن بريدة بن الحُصيب عن النَّبِيّ ﷺ قال: «القضاة ثلاثة، واحد في الجنّة، واثنان في النّار، فأما الذي في الجنّة فرجل عرف الحق فقضى به، ورجل عرف الحق فجار في الحكم فهو في النّار، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النّار».

حسن: رواه أبو داود (٣٥٧٣)، وابن ماجة (٢٣١٥)، والطحاوي في مشكله (٥٥)، والبيهقي (١٠/ ١١٦) كلّهم من حديث خلف بن خليفة، عن أبي هاشم، عن ابن بريدة، عن أبيه فذكره.

عن بريدة بن الحُصيب عن النَّبِيّ ﷺ قال: «القضاة ثلاثة، واحد في الجنّة، واثنان في النّار، فأما الذي في الجنّة فرجل عرف الحق فقضى به، ورجل عرف الحق فجار في الحكم فهو في النّار، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النّار».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام أبو داود في سننه، والإمام الترمذي وابن ماجه وغيرهم، وصححه الألباني. وهو يتناول شأن القضاء وأهله، وهو منصب جليل وخطير، يحمل أمانة عظيمة بين يدي الله تعالى.

أولاً. شرح المفردات:


● القضاة: جمع قاضٍ، وهو من له ولاية الفصل بين الناس في الخصومات والحكم بينهم بالحق.
● عرف الحق: أي علمه وتبينه بدليله من الكتاب والسنة.
● فجار في الحكم: أي حاد عن طريق العدل والحق، ومال مع الهوى أو الرشوة أو غيرهما من الأسباب.
● على جهل: أي بدون علم بالحكم الشرعي الذي يجب أن يقضي به.

ثانياً. شرح الحديث:


يصنف النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث القضاة إلى ثلاثة أقسام بحسب علمهم وعملهم:
1- القاضي الأول (الذي في الجنة):
هو "رجل عرف الحق فقضى به". هذا هو القاضي العادل العالم، فهو يجمع بين شرطين أساسيين:
● العلم: فهو يبذل جهده في معرفة الحق من مصادره الصحيحة (الكتاب، السنة، الإجماع، القياس الصحيح)، ويتثبت من وقائع الدعوى وأدلتها.
● العدل: فهو يطبق ما علمه من الحق دون محاباة لأحد، أو خوف من لومة لائم، أو طمع في منفعة دنيوية.
هذا القاضي نال الأجر العظيم لدقه في طلب العلم وعدله في تطبيقه، فاستحق بفضل الله تعالى الجنة.
2- القاضي الثاني (الذي في النار):
هو "رجل عرف الحق فجار في الحكم". هذا قاضي ظالم، فهو يعلم الحكم الصحيح ويعرف الحق، لكنه يتعمد الحيد عنه ويحكم بغير ما أنزل الله. هذا الجرم قد يكون لأسباب مثل:
- الرشوة.
- المحاباة للصديق أو القريب.
- الخوف من ذي سلطان.
- اتباع الهوى.
هذا الصنف آثم إثماً عظيماً لأنه تعمد الكذب والظلم مع علمه بالحق، فاستحق الوعيد الشديد.
3- القاضي الثالث (الذي في النار):
هو "رجل قضى للناس على جهل". هذا قاضي مفرط ومهمل، فهو يحكم بين الناس وهو جاهل بأحكام الشرع، دون أن يتعلم أو يتثبت. تفريطه هذا يؤدي إلى ضياع الحقوق وهدر الدماء وأكل أموال الناس بالباطل. فهو آثم لتعاطيه منصباً خطيراً دون التأهل له، فكان ضرره عظيماً وعقابه شديداً.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- عظمة مسؤولية القضاء: القضاء من أخطر المناصب في الإسلام، فهو يتعلق بحقوق العباد وأعراضهم وأموالهم ودمائهم. والله سائل كل قاض عما استرعاه.
2- اشتراط العلم والعدل في القاضي: لا يجوز لغير العالم العادل أن يتولى القضاء، فالجمع بين العلم الشرعي والعدالة في التطبيق شرط أساسي.
3- تحريم القضاء بالجهل: يحرم على الإنسان أن يتصدى للقضاء أو للإفتاء وهو غير مؤهل علمياً، فإن فعل كان آثماً ووزر الأخطاء التي تقع على يديه في رقبته.
4- تحريم الحكم بغير الحق: الظلم في الحكم من الكبائر، خاصة إذا كان عن علم، وهو من أعظم الظلم عند الله تعالى.
5- الحث على التثبت والتبين: على القاضي أن يتثبت من الأدلة والوقائع، ولا يحكم بالظن أو التخمين، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا}.
6- الترهيب من أسباب الانحراف: على القاضي أن يحذر من أسباب الانحراف كالرشوة والهدايا والقرابة والصداقة، وأن يجعل نصب عينيه تقوى الله ومخافته.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث فيه تحذير شديد لكل من يتولى أمراً من أمور المسلمين، وليس القضاء فحسب، بل كل من له ولاية على غيره (كالحاكم، المدير، رب الأسرة) أن يتق الله فيمن تحت ولايته.
- على القاضي إذا عرضت له قضية لا يعلم حكمها أن يمتنع عن الحكم فيها حتى يسأل أهل العلم، ولا يستحي من قول "لا أعلم" ثم يبحث ويتعلم.
- من ترك القضاء مع القدرة عليه خوفاً من المسؤولية فهو مأجور، لما فيه من الورع وحفظ الدين.
نسأل الله أن يهدي ولاة أمورنا، وأن يرزقهم العلم والعدل، ويبعد عنهم الجهل والظلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣٥٧٣)، وابن ماجة (٢٣١٥)، والطحاوي في مشكله (٥٥)، والبيهقي (١٠/ ١١٦) كلّهم من حديث خلف بن خليفة، عن أبي هاشم، عن ابن بريدة، عن أبيه فذكره.
قال أبو داود: «هذا أصح شيء فيه» يعني حديث ابن بريدة.
قال الأعظمي: إسناده حسن من أجل خلف بن خليفة فإنه مختلف فيه غير أنه حسن الحديث.
وقد توبع لما رواه الترمذيّ (١٣٢٢)، والطحاوي في مشكله (٥٤)، وصحّحه الحاكم (٤/ ٩٠)، والبيهقي (١٠/ ١١٧) كلّهم من حديث شريك، عن الأعمش، عن سعد بن عُبيدة، عن ابن بريدة، عن أبيه فذكر نحوه.
وشريك هو ابن عبد الله النخعي سيء الحفظ، وأنه لم يُخطِئُ فيه لمتابعته.
وللحاكم إسناد آخر رواه عن أبي بكر بن إسحاق، أنبأ محمد بن غالب، ثنا شهاب بن عباد، ثنا عبد الله بن بكير، عن حكيم بن جبير، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه فذكر نحوه.
قال الحاكم: «وله شاهد بإسناد صحيح على شرط مسلم» وهو يقصد به رواية شريك بن عبد الله
النخعي. وأمّا هذا الإسناد ففيه حكيم بن جبير الأسدي «ضعيف».
وأمّا ما رُوي عن عقبة بن عامر قال: جاء خصمان إلى رسول الله ﷺ يختصمان فقال لي: «قُمْ يا عقبة! فاقضِ بينهما». قلت: يا رسول الله! أنت أولى بذلك مني. قال: «وإن كان اقض بينهما، فإن اجتهدت فأصبت فلك عشرة أجور، وإن اجتهدت فأخطأت فلك أجر واحد» فهو ضعيف.
رواه الدَّارقطنيّ (٤/ ٢٠٤) فيه الفرج بن فضالة بن النعمان التنوخي الشّاميّ مختلف فيه غير أن جمهور أئمة الحديث ذهبوا إلى تضعيفه.
ومعنى الاجتهاد من الحاكم إنّما يكون بعد أن لا يكون فيما يريد القضاء فيه كتاب ولا سنة، ولا أمر مجتمع عليه، فأما وشيء من ذلك موجود فلا. الأم (٦/ ٢٠٠).
وكذلك لا يصح ما رُويَ عن أبي هريرة عن النَّبِيّ ﷺ قال: «من طلب قضاء المسلمين حتَّى يناله ثمّ غلب عدلُه جورَه فله الجنّة، ومن غلب جورُه عدلَه فله النّار».
رواه أبو داود (٣٥٧٥) عن عباس العنبريّ، حَدَّثَنَا عمر بن يونس، حَدَّثَنَا ملازم بن عمرو، حَدَّثَنِي موسى بن نجدة، عن جده يزيد بن عبد الرحمن - وهو أبو كثير - حَدَّثَنِي أبو هريرة فذكره.
وموسى بن نجدة الحنفي اليمامي «مجهول» كما قال الحافظ في التقريب.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 13 من أصل 77 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار

  • 📜 حديث: القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب