حديث: عن اعتزال النساء في المحيض إلا النكاح

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (٢٢٢)﴾

عن أنس أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم، لم يؤاكلوها ولم يجامعوهن في البيوت، فسأل أصحاب النبي ﷺ، فأنزل اللَّه تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ﴾ إلى آخر الآية، فقال رسول اللَّه ﷺ: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح» فبلغ ذلك اليهود فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئًا إلا خالفنا فيه، فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر فقالا: يا رسول اللَّه! إن اليهود تقول كذا وكذا، أفلا نجامعهن؟ فتغير وجه رسول اللَّه ﷺ حتى ظننا أن قد وجد عليهما، فخرجا فاستقبلهما هدية من لبن إلى النبي ﷺ، فأرسل في آثارهما، فسقاهما، فعرفا أن لم يجد عليهما.

صحيح: رواه مسلم في الحيض (٣٠٢) عن زهير بن حرب، حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدّثنا حماد بن سلمة، حدّثنا ثابت، عن أنس فذكره.

عن أنس أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم، لم يؤاكلوها ولم يجامعوهن في البيوت، فسأل أصحاب النبي ﷺ، فأنزل اللَّه تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ﴾ إلى آخر الآية، فقال رسول اللَّه ﷺ: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح» فبلغ ذلك اليهود فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئًا إلا خالفنا فيه، فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر فقالا: يا رسول اللَّه! إن اليهود تقول كذا وكذا، أفلا نجامعهن؟ فتغير وجه رسول اللَّه ﷺ حتى ظننا أن قد وجد عليهما، فخرجا فاستقبلهما هدية من لبن إلى النبي ﷺ، فأرسل في آثارهما، فسقاهما، فعرفا أن لم يجد عليهما.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أهلاً بك أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يفتح علينا أبواب فهم سنّة نبيه ﷺ. هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه وغيره، يحوي تشريعاً ربانيّاً عظيماً ويُظهر سماحة الإسلام واعتداله. سأشرحه لك جزءاً جزءاً بحول الله وقوته.

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● حاضت المرأة: أي نزل منها دم الحيض.
● لم يؤاكلوها: كانوا لا يأكلون معها في إناء واحد.
● لم يجامعوهن في البيوت: كانوا لا يساكنوهن ولا يجامعوهن جنسياً، بل يعزلونهن كلياً.
● فبلغ ذلك اليهود: وصل خبر قول النبي ﷺ وأمره إلى اليهود.
● ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئًا إلا خالفنا فيه: تعبير عن استنكار اليهود لمخالفة النبي ﷺ لشريعتهم المتشددة.
● فتغير وجه رسول اللَّه ﷺ: ظهر عليه علامات الغضب والانزعاج.
● حتى ظننا أن قد وجد عليهما: ظن الصحابة أن النبي غاضب على أسيد وعباد لسؤالهما.
● هدية من لبن: إهداء من حليب.
● فأرسل في آثارهما: أرسل من يلحق بهما ويردهما.
● فسقاهما: قدم لهما اللبن ليشرباه.
● فعرفا أن لم يجد عليهما: أي تأكدا أن النبي ﷺ لم يغضب عليهما.


ثانياً. شرح الحديث بإيجاز:


يخبرنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن اليهود في الجاهلية كانوا إذا حاضت المرأة عندهم، يعاملونها معاملة قاسية، فيعزلوها كلياً، فلا يأكلون معها ولا يخالطونها في البيوت، بل يتجنبونها كأنها نجسة متجنبة.
فلما جاء الإسلام، سأل أصحاب النبي ﷺ عن حكم التعامل مع المرأة أثناء الحيض، خاصة في ما يتعلق بالجماع، فأنزل الله تعالى الآية الكريمة من سورة البقرة: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222].
فبينت الآية أن الحيض أذى، وأمرت باعتزال النساء فيه، والمقصود بالاعتزال هو اعتزال الجماع فقط، لا مقاطعتهن كلياً كما كان يفعل اليهود.
ثم فصّل النبي ﷺ هذا الحكم بقوله: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح»، أي: أبيح للزوج أن يتمتع بزوجته في فترة حيضها بكل شيء ما عدا الجماع نفسه، فيجوز أن ينام معها في فراش واحد، ويأكل ويشرب معها، ويقبلها ويعانقها، وغير ذلك من دواعي المودة والرحمة.
فلما سمع اليهود بهذا الحكم، استنكروه واستغربوه، وقالوا: "ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه"، تعليقاً يستدل على عنادهم وحسدهم.
فبلغ هذا الكلام الصحابيين الجليلين أسيد بن حضير وعباد بن بشر رضي الله عنهما، فذهبا إلى النبي ﷺ وسألاه: "يا رسول الله! إن اليهود تقول كذا وكذا، أفلا نجامعهن؟"، أي: ألا نجامعهن جماعاً كاملاً رداً على اليهود وإظهاراً لمخالفتهم؟
هنا تغير وجه رسول الله ﷺ غضباً، لأن سؤالهما توحي بالاستخفاف بالحكم الشرعي والرغبة في مخالفة اليهود فقط دون التقيد بما أمر الله، فكأنهما يريدان أن يفعلا الحرام لمجرد المخالفة.
فظن الصحابة أن النبي غاضب عليهما، فخرجا من عنده مهمومين، ولكن النبي ﷺ الذي جمع بين الحكمة والرحمة، أرسل في أثرهما وقدّم لهما هدية من اللبن، فسقاهما بيده الكريمة، ليطمئناهما أنه لم يغضب عليهما شخصياً، بل أنكر عليهما سوء فهمهما للشريعة.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- سماحة الإسلام واعتداله: الإسلام جاء باليسر ورفع الحرج، ولم يأت بالتشديد والتعسير كما عند بعض الأمم السابقة. فالمباح هو كل شيء ما عدا الجماع المباشر.
2- الفرق بين التشريع الإسلامي وغيره: تشريعنا مبنى على التيسير والتكريم للمرأة، بخلاف ما كان عليه اليهود من تحقير للمرأة في فترة الحيض.
3- تحريم الجماع أثناء الحيض: وهو حرام بإجماع العلماء، لقول الله تعالى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ}، ولقوله ﷺ: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح».
4- جواز الاستمتاع بغير الجماع: يجوز للزوج أن يستمتع بزوجته أثناء الحيض بما دون الفرج، كالقبلة واللمس والمعانقة، وهذا من رحمة الإسلام وتكريمه للعلاقة الزوجية.
5- عدم جواز مخالفة الشرع لأجل المخالفة: لا يجوز للمسلم أن يفعل الحرام لمجرد مخالفة
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الحيض (٣٠٢) عن زهير بن حرب، حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدّثنا حماد بن سلمة، حدّثنا ثابت، عن أنس فذكره.
وقوله: «ولم يجامعوهن في البيوت» أي لم يخالطوهن في البيوت، بل أخرجوهن إلى غرفة منعزلة.
وقوله: «المحيض» الأول: دم الحيض، والثاني: زمن الحيض.
وقوله: «إلا النكاح» أي الجماع.
وقوله: «قد وجد عليهما» أي غضبا عليهما.
وقوله: «لم يجد عليهما» أي لم يغضب عليهما.
وروي عن عكرمة قال: كان أهل الجاهلية يصنعون في الحائض نحوا من صنيع المجوس،
فذكر ذلك للنبي ﷺ فنزلت: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (٢٢٢) فلم يزد الأمر فيهن إلا شدة. رواه الدارمي (١١٦٧) بإسناده عن عكرمة، وهو مرسل.
وروي أيضًا عن مجاهد أنه قال: كانوا يجتنبون النساء في المحيض، ويأتونهن في أدبارهن، فسألوا رسول اللَّه ﷺ عن ذلك فأنزل اللَّه تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (٢٢٢) وقال: في الفرج ولا تعدوه. رواه الدارمي (١١٨٤) بإسناده عنه.
انظر بقية الأحاديث في الطهارة والنكاح.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 143 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: عن اعتزال النساء في المحيض إلا النكاح

  • 📜 حديث: عن اعتزال النساء في المحيض إلا النكاح

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: عن اعتزال النساء في المحيض إلا النكاح

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: عن اعتزال النساء في المحيض إلا النكاح

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: عن اعتزال النساء في المحيض إلا النكاح

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب