قائمة السور | مواضيع القرآن الكريم مرتبة حسب الآيات :آيات القرآن الكريم مقسمة حسب كل موضوع و فئة | لقراءة سورة كاملة اختر من : فهرس القرآن | - للاستماع للقراء : القرآن الكريم mp3
آيات قرآنية عن العذاب في القرآن الكريم
✅ مواضيع القرآن الكريم
﴿خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ وَعَلَىٰ سَمۡعِهِمۡۖ وَعَلَىٰٓ أَبۡصَٰرِهِمۡ غِشَٰوَةٞۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ ﴾ [البقرة: 7]
القلب محلُّ الإيمان، والسَّمع والبصر طرائقُ إليه، فتعاهد قلبَك بدوام الإقبال على الله، وأصلح تلك الطرقَ باجتناب المعاصي والآثام؛ لتنتفعَ حقًّا بهدي الكريم المنَّان. ما أشدَّ بؤسَهم! يبصرون الهاويةَ أمامهم وإليها مخذولين يسيرون، وعن طرق النجاة ينصرفون، قد حجَبوا قلوبهم عن الحقِّ فهم لا يعقلون! |
﴿فَإِن لَّمۡ تَفۡعَلُواْ وَلَن تَفۡعَلُواْ فَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُۖ أُعِدَّتۡ لِلۡكَٰفِرِينَ ﴾ [البقرة: 24]
القرآن حجَّةٌ قائمة باقية، لا يزداد الإعجاز فيه مع الأيام إلا ظهورًا، فمَن صدَّق به فقد جعل بينه وبين عذاب الله سُتورًا، ومَن جحد به فقد جعل من نفسه للنار وَقودًا! أعظِم بها من نارٍ توقَد بأجساد المرَقة الفاجرين، وبحجارة الأصنام التي كانوا عليها عاكفين! إنه مصيرُ العابد والمعبود بالباطل؛ ﴿إنَّكم وما تعبُدونَ من دونِ الله حَصَبُ جهنَّم أنتم لها وارِدون﴾ . |
﴿وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَآ أُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ ﴾ [البقرة: 39]
صُحبة النار هي صُحبة عذابٍ وشقاء، وهوانٍ وعناء، نعوذ بالله تعالى منها وممَّا قرَّب إليها من قولٍ أو عمل. |
﴿بَلَىٰۚ مَن كَسَبَ سَيِّئَةٗ وَأَحَٰطَتۡ بِهِۦ خَطِيٓـَٔتُهُۥ فَأُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ ﴾ [البقرة: 81]
أجل إن السيِّئات لتُحيط بأصحابها إحاطةَ القيود بالأسير، فلا يزال يتعثَّر فيها كلَّما أراد المسير، فكيف بأشنعها وأخطرها؛ الشِّرك بالله العليِّ القدير؟! لكلِّ صاحب معصيةٍ رجاءٌ في رحمة الله تعالى، ما لم يُحِط به الشِّرك، فإذا أحاط به فقد هلك وخسر. |
﴿وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِـۧمُ رَبِّ ٱجۡعَلۡ هَٰذَا بَلَدًا ءَامِنٗا وَٱرۡزُقۡ أَهۡلَهُۥ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ مَنۡ ءَامَنَ مِنۡهُم بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُۥ قَلِيلٗا ثُمَّ أَضۡطَرُّهُۥٓ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلنَّارِۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 126]
سأل إبراهيم ربَّه ما يستعين به الناسُ على العبادة، من أمنٍ ورغَد عيش، فليكن للدعاة به قدوة. قُدِّم الأمن هنا على الرزق؛ لأنه لولا الأمنُ لم يُقبِل الناسُ على البيت العتيق، ولا جُلِبت إلى أراضيه الثمرات، ولا وصلَت إلى مجاوريه الأرزاق. نِعَم المؤمن في الدنيا موصولةٌ بالنِّعَم في الآخرة، بخلاف الكافر فإن نعمته في الدنيا تنقطع عند الموت، ثم مآله إلى النار، فما أحقرَ الدنيا ومتعتَها! من فقه المربِّي الناجح أن يُشرِكَ أبناءه وطلَّابه ومَن يقوم على تربيتهم في مشاريعه الصَّالحة، وذلك أعوَنُ له وأعوَدُ على من يربِّيه بالخيرات. |
﴿وَإِذۡ يَرۡفَعُ إِبۡرَٰهِـۧمُ ٱلۡقَوَاعِدَ مِنَ ٱلۡبَيۡتِ وَإِسۡمَٰعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلۡ مِنَّآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127]
مهما عظُم عملك فإنه مفتقرٌ إلى القَبول من الله ليكون نافعًا، فدع عنك العُجبَ، والجأ إلى ربِّك، وتحقَّق بأسباب القَبول والرضا. إن ممَّا يقوِّي الرجاءَ في الإجابة معرفةَ العبد أن الله سبحانه سميعٌ للدعاء، عليمٌ بما وراءه من النيَّات والمقاصد! |
﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡتُمُونَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَيَشۡتَرُونَ بِهِۦ ثَمَنٗا قَلِيلًا أُوْلَٰٓئِكَ مَا يَأۡكُلُونَ فِي بُطُونِهِمۡ إِلَّا ٱلنَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 174]
ما كلُّ مَن حمل العلمَ زكا به، فكم من عالمٍ كاتم للحقِّ، محرِّف للشرع، خائن لأمانة البلاغ، قد باع دينَه وعلمه بعرَضٍ من الدنيا قليل! هكذا هي النفوسُ الدنيئة؛ تُؤثر القليلَ التافه الماضي، على الكثير الجليل الباقي. |
﴿يَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهۡرِ ٱلۡحَرَامِ قِتَالٖ فِيهِۖ قُلۡ قِتَالٞ فِيهِ كَبِيرٞۚ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَكُفۡرُۢ بِهِۦ وَٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ وَإِخۡرَاجُ أَهۡلِهِۦ مِنۡهُ أَكۡبَرُ عِندَ ٱللَّهِۚ وَٱلۡفِتۡنَةُ أَكۡبَرُ مِنَ ٱلۡقَتۡلِۗ وَلَا يَزَالُونَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمۡ عَن دِينِكُمۡ إِنِ ٱسۡتَطَٰعُواْۚ وَمَن يَرۡتَدِدۡ مِنكُمۡ عَن دِينِهِۦ فَيَمُتۡ وَهُوَ كَافِرٞ فَأُوْلَٰٓئِكَ حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ ﴾ [البقرة: 217]
الإسلام يرعى حرُمات مَن يرعَون الحرُمات، ولا يسمح بأن تُتَّخذَ الحرُمات دروعًا يحتمي بها مَن ينتهكها ويرتكب كلَّ منكر ظانًّا أنه في منجاةٍ من القِصاص بحُجَّة صون الحرُمات. جريمة القتل مع عِظَمها تهون أمام جريمة الكفران، والصدِّ عن سبيل الرحمن، وتشريد أهل الهُدى والإيمان. إن كلَّ جريمة من هذه الجرائم أشدُّ ضررًا، وأعظم خطرًا. إن وجود الإسلام في الأرض فيه غيظٌ لأعداء الدِّين، ورعبٌ لهم في كلِّ حين، فهو من القوَّة بحيثُ يخشاه كلُّ مبطِل، ويرهبه كلُّ باغ، ويكرهه كلُّ مفسد. مع يقين الكفَّار في قرارة نفوسهم أن المؤمنين على الحقِّ، وأنهم منصورون، تراهم لا يفتَؤون يقاتلونهم ليردُّوهم عن دينهم، أوَليس المؤمنون أحقَّ بقتالهم دفاعًا عن دينهم، وإعلاءً لكلمة ربِّهم؟! أعظم غايات الكافرين وأسمى أمانيِّهم التي يقاتلون المسلمين للوصول إليها؛ أن يردُّوا المسلمَ عن دينه، ويفتنوه في عقيدته التي هي أغلى ما عنده. في لحظةٍ واحدة قد يحبَط عملك كلُّه، وتتلاشى جهودك كلُّها، فإيَّاك أن تأمنَ على نفسك، واحذر الردَّة واجتنب أسبابها. |
﴿ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَوۡلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّٰغُوتُ يُخۡرِجُونَهُم مِّنَ ٱلنُّورِ إِلَى ٱلظُّلُمَٰتِۗ أُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ ﴾ [البقرة: 257]
لو لم يكن من بركات الإيمان بالله تعالى إلا نيلُ وَلايته التي تنقل المؤمنَ من ظلمات الكفر والعصيان، إلى نور اليقين والإحسان، لكفى بها ثمرة. شتَّان بين مَن كان وليَّه اللهُ تعالى القادرُ الكامل الديَّان، ومَن كان وليَّه الأندادُ والأصنام والأوثان. جعل الكفرَ ظُلمةً؛ لأنه مانعٌ من الإدراك، فصاحبه يتخبَّط في الآثام. وجعل الإيمانَ نورًا؛ إذ به تمامُ الإدراك، فصاحبه ممتَّعٌّ بنور البصيرة في الدنيا، آمنٌ من وَحشة القبر وظُلمته في البَرزَخ، يسعى نورُه بين يديه ومن خلفِه يوم القيامة. هو نورٌ واحد، اهتدى به الأنبياء والصالحون، وبحسَب قرب العبد من ذلك النور، وبُعده عن فتن الشبُهات والشهَوات تكون وَلايةُ الله له. مَن أضلَّ الناسَ عن سبيل الله تعالى بإخراجهم إلى ما لا يرضاه طاغوتٌ من أولياء الشيطان. ما يزال الكفَرة وأولياؤهم يترَدَّون في درَكات الظلمات حتى يكونَ مستقرُّهم في ظلمات جهنَّم، وساءت مصيرًا. |
﴿ٱلَّذِينَ يَأۡكُلُونَ ٱلرِّبَوٰاْ لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ ٱلَّذِي يَتَخَبَّطُهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ مِنَ ٱلۡمَسِّۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡبَيۡعُ مِثۡلُ ٱلرِّبَوٰاْۗ وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلۡبَيۡعَ وَحَرَّمَ ٱلرِّبَوٰاْۚ فَمَن جَآءَهُۥ مَوۡعِظَةٞ مِّن رَّبِّهِۦ فَٱنتَهَىٰ فَلَهُۥ مَا سَلَفَ وَأَمۡرُهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِۖ وَمَنۡ عَادَ فَأُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ ﴾ [البقرة: 275]
سلبَ المال عقولَ الفاسقين فطلبوه بكلِّ سبيل، وطاشت أحلامُهم فشبَّهوا البيعَ الحلال بالرِّبا الحرام، فكان جزاؤهم من جنس عملهم، بُعثوا كالمجانينَ يُصرَعون، كما كانوا في الحرام يتخبَّطون. لا يزال المُعرِض عن منهج الله سادرًا في غَيِّه وسوء تصوُّره، حتى يرى المحرَّمَ الصريح هو الأصلَ الذي تُحاكَم إليه الأشياء. يسوِّغ أصحاب الأهواء مقالاتهم الباطلة، ومعاملاتهم المحرَّمة، بحُجَج واهية، اتِّباعًا للهوى، وإعراضًا عن الهُدى. الحلال بيِّن والحرام بيِّن، وما أبعدَ الفرقَ بينهما! ولكنَّ الآفة في اتِّباع الهوى، وعلى الداعية أن يَميزَ بين مَن هو أهلٌ للبيان والتعريف، ومَن هو مستحقٌّ للزجر والتخويف. |
﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغۡنِيَ عَنۡهُمۡ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡـٔٗاۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمۡ وَقُودُ ٱلنَّارِ ﴾ [آل عمران: 10]
قد يفتدي الإنسان نفسَه في الدنيا بماله، وقد يحتمي من عدوِّه بولده، لكنَّهما لن يُغنيا يوم القيامة عنه شيئًا من عذاب ربِّه. إن كلمة الإيمان والتوحيد لتَفوقُ في ميزان الحقِّ كلَّ مظاهر القوَّة؛ من مالٍ وولد وجاهٍ وسلطان، فمَن اغترَّ بهذه المظاهر وركَن إليها لم تُغنِ عنه يومَ الجزاء فتيلًا. |
﴿قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغۡلَبُونَ وَتُحۡشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ ﴾ [آل عمران: 12]
إنما الأعمال بخواتيمها، وخاتمة الكفَّار الخِزيُ والخَسار، مهما كسَبوا من جَولات وجَولات، ولعَذابُ الآخرة أشدُّ وأَنكى. يا له من وعيدٍ للكفَّار المارقين، ومن بِشارةٍ للمؤمنين المتَّقين؛ إنكم ما استقمتُم على الحقِّ وثبَتُّم لفائزون منصورون، وإن الطغاة لمهزومون مدحورون، وإن غدًا لناظره قريب! |
﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبٗا مِّنَ ٱلۡكِتَٰبِ يُدۡعَوۡنَ إِلَىٰ كِتَٰبِ ٱللَّهِ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَهُمۡ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٞ مِّنۡهُمۡ وَهُم مُّعۡرِضُونَ ﴾ [آل عمران: 23]
إنما استحقَّ أهل الكتاب الذمَّ لإعراضهم عن حُكم القرآن الذي جاء مصدِّقًا لكتابهم، ومَن أعرض عن القرآن من هذه الأمَّة فهو أولى منهم في استحقاق الذمِّ. مَن أُوتيَ حظًّا من العلم فليتمسَّك به، وليُذعن لما فيه من حقٍّ، وما يدعو إليه من صدق، فإن تولَّى وأعرض كان مكذِّبًا بالعلم الذي عَلِمَه، جاحدًا بالحقِّ الذي بَلَغَه. |
﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلَّآ أَيَّامٗا مَّعۡدُودَٰتٖۖ وَغَرَّهُمۡ فِي دِينِهِم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ ﴾ [آل عمران: 24]
هيهاتَ أن يجتمعَ في قلبٍ واحد الخوفُ من الآخرة مع الإعراضِ عن الاحتكام إلى كتاب الله وتحكيمه في كلِّ شأنٍ من شؤون الحياة. في المنتسبين إلى العلم أو الدِّين مَن ينطِق لسانُ حاله أو مقاله بدَعوى الخصوصيَّة؛ اغترارًا بما عنده واتِّباعًا لهواه، فيأبى الخضوعَ للحقِّ، وكم من طائفةٍ هلكت بهذا الداء! |
﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغۡنِيَ عَنۡهُمۡ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡـٔٗاۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ ﴾ [آل عمران: 116]
إن الكافر حابطٌ عملُه، ومستوجبٌ للعذاب يوم القيامة، ولن تنفعَه أموالُه التي كان يستدفعُ بها الشدائدَ والكروب، ولا أولادُه الذين كان يستنصر بهم عند النوائب والخطوب. أصحاب الدنيا ومُؤثِروها اليوم هم أصحابُ النار وصالوها غدًا، فاختَر في دنياك ما تشاء صُحبتَه في أُخراك. |
﴿سَنُلۡقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعۡبَ بِمَآ أَشۡرَكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ سُلۡطَٰنٗاۖ وَمَأۡوَىٰهُمُ ٱلنَّارُۖ وَبِئۡسَ مَثۡوَى ٱلظَّٰلِمِينَ ﴾ [آل عمران: 151]
هيهات أن يكونَ الأمن والأمان، والهُدى والاطمئنان، إلا في جوار الله وكنَفه، أمَّا الخوفُ والرعب والشقاء والضَّلال، فإنها كائنةٌ بمقدار البعد عنه سبحانه. الحُجَّة سلطان، مَن ملكها كان له من قوَّة السلطان بحسَب قوَّة حُجَّته. إنما يأوي الخائفُ إلى حيثُ يأمَن ويستريح، لكنَّ مأوى المشركين الخائفين يومَ الفزع الأكبر إنما هو إلى حيثُ العذابُ الأليم. |
﴿لَّقَدۡ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوۡلَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٞ وَنَحۡنُ أَغۡنِيَآءُۘ سَنَكۡتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتۡلَهُمُ ٱلۡأَنۢبِيَآءَ بِغَيۡرِ حَقّٖ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ ﴾ [آل عمران: 181]
ليس أحدٌ أصبرَ على أذًى سمعه من الله؛ إنه لقادرٌ على أن يبادرَهم بعقابه، غير أنه يُمهلهم فيرزقهم دون أن يناجزَهم بعذابه؛ عساهم يرجعون إلى بابه، فيسلَموا من أليم حسابه. هذه صفحةٌ من تاريخ اليهود المظلم، وها هم أولاءِ أبناؤهم على دربهم سائرون؛ محاربةً لله تعالى، وعَداءً لأوليائه. |
﴿لَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَفۡرَحُونَ بِمَآ أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحۡمَدُواْ بِمَا لَمۡ يَفۡعَلُواْ فَلَا تَحۡسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٖ مِّنَ ٱلۡعَذَابِۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ ﴾ [آل عمران: 188]
المعصية مرضٌ في القلب يورِث ظُلمةً في النفس وضيقًا في الصدر، فمَن فرح بما حقُّه أن يُغتمَّ به لم يكُ أهلًا للنجاة والنجاح، ولا صالحًا للكرامة والفلاح. مَن انتحلَ فضيلةً ورجا حمدَ الناس عليها فقد أظهر خبيئةَ نفسه في قبيح فعلها؛ إذ قصد وجهَ الناس لا وجهَ ربِّه سبحانه. إن وقع ثناءُ الناس من نفسك موقعًا حسنًا على عمل قد أخلصتَ فيه لله، ولم ترجُ منه رياءً ولا سمعة؛ فتلك عاجل بُشراك. مَن استحسنَ عمل غيره فلا ينسبه لنفسه؛ ليتلقَّى عليه الإعجابَ والثناء، ففي الصحيحين عن رسول الله ﷺ: «من ادَّعى دعوى كاذبة ليتكثَّر بها لم يزده الله إلا قِلَّة». |
﴿لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي ٱلۡبِلَٰدِ ﴾ [آل عمران: 196]
لا تغترَّ بما تراه بعينيك من إمهال الله للظالمين، بل تبصَّر في سُنن الله فيهم، حتى تتيقَّنَ زوالَ الباطل وخسارة أهله. قد يمكِّن الله للكافرين زمانًا، فيستدرجُهم بالنِّعَم التي يغدقُها عليهم، حتى إذا فرحوا بما أُوتوا أخذهم فلم يُفلِتهم، إنَّ أخذه أليمٌ شديد. |
﴿مَتَٰعٞ قَلِيلٞ ثُمَّ مَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ ﴾ [آل عمران: 197]
ليست العِبرةُ بما يُؤتاه العبد من لذَّات الدنيا ونعيمها وهو عن الله بعيد، فإن غمسةً واحدة في نار جهنَّم تُنسي كلَّ طيِّبات الدنيا. المتاع القليلُ الفاني لا يشغل العاقلَ عن النعيم الكثير الباقي. |
﴿وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُۥ يُدۡخِلۡهُ نَارًا خَٰلِدٗا فِيهَا وَلَهُۥ عَذَابٞ مُّهِينٞ ﴾ [النساء: 14]
مَن أبى كبرياؤه الخضوعَ لحُكم الله وقَسْمه، والإذعانَ لقضائه وأمره، عوقبَ بالعذاب المُهين، جزاءً وِفاقًا. إنكار الأحكام الشرعيَّة أو تغييرُها وتعطيل العمل بها، طريقٌ يصل بصاحبه إلى جحيم عذابٍ خالد أليم، فليحذَر العاقل طريقًا هذه نهايته. |
﴿وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ عُدۡوَٰنٗا وَظُلۡمٗا فَسَوۡفَ نُصۡلِيهِ نَارٗاۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرًا ﴾ [النساء: 30]
ما الذي يجنيه آخذُ المال عدوانًا وظلمًا سوى النار، أمَا لو أخذَه بحقِّه لما استحقَّ ذلك العذاب. يا لها من رحمةٍ بالعبد؛ فإنه لو جاء بمعصيةٍ خطأً أو نسيانا، لنالته رحمةُ الله عفوًا وغُفرانا! |
﴿ٱلَّذِينَ يَبۡخَلُونَ وَيَأۡمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلۡبُخۡلِ وَيَكۡتُمُونَ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۗ وَأَعۡتَدۡنَا لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٗا مُّهِينٗا ﴾ [النساء: 37]
البخل يكون بالمنافع الحسيَّة والمنافع المعنويَّة، وبالواجبات والمستحبَّات، وبالمال والجسد، والعلم والجاه. جاحدُ نِعَم الله إنكارًا أو إخفاءً تستقبله الإهانةُ يوم القيامة؛ وذلك حين أراد بجمع المال عِزَّةَ الدنيا بالباطل، فكان الهوانُ في الآخرة جزاءَه العادل. |
﴿فَمِنۡهُم مَّنۡ ءَامَنَ بِهِۦ وَمِنۡهُم مَّن صَدَّ عَنۡهُۚ وَكَفَىٰ بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا ﴾ [النساء: 55]
الحاسد كارهٌ لفعل الله في خَلقه، غيرُ مريدٍ الخيرَ للناس، مؤثِرٌ نفسَه بالباطل على الآخرين، فكان بذلك عاصيًا آثمًا. قدَّم الله شرفَ الكتاب والعلم؛ إذ لا يُضاهي ذلك الشرفَ مُلكٌ ولا سلطان، ولو كان مُلكًا جليلًا عظيمًا. |
﴿وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلۡهُدَىٰ وَيَتَّبِعۡ غَيۡرَ سَبِيلِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصۡلِهِۦ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرًا ﴾ [النساء: 115]
لا تظننَّ كلَّ مَن خالف رسولَ الله ﷺ يجهل ما جاء به من شريعةٍ قويمة وهَديٍ سديد، فكم من مخالفٍ إنما يحمله على باطله العِناد! لا يشِذُّ امرؤٌ عن جماعة المسلمين إلا وَكَلَه الله إلى ما ذهب إليه، وكان خِذلانُه بمقدار ما اشتطَّ في بِعاده. إجماع علماء المسلمين المعتبَرين حُجَّة، واجتماعُهم على مسألةٍ ما من براهين الحقِّ. طريق السنَّة واضحٌ دربُه، وكلُّ طريق سواه فإنه يضادُّه في صفاته، كما يضادُّه في ثمراته. |
﴿أُوْلَٰٓئِكَ مَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنۡهَا مَحِيصٗا ﴾ [النساء: 121]
بئس المأوى النارُ لمَن أسلموا قيادَهم للشيطان؛ لا يستطيعون الهربَ منها، ولا الخروج عنها! |
﴿إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ فِي ٱلدَّرۡكِ ٱلۡأَسۡفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمۡ نَصِيرًا ﴾ [النساء: 145]
المنافقون شرٌّ من الكافرين؛ لخفاء خُبثهم ومكرهم بالمسلمين؛ فلذلك كانت منزلتُهم في النار أسفلَ الدَّرَكات. نافقَ المنافقون في الدنيا؛ لفسادِ قلوبهم، ورغبتِهم في مصلحةٍ دنيويَّة؛ كنُصرة الكافرين لهم، لكنَّهم حين يكونون في أسفل درَكات جهنَّم لن يجدوا وليًّا ولا نصيرًا. |
﴿أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ حَقّٗاۚ وَأَعۡتَدۡنَا لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٗا مُّهِينٗا ﴾ [النساء: 151]
رسُل الله عليهم السلام أنوارٌ بزغَت من مِشكاةٍ واحدة، وشرائعهم ترجع إلى أصلٍ واحد، فالواجب الإيمانُ بهم جميعًا. التفريق في الإيمان بين الشارع وحمَلةِ شرعه تفريقٌ باطل لا يصحُّ معه الإيمان، فهل يستقيم إيمانٌ بالله مع تكذيب رسُله؟! وأنَّى يَصدُق في اتِّباع رسول الله ﷺ الطاعنون في صَحابته حمَلةِ رسالته؟! مَن كفر بالله تعالى واستهانَ بدينه فقد باع نفسَه لهوان الآخرة وذلِّ الأبد. |
﴿وَأَخۡذِهِمُ ٱلرِّبَوٰاْ وَقَدۡ نُهُواْ عَنۡهُ وَأَكۡلِهِمۡ أَمۡوَٰلَ ٱلنَّاسِ بِٱلۡبَٰطِلِۚ وَأَعۡتَدۡنَا لِلۡكَٰفِرِينَ مِنۡهُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا ﴾ [النساء: 161]
المعاملات الماليَّة المحرَّمة كالرِّبا تُكدِّر المكاسبَ وتحرِم صاحبَها التنعُّمَ بطيِّبات الحياة. الإسلام يحترم الملكيَّة الخاصَّة، ولا يُجيز أخذَ أموال الناس بطريقٍ غير مشروع، وهذا ممَّا يبثُّ بين الناس النشاطَ للتملُّك الحقِّ، وينشر الطُّمَأنينةَ والسَّكينةَ في المجتمع. لا بدَّ للكافرين من عقابٍ مؤلم في الآخرة، وقد ذُكر وصفُ الإيلام، إشارةً إلى أنهم إن كانوا يتمتَّعون في الدنيا كما تتمتَّع الأنعام، فذلك إلى أمدٍ قصير. |
﴿إِنِّيٓ أُرِيدُ أَن تَبُوٓأَ بِإِثۡمِي وَإِثۡمِكَ فَتَكُونَ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلنَّارِۚ وَذَٰلِكَ جَزَٰٓؤُاْ ٱلظَّٰلِمِينَ ﴾ [المائدة: 29]
انتصار المسلم لنفسه بقتل أخيه المسلم قد يُسكِّن أجيجَ غضَبه ساعةَ فعله، لكنَّه سينقلبُ عليه بحزن الدنيا والآخرة، ما لم يتُب إلى الله، فلو تفكَّر في عواقب عمله لاستبشعَ الإقدامَ على قتله. |
﴿إِنَّمَا جَزَٰٓؤُاْ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَسۡعَوۡنَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوٓاْ أَوۡ يُصَلَّبُوٓاْ أَوۡ تُقَطَّعَ أَيۡدِيهِمۡ وَأَرۡجُلُهُم مِّنۡ خِلَٰفٍ أَوۡ يُنفَوۡاْ مِنَ ٱلۡأَرۡضِۚ ذَٰلِكَ لَهُمۡ خِزۡيٞ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [المائدة: 33]
يكفي أهلَ الحِرابة ذمًّا أن اعتداءهم على الخلق محاربةٌ لله ورسوله؛ لانتهاكهم ما أمر اللهُ ورسولُه بالحفاظ على حُرمته، ورعاية قدسيَّته، فإن محاربة الأوامر حربٌ على الآمر. بطهارةِ الثوب والبدن والمكان تصلُح الصلاة، وبطهارةِ الأرض من الفساد والمفسدين تصلُح الحياة، فلا صفاءَ لمرآة العيش إلا بصقلها من صدأ المفسدين في الدماء والأموال والأعراض. ليس من فسادٍ أشنعَ من محاربةِ شريعة الله في الأرض، واستبدالِ غيرها بها، والاعتداءِ على أهل الدار التي تُقام فيها، فلا يؤتمَن حينئذٍ على دينٍ ولا نفس، ولا مالٍ ولا عِرض. لا رفقَ ولا رحمةَ مع أهل الفساد، والناشرين الذُّعرَ بين العباد، فمن الرحمة بالمظلومين الشدَّةُ على الظالمين. تشذيب المجتمع من أغصانه الفاسدة حياةٌ لسائر أغصانه، واستئصالُ الداء من أحسن طُرق الشفاء. إخزاء أهل الحِرابة بجُرمهم مقصِدٌ شرعي، وتعذيبُهم بالعقوبة الشرعيَّة علنًا عدلٌ سماوي؛ ليرتدعَ الناسُ عن سلوك طريقهم، حين يشاهدون سوءَ مصيرهم. |
﴿يُرِيدُونَ أَن يَخۡرُجُواْ مِنَ ٱلنَّارِ وَمَا هُم بِخَٰرِجِينَ مِنۡهَاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّقِيمٞ ﴾ [المائدة: 37]
يستطيع المرءُ تجنُّبَ أسباب دخول النار إن اهتدى واستقام، فإن ضلَّ وكفر فلن يخرجَ منها، فهل من متأمِّل؟ يا له من مشهد مَهُول من مشاهد يوم القيامة، ألوان العذاب تحيط بأهل النار من كلِّ جانب، وهم يتوجَّعون ويستغيثون، ولكن هيهات، فلا مَخرَج منها ولا مُغيث! لو لم يكن للكفار من العذاب إلا دخولُ النار لكفى ذلك لهم إيلامًا وتعذيبًا، فكيف بدخولٍ لا خروجَ بعده، وأمَدٍ لا انقضاء له؟! |
﴿لَقَدۡ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡمَسِيحُ ٱبۡنُ مَرۡيَمَۖ وَقَالَ ٱلۡمَسِيحُ يَٰبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمۡۖ إِنَّهُۥ مَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدۡ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ ٱلۡجَنَّةَ وَمَأۡوَىٰهُ ٱلنَّارُۖ وَمَا لِلظَّٰلِمِينَ مِنۡ أَنصَارٖ ﴾ [المائدة: 72]
كيف يتردَّد عاقلٌ في كفر قوم ساق اللهُ تعالى الحُكمَ بكفرهم، وبيَّن موجِباتِه في مواضعَ من آياته، أيبقى بعد هذا تردُّدٌ وامتِراء؟ إن الضلال بعد إدراك الهداية ضلالٌ مبين، فما رُفع عيسى إلا وقد حذَّر قومَه الإشراكَ بالله، فعلامَ غَلا فيه مُدَّعو اتِّباعه؟! لا التقاءَ بين المشركين الضالِّين والموحِّدين المتَّقين، ففي الدنيا افترقوا في الاعتقاد، وفي الآخرة تباينوا في سُكنى الدار؛ الجنَّة دارُ الموحِّدين الأبرار، والنارُ دار المشركين الفجَّار. قد يتباهى المشركُ في الدنيا بقوَّته وأنصاره، وأسبابِ نجاته من أخطاره، لكنَّه في الآخرة لا نصيرَ له ولا مجير، فهلَّا رحم نفسَه اليوم حالَ قوَّته، بتوحيدٍ يُنجيه يومَ ضعفه وحاجته؟ |
﴿وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَآ أُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَحِيمِ ﴾ [المائدة: 86]
الكفر والتكذيبُ بالحقِّ الذي جاء به الرسُل طريقٌ يسلك بأصحابه نارَ الجحيم. |
﴿وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ فَقَالُواْ يَٰلَيۡتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِـَٔايَٰتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ﴾ [الأنعام: 27]
أيُّ صورةٍ سيكون عليها أهلُ النار وهم موقوفون عليها؟ لقد تسابقَت إليهم ظلماتُ الهوان والانكسار فكسَتهم الذلَّ والحزَن. للعـاقل الحيِّ فُسحـةٌ من الوقت للاعتبار بمَن مضى؛ بألا يفعلَ أفعالهم، حتى لا يَرِدَ مواردَهم. |
﴿وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ قَدِ ٱسۡتَكۡثَرۡتُم مِّنَ ٱلۡإِنسِۖ وَقَالَ أَوۡلِيَآؤُهُم مِّنَ ٱلۡإِنسِ رَبَّنَا ٱسۡتَمۡتَعَ بَعۡضُنَا بِبَعۡضٖ وَبَلَغۡنَآ أَجَلَنَا ٱلَّذِيٓ أَجَّلۡتَ لَنَاۚ قَالَ ٱلنَّارُ مَثۡوَىٰكُمۡ خَٰلِدِينَ فِيهَآ إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُۚ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٞ ﴾ [الأنعام: 128]
حذارِ من أولياء الشيطان، ممَّن يَلبَسون لَبُوسَ أولياء الرحمن، عليهم مُسوحُ الحُملان، وقلوبُهم قلوبُ الذئاب، لا يغترُّ بهم إلا مَن قلَّ حظُّه من العلم والإيمان. إن العَلاقات التي لا تقومُ على تقوى الله وما أباحَه، ستنتهي بأصحابها إلى عاقبة السوء يوم القيامة. كلُّ متعةٍ تمنع لذةَ الآخرة، وتخلِّف آلامًا أعظمَ منها، فحريٌّ بالعاقل أن يتباعدَ عنها. بادر بالتضرُّع إلى الله، والفرصةُ مُواتية، والأيَّامُ باقية، ولا تنتظر يومًا لا تُقبَل فيه الأعذار. جلَّ شأنُ مَن أحكامُه كلُّها حكمةٌ وعدل، فإن قضى على عبدٍ بجهنَّمَ فقد جرى حكمُه عليه بما يستحقُّ. |
﴿قَالَ ٱخۡرُجۡ مِنۡهَا مَذۡءُومٗا مَّدۡحُورٗاۖ لَّمَن تَبِعَكَ مِنۡهُمۡ لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمۡ أَجۡمَعِينَ ﴾ [الأعراف: 18]
ما عاند اللهَ تعالى معاندٌ إلا فاتَه الحمدُ والنصر، ولم يكن له من مآلٍ إلا الذمُّ والدَّحر. ليحذَر العاقلُ موالاةَ مَن لا يبالي بنجاة نفسه ونجاة مَن يواليه، ولا يفكِّر بنهاية شقائه المحتوم. |
﴿وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا وَٱسۡتَكۡبَرُواْ عَنۡهَآ أُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ ﴾ [الأعراف: 36]
ما أبعدَ المكذِّبين المستكبرين عن أن يكونوا وِجهةً للمقتدين! وما أقربَهم من كونهم قدوةً للضالِّين والمعرِضين! نار جهنَّمَ هي السجنُ المؤبَّد الذي حُكم به على المكذِّبين بآيات ربِّ العالمين، أما إنهم لو آمنوا وصدَّقوا لما صدرَ هذا الحكمُ في حقِّهم. |
﴿قَالَ ٱدۡخُلُواْ فِيٓ أُمَمٖ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِكُم مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ فِي ٱلنَّارِۖ كُلَّمَا دَخَلَتۡ أُمَّةٞ لَّعَنَتۡ أُخۡتَهَاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعٗا قَالَتۡ أُخۡرَىٰهُمۡ لِأُولَىٰهُمۡ رَبَّنَا هَٰٓؤُلَآءِ أَضَلُّونَا فَـَٔاتِهِمۡ عَذَابٗا ضِعۡفٗا مِّنَ ٱلنَّارِۖ قَالَ لِكُلّٖ ضِعۡفٞ وَلَٰكِن لَّا تَعۡلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 38]
كم الفرقُ بين مَن يُقال لهم: ﴿ادخُلُوا في أُمَمٍ قد خَلَت من قَبلِكُم منَ الجِنِّ والإنسِ في النَّار﴾ ومَن يُقال لهم: ﴿ادخُلوها بسلامٍ آمنين﴾ ! الضالُّون والمضلُّون في النار معًا سيلتقون، وسيلعن الضالُّون من كانوا لهم يتعصَّبون، ويزعمون أنهم على آثارهم مهتدون! احرِص على حبٍّ يجمع المحبِّين عاجلًا وآجلًا، فيا بُشرى المتَّقين المتحابِّين يوم القيامة! إيَّاك وعلماءَ السوء أن يضلُّوك عن سوء السبيل؛ فإنهم لا يُغنون مَن يُضِلُّونه من عذاب الله شيئًا، فخذ ما وافقَ الحقَّ، ودَع ما خالفه. كلُّ المكذِّبين بآيات الله في العذاب مخلَّدون، وهم في أصله مشتركون، وإن تفاوتوا في مقداره بحسب أعمالهم وعنادِهم، وظُلمهم وافترائهم. |
﴿وَقَالَتۡ أُولَىٰهُمۡ لِأُخۡرَىٰهُمۡ فَمَا كَانَ لَكُمۡ عَلَيۡنَا مِن فَضۡلٖ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 39]
أرأيتَ إلى جدالِ الضالِّين العقيم كيف لا ينتهي، ولا إلى حقٍّ يُؤدِّي، حتى وردوا النار؟! ما كان الله تعالى ليُعاقِبَ أحدًا بغير ما جَناه، فمَن عذَّبه وضاعف عذابَه فبما كسبَت يداه. |
﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا وَٱسۡتَكۡبَرُواْ عَنۡهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمۡ أَبۡوَٰبُ ٱلسَّمَآءِ وَلَا يَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلۡجَمَلُ فِي سَمِّ ٱلۡخِيَاطِۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُجۡرِمِينَ ﴾ [الأعراف: 40]
مَن يستكبرُ على الإيمان لا يرتفعُ له عملٌ ولا شأن، بل تُنكَّس روحُه تنكيسًا. من السماءِ تنزلُ الخيرات، وإليها تصعدُ الأعمالُ الصالحات، فهنالك موضعُ البهجة ومعدِنُ السعادات. الموقوف على المُحال محال؛ فلا دخولَ لكافرٍ الجنَّةَ يومَ المآل، إلا إذا نفَذَ الجملُ من ثَقْب إبرة، فما أعظمَ هذا المثَل للعِبرة! ما أشأمَ الإجرامَ على فاعليه، وأسوأَ أثرَه على مرتكبيه! إنه ليُودي بهم في المهالِك، وهذه سنَّةُ الله فيهم عبرَ الأمم والممالك. |
﴿لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٞ وَمِن فَوۡقِهِمۡ غَوَاشٖۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلظَّٰلِمِينَ ﴾ [الأعراف: 41]
تخيَّل صورةَ نار جهنَّمَ وهي لقومٍ وِطاء، ومن فوقهم غِطاء، وما لهم عنها من وِقاء، فكيف حالُهم واللهبُ يحيطُ بهم من كلِّ جانب، ولا سبيلَ لمستغيثٍ أو هارب! لا يكذِّبُ بآيات الله ولا يستكبرُ عنها إلا ظالمٌ مجرم، قد جنى على نفسه إذ أغضب ربَّه بما لا قِبلَ له به. |
﴿وَنَادَىٰٓ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِ أَصۡحَٰبَ ٱلنَّارِ أَن قَدۡ وَجَدۡنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّٗا فَهَلۡ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمۡ حَقّٗاۖ قَالُواْ نَعَمۡۚ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنُۢ بَيۡنَهُمۡ أَن لَّعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّٰلِمِينَ ﴾ [الأعراف: 44]
يتوالى التقريعُ على أهل النار من كلِّ جهة، من بعضهم لبعض، ومن الله وملائكته وأوليائه أهلِ جنَّته. أما كان يسَعُ أولئك الفجَّارَ الإقرارُ قبل معاينة النار؟! أيعجِزُ مَن علَّم عباده في الدنيا تكليمَ بعضِهم بعضًا بوسائلَ حديثةٍ من مسافات بعيدة أن يجعلَهم يتنادَون في الآخرة، فيُنادي أهلُ أعلى عليِّين أهلَ أسفلِ سافلين؟! يا له من موقفٍ عظيم مشهود! إنه يومُ الأذان، الذي يُنادى فيه بطرد الظالمين من رحمة الله، أجارنا الله أن نكونَ منهم. |
﴿وَنَادَىٰٓ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ أَنۡ أَفِيضُواْ عَلَيۡنَا مِنَ ٱلۡمَآءِ أَوۡ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُۚ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ ﴾ [الأعراف: 50]
تفكَّر في هذه الحقيقة: الذين يُلقُون اليوم على المؤمنين أذى السخريَّة والملامة، سيخضعون لهم فيستغيثون بهم يوم القيامة بتذلُّل ومهانة! |
﴿وَلَقَدۡ ذَرَأۡنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِۖ لَهُمۡ قُلُوبٞ لَّا يَفۡقَهُونَ بِهَا وَلَهُمۡ أَعۡيُنٞ لَّا يُبۡصِرُونَ بِهَا وَلَهُمۡ ءَاذَانٞ لَّا يَسۡمَعُونَ بِهَآۚ أُوْلَٰٓئِكَ كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡغَٰفِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179]
عجبًا لمَن آتاه الله قلبًا يفقَه به، وعينًا يُبصر بها، وأذنًا يسمع بها؛ ثم تراه يتخبَّط في دروب الضلالة على غير هدًى! إن الأنعامَ لتنقادُ لأربابها، وتعرفُ من يُحسن إليها، وتجتنبُ ما يضرُّها، والكافرون لا ينقادون لربِّهم، ولا يعرفون إحسانه إليهم، ولا يجتنبون ما يَضُرُّهم في الآخرة، فمَن الأضلُّ إذن؟! |
﴿وَمَن يُوَلِّهِمۡ يَوۡمَئِذٖ دُبُرَهُۥٓ إِلَّا مُتَحَرِّفٗا لِّقِتَالٍ أَوۡ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٖ فَقَدۡ بَآءَ بِغَضَبٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأۡوَىٰهُ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ ﴾ [الأنفال: 16]
إن التراجع المنظَّمَ ليس تولِّيًا؛ ففرقٌ بين مَن يفِرُّ ليَكُرَّ، ومَن يفِرُّ ليَسلَمَ ولو أُصيب أخوه، وفرقٌ بين مَن يفرُّ ليقوِّيَ فئةً يتحيَّز إليها، ومن يفرُّ لينجوَ ولو ضعُفت فئتُه. الفارُّ من الزحف ولو كان واحدًا، هو في المعركة كالجماعة، فلو أدبر لكان أثرُه في غيره كبيرًا، فهو يستحقُّ غضبَ الله وعذابه. |
﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيۡهِمۡ حَسۡرَةٗ ثُمَّ يُغۡلَبُونَۗ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحۡشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 36]
لا يزالُ الذين كفروا في كلِّ زمان يبذُلون من أموالهم ما يصُدُّون به عن الحقِّ، وينشرون به باطلَهم. أليس المؤمنون أولى ببَذل أموالهم وأنفسِهم في سبيل الله، وهم يعلمون ما لهم بها من سعادة الدارَين؟ العمل الذي يُراد به معاداةُ الله تعالى، والصدُّ عن سبيله؛ مهما أُتيحَ له من مقوِّمات النجاح في الدنيا فمآلُه إلى الإخفاق والخسار. على الذي يُنفِق مالَه في محاربة دين الله أن يتفكَّرَ أن ما يفعله سيجلب له الخيبةَ والعذاب، ولن يصلَ إلى غاية هدفه مهما بذل. |
﴿لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلۡخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ وَيَجۡعَلَ ٱلۡخَبِيثَ بَعۡضَهُۥ عَلَىٰ بَعۡضٖ فَيَرۡكُمَهُۥ جَمِيعٗا فَيَجۡعَلَهُۥ فِي جَهَنَّمَۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ ﴾ [الأنفال: 37]
الخبيث وإن اختلفت أصنافُه، سيُجمَع يوم القيامة مع أهله في مكانٍ واحد؛ ليكونَ عذابًا عليهم، فيُميَّزون بذلك عن المؤمنين ونفقاتهم الطيِّبة. ما أشدَّ خسارةَ مَن ذاقوا الحسرةَ والهزيمة في الدنيا، وذاقوا عذابَ جهنَّم في الآخرة! |
﴿مَا كَانَ لِلۡمُشۡرِكِينَ أَن يَعۡمُرُواْ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ شَٰهِدِينَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِم بِٱلۡكُفۡرِۚ أُوْلَٰٓئِكَ حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ وَفِي ٱلنَّارِ هُمۡ خَٰلِدُونَ ﴾ [التوبة: 17]
لا يَعمُر بيتَ الله إلا مَن عمَر التوحيدُ قلبَه، وقامت على الإخلاص والمتابعة عباداتُه. إن صورة أعمال المرء وحدَها لا قيمةَ لها، فقد يكون ظاهرُها حسنًا، لكنَّ باطنها خاوٍ، فلا يلبث أن يظهرَ فسادُها، ويتبيَّن جزاء صاحبها. |
﴿۞ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلۡأَحۡبَارِ وَٱلرُّهۡبَانِ لَيَأۡكُلُونَ أَمۡوَٰلَ ٱلنَّاسِ بِٱلۡبَٰطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۗ وَٱلَّذِينَ يَكۡنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلۡفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَبَشِّرۡهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٖ ﴾ [التوبة: 34]
قال سفيان بن عُيَينة: (مَن فسد من علمائنا كان فيه شَبهٌ من اليهود، ومن فسد من عُبَّادنا كان فيه شبهٌ من النصارى). ما أسوأَ حالَ الناس إذا ضلَّ هداتُهم، وصاروا يلهثون خلف شهواتهم! إذا حرَص العالمُ على المال ورياسة الدنيا وجاهها أُصيبت مقاتلُه، وأفسد علمَه وديانتَه، فيا ويلَه ويا ويلَ الناس منه! كما أن من فتن المال أن يُطلبَ بالباطل، فإن من فتنته أيضًا ألا يُصرفَ في وجوه الحقِّ. لو علم الناسُ حقَّ العلم أن كنزهم الحقيقيَّ هو ما أنفقوه في مراضي الله لما بخِلوا، ولما أنفقوا الأموالَ في الحرام والسرَف. إن كان المال يُجمَع ليكونَ سببَ سعادةٍ وهناء، فيا خسارةَ مَن عاد عليه بالعذاب والشقاء! |
﴿يَوۡمَ يُحۡمَىٰ عَلَيۡهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكۡوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمۡ وَجُنُوبُهُمۡ وَظُهُورُهُمۡۖ هَٰذَا مَا كَنَزۡتُمۡ لِأَنفُسِكُمۡ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمۡ تَكۡنِزُونَ ﴾ [التوبة: 35]
مَن أحبَّ شيئًا وقدَّمه على طاعة الله، عُذِّب به. كم من محبوبٍ كان سببَ هلاكِ مُحبِّه! فاجعل محبوباتِك حبلَ نجاتك، ووسائلَ سعادتك الأبدية. بقدر ما يكنِز المرءُ من المال، ويمتنع عن إنفاقه في حقِّه الواجب، ينالُه من العذاب، ويصيبه من العقاب. |
﴿وَمِنۡهُم مَّن يَقُولُ ٱئۡذَن لِّي وَلَا تَفۡتِنِّيٓۚ أَلَا فِي ٱلۡفِتۡنَةِ سَقَطُواْۗ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةُۢ بِٱلۡكَٰفِرِينَ ﴾ [التوبة: 49]
مَن أظهر الورعَ وتذرَّعَ به للتخلُّص من الواجب، أو لفعل المَنهيِّ عنه، فقد لجأ إلى حيلةٍ من حِيَل المنافقين. يبحث المنافقون السابقون عن إذنٍ لتسويغ خطيئتهم، ويبحث المنافقون اللاحقون عن فتوى لتشريع جريمتهم، ولا تقديسَ لدى جميعهم للإذن أو للفتوى، ولكن ينتظرون الموافقةَ فحسب. ما كانت الفتنةُ يومًا في الجهاد الحقِّ، ولكنَّها في التذرُّع بالواهي من الحُجَج لتركه والتثبيطِ عنه. الورع الكاذبُ لا يرفعُ عن المنافق حقيقةَ الكفر، ولا يدفعُ عنه يومَ القيامة عذابَ جهنَّم. جعل اللهُ النارَ محيطةً بأهلها إحاطةَ السِّوار بالمِعصَم، فلا مناصَ من عذابها، ولا مهرَب لأصحابها، نسأل الله أن يجيرَنا منها. |
﴿أَلَمۡ يَعۡلَمُوٓاْ أَنَّهُۥ مَن يُحَادِدِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَأَنَّ لَهُۥ نَارَ جَهَنَّمَ خَٰلِدٗا فِيهَاۚ ذَٰلِكَ ٱلۡخِزۡيُ ٱلۡعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 63]
مَن حادَ عن طريق المؤمنين في الدنيا، فصار في حدٍّ وهم في حدٍّ آخرَ، حِيلَ بينه وبين منزلهم يوم القيامة. لا خِزيَ أعظمُ من خِزي المنافقين يوم القيامة، فضيحةٌ على رؤوس الأشهاد، ومآلٌ إلى شرِّ منزلٍ يوم المَعاد. |
﴿وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلۡكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ هِيَ حَسۡبُهُمۡۚ وَلَعَنَهُمُ ٱللَّهُۖ وَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّقِيمٞ ﴾ [التوبة: 68]
العدوُّ الخفيُّ شرٌّ من العدو الجليِّ، فلو أظهر المنافقون الإسلامَ فإنهم شرٌّ ممَّن يُعلن الكفرَ صراحة. لا أبلغَ من عذاب جهنَّم، وهو من الشدَّة بحيثُ لا يُزاد عليه. إذا كان السخَطُ من الله تعالى فإنه بلا ريبٍ عظيم، فهل يرجو الرحمةَ عبدٌ مسخوطٌ عليه وهو في العذاب مقيم؟! مهما تمتَّع المنافقون والكافرون بطول الإمهال، فإنهم موعودون بنار جهنَّم؛ فكيف لعاقلٍ أن يَنعَم بحياة ويَهنَأ بعيش والعذابُ ينتظره؟ |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَٰهِدِ ٱلۡكُفَّارَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱغۡلُظۡ عَلَيۡهِمۡۚ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ ﴾ [التوبة: 73]
سبب الأمر بجهاد الكفَّار متحقِّقٌ في المنافقين، فجهادُهم كجهاد الكفَّار؛ ومن هنا قرَن الله تعالى المنافقين بالكافرين في هذا الموطن. اعمل عملَ الصالحين، لتأويَ إلى مساكنهم في جنَّات النعيم، وجانب عملَ الطالحين، حتى لا تكونَ معهم في نار الجحيم. |
﴿أُوْلَٰٓئِكَ مَأۡوَىٰهُمُ ٱلنَّارُ بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ ﴾ [يونس: 8]
مَن رضيَ بالدنيا وحدَها لم يعمل للآخرة عملًا، فصارت أعماله سببًا لدخوله النار وبقائه فيها. |
﴿وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيِّـَٔاتِ جَزَآءُ سَيِّئَةِۭ بِمِثۡلِهَا وَتَرۡهَقُهُمۡ ذِلَّةٞۖ مَّا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِنۡ عَاصِمٖۖ كَأَنَّمَآ أُغۡشِيَتۡ وُجُوهُهُمۡ قِطَعٗا مِّنَ ٱلَّيۡلِ مُظۡلِمًاۚ أُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ ﴾ [يونس: 27]
فطر اللهُ الإنسانَ على الإحسان، فالمؤمنُ وافق الفطرة فعمل الحسنات، والكافرُ انتقل عنها واكتسب السيِّئات. تَعَلَّم العدلَ من تعاليم القرآن، فأحسِن إلى مَن أحسن، ولا تَجزِ المسيءَ بغير ما اكتسب، ولا تتجاوزْ معه قدرَ إساءته. ما أشدَّ ذِلةَ أهلِ النار وأعظمَها! ذِلةٌ تغشى النفوسَ، ولا تَقتصرُ على الوجوه. لا يغترَّ باللهِ أحدٌ وهو مقيمٌ على الإشراك به لا يبارحُه، فإن أخْذَه تعالى أكيدٌ، وغضبَه شديد، ولا يعصِمُ المشركَ منه أحد. للسيئةِ أثرٌ على الوجه في الدارين، فهي تُظلِمُ النفسَ والقلبَ في الدنيا، ويَظهرُ ذلك الظلامُ على الوجوهِ يوم القيامة. ما أشدَّ مسَّ النار! فكيف بمَن يكونُ من أهلها المقيمين فيها أبدًا. |
﴿أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَيۡسَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا ٱلنَّارُۖ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَٰطِلٞ مَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ﴾ [هود: 16]
مَن لم يقدِّم لآخرته شيئًا، ولم يَحسُب لها حسابًا، ولم يُقم لها وزنًا، فما الذي ينتظرُ أن يلقاه فيها؟ كيف لعملٍ أن يُقبلَ وهو لم يُعمل لإرادةٍ صحيحة، ولم يدفع إليه إيمانٌ صادق؟! |
﴿أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّهِۦ وَيَتۡلُوهُ شَاهِدٞ مِّنۡهُ وَمِن قَبۡلِهِۦ كِتَٰبُ مُوسَىٰٓ إِمَامٗا وَرَحۡمَةًۚ أُوْلَٰٓئِكَ يُؤۡمِنُونَ بِهِۦۚ وَمَن يَكۡفُرۡ بِهِۦ مِنَ ٱلۡأَحۡزَابِ فَٱلنَّارُ مَوۡعِدُهُۥۚ فَلَا تَكُ فِي مِرۡيَةٖ مِّنۡهُۚ إِنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يُؤۡمِنُونَ ﴾ [هود: 17]
لا يستوي مَن تواردت عليه شواهدُ الإيمان، وقامت لديه أدلَّةُ اليقين والاطمئنان، مع غارقٍ في الظلمات، أسيرٍ في قبضة الجهالات. إنما يكونُ الإيمانُ بالقرآن إيمانَ معرفة وإذعان، وعلى علمٍ بما فيه من الهدى والفرقان. مَن كان على بيِّنة من ربِّه كانت جوارحُه وقفًا على الطاعات والمُوافَقات، ولسانُه ناطقًا بالذكر والثناء، ونشرِ الآلاء والنعماء. لا يكفرُ بالقرآن الكريمِ أحدٌ إلى قيام الساعة إلا دخلَ النار. كيف يرتابُ عبدٌ في كتاب الله تعالى وقد نهاه مولاه ومربِّيه ومدبِّرُ أموره عن الشكِّ فيه، وأكَّدَ له أنه الحق؟! حين كانت الأفهامُ عقيمة، والمقاصدُ غيرَ مستقيمة لدى المكذِّبين، كفروا بالقرآن، ولو حسُنت مقاصدُهم، وصفَت أفهامُهم لآمنوا؛ لأنهم يرَون فيه ما يدعوهم إلى الإيمان به. |
﴿فَأَمَّا ٱلَّذِينَ شَقُواْ فَفِي ٱلنَّارِ لَهُمۡ فِيهَا زَفِيرٞ وَشَهِيقٌ ﴾ [هود: 106]
يا بؤسَ مَن أشقاه عملُه حتى أورده نارَ جهنَّم التي يشتدُّ فيها كَربُه ويعظُم غمُّه، ويضيقُ حالُه وتنقطع آمالُه! لو تفكَّرَ الإنسانُ في مآلٍ يفقِدُ فيه راحتَه، ويَلقى فيه شِقوتَه، ويصدُر منه أشنعُ الأصوات، وهو في غمَراته؛ لما سلك طريقًا يوصله إليه. |
﴿۞ وَإِن تَعۡجَبۡ فَعَجَبٞ قَوۡلُهُمۡ أَءِذَا كُنَّا تُرَٰبًا أَءِنَّا لَفِي خَلۡقٖ جَدِيدٍۗ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ ٱلۡأَغۡلَٰلُ فِيٓ أَعۡنَاقِهِمۡۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ ﴾ [الرعد: 5]
كيف يُنكر قدرةَ الله على بعثِ الموتى مَن نظرَ إلى عجائبِ فعلِ الله في الحياة؛ أفلا تهدي الناسَ تلك الآياتُ إلى تصديقِ قدرة الله على إحيائهم بعد الممات؟ كم من متعجِّبٍ من شيء هو أحقُّ بأن يُتعجبَ من تعجُّبه، لقيام ذلك الانفعال النفسي لديه من غير سببٍ صحيح يُوجِبه. الذين أطلقوا لأنفسهم العِنانَ في الدنيا لترتعَ في مساخط الله حيث شاءت، يُساقون يومَ القيامة في الأغلال، وعليهم سحائبُ القهر والإذلال، فمَن لم يَغُلَّ هواه في الدنيا غُلَّ في الآخرة. |
﴿۞ مَّثَلُ ٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ أُكُلُهَا دَآئِمٞ وَظِلُّهَاۚ تِلۡكَ عُقۡبَى ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْۚ وَّعُقۡبَى ٱلۡكَٰفِرِينَ ٱلنَّارُ ﴾ [الرعد: 35]
مَن ذا يقارن جِنانَ الآخرة الدائمةَ الكاملة، بجنان الدنيا التي تتقلَّب وتَفنى، ويعتريها ما ينغِّصُها؟ الآخرة عُقبى تَعقُب الأعمال، فمَن فعلَ الخيرَ واتَّقى أعقبَه بعده الخير، ومَن فعل الشرَّ ولم يتُب منه أعقبَه بعده الشرُّ. |
﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٖ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجۡتُثَّتۡ مِن فَوۡقِ ٱلۡأَرۡضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٖ ﴾ [إبراهيم: 26]
قال الربيع بنُ أنس: (مثَلُ الشجرةِ الخبيثة مثَلُ الكافر؛ ليس لقوله ولا لعمله أصلٌ ولا فرع، ولا يستقرُّ قولُه ولا عملُه على الأرض، ولا يصعد إلى السماء). |
﴿وَجَعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِۦۗ قُلۡ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمۡ إِلَى ٱلنَّارِ ﴾ [إبراهيم: 30]
توحيد اللهِ هو طريقُ الهدايةِ الموصلُ إلى الجنة، والزعمُ بأن له أندادًا هو طريقُ الضلالة التي توصلُ إلى نار جهنم. مهما نالَ الكافرُ من الدنيا، فإنه لا يعدو أن يكونَ متاعًا قليلًا؛ عن قريبٍ ينقطع، لينتقلَ عقِبَه إلى نار السعير وبئس المصير. |
﴿سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٖ وَتَغۡشَىٰ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ ﴾ [إبراهيم: 50]
تأمَّل في سرِّ اختيار القَطِران، فهو حارٌّ سريعُ الاشتعال، منتنُ الرِّيح، أسودُ اللون، تُطلى به الأجسامُ حتى تكونَ كالسَّرابيل، وما بينه وبين قَطِران الآخرة إلا كما بين نار الدنيا والآخرة. يا مَن تحرِصُ على وجهك من كلِّ أذى، وتجمِّله بما تقدرُ عليه من المجمِّلات، ألا تعمل على ما يمنعُه حرَّ النار؟ |
﴿وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوۡعِدُهُمۡ أَجۡمَعِينَ ﴾ [الحجر: 43]
بقدر تحقيقك لعبودية الله يضعُف سلطان الشيطان عليك. إذا شئت الخلاصَ من إغواء الشيطان، والنجاةَ من نار الجحيم، فأخلص لله على طريق العبودية، واستقم له في اتباع أمره، فهو الحافظ وهو النصير، وإليه المرجع وإليه المصير. الغاوون صنوفٌ ودرجاتٌ، والغَوايةُ أشكالٌ وألوان، ولكل غاوٍ وغَواية ما يُناسبُ من الجزاء. |
﴿وَيَجۡعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكۡرَهُونَۚ وَتَصِفُ أَلۡسِنَتُهُمُ ٱلۡكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ ٱلنَّارَ وَأَنَّهُم مُّفۡرَطُونَ ﴾ [النحل: 62]
هيهاتَ أن تُقِرَّ العقول بأن يكونَ لأحدٍ العاقبةُ الحسنة عند الله وهو يفتري عليه أشنعَ الكذب، إنه إقرارٌ لا تستطيعه إلا الألسُن المريضة فقط! ما الذي ينتظره مَن أساء الأدبَ مع مقام الربوبيَّة الجليل إلا أن يتعرَّض لسوء العقاب، وشديد العذاب؟ |
﴿وَمَن يَهۡدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلۡمُهۡتَدِۖ وَمَن يُضۡلِلۡ فَلَن تَجِدَ لَهُمۡ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِهِۦۖ وَنَحۡشُرُهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمۡ عُمۡيٗا وَبُكۡمٗا وَصُمّٗاۖ مَّأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ كُلَّمَا خَبَتۡ زِدۡنَٰهُمۡ سَعِيرٗا ﴾ [الإسراء: 97]
ليس موفَّقًا من الله تعالى مَن يُصرُّ على الكفر مع وضوح الدليل، ومَن يتَّخذُ هواه رائدًا له في مواقفَ يجب فيها تحرِّي الحق. لا يتعلَّق العبدُ بغير الله تعالى إلا خذله وأخزاه، ولا يضرُّ العبيدَ مثلُ البعد عن حقيقة التوحيد. مَن لم يستعمل جوارحَه في فهم الحق جُوزيَ بألا ينتفع في الآخرة بشيء منها، ويُحشر وقد حيلَ بينه وبين الانتفاع بها، فيكون حائرًا متخبِّطًا، كحاله يوم كان عن دينه معرضًا. ما أفظعَه من مكان! نارٌ لا يفرح ساكنُها بخُبُوِّها حتى تزيدَه غمًّا بمزيدها، فيا أيها العاقلُ اجعل بينك وبينه وقايةً، تنَل السلامةَ والأمان. |
﴿وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي مَنۡ أَسۡرَفَ وَلَمۡ يُؤۡمِنۢ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِۦۚ وَلَعَذَابُ ٱلۡأٓخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبۡقَىٰٓ ﴾ [طه: 127]
ويل للمسرفين من جزاء يوم الدين! فإن رأوا من العقوبات الدنيوية ما كدَّر حالهم فإن العقوبات الأخروية أشد وآلم، وأبقى وأدوم. |
﴿إِنَّكُمۡ وَمَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمۡ لَهَا وَٰرِدُونَ ﴾ [الأنبياء: 98]
ما يتعلَّق به العبد من دون الله تعالى من الجمادات عبادةً وتقرُّبًا سيلاقي معه المصيرَ نفسه، لا لذنب جناه ذلك المعبود الباطل، ولكن لبيان كذب عبادته ليزداد عذاب عابده. |
﴿لَوۡ كَانَ هَٰٓؤُلَآءِ ءَالِهَةٗ مَّا وَرَدُوهَاۖ وَكُلّٞ فِيهَا خَٰلِدُونَ ﴾ [الأنبياء: 99]
يا حسرةَ عبَّاد الأصنام عندما تُلقى معهم إلى النار التي لم تستطع تلك الأصنام أن تنقذ نفسها منها، وإذا كانت كذلك فأولى ألا تنقذهم. كم انتظر المشركون من الأصنام أن تشفع لهم وتنقذهم من العذاب، فإذا بها تصبح وبالًا عليهم، فرؤيتها لا تزيدهم إلا حسرات، ومقارنة العدو والنظر إليه عذاب. |
﴿لَهُمۡ فِيهَا زَفِيرٞ وَهُمۡ فِيهَا لَا يَسۡمَعُونَ ﴾ [الأنبياء: 100]
لا ينتهي عن أهل النار الضيقُ والسقام، ولا العذاب والآلام، فهم من شدة العذاب يَزفِرون، وليس لهم ما يؤنسهم أو يخفف عنهم. |
﴿۞ هَٰذَانِ خَصۡمَانِ ٱخۡتَصَمُواْ فِي رَبِّهِمۡۖ فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قُطِّعَتۡ لَهُمۡ ثِيَابٞ مِّن نَّارٖ يُصَبُّ مِن فَوۡقِ رُءُوسِهِمُ ٱلۡحَمِيمُ ﴾ [الحج: 19]
كم من كافر جادل أهلَ الحق منافحًا عن كفره، معتقدًا أنه على النهج القويم، والاعتقاد المستقيم، ولم يستفق من إصراره على باطله إلا وهو في النار يقاسي عذابها ويلبَس ثيابها. يا لَبؤسِ أهل النار! حين لا ثيابَ لهم إلا من لهبها، ولا شراب إلا من حميمها، فهلا حذِرَ العاقل الطرقَ الموصلة إلى ذلك، حتى يسلمَ من تلك المهالك؟ إنها صورة تكفي العاقلَ عِبرة، يوم يتأمَّل في هذا العذاب الشديد الذي ينتظر أهل النار فيها، فطوبى لمَن جعل بينه وبينها وقايةً من إيمان وعمل صالح. ما أشقَّ اليأسَ من النجاة في نفس المرء بعد الطمع فيها، ورؤية طلائعها، حتى إذا كادت تصل ترجع وتعتزل. إذا نزل بك خطب، وطوَّقك بالغمِّ والكرب، فتذكر غمَّ أهل النار الذي لا يجدون منه مخرجا، وأنت قد تجد لكربك اليوم سَعةً وفرَجا. في الدنيا كان الكفار يسمعون كلمةَ الدعوة إلى الحق فيعرضون عنها ويسخَرون منها، وفي النار لم يعودوا يسمعونها، ولكنهم يسمعون كلمات التبكيت التي تعذبهم عذابًا نفسيًا على ترك الاستجابة لتلك الكلمة. |
﴿يُصۡهَرُ بِهِۦ مَا فِي بُطُونِهِمۡ وَٱلۡجُلُودُ ﴾ [الحج: 20]
كم من كافر جادل أهلَ الحق منافحًا عن كفره، معتقدًا أنه على النهج القويم، والاعتقاد المستقيم، ولم يستفق من إصراره على باطله إلا وهو في النار يقاسي عذابها ويلبَس ثيابها. يا لَبؤسِ أهل النار! حين لا ثيابَ لهم إلا من لهبها، ولا شراب إلا من حميمها، فهلا حذِرَ العاقل الطرقَ الموصلة إلى ذلك، حتى يسلمَ من تلك المهالك؟ إنها صورة تكفي العاقلَ عِبرة، يوم يتأمَّل في هذا العذاب الشديد الذي ينتظر أهل النار فيها، فطوبى لمَن جعل بينه وبينها وقايةً من إيمان وعمل صالح. ما أشقَّ اليأسَ من النجاة في نفس المرء بعد الطمع فيها، ورؤية طلائعها، حتى إذا كادت تصل ترجع وتعتزل. إذا نزل بك خطب، وطوَّقك بالغمِّ والكرب، فتذكر غمَّ أهل النار الذي لا يجدون منه مخرجا، وأنت قد تجد لكربك اليوم سَعةً وفرَجا. في الدنيا كان الكفار يسمعون كلمةَ الدعوة إلى الحق فيعرضون عنها ويسخَرون منها، وفي النار لم يعودوا يسمعونها، ولكنهم يسمعون كلمات التبكيت التي تعذبهم عذابًا نفسيًا على ترك الاستجابة لتلك الكلمة. |
﴿كُلَّمَآ أَرَادُوٓاْ أَن يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا مِنۡ غَمٍّ أُعِيدُواْ فِيهَا وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ ﴾ [الحج: 22]
كم من كافر جادل أهلَ الحق منافحًا عن كفره، معتقدًا أنه على النهج القويم، والاعتقاد المستقيم، ولم يستفق من إصراره على باطله إلا وهو في النار يقاسي عذابها ويلبَس ثيابها. يا لَبؤسِ أهل النار! حين لا ثيابَ لهم إلا من لهبها، ولا شراب إلا من حميمها، فهلا حذِرَ العاقل الطرقَ الموصلة إلى ذلك، حتى يسلمَ من تلك المهالك؟ إنها صورة تكفي العاقلَ عِبرة، يوم يتأمَّل في هذا العذاب الشديد الذي ينتظر أهل النار فيها، فطوبى لمَن جعل بينه وبينها وقايةً من إيمان وعمل صالح. ما أشقَّ اليأسَ من النجاة في نفس المرء بعد الطمع فيها، ورؤية طلائعها، حتى إذا كادت تصل ترجع وتعتزل. إذا نزل بك خطب، وطوَّقك بالغمِّ والكرب، فتذكر غمَّ أهل النار الذي لا يجدون منه مخرجا، وأنت قد تجد لكربك اليوم سَعةً وفرَجا. في الدنيا كان الكفار يسمعون كلمةَ الدعوة إلى الحق فيعرضون عنها ويسخَرون منها، وفي النار لم يعودوا يسمعونها، ولكنهم يسمعون كلمات التبكيت التي تعذبهم عذابًا نفسيًا على ترك الاستجابة لتلك الكلمة. |
﴿وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا فَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ ﴾ [الحج: 57]
لا يستهين امرؤٌ بآيات الله تعالى ورسله الأكرمين، إلا جوزيَ يوم القيامة بعذاب مُهين. |
﴿وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٖ تَعۡرِفُ فِي وُجُوهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلۡمُنكَرَۖ يَكَادُونَ يَسۡطُونَ بِٱلَّذِينَ يَتۡلُونَ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِنَاۗ قُلۡ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرّٖ مِّن ذَٰلِكُمُۚ ٱلنَّارُ وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ ﴾ [الحج: 72]
كيف للإنسان أن ينكر الآياتِ الهادية، وهي بيِّنة واضحة؟! أما لو كان فيها اشتباه لوجد في ذلك متعلَّقًا، ولكن لا اشتباه فيها لمَن تأمل. حين لم تتَّسع صدورُ الكافرين للحقِّ الذي يُدعون إليه لم تتسع نفوسُهم للصبر على مَن يدعونهم؛ فحَنِقوا عليهم وآذَوهم. على مَن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر على علم وبصيرة أن يوطِّن نفسه على تحمل المكاره التي سيواجهها. لو تفكَّر المعرضون عن الحقِّ بما يَعقُب كراهيتَهم وضيقهم بمَن يدعوهم، ممَّا يكون في الآخرة من النار التي تنتظر الصادِّين عن الحقِّ؛ ما كرهوا الحقَّ وأهله، ولا ضاقوا بدعاته ذرعًا. كم يجلب الكفرُ على صاحبه من الويل والوعيد، والهوان والتهديد، ومن أصناف العذاب والنَّكال، ممَّا لا يخطِر في الإنسان على بال! |
﴿وَمَنۡ خَفَّتۡ مَوَٰزِينُهُۥ فَأُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ فِي جَهَنَّمَ خَٰلِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 103]
يا مَن تبغي الفلاح اسعَ نحوه جاهدًا بتثقيل موازين حسناتك؛ فإن الخسارة الكبرى أن يطيش ميزان السيئات بميزان الحسنات، فهلَّا تفكرت في هذه الحقيقة! ما الذي يتبقَّى لإنسان قد خسر نفسَه التي بين جنبيه، وفقد أعزَّ ما لديه، في وقت لا يمكنه تعويضُ ما خسر، ولا السلوُّ عمَّا ضيَّع. |
﴿قَالَ ٱخۡسَـُٔواْ فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ ﴾ [المؤمنون: 108]
حينما يغضب الجبَّار على المجرمين في النار، فإنه يُسمعهم من الكلام الأليم ما يزيدهم عذابًا إلى عذابهم، وحسرة إلى حسراتهم، فيا ربِّ، سلِّم سلِّم. |
﴿لَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مُعۡجِزِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ وَمَأۡوَىٰهُمُ ٱلنَّارُۖ وَلَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ ﴾ [النور: 57]
لا يُحزِنَنَّ المؤمنين ما هم فيه من الضعف والقلة، ولا يَهُولنهم ما عليه الكافرون من القوة والقدرة، فوعدُ الله بخزي الكافرين في الدنيا وعذابهم في الآخرة حقٌّ كائن لا محالة. |
﴿بَلۡ كَذَّبُواْ بِٱلسَّاعَةِۖ وَأَعۡتَدۡنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِيرًا ﴾ [الفرقان: 11]
حين لم يؤمنوا بالساعة قصُرت أنظارهم على الحظوظ الدنيوية، وظنُّوا أن الكرامة ليست إلا في نَيلها، فلمَّا خلا رسولُ الله ﷺ من تلك الأعراض كذَّبوه واتهموه، أفبهذا يُردُّ الحقُّ لو كانوا يريدون الحق؟ الكفر باليوم الآخر سببٌ لكلِّ البلايا وأنواع الكفر والجحود؛ لأن مطامع العقلاء محصورةٌ في جلب النفع ودفع الضَّر، والذي لا يصدِّق بيوم القيامة لا يرغب في خير، ولا يخاف من شرٍّ في ذلك اليوم؛ فهو لا ينزجر عن شيء؛ ولذا كان التكذيب بالبعث من أشنع أنواع الكفر بالله جلَّ وعلا. |
﴿إِذَا رَأَتۡهُم مِّن مَّكَانِۭ بَعِيدٖ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظٗا وَزَفِيرٗا ﴾ [الفرقان: 12]
يلاحق البغضُ الكافرَ في دنياه وآخرته، فليس مكروهًا عند الله وعند أوليائه فحسب، بل تَبغَضه الأرض التي يمشي عليها، والسماء التي يستظلُّ بها، والنار التي أُعدت له. سيُساق الكافرون إلى نار جهنَّم من مكان بعيد نكايةً بهم؛ ليَشُقَّ عليهم الوصولُ إليها، ويطول عليهم زمن الرعب في سماع صوتها قبل الاصطلاء بحرِّها. |
﴿وَإِذَآ أُلۡقُواْ مِنۡهَا مَكَانٗا ضَيِّقٗا مُّقَرَّنِينَ دَعَوۡاْ هُنَالِكَ ثُبُورٗا ﴾ [الفرقان: 13]
أيُّ إهانة يلقاها أهلُ النار حين يُلقَون فيها إلقاءً عنيفًا؟ في حين يُحشَر أهل الجنة إليها وفدًا شريفًا. الكَرب يكون مع ضيق المكان، والرَّوح مع سَعته، وإن من سعادة المرء المسكنَ الواسع في الدنيا والآخرة. ما ينتقل الكافر من دارٍ إلا إلى أشدَّ منها، حتى يتمنى بعدها الموت أو الرجوع إليها، وأما المؤمن فما يزال يترقَّى من سعة الأرض إلى فُسحة القبر إلى بُحبوحة الجنة. على أهل النار تتجدد ألوانُ العذاب ولا تخفَّف، وتدوم ولا تنقطع، ولهم في كل لون منها ثبور ما أشدَّه وما أفظعه! |
﴿لَّا تَدۡعُواْ ٱلۡيَوۡمَ ثُبُورٗا وَٰحِدٗا وَٱدۡعُواْ ثُبُورٗا كَثِيرٗا ﴾ [الفرقان: 14]
أيُّ إهانة يلقاها أهلُ النار حين يُلقَون فيها إلقاءً عنيفًا؟ في حين يُحشَر أهل الجنة إليها وفدًا شريفًا. الكَرب يكون مع ضيق المكان، والرَّوح مع سَعته، وإن من سعادة المرء المسكنَ الواسع في الدنيا والآخرة. ما ينتقل الكافر من دارٍ إلا إلى أشدَّ منها، حتى يتمنى بعدها الموت أو الرجوع إليها، وأما المؤمن فما يزال يترقَّى من سعة الأرض إلى فُسحة القبر إلى بُحبوحة الجنة. على أهل النار تتجدد ألوانُ العذاب ولا تخفَّف، وتدوم ولا تنقطع، ولهم في كل لون منها ثبور ما أشدَّه وما أفظعه! |
﴿قُلۡ أَذَٰلِكَ خَيۡرٌ أَمۡ جَنَّةُ ٱلۡخُلۡدِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۚ كَانَتۡ لَهُمۡ جَزَآءٗ وَمَصِيرٗا ﴾ [الفرقان: 15]
ما أحسنَ التقوى سبيلًا إلى جنة المأوى التي يُجزى بها المتقون على صالح أعمالهم، ويصيرون إليها بعد ذهاب دنياهم! |
﴿ٱلَّذِينَ يُحۡشَرُونَ عَلَىٰ وُجُوهِهِمۡ إِلَىٰ جَهَنَّمَ أُوْلَٰٓئِكَ شَرّٞ مَّكَانٗا وَأَضَلُّ سَبِيلٗا ﴾ [الفرقان: 34]
لا يَحزُنك تعالي المستكبرين المعرضين، فيومَ القيامة سيُحشرون على وجوههم مهانين، أذلاء محقورين. بسوء أعمالهم حادوا عن سبيل الهدى فكانوا في شر المنازل، فما أبعدَ مكانهم في الشر! وما أضل طريقهم عن سبُل الخير! |
﴿وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱصۡرِفۡ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَۖ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا ﴾ [الفرقان: 65]
مَن علم سوءَ حال أهل النار -أجارنا الله منها- استعاذ بالله تعالى منها صادقًا بلسانه وقلبه؛ وصالح عمله، وشديد اعتصامه بربِّه؛ وخوفه منه. |
﴿إِنَّهَا سَآءَتۡ مُسۡتَقَرّٗا وَمُقَامٗا ﴾ [الفرقان: 66]
مَن علم سوءَ حال أهل النار -أجارنا الله منها- استعاذ بالله تعالى منها صادقًا بلسانه وقلبه؛ وصالح عمله، وشديد اعتصامه بربِّه؛ وخوفه منه. |
﴿وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَكُبَّتۡ وُجُوهُهُمۡ فِي ٱلنَّارِ هَلۡ تُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ﴾ [النمل: 90]
مَن تنكَّب الهدى وأشاح عنه بوجهه جوزيَ به كَبًّا لذلك الوجه في النار، حين أعرض عن الحقِّ الواضح وضوحَ الليل والنهار. |
﴿وَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَئِمَّةٗ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلنَّارِۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ لَا يُنصَرُونَ ﴾ [القصص: 41]
يا شقاء مَن صار إمامًا في الشر وقائدًا في طريق الجحيم، فيقتدي ناس به في ضلاله فيحمل وزره ووزر مَن تبعه إلى يوم القيامة! لا يظنَّ أئمة الضلال أنهم سيجدون نصراء في دار المآل كما عهدوا ذلك في الدنيا، فقد ذهبت عنهم النصرة والنجدة بورودهم الآخرة، فهل من توبة منهم قبل هذا المصير؟ |
﴿وَقَالَ إِنَّمَا ٱتَّخَذۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡثَٰنٗا مَّوَدَّةَ بَيۡنِكُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ ثُمَّ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَكۡفُرُ بَعۡضُكُم بِبَعۡضٖ وَيَلۡعَنُ بَعۡضُكُم بَعۡضٗا وَمَأۡوَىٰكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّٰصِرِينَ ﴾ [العنكبوت: 25]
لا يَثني الداعيةَ عن بيان الحقِّ اشتدادُ الظلم، بل يبقى رابطَ الجأش، قويًّا في الحقِّ، عظيمَ الثقة بالله جلَّ وعلا؛ فإبراهيمُ عاد إلى مجادلة الكفَّار بعدما أُلقي في النار. ما من عاقلٍ يؤمن بأن صنمًا يضرُّ أو ينفع، لكنها التقاليد الموروثة، والروابط الاجتماعية المأثورة، تبلُغ ببعض الناس أن يقدمها على اتِّباع الحق. لن ينتفعَ امرؤٌ بمودَّة أقامها على مخالفة الشريعة، بل ستنقلب يوم القيامة تلاعنًا وعداوة، ولا يبقى من العَلاقات يومئذٍ إلا ما كان لله وفي الله. نصر الله تعالى خليله إبراهيم من نارٍ في الدنيا أضرمَها بعضُ العباد، فهل سينصر هؤلاء العبيدَ من أحدٍ حين يأمر الله تعالى ملائكته بأن يُلقوهم في نار الآخرة؟ |
﴿وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوۡ كَذَّبَ بِٱلۡحَقِّ لَمَّا جَآءَهُۥٓۚ أَلَيۡسَ فِي جَهَنَّمَ مَثۡوٗى لِّلۡكَٰفِرِينَ ﴾ [العنكبوت: 68]
العاقل إن جاءه خبرٌ تدبَّره وتأمَّله قبل أن يرُدَّه أو يقبله، فمَن ردَّه من أوَّل وهلة فذلك دليلٌ على النزَق والخفَّة في عقله. مَن اجترأ على الله تعالى بافتراء الكذب عليه، ونسبة الباطل إليه، وتكذيب آياته ورسله فنارُ جهنم مثواه، وداره التي إليها مأواه. |
﴿نُمَتِّعُهُمۡ قَلِيلٗا ثُمَّ نَضۡطَرُّهُمۡ إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٖ ﴾ [لقمان: 24]
مهما طال متاعُ الدنيا فهو إلى جنب الآخرة قليل، فلا تفتتن به، ولا تغبِط أحدًا عليه. لا ملجأ للكافر من عذاب الله إذا أحاط به، فإنه لو حاول دفعَه أو الفِرار منه أو التلكؤ دونه ما استطاع، فإنه مضطرُّ إليه، مُكره عليه. يا شقاء مَن توعده الله تعالى بالعذاب حينما يصير إليه! فكيف إذا وصف سبحانه ذلك العذابَ بأنه غليظ؟ |
﴿وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ فَمَأۡوَىٰهُمُ ٱلنَّارُۖ كُلَّمَآ أَرَادُوٓاْ أَن يَخۡرُجُواْ مِنۡهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا وَقِيلَ لَهُمۡ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ ﴾ [السجدة: 20]
تنتظر النار أهلها لتكونَ لهم مأوى، ولكنَّه مأوًى لا نعيمَ فيه ولا هناء، فمَن حاول الفرار من مأواه أُعيد إليه؛ إذ ليس له مأوًى سواه. كم يقاسي أهل النار من ألوان العذاب، فليس عذابهم ما تلقاه أبدانهم وحواسهم فحسب، بل لنفوسهم حظها كذلك من التعذيب بما تناله من التقريع والتوبيخ. |
﴿لِّيَسۡـَٔلَ ٱلصَّٰدِقِينَ عَن صِدۡقِهِمۡۚ وَأَعَدَّ لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابًا أَلِيمٗا ﴾ [الأحزاب: 8]
إذا سُئل الصادقون عن صدقهم، فما حجَّة المكذِّبين في تكذيبهم؟! لم يُسأل الكاذبون سؤالَ مَن يُستمع جوابه، وتُقبل معذرته، فقد مضى في علم الله عذابهم، وتقرر فيه هلاكهم، بل هو سؤال تقريع وتوبيخ. |
﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَعَنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمۡ سَعِيرًا ﴾ [الأحزاب: 64]
السعيد بقيام الساعة مَن رحمه الله فعمل لها، والشقي مَن لم يعمل ما ينجيه بعد قيامها. إن العبوديَّة والتسليم لله وحده، فويلٌ للكافرين به من لعنته التي تدوم عليهم، وويلٌ لهم من جهنَّم التي تتسعَّر بهم. |
﴿رَبَّنَآ ءَاتِهِمۡ ضِعۡفَيۡنِ مِنَ ٱلۡعَذَابِ وَٱلۡعَنۡهُمۡ لَعۡنٗا كَبِيرٗا ﴾ [الأحزاب: 68]
كما ذهب أولئك السادة والكبراء بالنَّصيب الأوفر من متاع الدنيا، فقد ذهبوا كذلك بالنَّصيب الأكبر من العذاب واللعنة في الآخرة. |
﴿قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ لِلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُوٓاْ أَنَحۡنُ صَدَدۡنَٰكُمۡ عَنِ ٱلۡهُدَىٰ بَعۡدَ إِذۡ جَآءَكُمۖ بَلۡ كُنتُم مُّجۡرِمِينَ ﴾ [سبأ: 32]
لا قوَّة في الأرض تستطيع أن تحجبَ الإيمان عن قلب امرئٍ قد اقتنع به وهداه الله إليه. من الإجرام متابعةُ المجرمين وخدمتهم، والبقاء في زمرتهم لحظوظ دنيوية وأهواء شخصيَّة. |
﴿وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمۡ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقۡضَىٰ عَلَيۡهِمۡ فَيَمُوتُواْ وَلَا يُخَفَّفُ عَنۡهُم مِّنۡ عَذَابِهَاۚ كَذَٰلِكَ نَجۡزِي كُلَّ كَفُورٖ ﴾ [فاطر: 36]
ما أعظمَ هولَ الموقف، وأخوَفه من مصير! حين يبقى المعذَّب في عذابه، لا يموت فيسكن، ولا يخفَّف عنه فيستريح، نسأل الله السلامة من سخطه وعقابه. لا يؤمِّل الكافر أن له في الآخرة جزاءً دون هذا الجزاء الأليم الذي لا يفكر فيه عاقلٌ إلا وتجنَّب سبل الوصول إليه. |
﴿وَهُمۡ يَصۡطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَآ أَخۡرِجۡنَا نَعۡمَلۡ صَٰلِحًا غَيۡرَ ٱلَّذِي كُنَّا نَعۡمَلُۚ أَوَلَمۡ نُعَمِّرۡكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُۖ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّٰلِمِينَ مِن نَّصِيرٍ ﴾ [فاطر: 37]
ماذا ينفع الصراخُ والاستغاثة في دار الندامة، وأهلهما كانوا في غفلة عمَّا ينتظرهم يوم القيامة؟! مَن لم يُورِّثه التعمير وطول البقاء إصلاحَ معائبه واغتنامَ بقية أنفاسه، فيعمل على حياة قلبه وحصول النعيم المقيم؛ فلا خير له في حياته. لديك عُمرٌ واحد فقط، فاستغله بما يسعدك في دار المقامة، قبل الصراخ والندامة، فها أنت قد جاءك المذكِّر والنذير قبل أن تستنصر ولا تجد النصير. |
﴿إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ ﴾ [الصافات: 60]
إذا كان لذكر الأشياء المحبوبة لذَّة، فما الظنُّ بذكر نعمة الخلود في جنَّات النعيم؛ حيث لا ينقطع عن أهلها الرَّخاء، وهم أبدًا في سرور ورِفاء؟! ما أعظمَ الفوزَ برضا الله تعالى! فمعه يندفع عن العبد كلُّ محذور، ويحصُل له كلُّ خير موفور؛ ﴿فمَن زُحزِحَ عن النَّار وأدخِلَ الجنَّةَ فقد فاز﴾ . |
﴿فَهُمۡ عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِمۡ يُهۡرَعُونَ ﴾ [الصافات: 70]
من أكبر أسباب الضلال التقليدُ الأعمى، والتمسُّك بإرث الآباء والأجداد دون تمحيص ولا تمييز بين حقٍّ وباطل وصواب وخطأ. الحقُّ أحقُّ أن يُتَّبع؛ وما أكثر الضالِّين بإسراعهم إلى اتِّباع العادات البالية والتقاليد المنحرفة والتشبُّث بها. |
﴿وَمَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا بَٰطِلٗاۚ ذَٰلِكَ ظَنُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ ٱلنَّارِ ﴾ [ص: 27]
مَن أساء الظنَّ بربِّه وبكماله وحكمته فلا يلومنَّ إلا نفسَه؛ ﴿وذلكُم ظنُّكمُ الذي ظننتُم بربِّكم أرداكُم فأصبحتُم منَ الخاسرين﴾ . |
﴿هَٰذَاۚ وَإِنَّ لِلطَّٰغِينَ لَشَرَّ مَـَٔابٖ ﴾ [ص: 55]
ليس لعبدٍ عُذر، فقد بيَّن الله ثوابَ المتَّقين الصادقين، وعقابَ الطاغين المفسدين، إقامةً للحجَّة، وترغيبًا وترهيبًا. |
﴿إِنَّ ذَٰلِكَ لَحَقّٞ تَخَاصُمُ أَهۡلِ ٱلنَّارِ ﴾ [ص: 64]
تخاصمُ أهل النار لا بدَّ كائن، فما أسعدَ مَن نجا منها ومن تلاوُم أهلها، ولم يكن فيها تابعًا ولا متبوعًا. |
﴿۞ وَإِذَا مَسَّ ٱلۡإِنسَٰنَ ضُرّٞ دَعَا رَبَّهُۥ مُنِيبًا إِلَيۡهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُۥ نِعۡمَةٗ مِّنۡهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدۡعُوٓاْ إِلَيۡهِ مِن قَبۡلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادٗا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِۦۚ قُلۡ تَمَتَّعۡ بِكُفۡرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلنَّارِ ﴾ [الزمر: 8]
في المحن تتجلَّى الحقائق، ويدرك المرء من عُمق فؤاده أنه لا يفرِّج الهمَّ ويزيل الغمَّ ويَكشِف السوء إلا الله تعالى، فيتوجَّه إليه مخلصًا في الدعاء والتذلُّل. عجبًا للإنسان ما أسرعَ نسيانَه لأنعُم الله عليه حينما يفرِّج عنه أحزانه! فما أحراه أن يستحضرَ أفضاله على الدوام؛ ليعيشَ شاكرًا حامدًا! أيَّام الفرد على هذه الأرض معدودةٌ محدودة، وكلُّ متاعٍ فيها قليلٌ قصير مهما كثُر وامتدَّ، والعاقل مَن آثرَ الباقي على الذاهب الفاني. |
﴿لَهُم مِّن فَوۡقِهِمۡ ظُلَلٞ مِّنَ ٱلنَّارِ وَمِن تَحۡتِهِمۡ ظُلَلٞۚ ذَٰلِكَ يُخَوِّفُ ٱللَّهُ بِهِۦ عِبَادَهُۥۚ يَٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ ﴾ [الزمر: 16]
سبحانك ربَّنا ما أرأفك بعبادك! تخوِّفهم من عذابك، وتدعوهم لاتِّباع أوامرك، رغبةً في فلاحهم ونجاتهم. تمام العبودية لله في طاعته وتقواه، أمَّا أن تكون مجرَّد ادِّعاء مع العكوف على المعاصي والآثام، فما هي بالعبودية الحقَّة التي يرضاها ربُّنا. |
﴿أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجۡهِهِۦ سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ وَقِيلَ لِلظَّٰلِمِينَ ذُوقُواْ مَا كُنتُمۡ تَكۡسِبُونَ ﴾ [الزمر: 24]
عادة المرء إذا دَهَمه خطرٌ أن يدفعَ عن وجهه ويحميَه بيديه، أمَّا الكفَّار فلهوانهم على الله تُغَلُّ أيديهم حتى يَعجِزوا عن اتِّقاء العذاب إلا بوجوههم. |
﴿كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ فَأَتَىٰهُمُ ٱلۡعَذَابُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَشۡعُرُونَ ﴾ [الزمر: 25]
شعور العاصي بالأمان عند مقارفته للمعصية دليلٌ على انطماس بصيرته، فالحذرَ الحذرَ؛ فإن عقوبات المعاصي تأتي من حيث لا يتوقَّع أهلُها. لمَّا كان كِبْرُهم وتعاظُم نفوسهم سببًا في كفرهم وجحودهم، عاقبهم الله بالخِزي والهوان في الدنيا، ولهم في الآخرة ما هو أشدُّ وأنكى. |
﴿۞ فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى ٱللَّهِ وَكَذَّبَ بِٱلصِّدۡقِ إِذۡ جَآءَهُۥٓۚ أَلَيۡسَ فِي جَهَنَّمَ مَثۡوٗى لِّلۡكَٰفِرِينَ ﴾ [الزمر: 32]
الكذب على الخَلق فعلٌ خسيس قبيح، فما بالُك بالكذب على الخالق، بأن يُنسبَ إليه ما لا يَلِيقُ به من شريك أو ولد؟! تقبَّلِ الحقَّ والصدقَ مهما كان مُرًّا، ولو على نفسك، ولو جاء به أبعدُ الناس عنك، فقد جعل الله من أعظم الظلم ردَّ الحقِّ والتكذيبَ بالصدق. إن الرجل لَيكذِبُ ويكذب حتى يُكتبَ عند الله كذَّابًا، فكيف إذا كان كذِبُه على الله ورسوله؟! إن النار موعدُه وبئسَ المصير! |
﴿مَن يَأۡتِيهِ عَذَابٞ يُخۡزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيۡهِ عَذَابٞ مُّقِيمٌ ﴾ [الزمر: 40]
أرأيتم إلى صدق التوكُّل على الله والاعتصام بعزَّته، كيف يمنح العبدَ قوَّة وجرأة في الحقِّ، لا يخشى معها أحدًا من البشَر؟ يُقال للضالِّين الغاوين: امضُوا على غَيِّكم، فكلٌّ يعمل على شاكلته، وستعلمون غدًا أيَّ منقلَبٍ تنقلبون. يا له من تهديد يُزلزل القلوب لو وعَت؛ كلُّ عذابات الدنيا تَحُول وتزول، ووحدَه عذاب الآخرة مقيمٌ لا يرحل. |
﴿وَلَوۡ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا وَمِثۡلَهُۥ مَعَهُۥ لَٱفۡتَدَوۡاْ بِهِۦ مِن سُوٓءِ ٱلۡعَذَابِ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ وَبَدَا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مَا لَمۡ يَكُونُواْ يَحۡتَسِبُونَ ﴾ [الزمر: 47]
بعضُ المرضى في الدنيا يتمنَّون أن يفتدوا بكلِّ ما يملكون من مرارة مرضٍ ألمَّ بهم، فما بالك بمَن يذوق مُرَّ عذاب الله يوم الحساب؟! غاية الخسران والندامة أن يبدوَ لك أيُّها العبدُ الضعيف من الله ما لا تتوقَّعُه، فكُن على حذَر دائم، فإن المُجازيَ قهَّار ذو انتقام. كما أن الجنَّة فيها من النعيم ما لا عينٌ رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشَر، فكذلك الجحيمُ فيها من ألوان العذاب والتنكيل ما لا يُتخيَّل ولا يُتصوَّر، فإيَّاك وإيَّاها! |
﴿وَبَدَا لَهُمۡ سَيِّـَٔاتُ مَا كَسَبُواْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ ﴾ [الزمر: 48]
أيُّها المسلم العاقل، تدارك سيِّئاتك قبل أن توردَك المهالك، وتصيبَك بما لا قِبَل لك به من عذاب. |
﴿وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسۡوَدَّةٌۚ أَلَيۡسَ فِي جَهَنَّمَ مَثۡوٗى لِّلۡمُتَكَبِّرِينَ ﴾ [الزمر: 60]
إذا كان الكذب مذمومًا، فما ظنُّكم بالكذب على الله تعالى، وعلى شرعه القويم وهديه المستقيم؟! |
﴿وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَآ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ رُسُلٞ مِّنكُمۡ يَتۡلُونَ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِ رَبِّكُمۡ وَيُنذِرُونَكُمۡ لِقَآءَ يَوۡمِكُمۡ هَٰذَاۚ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَٰكِنۡ حَقَّتۡ كَلِمَةُ ٱلۡعَذَابِ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ ﴾ [الزمر: 71]
احذر رفيقَ السوء؛ فإنه يأخذ بيد صاحبه إلى زُمرة الأشقياء. لعلَّ من أشدِّ صنوف العذاب إيلامًا التقريعَ الموجع، حين يُلام الإنسان على تفريطه فيما كان سهلًا قريبًا، في وقت لا يُغني فيه عمل، ولا ينفع ندم. تفقَّد مواعظَ الرسُل ونذُرَهم قبل أن تقفَ هذا الموقفَ العظيم المَهِيب؛ ﴿يَومَ يُنادِيهِم فَيَقُولُ ماذا أجَبتُمُ المُرسَلِين﴾ ؟ |
﴿وَكَذَٰلِكَ حَقَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّهُمۡ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِ ﴾ [غافر: 6]
إن الله قضى قضاءه في حقِّ الكافرين أنهم أصحابُ الجحيم، وأتاح أمامهم المجالَ رحبًا للتوبة والإنابة، فإن لم يفعلوا حقَّ عليهم العذابُ الأليم. |
﴿لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدۡعُونَنِيٓ إِلَيۡهِ لَيۡسَ لَهُۥ دَعۡوَةٞ فِي ٱلدُّنۡيَا وَلَا فِي ٱلۡأٓخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَآ إِلَى ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلۡمُسۡرِفِينَ هُمۡ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِ ﴾ [غافر: 43]
لا تُصغِ لمَن لا تُغنيك دعوتُه، ولا يدلُّك على الله حالُه وقالُه؛ إذ لا تنال به خيرًا في الدنيا، ولا تَلقى به نفعًا في الآخرة، وتلك هي دعوةُ داعي الشرك بالله تعالى. اطمئنَّ ولا تسأل عن حال المسرفين ومآلهم؛ فحين يُرَدُّ الظالمون والمظلومون إلى ربِّهم؛ يومئذٍ يعلم الذين ظلموا أيَّ منقلبٍ ينقلبون. |
﴿ٱلنَّارُ يُعۡرَضُونَ عَلَيۡهَا غُدُوّٗا وَعَشِيّٗاۚ وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدۡخِلُوٓاْ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ أَشَدَّ ٱلۡعَذَابِ ﴾ [غافر: 46]
هم ما بين ﴿سوء العذاب﴾ الذي حاقَ بهم في الدنيا بالإغراق، و ﴿أشدِّ العذاب﴾ الذي ينتظرهم في الآخرة بالإحراق؛ في عذاب مستمرٍّ يصبحون عليه ويمسون. قال رسول الله ﷺ: «إذا مات أحدُكم عُرضَ عليه مَقعدُه غُدوةً وعَشيًّا؛ إمَّا النار وإمَّا الجنَّة، فيُقال: هذا مَقعدُك حتى تُبعثَ إليه». لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصية الخالق، فمَن أطاع أحدًا بالباطل، ورضي أن يكونَ له تبَعًا، استحقَّ أن يتبعَهُ يوم القيامة إلى نار الجحيم. |
﴿قَالُوٓاْ أَوَلَمۡ تَكُ تَأۡتِيكُمۡ رُسُلُكُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِۖ قَالُواْ بَلَىٰۚ قَالُواْ فَٱدۡعُواْۗ وَمَا دُعَٰٓؤُاْ ٱلۡكَٰفِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَٰلٍ ﴾ [غافر: 50]
كما أعرضتُم أيُّها الكافرون عن الرسُل استبدادًا بآرائكم، وأضعتُم أوقات الدعاء استهانةً بربِّكم، تولَّوا اليومَ أمرَ أنفسكم، فادعُوا إن شئتم، وليس بنافعكم. كيف لا يكون دعاء الكافرين في الآخرة في ضلال، وقد عاشوا حياتهم يخبِطون خبطًا في الضلال؟! وهل الدنيا إلا مزرعةُ الآخرة؟ |
﴿ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِٱلۡكِتَٰبِ وَبِمَآ أَرۡسَلۡنَا بِهِۦ رُسُلَنَاۖ فَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ ﴾ [غافر: 70]
غرَضُ المجادلين في آيات الله ليس إحقاقَ الحقِّ وإظهاره، ولكن التكذيبَ بالكتاب والتشكيك بالحقائق. تهديدٌ عظيم من عليم قادر، فأين المهرَب من نظره، وأيُّ قدرة تقف أمام قدرته تبارك وتعالى؟ |
﴿فِي ٱلۡحَمِيمِ ثُمَّ فِي ٱلنَّارِ يُسۡجَرُونَ ﴾ [غافر: 72]
أبَوا أن يَلينوا للحقِّ وأهله، واستكبروا وجادلوا بالباطل، فكان عاقبتهم أن يُهانوا ويُذلُّوا، وأن يُسحَبوا إلى النار سحبًا، مصفَّدين مقيَّدين. ما أعظمَه من عذاب، وأسوأها من عاقبة! ولو كان للكافرين قلوبٌ يفقهون بها، أو آذانٌ يسمعون بها لما استمرُّوا على كفرهم وهذه النهايةُ البئيسة تنتظرهم. |
﴿وَيَوۡمَ يُحۡشَرُ أَعۡدَآءُ ٱللَّهِ إِلَى ٱلنَّارِ فَهُمۡ يُوزَعُونَ ﴾ [فصلت: 19]
موقفٌ تنخلع له القلوب، وتَحُلُّ فيها عنده الكروب؛ يوم يجمع الله أعداءه إلى نار جهنَّم، وتَحبِسهم زبانيتها فلا يستطيعون عند ذلك الخروجَ منها، فاللهم قِنا عذابك يوم تبعث عبادك. أعداء الله على اختلاف العصور، وتقلُّب الأزمان والدهور، اجتمعت كلمتُهم في الضلال والإفساد، فجُمعوا في النار تَحفُّهم المهانة، وتغشاهم الكآبة والندامة. |
﴿فَإِن يَصۡبِرُواْ فَٱلنَّارُ مَثۡوٗى لَّهُمۡۖ وَإِن يَسۡتَعۡتِبُواْ فَمَا هُم مِّنَ ٱلۡمُعۡتَبِينَ ﴾ [فصلت: 24]
لو صبروا على التمسُّك بأهداب الشريعة الغرَّاء، لكانت عاقبتُهم الفرَج وحُسن الجزاء، ولكنَّه الصبر الذي جزاؤه النار مثوًى وقرارًا. حكم الله نافذٌ في أهل النار أنها دارهم ومقرُّهم، لا ينفعهم الصبرُ فيها، ولا طلبُ الخروج منها، ولسان حالهم يقول: ﴿سواءٌ علينا أجَزِعنا أم صبَرنا ما لنا من مَحيص﴾ . لن يزيدهم العتاب إلا همًّا وغمًّا، وحسرةً وندامة، لا ينالون به صفحًا ولا عفوًا، فيومئذٍ لا عتاب، ولكن ثوابٌ أو عقاب. |
﴿وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِن وَلِيّٖ مِّنۢ بَعۡدِهِۦۗ وَتَرَى ٱلظَّٰلِمِينَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلۡعَذَابَ يَقُولُونَ هَلۡ إِلَىٰ مَرَدّٖ مِّن سَبِيلٖ ﴾ [الشورى: 44]
كما ترى الظالمين في الدنيا مستعلين على عباد الله قهرًا وعَسفًا، ستراهم في الآخرة أذلَّاء صاغرين، يودُّون لو يجدون إلى الفِرار سبيلا. |
﴿وَتَرَىٰهُمۡ يُعۡرَضُونَ عَلَيۡهَا خَٰشِعِينَ مِنَ ٱلذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرۡفٍ خَفِيّٖۗ وَقَالَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّ ٱلۡخَٰسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ وَأَهۡلِيهِمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ أَلَآ إِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ فِي عَذَابٖ مُّقِيمٖ ﴾ [الشورى: 45]
وصفَ الله ما يتلبَّس المستكبرين الظالمين يوم القيامة من ذلٍّ وصَغار أبلغَ وصف؛ ليكونوا عبرةً لأمثالهم في الدنيا قبل أن يصيروا إلى ما صاروا إليه. قيل قديمًا: (ما فائدةُ أن تربحَ الدنيا وتخسرَ نفسك؟)، وهل أشدُّ على المرء من خسران نفسه، ومَن كانوا سكنًا لقلبه؟! يُبدل الله المؤمنين في الآخرة أهلًا خيرًا من أهلهم، ودارًا خيرًا من دارهم، أمَّا الظالمون فما لهم من حميم ولا شفيع يُطاع. |
﴿إِنَّ ٱلۡمُجۡرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَٰلِدُونَ ﴾ [الزخرف: 74]
إن عذاب المجرمين في جهنَّمَ دائمٌ لا ينتهي، شديدٌ لا يُخفَّف، بل يُزاد، فترى الشقيَّ فيه قد استسلم له بعد يأسه، وانقطع رجاؤه عن رحمة ربِّه. |
﴿لَا يُفَتَّرُ عَنۡهُمۡ وَهُمۡ فِيهِ مُبۡلِسُونَ ﴾ [الزخرف: 75]
إن عذاب المجرمين في جهنَّمَ دائمٌ لا ينتهي، شديدٌ لا يُخفَّف، بل يُزاد، فترى الشقيَّ فيه قد استسلم له بعد يأسه، وانقطع رجاؤه عن رحمة ربِّه. |
﴿وَمَا ظَلَمۡنَٰهُمۡ وَلَٰكِن كَانُواْ هُمُ ٱلظَّٰلِمِينَ ﴾ [الزخرف: 76]
تعالى الله وتقدَّس أن يظلِمَ عبدًا من عباده! بل العبد هو من يظلم نفسه حينما يوبقها في الخطايا التي توردها دار البَوار. |
﴿وَنَادَوۡاْ يَٰمَٰلِكُ لِيَقۡضِ عَلَيۡنَا رَبُّكَۖ قَالَ إِنَّكُم مَّٰكِثُونَ ﴾ [الزخرف: 77]
يتمنَّى أهل النار أن يُجابوا لطلبهم بأن يُقضى عليهم فيموتوا، لكنهم لا يجابون إلا بما يكدِّر عليهم حالهم، ويزيد شقاءهم، فهم في عذابهم ماكثون. |
﴿لَقَدۡ جِئۡنَٰكُم بِٱلۡحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَكُمۡ لِلۡحَقِّ كَٰرِهُونَ ﴾ [الزخرف: 78]
المؤمن لا يكره حقًّا ولا يرُدُّه، ولا يقف في طريقه أو يصادمه، فلا يكره الحقَّ إلا مَن ظَلم واتَّبع هواه. كراهة المرء للحقِّ حين يخالف هواه من أعظم أسباب الشقاوة والضلال؛ فإن الهدى والهوى لا يجتمعان في قلب امرئٍ أبدًا. |
﴿إِنَّ شَجَرَتَ ٱلزَّقُّومِ ﴾ [الدخان: 43]
أشنعُ الآثام الكفرُ بالله الديَّان، فلا تعجَب بعدُ لفداحة عقوبة الأثيم، فإن عدل الله قضى أن يكونَ العذاب بمقدار الذنب. |
﴿إِنَّ هَٰذَا مَا كُنتُم بِهِۦ تَمۡتَرُونَ ﴾ [الدخان: 50]
ما أشدَّه من عذاب معنويٍّ يسمعه الكافرون وهم يصطلون في الحميم، حين يقال لهم: هذا العذاب الذي تذوقونه هو العذابُ الذي كنتم في الدنيا تكذِّبون به! |
﴿وَقِيلَ ٱلۡيَوۡمَ نَنسَىٰكُمۡ كَمَا نَسِيتُمۡ لِقَآءَ يَوۡمِكُمۡ هَٰذَا وَمَأۡوَىٰكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّٰصِرِينَ ﴾ [الجاثية: 34]
كيف يكون للكافر قَدْرٌ عند الله، وهو الذي كفر به، وصدَّ عن سبيله، وعادى أولياءه؟ قد اجتمعت على الكافرين الشدائد كلُّها، فازداد بذلك كَرْبُهم، وقُطعت رحمةُ الله عنهم، وغاب عنهم النصير والمُجير، فيا ويلَ مَن لقي الله كافرا! |
﴿وَيَوۡمَ يُعۡرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ أَذۡهَبۡتُمۡ طَيِّبَٰتِكُمۡ فِي حَيَاتِكُمُ ٱلدُّنۡيَا وَٱسۡتَمۡتَعۡتُم بِهَا فَٱلۡيَوۡمَ تُجۡزَوۡنَ عَذَابَ ٱلۡهُونِ بِمَا كُنتُمۡ تَسۡتَكۡبِرُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَبِمَا كُنتُمۡ تَفۡسُقُونَ ﴾ [الأحقاف: 20]
إن أُناسًا ألهتهم الملذَّات، وغرَّتهم الشهوات، فقضَوا أعمارهم في تحصيلها، حتى قدِموا على ربِّهم بلا عمل صالح؛ لَأناسُ سوء. مَن تذكَّر ما في الجنَّة من النعيم تقلَّل في هذه الدنيا وزهِد في كثير من متاعها؛ لئلَّا يكونَ ممَّن أذهب طيِّباته في دنياه. يتكبَّر الإنسان وينسى نفسَه، وتغيب عنه حقيقته، فيُعرض عن أوامر الله الذي خلقه وسوَّاه، ولم يكن ليوجَد لولاه سبحانه، ألا فليتواضع قبل ندمه. إن الذنوب جميعَها مُهلكة للعبد، إلا أن ذنوب القلوب أشدُّ خطرًا وأعظم ضررًا من ذنوب الجوارح. |
﴿وَيَوۡمَ يُعۡرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ أَلَيۡسَ هَٰذَا بِٱلۡحَقِّۖ قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَاۚ قَالَ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ ﴾ [الأحقاف: 34]
مَن جيَّش نفسه للانتقاص والسُّخريَّة من هذا الدين، فسيجعله الله موضعَ سُخريَّة يوم يقوم الناس لربِّ العالمين، جزاءً وِفاقا. يعاين الكفَّار يوم القيامة الحقائق، فتنقطع عنهم أسباب كلِّ شيء، فيطلقون أصواتهم مسترحمين الله جلَّ جلاله، وما ينفعهم ذلك؛ إذ لم يتَّبعوا أمره. |
﴿إِنَّ ٱللَّهَ يُدۡخِلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأۡكُلُونَ كَمَا تَأۡكُلُ ٱلۡأَنۡعَٰمُ وَٱلنَّارُ مَثۡوٗى لَّهُمۡ ﴾ [محمد: 12]
أكرِم بها من وِفادة حين يكون الله هو مَن يُدخلهم! فما أروعَه من استقبال لوفد الجنان! وما أعظمَها من حَفاوة وترحيب وإكرام! لا شُغل للأنعام في الحياة إلا الأكل والشرب والتمتُّع، وهي في غفلة عمَّا ينتظرها عند الذبح والنحر، وكذا الكافر غافلٌ عن مصيره المنتَظر. إذا تساوى الإنسانُ مع الأنعام فقد ذهبت إنسانيَّته واندثرت معالمها، فينطلق إلى متاعه وشهَواته التي لا ضابط لها ولا حارس عليها. |
﴿مَّثَلُ ٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۖ فِيهَآ أَنۡهَٰرٞ مِّن مَّآءٍ غَيۡرِ ءَاسِنٖ وَأَنۡهَٰرٞ مِّن لَّبَنٖ لَّمۡ يَتَغَيَّرۡ طَعۡمُهُۥ وَأَنۡهَٰرٞ مِّنۡ خَمۡرٖ لَّذَّةٖ لِّلشَّٰرِبِينَ وَأَنۡهَٰرٞ مِّنۡ عَسَلٖ مُّصَفّٗىۖ وَلَهُمۡ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ وَمَغۡفِرَةٞ مِّن رَّبِّهِمۡۖ كَمَنۡ هُوَ خَٰلِدٞ فِي ٱلنَّارِ وَسُقُواْ مَآءً حَمِيمٗا فَقَطَّعَ أَمۡعَآءَهُمۡ ﴾ [محمد: 15]
سيُعاين المتَّقون هذا الوعدَ يوم القيامة ماثلًا أمامهم بغرائبه وعجائبه التي لا تَخطُر على قلب بشر. هذا جانبٌ من تلك اللذَّات التي ادَّخرها الله لعباده، يصوِّرها سبحانه في تسلسل بديع لينعشَ قلوبًا حَرَّى ويُذهب ظمأها. للمؤمن في الجنان أن يتنعَّمَ بكلِّ ما يشتهي، فلا قيودَ على تلك الرغَبات، ولا حدود لتلك الملذَّات. بهذه المغفرة تَطيبُ الخواطر ويحصُل الأنس وتكتمل اللذَّة ويطرح الخوف ويزول القلق، فهم في راحة في نفوسهم وأبدانهم. يا لَسوء حال مَن كانت النارُ منزله، فهو خالد في ذلك العذاب، يتقلَّب فيه، وإن استغاث فلن يُغاث. |
﴿يَوۡمَ هُمۡ عَلَى ٱلنَّارِ يُفۡتَنُونَ ﴾ [الذاريات: 13]
ما زال المكذِّبون يعرِّضون أنفسَهم لفتنةٍ تلوَ أخرى، حتى ذاقوا الفتنةَ الكبرى التي أنسَتهُم جميعَ الفتن قبلها. |
﴿ذُوقُواْ فِتۡنَتَكُمۡ هَٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِۦ تَسۡتَعۡجِلُونَ ﴾ [الذاريات: 14]
ما زال المكذِّبون يعرِّضون أنفسَهم لفتنةٍ تلوَ أخرى، حتى ذاقوا الفتنةَ الكبرى التي أنسَتهُم جميعَ الفتن قبلها. |
﴿فَوَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ﴾ [الطور: 11]
أشدُّ الناس شقاء وخُسرانًا من ضيَّع السعادةَ الأبدية بلهوٍ باطل وخوض في الترَّهات؛ فلا هو نجحَ في دُنياه، ولا أفلحَ في أُخراه! |
﴿ٱلَّذِينَ هُمۡ فِي خَوۡضٖ يَلۡعَبُونَ ﴾ [الطور: 12]
أشدُّ الناس شقاء وخُسرانًا من ضيَّع السعادةَ الأبدية بلهوٍ باطل وخوض في الترَّهات؛ فلا هو نجحَ في دُنياه، ولا أفلحَ في أُخراه! |
﴿وَنَبِّئۡهُمۡ أَنَّ ٱلۡمَآءَ قِسۡمَةُۢ بَيۡنَهُمۡۖ كُلُّ شِرۡبٖ مُّحۡتَضَرٞ ﴾ [القمر: 28]
من لم يرضَ قسمةَ العدل، وآثر الجَورَ والظُّلم، كان لنفسه أظلم. |
﴿فَإِذَا ٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتۡ وَرۡدَةٗ كَٱلدِّهَانِ ﴾ [الرحمن: 37]
من فِعال الله العجيبة المُذهلة يومَ القيامة أن السماء تتشقَّق وتتفطَّر ويتغيَّر لونها إلى الحُمرة وتصير كالدُّهن الذائب، بعد أن كانت بُنيانًا شديدًا مُحكمًا. |
﴿يَطُوفُونَ بَيۡنَهَا وَبَيۡنَ حَمِيمٍ ءَانٖ ﴾ [الرحمن: 44]
لطالما طافَ المجرمون في الدنيا بين معصيةٍ ومعصية وحرامٍ وحرام، وها هم أولاءِ اليومَ يطوفون في الجحيم بين عذابٍ وعذاب. إن جهنَّم قريبةٌ من كلِّ جاحد عاص، وأبوابُها مُشرعةٌ لاستقبال المكذِّبين المشكِّكين، وكلَّما أُلقيَ فيها فَوجٌ منهم نادت: هل من مَزيد؟ |
﴿وَأَصۡحَٰبُ ٱلشِّمَالِ مَآ أَصۡحَٰبُ ٱلشِّمَالِ ﴾ [الواقعة: 41]
تمايزوا في الدنيا بين صالح وطالح، فمازَهُم الله في الآخرة بين ناجح في أهل اليمين فالح، وخائب في أهل الشِّمال خاسر، وما كان ربُّك ظَلومًا. |
﴿هَٰذَا نُزُلُهُمۡ يَوۡمَ ٱلدِّينِ ﴾ [الواقعة: 56]
المخالفون لمنهج الله والمارقون من هَديه أهلٌ لكلِّ تهكُّم وازدراء، فبُشراهم يومَ القيامة نزُلُ القهر والاستياء! |
﴿فَٱلۡيَوۡمَ لَا يُؤۡخَذُ مِنكُمۡ فِدۡيَةٞ وَلَا مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ مَأۡوَىٰكُمُ ٱلنَّارُۖ هِيَ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ ﴾ [الحديد: 15]
أيها المغرورُ المستكبِر، لئن اتخذتَ مالكَ فديةً لرفع ذنب اقترفتَه في الدنيا، ليوشك ألَّا يُقبلَ منك درهمٌ ولا دينارٌ تفتدي به من عذاب الجحيم! الأموالُ التي كانت تُزوَّر بها الحقائقُ وتُشترى بها الذِّممُ ستكون على أصحابها وَبالا، ولن تُغنيَ عنهم كثيرًا ولا قليلا. من لم يكُن الله مولاه يلجأُ إليه ويُقبل عليه؛ طاعةً وبِرًّا، كانت النارُ هي مَولاه؛ منزلًا ومستقرًّا، ويا بئسَ المصير. |
﴿لَّن تُغۡنِيَ عَنۡهُمۡ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡـًٔاۚ أُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ ﴾ [المجادلة: 17]
مَن صدَّ عن دين الله الحقِّ بمقال أو فِعال، أذاقه الله مُرَّ الوَبال، ولم يُغنِ عنه ما كان يستقوي به من ولدٍ ومال. |
﴿وَلَوۡلَآ أَن كَتَبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡجَلَآءَ لَعَذَّبَهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابُ ٱلنَّارِ ﴾ [الحشر: 3]
العذاب لازمٌ لليهود ومن سارَ سيرتَهُم في تكذيب الأنبياء، والكَيد للأتقياء، فإن فاتهم منه شيءٌ أصابهم منه آخَر. لئن تأخَّرَت عقوبةُ الله للمُحادِّين له ولدينه، إنه يوشكُ أن تصيبَهم عقوبةٌ أخرى، فليترقَّب المؤمنون ذلك. ما يحلُّ بأعداء الله في الدنيا من عقاب وعذاب، إنما هو عذابٌ معجَّل أهوِنْ به من عذاب، ولهم ما هو أقسى وأدهى يومَ الحساب. |
﴿فَكَانَ عَٰقِبَتَهُمَآ أَنَّهُمَا فِي ٱلنَّارِ خَٰلِدَيۡنِ فِيهَاۚ وَذَٰلِكَ جَزَٰٓؤُاْ ٱلظَّٰلِمِينَ ﴾ [الحشر: 17]
إيَّاك أن تلقيَ بسمعك للمُبطلين المفسدين، فإنهم يزيِّنون لك الباطلَ ويغرونك به، ثم لا يلبثون أن يخذلوكَ ويدَعوك تواجه مصيرَك البائس وحدَك. استوى التابعُ والمتبوعُ في الخيبة والعذاب، فلا تنفع اعتذاراتُ التابعين؛ جزاءَ ما عطَّلوا من عقولهم وأسلموا من قيادهم لأهل الفجور. |
﴿لَا يَسۡتَوِيٓ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِ وَأَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۚ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِ هُمُ ٱلۡفَآئِزُونَ ﴾ [الحشر: 20]
المؤمن والكافر يسيران في طريقين متبايِنَين لا يلتقيان أبدًا، أمَّا الأوَّلُ فيُفضي إلى رضوان الله، وأمَّا الآخَرُ فإلى مقت الله وغضبه. |
﴿وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَآ أُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِ خَٰلِدِينَ فِيهَاۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ ﴾ [التغابن: 10]
قال رسولُ الله ﷺ: «لا يدخلُ النَّارَ أحدٌ إلا أُرِيَ مقعدَه من الجنَّة لو أحسن؛ ليكونَ عليه حسرة»، فهل من غَبْنٍ أبيَنُ من هذا؟! مهما حقَّقتَ في الدنيا من فوز ونجاح، فإنَّ الفوز الأبلغَ هو أن تُزحزَحَ عن النار بمغفرة ذنوبك، وتدخلَ الجنَّةَ بفضل الله ورحمته. يا خسارةَ أهل الكفر والضَّلال؛ يخسرون النجاةَ ابتداءً، ويُغبَنون ما كان يمكنُ أن يفوزوا به؛ بذهابه إلى المؤمنين الصادقين انتهاء. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِيكُمۡ نَارٗا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُ عَلَيۡهَا مَلَٰٓئِكَةٌ غِلَاظٞ شِدَادٞ لَّا يَعۡصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمۡ وَيَفۡعَلُونَ مَا يُؤۡمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6]
وقايةُ النفس من النار بترك المنكرات، وفعل الطاعات، ووقايةُ الأهل بحملهم على فعل المبرَّات، ولزوم الصالحات. قال ابنُ عبَّاس رضي الله عنهما: (اعمَلوا بطاعة الله، واتَّقوا معاصيَ الله، وأمُروا أهليكم بالذِّكر، يُنجِكُم الله منَ النار). أوَّل جهد يبذله المؤمنُ ينبغي أن يوجَّهَ إلى بيته؛ بنُصح الأزواج وتأديب الأولاد، وبغير صلاح البيوت لا يصلح المجتمعُ ولا تنهض الأمَّة. إنَّ الموعظة بذكر النار لا يستغني عنها الدعاةُ ولا المربُّون؛ لقوَّة تأثيرها في القلوب وظهورها في السُّلوك. نهوضُ الأمَّة المسلمة سيتأخَّر طويلًا طويلًا، وسيبقى بنيانها هشًّا ضعيفًا، ما لم يبدأ كلُّ فرد مسلم بإصلاح نفسه وأهل بيته. إذا تطلَّع الشابُّ المسلم إلى إنشاء أسرة صالحة، فعليه بالزَّوجة الصالحة التقيَّة التي تُعينه على تربية أولاده على محبَّة الله ومخافته. منتهى الاحتقار والازدراء أن تكونَ أيُّها الإنسانُ والحجارةَ سواء! فإيَّاك أن تبوءَ بهذه الوَضاعة، وقد شرَّفك الله بالعقل وميَّزك بالفهم. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَا تَعۡتَذِرُواْ ٱلۡيَوۡمَۖ إِنَّمَا تُجۡزَوۡنَ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ﴾ [التحريم: 7]
كما تَدينُ تُدان، فلا تشكُ أيها المستكبرُ من عمل يديك، ولا تبكِ من جناية نفسك عليك، فإنما هي أعمالُك توفَّى إليك. ليس بعد الإنذار والإعذار، قَبولٌ لندم أو لاعتذار، فلنرجع عن الضَّلال والعصيان، قبل أن نبوءَ بالخزي والخُسران. |
﴿ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱمۡرَأَتَ نُوحٖ وَٱمۡرَأَتَ لُوطٖۖ كَانَتَا تَحۡتَ عَبۡدَيۡنِ مِنۡ عِبَادِنَا صَٰلِحَيۡنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمۡ يُغۡنِيَا عَنۡهُمَا مِنَ ٱللَّهِ شَيۡـٔٗا وَقِيلَ ٱدۡخُلَا ٱلنَّارَ مَعَ ٱلدَّٰخِلِينَ ﴾ [التحريم: 10]
لا يتَّكلنَّ أحدٌ على صلاح غيره، فكلُّ عامل وعمله، وكما لا تضرُّ المحسنَ سيِّئاتُ غيره، لا تفيد الفاجرَ حسناتُ سواه. مَن كفر بالله وخالف أمره، فإن مصيره جهنَّم مع أمثاله، لا يُغني عنه صلاحُ أبٍ ولا ابنٍ ولا قريبٍ ولا بعيد. العبرة الحقيقيَّةُ بنسَب العقيدة لا بنسَب الدم، وبالولاء للشريعة لا الولاء للأسرة والقبيلة. أبلغُ الخسران، أن يُتاحَ للمرء أسبابُ الهداية والإحسان، فيأبى إلا المروقَ والعصيان! |
﴿تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ ٱلۡغَيۡظِۖ كُلَّمَآ أُلۡقِيَ فِيهَا فَوۡجٞ سَأَلَهُمۡ خَزَنَتُهَآ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ نَذِيرٞ ﴾ [الملك: 8]
يا له من تهديد ووعيد! إن النار تكاد تتقطَّع حَنَقًا وغيظًا من الكفَّار المتكبِّرين، فإيَّاكم أن تكونوا من المُمتَرين. بلى ﴿إنَّ اللهَ لا يَظلِمُ مِثقالَ ذَرَّة﴾ ومن تمام عدله سبحانه أنه لا يعذِّب أحدًا إلا بعد إقامة الحُجَج الواضحات، والنذُر البيِّنات، وقد أَعذرَ من أنذَر. قد تَكذِبُ نفسَك وتخدعُها ما شئتَ أن تخدعَها، ولكن لا بدَّ من أن تحينَ ساعةُ الحقيقة التي لا مجالَ فيها لكذبٍ أو خديعة، وإنما هي حسرةُ الأبد! حريٌّ بمَن يصون عِرضَه في الدنيا ويَربَأُ به عن اللوم والتأنيب، أن يكونَ أشدَّ احترازًا وتوقِّيًا من أن يعرِّضَه في الآخرة للتوبيخ والتعذيب. |
﴿قَالُواْ بَلَىٰ قَدۡ جَآءَنَا نَذِيرٞ فَكَذَّبۡنَا وَقُلۡنَا مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ مِن شَيۡءٍ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا فِي ضَلَٰلٖ كَبِيرٖ ﴾ [الملك: 9]
يا له من تهديد ووعيد! إن النار تكاد تتقطَّع حَنَقًا وغيظًا من الكفَّار المتكبِّرين، فإيَّاكم أن تكونوا من المُمتَرين. بلى ﴿إنَّ اللهَ لا يَظلِمُ مِثقالَ ذَرَّة﴾ ومن تمام عدله سبحانه أنه لا يعذِّب أحدًا إلا بعد إقامة الحُجَج الواضحات، والنذُر البيِّنات، وقد أَعذرَ من أنذَر. قد تَكذِبُ نفسَك وتخدعُها ما شئتَ أن تخدعَها، ولكن لا بدَّ من أن تحينَ ساعةُ الحقيقة التي لا مجالَ فيها لكذبٍ أو خديعة، وإنما هي حسرةُ الأبد! حريٌّ بمَن يصون عِرضَه في الدنيا ويَربَأُ به عن اللوم والتأنيب، أن يكونَ أشدَّ احترازًا وتوقِّيًا من أن يعرِّضَه في الآخرة للتوبيخ والتعذيب. |
﴿وَقَالُواْ لَوۡ كُنَّا نَسۡمَعُ أَوۡ نَعۡقِلُ مَا كُنَّا فِيٓ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ ﴾ [الملك: 10]
احرِص أن تمنحَ سمعَك لكلِّ صوتِ حق، ولكلِّ واعظِ صدق؛ فإنَّ الأذنَ مفتاحُ العقل والقلب، وعساك أن تكونَ من المهتدين. بادر بالتوبة واعترف بذنوبك عسى أن يغفرَها الله لك، فيوشك أن يأتيَ يومٌ لا تُقبَل فيه توبة، ولا ينفع ندمٌ ولا اعتذار؛ ﴿هذا يَومُ لا يَنطِقُون، ولا يُؤذَنُ لهُم فيَعتَذِرُون﴾ . أعظم الجناية جنايةُ المرء على نفسه؛ حين يختار بمِلء إرادته تعطيلَ سمعه عن الحق، وتعطيلَ عقله عن الصدق! |
﴿فَٱعۡتَرَفُواْ بِذَنۢبِهِمۡ فَسُحۡقٗا لِّأَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ ﴾ [الملك: 11]
احرِص أن تمنحَ سمعَك لكلِّ صوتِ حق، ولكلِّ واعظِ صدق؛ فإنَّ الأذنَ مفتاحُ العقل والقلب، وعساك أن تكونَ من المهتدين. بادر بالتوبة واعترف بذنوبك عسى أن يغفرَها الله لك، فيوشك أن يأتيَ يومٌ لا تُقبَل فيه توبة، ولا ينفع ندمٌ ولا اعتذار؛ ﴿هذا يَومُ لا يَنطِقُون، ولا يُؤذَنُ لهُم فيَعتَذِرُون﴾ . أعظم الجناية جنايةُ المرء على نفسه؛ حين يختار بمِلء إرادته تعطيلَ سمعه عن الحق، وتعطيلَ عقله عن الصدق! |
﴿إِلَّا بَلَٰغٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَٰلَٰتِهِۦۚ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ لَهُۥ نَارَ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا ﴾ [الجن: 23]
يتجلَّى في هذا القول كمالُ العبوديَّة لله تعالى؛ بالإقرار بالعَجز التامِّ، وأنه لا حولَ ولا قوَّةَ لأحدٍ إلا بالله العليِّ العظيم. إذا كان رسولُ الله ﷺ سيِّدُ الأوَّلين والآخرين، وأحبُّ الخلق إلى ربِّ العالمين، لا يملكُ لأحدٍ نفعًا ولا ضرًّا، ولا يمنع نفسَه من الله، فكيف بغيره من البشَر؟! لا تشغَل نفسَك أيها الداعيةُ بالخَلق؛ فإنما أنت مبلِّغٌ عن ربِّك، فانصح لأمَّتك بصدق وإخلاص، ودَعك من سوى ذلك؛ فإنك لا تملك لهم شيئًا. |
﴿سَأُصۡلِيهِ سَقَرَ ﴾ [المدثر: 26]
عن ابن عبَّاسٍ قال: ( ﴿لا تُبقي﴾ إذا أخذَت فيهم لم تُبقِ منهم شيئًا، وإذا بدَّلوا جلدًا جديدًا لم تذَر أن تُبادرَهم سبيلَ العذاب الأوَّل). مَن بلغ في الجحود الغايةَ استحقَّ من العذاب أشدَّه، ومن النَّكال آلمَه؛ جزاءَ استكباره، وكِفاءَ إعراضه، بعد إقامة الحُجَّة وبيان الحقِّ. |
﴿لِمَن شَآءَ مِنكُمۡ أَن يَتَقَدَّمَ أَوۡ يَتَأَخَّرَ ﴾ [المدثر: 37]
بيَّن الله هولَ النار وعِظَم شرِّها؛ إنذارًا للخَلق وتخويفًا، فمَن اتَّقاها بفعل الطاعات نجا، ومن أقام على المعاصي صَلِيَ حرَّها. لا وقوفَ بحالٍ من الأحوال، فإمَّا أن تكونَ مع المتقدِّمين في الصَّلاح والتقوى، وإمَّا مع المتقهقرين الناكِصين، فاختَر لنفسك. |
﴿إِنَّآ أَعۡتَدۡنَا لِلۡكَٰفِرِينَ سَلَٰسِلَاْ وَأَغۡلَٰلٗا وَسَعِيرًا ﴾ [الإنسان: 4]
إنه إنذارٌ ووَعيدٌ لا هوادةَ فيه لكلِّ مَن اختار الغَوايةَ طريقًا بدل العبوديَّة والشُّكر؛ ﴿وما رَبُّكَ بظَلَّامٍ للعَبِيد﴾ . |
﴿إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتۡ مِرۡصَادٗا ﴾ [النبأ: 21]
لا يَضيقنَّ صدرُك بالكفَّار والظَّلَمة وقد طال إمهالُ الله لهم؛ إذ هم إلى قدَرٍ محتَّم ماضون، تكون فيه جهنَّمُ مأوًى لهم ومقامًا. |
﴿فَذُوقُواْ فَلَن نَّزِيدَكُمۡ إِلَّا عَذَابًا ﴾ [النبأ: 30]
عن عبد الله بن عَمرو رضي الله عنه قال: (ما نزلَت على أهل النار آيةٌ قطُّ أشدُّ منها؛ فهم في مزيدٍ من عذاب الله أبدًا). |
﴿وَيۡلٞ لِّلۡمُطَفِّفِينَ ﴾ [المطففين: 1]
هذا وعيدٌ شديدٌ لكلِّ من يغُشُّ الناسَ بالشيء الطَّفيف اليَسير؛ جشعًا وطمعًا، وخسَّة ودناءة، فما بالكُم بالشيء الكثير؟! إذا كان هذا الوعيدُ للذين يبخَسون الناسَ بالمِكيال والميزان، فما حالُ من يقهر الضعفاءَ على أموالهم قهرًا، ويسلبها منهم سلبًا؟ تأمَّل يا رعاكَ الله هذا التهديدَ العظيم فإنه يشمل مَن يطفِّف في حبَّات قمحٍ وذُرة، فكيف بمَن يطفِّفون في حقوق زوجاتهم وقد أخذنَ منهم ميثاقًا غليظًا؟! |
﴿ثُمَّ إِنَّهُمۡ لَصَالُواْ ٱلۡجَحِيمِ ﴾ [المطففين: 16]
ماذا ينتظر المُعرضونَ عن الله ودينه إلَّا أن يكونَ مصيرَهم الجحيم؟ هلَّا ارعَوَوا من قبلُ واتَّبعوا سبيل الرَّشاد! |
﴿ثُمَّ يُقَالُ هَٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ ﴾ [المطففين: 17]
ماذا ينتظر المُعرضونَ عن الله ودينه إلَّا أن يكونَ مصيرَهم الجحيم؟ هلَّا ارعَوَوا من قبلُ واتَّبعوا سبيل الرَّشاد! |
﴿فَسَوۡفَ يَدۡعُواْ ثُبُورٗا ﴾ [الانشقاق: 11]
لمَّا جعلوا كتابَ الله وراء ظهورهم في الدنيا، مُعرضينَ عن هديه، مُتعامينَ عن نوره، تسلَّموا كتبَ أعمالهم من وراء ظهورهم في الآخرة؛ جزاء وِفاقًا. أشدُّ حالات اليأس والخيبة والقُنوط حين يدعو المرءُ على نفسِه بالمزيد من الويل والهلاك، وهو يتمرَّغ في حَمأة الهلاك، نعوذ بالله من حال أهل النَّار! |
﴿وَيَصۡلَىٰ سَعِيرًا ﴾ [الانشقاق: 12]
لمَّا جعلوا كتابَ الله وراء ظهورهم في الدنيا، مُعرضينَ عن هديه، مُتعامينَ عن نوره، تسلَّموا كتبَ أعمالهم من وراء ظهورهم في الآخرة؛ جزاء وِفاقًا. أشدُّ حالات اليأس والخيبة والقُنوط حين يدعو المرءُ على نفسِه بالمزيد من الويل والهلاك، وهو يتمرَّغ في حَمأة الهلاك، نعوذ بالله من حال أهل النَّار! |
﴿عَلَيۡهِمۡ نَارٞ مُّؤۡصَدَةُۢ ﴾ [البلد: 20]
إذا كان الإنسانُ في شدَّة الحرِّ لا يُطيق البقاءَ في مكانٍ مغلقٍ بلا تكييف بضعَ دقائق، فكيف يتحمَّل نارًا شديدة الحرِّ، لا سبيلَ إلى الخروج منها؟ |
﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمۡ شَرُّ ٱلۡبَرِيَّةِ ﴾ [البينة: 6]
اعلم أن وعيدَ علماء السُّوء أعظمُ من وعيد كلِّ أحد؛ لأنَّ الجحود والكِبْر مع العلم يجعله كفرَ عناد، فيكون أقبحَ وأشنع، وكذلك الضَّلال على علم. |
﴿نَارٌ حَامِيَةُۢ ﴾ [القارعة: 11]
إنَّ نار الدنيا إذا انتشرَت في مكانٍ لم تذَرهُ إلَّا كالرَّميم، فما بالك بنارٍ أكل بعضُها بعضًا حتى اشتكت إلى ربِّها؟! أرأيتَ إلى نار الدنيا التي تخشاها وتتَّقي حرَّها، ما هي إلا جزءٌ من سبعين جزءًا من نار الآخرة، فأيُّهما أَولى بالاتِّقاء؟! |
﴿وَيۡلٞ لِّكُلِّ هُمَزَةٖ لُّمَزَةٍ ﴾ [الهمزة: 1]
ليس المسلم بلعَّانٍ ولا طعَّانٍ ولا فاحشٍ ولا بَذيء، فلا يسخَرُ من الآخرين في حضرتهم ولا في غَيبتهم، ولا يؤذي أحدًا من خلق الله تعالى. هذا تهديدٌ ووعيدٌ لمَن أطلق العِنانَ للسانه في ذمِّ الناس وتتبُّع عَوراتهم، هلَّا اشتغل بعيوب نفسِه عن عيوبهم! |
﴿ٱلَّذِي جَمَعَ مَالٗا وَعَدَّدَهُۥ ﴾ [الهمزة: 2]
حبُّ المال والاستكثار منه يُفضي إلى الضنِّ به والإمساك عن إنفاقه، وعدم المبالاة بجمعه من حلالٍ أو حرام! فإيَّاك أن تسمحَ له بالتسرُّب إلى فؤادك. قال محمَّد بن كعب القُرَظي: ( ﴿الذي جمعَ مالًا وعدَّدَه﴾ ؛ ألهاه مالُه بالنهار يجمع هذا إلى هذا، فإذا كان الليلُ نام كأنه جيفةٌ مُنتِنة، فمتى يقوم بحقِّ الله عليه)؟ |
﴿يَحۡسَبُ أَنَّ مَالَهُۥٓ أَخۡلَدَهُۥ ﴾ [الهمزة: 3]
من علامات الغفلة أن يتوهَّمَ المرء أنَّ ماله هو الذي يُبقيه عزيزًا في قومه ذا مكانة رفيعة. ولو عَقَل لأدرك أنَّ المال بلا أخلاقٍ كالجسد بلا روح. |
﴿كـَلَّاۖ لَيُنۢبَذَنَّ فِي ٱلۡحُطَمَةِ ﴾ [الهمزة: 4]
لمَّا كان الغرور والكِبْر هما الدافعَ إلى السُّخريَّة والاستهزاء كان الجزاء من جنس العمل؛ طرحٌ عنيف يَحطِمُ أضلاعَ الساخرين وأطرافَهم، ويُذلُّهم إذلالًا. |
﴿وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا ٱلۡحُطَمَةُ ﴾ [الهمزة: 5]
إنها نارُ الله الموقَدةُ للعذاب، المخلوقةُ للانتقام والعقاب، نارٌ فذَّة لا نظيرَ لها، ولا شبيهَ للهَبِها، شديدةُ السَّعير، لا تَخمُد أبدًا. |
﴿نَارُ ٱللَّهِ ٱلۡمُوقَدَةُ ﴾ [الهمزة: 6]
إنها نارُ الله الموقَدةُ للعذاب، المخلوقةُ للانتقام والعقاب، نارٌ فذَّة لا نظيرَ لها، ولا شبيهَ للهَبِها، شديدةُ السَّعير، لا تَخمُد أبدًا. |
﴿فِي عَمَدٖ مُّمَدَّدَةِۭ ﴾ [الهمزة: 9]
ألا تعتبِرُ أيها المسلمُ بهذا المشهَد المُفزع من مشاهد القيامة؛ يوم تُطبِق النارُ على المتجبِّرين وتغلَّق عليهم أبوابُها، لا مَنجى لهم منها ولا خلاص؟! |
﴿تَبَّتۡ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ ﴾ [المسد: 1]
لا ينفع المرءَ إلَّا عمله، ومن بطَّأ به عملُه لم يُسرع به نسبُه، ولنا في أبي لهَبٍ عبرة. |
﴿مَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُ مَالُهُۥ وَمَا كَسَبَ ﴾ [المسد: 2]
في هذه الآية معجزةٌ لنبيِّنا ﷺ، فقد قطع القرآنُ بهلاك أبي لهَب، ولو أنَّه أظهر الإسلامَ ولو مصانعةً لكذَّبَه، ولكنَّه صدَّق القُرآن، بثباته على الكُفران. سنَّة الله ماضيةٌ في الذين ظلموا؛ في الدنيا تَبابٌ وخُسران، وفي الآخرة جحيمٌ ونيران، أعاذنا الله من الخِذلان. |
﴿سَيَصۡلَىٰ نَارٗا ذَاتَ لَهَبٖ ﴾ [المسد: 3]
في هذه الآية معجزةٌ لنبيِّنا ﷺ، فقد قطع القرآنُ بهلاك أبي لهَب، ولو أنَّه أظهر الإسلامَ ولو مصانعةً لكذَّبَه، ولكنَّه صدَّق القُرآن، بثباته على الكُفران. سنَّة الله ماضيةٌ في الذين ظلموا؛ في الدنيا تَبابٌ وخُسران، وفي الآخرة جحيمٌ ونيران، أعاذنا الله من الخِذلان. |
مواضيع أخرى في القرآن الكريم
مخالفة الفعل للقول الكبائر الاستخلاف اسم الله الخبير تابوت السكينة إله الناس الحطمة بئس القرار الكلام بغير علم الفرق بين المؤمن والكافر
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Friday, December 27, 2024
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب