حديث: عائشة تبكي في الحج ويقول لها النبي افعلي ما يفعل الحاج

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب أمر النبيّ ﷺ بمكة بفسخ الحجّ لمن لم يكن معه الهدي

عن عائشة، قالت: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ لا نَذْكُرُ إِلا الْحَجَّ حَتَّى جِئْنَا سَرِفَ فَطَمِثْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَأَنَا أَبْكِي! فَقَالَ: «مَا يُبْكِيكِ؟» فَقُلْتُ: وَاللهِ، لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ خَرَجْتُ الْعَامَ، قَالَ: «مَا لَكِ لَعَلَّكِ نَفِسْتِ؟». قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي» قَالَتْ: فَلَمَّا قَدِمْتُ مَكَّةَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لأَصْحَابِهِ: «اجْعَلُوهَا عُمْرَةً». فَأَحَلَّ النَّاسُ إِلا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ.

صحيح: رواه مسلم في الحج (١٢١١: ١٢٠) من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، فذكرته.

عن عائشة، قالت: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ لا نَذْكُرُ إِلا الْحَجَّ حَتَّى جِئْنَا سَرِفَ فَطَمِثْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَأَنَا أَبْكِي! فَقَالَ: «مَا يُبْكِيكِ؟» فَقُلْتُ: وَاللهِ، لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ خَرَجْتُ الْعَامَ، قَالَ: «مَا لَكِ لَعَلَّكِ نَفِسْتِ؟». قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي» قَالَتْ: فَلَمَّا قَدِمْتُ مَكَّةَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لأَصْحَابِهِ: «اجْعَلُوهَا عُمْرَةً». فَأَحَلَّ النَّاسُ إِلا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث النبوي الشريف الذي رواه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:

الحديث:


عن عائشة، قالت: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ لا نَذْكُرُ إِلا الْحَجَّ حَتَّى جِئْنَا سَرِفَ فَطَمِثْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَأَنَا أَبْكِي! فَقَالَ: «مَا يُبْكِيكِ؟» فَقُلْتُ: وَاللهِ، لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ خَرَجْتُ الْعَامَ، قَالَ: «مَا لَكِ لَعَلَّكِ نَفِسْتِ؟». قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي» قَالَتْ: فَلَمَّا قَدِمْتُ مَكَّةَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لأَصْحَابِهِ: «اجْعَلُوهَا عُمْرَةً». فَأَحَلَّ النَّاسُ إِلا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ.

1. شرح المفردات:


● سَرِف: موضع قريب من مكة على بعد نحو عشرين كيلومتراً.
● طَمِثْتُ: أي حاضت، جاءتْها الدورة الشهرية.
● نَفِسْتِ: أي حاضت، من النفاس وهو الدم الذي يخرج من المرأة بعد الولادة، ويطلق أيضاً على الحيض.
● كَتَبَهُ اللهُ: أي قضاه وقدره.
● افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ: أي جميع مناسك الحج ما عدا الطواف.
● اجْعَلُوهَا عُمْرَةً: أي حولوا حجكم إلى عمرة.
● أَحَلَّ النَّاسُ: أي حلوا من إحرامهم وأصبحوا في حِلّ.

2. شرح الحديث:


يحدثنا هذا الحديث عن قصة مهمة وقعت لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في حجة الوداع، وهي من الأحداث التي شرعت لأجلها أحكام مهمة تتعلق بالمرأة في الحج.
السياق:
خرج النبي صلى الله عليه وسلم لأداء حجة الوداع ومعه أم المؤمنين عائشة، وكانت نية الجميع هي الحج فقط (أي إحراموا بالحج مفردين). وعندما وصلوا إلى مكان يسمى "سَرِف" قرب مكة، حاضت السيدة عائشة، فحزنَت وبكت بشدة لأنها ظنت أن هذا سيحرمها من أداء فريضة الحج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
موقف النبي صلى الله عليه وسلم:
- دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم ورأها تبكي، فسألها بلطف عن سبب بكائها.
- عبرت عن حزنها الشديد وتمنت أنها لم تخرج ذلك العام.
- أدرك صلى الله عليه وسلم سبب حزنها فسألها: «لَعَلَّكِ نَفِسْتِ؟» فأكدت ذلك.
- هنا جاءت البشرى والتيسير من النبي صلى الله عليه وسلم، حيث طمأنها بأن هذا أمر كتبه الله على بنات آديم، أي أنه قدر إلهي وليس ذنباً منها.
- ثم بين لها الحكم الشرعي: أن تفعل كل ما يفعله الحاج من مناسك (كالوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ومنى ورمي الجمار وغير ذلك) ما عدا الطواف بالبيت، فلا يجوز لها أن تطوف حتى تطهر من الحيض وتغتسل.
التطور المهم في القصة:
عندما قدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة، أمر أصحابه الذين لم يسوقوا الهدي (أي لم يقدموا أضحية) أن يحولوا إحرامهم من حج إلى عمرة (وهذا ما يسمى بـ "التمتع")، فيطوفوا ويسعوا ويقصرروا ويحلوا من إحرامهم تماماً حتى يوم التروية (الثامن من ذي الحجة). أما من ساق الهدي معه فبقي على إحرامه. وهذا الحكم شمل الجميع، وبالتالي شمل السيدة عائشة، فأصبح حجها عمرة، وحلت من إحرامها، وعندما طهرت لاحقاً، طافت وسعت لحجها.

3. الدروس المستفادة منه:


1- اليسر ورفع الحرج في الشريعة الإسلامية: الموقف يظهر كيف أن الشريعة الإسلامية جاءت بما ييسر على الناس ولا يعسر عليهم، خاصة في حالات القوة القاهرة مثل الحيض.
2- التسليم لقضاء الله وقدره: توجيه النبي صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة بأن الحيض أمر كتبه الله على النساء يعلمنا to accept divine decree with patience and contentment.
3- أحكام الحيض في الحج: يستفاد من الحديث جملة من الأحكام الفقهية المهمة:
- الجواز للمرأة أن تحرم بالحج وهي خائفة من الحيض.
- إذا حاضت المرأة قبل الإحرام، فإنها لا تحرم حتى تطهر.
- إذا حاضت بعد الإحرام، فإنها تستمر في جميع مناسك الحج ما عدا الطواف بالبيت، فلا تطوف حتى تطهر وتغتسل.
- مشروعية البكاء على فوات الطاعة، مع وجوب الرضا بقضاء الله.
4- مشروعية التمتع في الحج: الحديث أصل في بيان صورة من صور النسك وهي التمتع (الإحرام بالعمرة في أشهر الحج ثم التحلل منها، ثم الإحرام
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الحج (١٢١١: ١٢٠) من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، فذكرته. ثم ساق مسلم حديث حماد، عن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عائشة، قالت: لبينا بالحج، حتى إذا كنا بسرف حضتُ، فدخل عليَّ رسول الله ﷺ وأنا أبكي«وساق الحديث بنحو حديث الماجشون.
فتبين من هذا أن حديث حماد لا يخالف حديث الماجشون في فسخ الحجّ إلى العمرة.
ولكن رواه أبو داود (١٧٨٢) عن أبي سلمة موسي بن إسماعيل، ثنا حماد، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، أنها قالت: لبّينا بالحجّ حتى إذا كنا بسرف حضتُ، فدخل عليَّ رسول الله ﷺ وأنا أبكي، فقال: «ما يبكيك؟ يا عائشة!». قلت: حضتُ، ليتني لم أكن حججت. فقال: «سبحان الله! ! إنما ذلك شيء كتبه الله على بنات آدم». فقال: «انسكي المناسك كلّها غير
أنّ لا تطوفي بالبيت». فلما دخلنا مكة، قال رسول الله ﷺ: «من شاء أن يجعلها عمرة فليجعلها عمرة، إلّا من كان معه الهدي».
فهذا التخيير الذي في حديث حماد (هو ابن سلمة) فيه نكارة لأنّ الصحيح أنّ التخيير وقع في ذي الحليفة أما في سرف فإما الترغيب وإما الجزم، ويدل عليه أنّ مسلمًا قال بعد ما ساقه من حديث حماد: «بنحو الماجشون» وفي حديث الماجشون الجزم بفسخ الحج إلى العمرة في قوله ﷺ: «اجعلوها عمرة».
فإمّا أن يكون حماد بن سلمة قد روي عن وجهين، فوهم في أحدهما، أو من روى عنه أخطأ عليه.
ولحماد بن سلمة إسناد آخر رواه عن حميد، عن بكر بن عبد الله، عن ابن عمر، أنه قال: قدم رسول الله ﷺ مكة وأصحابه ملبين بالحجّ فقال رسول الله ﷺ: «من شاء أن يجعلها عمرة إلا من كان معه الهدي».
رواه الإمام أحمد (٤٨٢٢) عن روح وعفان، قالا: حدّثنا حماد بن سلمة، فذكره، مطوّلًا. وظاهر إسناده صحيح.
ورواه الإمام أحمد من ثلاثة أوجه أخرى عن حميد وهو ابن أبي حميد الطويل، عن بكر وهو ابن عبد الله المزني، عن ابن عمر، فكلّهم خالفوا حمادًا في قوله: «من شاء».
ومن هذه الأوجه الثلاثة:
الوجه الأول: يزيد بن هارون، عن حميد، بإسناده، قال بكر: قلت لابن عمر: إنّ أنسًا حدّثنا أن النبيّ ﷺ أهلّ بعمرة وحجّ، فقال: وهل أنسي، إنما أهلذ رسول الله ﷺ بالحجّ وأهللنا معه، فلما قدم قال: «من لم يكن معه هدي فليجعلها عمرة» وكان مع النبيّ ﷺ هدي فلم يحل.
ومن هذا الطريق رواه الإمام أحمد (٤٩٩٦).
والوجه الثاني: سهل بن يوسف، عن حميد، بإسناده نحوه.
ومن هذا الطريق رواه أيضًا الإمام أحمد (٥١٤٧).
والوجه الثالث: محمد بن أبي عدي، عن حميد بإسناده نحوه.
ومن هذا الطريق رواه أيضًا الإمام أحمد (٥٥٠٩).
فهؤلاء الثلاثة كلّهم ثقات قد خالفوا حمادًا في قوله: «من شاء».
فالظاهر أنّ الخطأ فيه يعود إلى حماد بن سلمة؛ لأنه تغيّر حفظه بآخرة فلا يقبل منه إذا خالف الثقات. ومن طريق حميد، عن بكر مخرّج في الصحيحين ولم يذكر فيه: «من شاء».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 199 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: عائشة تبكي في الحج ويقول لها النبي افعلي ما يفعل الحاج

  • 📜 حديث: عائشة تبكي في الحج ويقول لها النبي افعلي ما يفعل الحاج

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: عائشة تبكي في الحج ويقول لها النبي افعلي ما يفعل الحاج

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: عائشة تبكي في الحج ويقول لها النبي افعلي ما يفعل الحاج

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: عائشة تبكي في الحج ويقول لها النبي افعلي ما يفعل الحاج

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب