حديث: قَدِمَ النَّبِيُّ وَأَصْحَابُهُ صُبْحَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب أمر النبيّ ﷺ بمكة بفسخ الحجّ لمن لم يكن معه الهدي

عن جابر، قال: قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ وَأَصْحَابُهُ صُبْحَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مُهِلِّينَ
بِالْحَجِّ لا يَخْلِطُهُمْ شَيْءٌ، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَنَا فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً وَأَنْ نَحِلَّ إِلَى نِسَائِنَا فَفَشَتْ فِي ذَلِكَ الْقَالَةُ.
قَالَ عَطَاءٌ فَقَالَ جَابِرٌ: فَيَرُوحُ أَحَدُنَا إِلَى مِنًى وَذَكَرُهُ يَقْطُرُ مَنِيًّا! فَقَالَ جَابِرٌ بِكَفِّهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ، فَقَامَ خَطِيبًا، فَقَالَ: «بَلَغَنِي أَنَّ أَقْوَامًا يَقُولُونَ كَذَا وَكَذَا وَاللَّهِ! لَأَنَا أَبَرُّ وَأَتْقَى لِلَّهِ مِنْهُمْ، وَلَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ، وَلَوْلا أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ لأَحْلَلْتُ».
فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هِيَ لَنَا أَوْ لِلأَبَدِ؟ فَقَال: «لا بَلْ لِلأَبَدِ».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الحجّ (٢٥٠٥) عن أبي النعمان، حدّثنا حمّاد بن زيد، أخبرنا عبد الملك بن جريج، عن عطاء، عن جابر، فذكره.

عن جابر، قال: قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ وَأَصْحَابُهُ صُبْحَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مُهِلِّينَ
بِالْحَجِّ لا يَخْلِطُهُمْ شَيْءٌ، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَنَا فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً وَأَنْ نَحِلَّ إِلَى نِسَائِنَا فَفَشَتْ فِي ذَلِكَ الْقَالَةُ.
قَالَ عَطَاءٌ فَقَالَ جَابِرٌ: فَيَرُوحُ أَحَدُنَا إِلَى مِنًى وَذَكَرُهُ يَقْطُرُ مَنِيًّا! فَقَالَ جَابِرٌ بِكَفِّهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ، فَقَامَ خَطِيبًا، فَقَالَ: «بَلَغَنِي أَنَّ أَقْوَامًا يَقُولُونَ كَذَا وَكَذَا وَاللَّهِ! لَأَنَا أَبَرُّ وَأَتْقَى لِلَّهِ مِنْهُمْ، وَلَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ، وَلَوْلا أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ لأَحْلَلْتُ».
فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هِيَ لَنَا أَوْ لِلأَبَدِ؟ فَقَال: «لا بَلْ لِلأَبَدِ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أما بعد، فإني أسعد بشرح هذا الحديث النبوي الشريف الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وهو من الأحاديث العظيمة التي تتعلق بمناسك الحج والعمرة، وبيان سماحة الشريعة الإسلامية ومرونتها.

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● قَدِمَ: وصل وأتى.
● صُبْحَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ: فجر اليوم الرابع من شهر ذي الحجة.
● مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ: ملبين بالحج، أي دخلوا في الإحرام للحج.
● لا يَخْلِطُهُمْ شَيْءٌ: لم يخلطوا حجهم بعمرة، أي كانوا قارنين بين الحج والعمرة أو مفردين للحج.
● فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً: حول النبي صلى الله عليه وسلم نسكهم من الحج إلى العمرة.
● أَنْ نَحِلَّ إِلَى نِسَائِنَا: أن نحل من إحرامنا، أي نحرم مما يحل للمحرم، ومنه الجماع.
● فَفَشَتْ فِي ذَلِكَ الْقَالَةُ: انتشرت في ذلك الكلام والقول (أي تكلم الناس في ذلك واستنكروه).
● يَقْطُرُ مَنِيًّا: كناية عن الجماع، أي أن أحدهم يذهب إلى أهله ويجامعهم.
● بِكَفِّهِ: أشار بيده تصويراً للحال.
● لَأَنَا أَبَرُّ وَأَتْقَى لِلَّهِ مِنْهُمْ: أنا أبر وأخشى لله منهم.
● اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ: لو أعلم ما أعلم الآن من قبل أن أحرم.
● لأَحْلَلْتُ: لخرجت من الإحرام.
● هِيَ لَنَا أَوْ لِلأَبَدِ: هل هذا الحكم خاص بنا في هذه السنة أم هو دائم إلى الأبد؟

ثانياً. شرح الحديث:


يحدثنا الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قدموا إلى مكة في فجر اليوم الرابع من ذي الحجة (أي قبل يوم التروية بأربعة أيام)، وكانوا محرمين بالحج فقط (إفراداً أو قراناً) دون أن يدخلوا معه عمرة.
فلما قدموا مكة، أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يحولوا نسكهم من الحج إلى العمرة، وأن يحلوا من إحرامهم ويتمتعوا بما يحل للمحرم حتى من النساء (وهذا هو حكم التمتع)، ففعلوا ذلك.
فلما رأى الناس أن الصحابة قد حلوا من إحرامهم وذهبوا إلى نسائهم، انتشر بينهم الكلام والاعتراض على ذلك، حتى بلغ الأمر أن أحد الصحابة كان يذهب إلى منى وذكروه (أي ذكره) يقطر منياً من شدة ما تمتع بزوجته.
فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ما يقوله المعترضون، قام خطيباً في الناس، وبين لهم أن ما فعله هو وأصحابه هو أمر صحيح ومشروع، وأنه لو استقبل من أمره ما استدبر (أي لو علم بالحكم الذي سينزل لكان قد أحل من إحرامه كما حل أصحابه)، ولكن منعته هديته التي ساقها معه (أي الهدي الذي كان معه في الإحرام) من أن يحل كأصحابه، وإلا لحل كما حلوا.
ثم قام سراقة بن مالك رضي الله عنه وسأل النبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، هذا الحكم الذي فعلتموه (أي التحلل من الإحرام والتمتع) هل هو خاص بنا في هذه السنة (سنة حجة الوداع) أم هو حكم دائم إلى الأبد؟ فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم: "بل للأبد"، أي أن حكم التمتع والإحلال باقٍ إلى يوم القيامة.

ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث:


1- بيان حكم التمتع في الحج: وهو أن يحرم المسلم بالعمرة في أشهر الحج ثم يحل منها، ثم يحرم بالحج في عامه ذلك.
2- سماحة الشريعة ومرونتها: حيث أباحت التمتع ورخصت فيه، ورفعت الحرج عن الأمة.
3- رد النبي صلى الله عليه وسلم على المنكرين والمتشددين: حيث بين أن فعله هو البر والتقوى، ورد على من أنكر بمنطق القوة والبيان.
4- جواز تغيير النسك: حيث حول النبي صلى الله عليه وسلم نسك أصحابه من الإفراد أو القران إلى التمتع.
5- الأمر بالتبيين وعدم التسرع في الإنكار: حيث بين النبي صلى الله عليه وسلم الحكمة من فعله، ورد على الشبهة.
6- الدلالة على أن أحكام الشريعة دائمة: حيث أجاب النبي صلى الله عليه وسلم أن حكم التمتع باقٍ إلى الأبد.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من أحاديث حجة الوداع، والتي كانت في السنة العاشرة من الهجرة.
- القائلون الذين اعترضوا هم بعض الصحابة أو غيرهم ممن لم يفهموا الحكمة من التحلل.
- قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت" يعني: لو أني علمت بما سأعلم الآن من قبل الإحرام لما سقت الهدي معي، بل لأحرمت بالعمرة فقط ثم حللت كما حل أصحابي.
- هذا الحديث أصل في باب التمتع والإحلال في الحج، وهو من روايات صحيح مسلم.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الحجّ (٢٥٠٥) عن أبي النعمان، حدّثنا حمّاد بن زيد، أخبرنا عبد الملك بن جريج، عن عطاء، عن جابر، فذكره.
ورواه مسلم في الحج (١٢١٦: ١٤١) من وجه آخر عن ابن جريج، قال: أخبرني عطاء، بإسناده، نحوه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 212 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: قَدِمَ النَّبِيُّ وَأَصْحَابُهُ صُبْحَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ

  • 📜 حديث: قَدِمَ النَّبِيُّ وَأَصْحَابُهُ صُبْحَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: قَدِمَ النَّبِيُّ وَأَصْحَابُهُ صُبْحَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: قَدِمَ النَّبِيُّ وَأَصْحَابُهُ صُبْحَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: قَدِمَ النَّبِيُّ وَأَصْحَابُهُ صُبْحَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب