ما علمت إذ كان جاهلا ولا أطعمت إذ كان جائعا

حديث: ما علمت إذ كان جاهلا ولا أطعمت إذ كان جائعا

عن عباد بن شرحبيل قال: أصابني سنة، فدخلت حائطا من حيطان المدينة،
ففركت سنبلا، فأكلت، وحملت في ثوبي، فجاء صاحبه، فضربني، وأخذ ثوبي، فأتيت رسول الله ﷺ، فقال له: «ما علمت إذ كان جاهلا، ولا أطعمت إذ كان جائعا أو قال: ساغبا». وأمره فرد على ثوبي، وأعطاني وسقا، أو نصف وسق من طعام.

صحيح: رواه أبو داود (٢٦٣٠)، والنسائي (٥٤٠٩)، وابن ماجه (٢٢٩٨)، وأحمد (١٧٥٢١)، وصحّحه الحاكم (٤/ ١٣٣) كلهم من طريق أبي بشر جعفر بن إياس أبي وحشية قال: سمعت عباد بن شرحبيل.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم فيه دروس وعبر، وأحكام فقهية مهمة، وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا بإذن الله.
### أولاً. ترجمة الراوي وسبب الحديث
الراوي هو عباد بن شرحبيل رضي الله عنه، وهو صحابي جليل. والحديث يروي قصة حصلت له في سنة مجاعة، حيث دخل بستانًا (حائطًا) في المدينة، ففرك سنبلًا (أي حَبَّ القمح أو الشعير) وأكل منه بسبب الجوع، وحمل بعضًا في ثوبه. فجاء صاحب البستان فضربه وأخذ ثوبه، فذهب عباد إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشكو له ما حدث.

ثانيًا. شرح المفردات:

● سنة: سنة مجاعة وقحط.
● حائطا: بستانًا أو حديقة فيها أشجار أو زرع.
● فركت سنبلا: دلكت سنبل القمح أو الشعير لاستخراج الحبوب وأكلها.
● ساغبا: جائعًا شديد الجوع.
● وسقا: مكيال يساوي ستين صاعًا (أي كمية كبيرة من الطعام).

ثالثًا. شرح الحديث:

جاء عباد بن شرحبيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو ما حدث له مع صاحب البستان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحب البستان: «ما علمت إذ كان جاهلا» أي: لم تعلمه وتحذره عندما دخل بستانك وهو جاهل بالحكم أو غير قاصد السرقة- «ولا أطعمت إذ كان جائعا» أي: لم تطعمه وهو في حالة جوع شديد. ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم صاحب البستان أن يردَّ الثوب الذي أخذه من عباد، وأن يعطيه وسقًا أو نصف وسق من الطعام تعويضًا له عما أكله ومعونة له في المجاعة.

رابعًا. الدروس المستفادة والعبر:

1- رحمة الإسلام بالجائع: الحديث يظهر رحمة الإسلام بالإنسان الجائع، حيث أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على صاحب البستان أنه لم يطعم الجائع، مما يدل على وجوب مواساة المحتاجين.
2- الرفق بالجاهل: النبي صلى الله عليه وسلم لام صاحب البستان لأنه لم يعلم الرجل الجاهل بالحكم، وهذا يدل على أهمية التربية والتعليم قبل العقوبة.
3- تحريم الاعتداء: ضرب صاحب البستان للرجل وأخذ ثوبه بدون حق يعتبر اعتداءً، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم برد الثوب، مما يدل على تحريم الظلم وأخذ الحقوق باليد.
4- التعويض المناسب: إعطاء الوسق من الطعام تعويضًا عن الأكل يدل على العدل والكرم في نفس الوقت.
5- مراعاة الظروف: الشرع يراعي الظروف الاستثنائية كالمجاعة، ولا يحمل الناس فوق طاقتهم.

خامسًا. الأحكام الفقهية المستفادة:

- لا يجوز أخذ مال الغير بدون إذنه إلا في حال الضرورة القصوى كالمجاعة، وبشرط أن يأخذ بقدر الحاجة فقط.
- من أخذ شيئًا بسبب الجوع فلا يعاقب، ولكن عليه الضمان أو التعويض إذا تيسر ذلك.
- يجب على صاحب المال أن يرحم المحتاج ويعينه، ولا يبخل عليه وهو قادر.
- لا يجوز للإنسان أن يعاقب غيره بدون حق، كالضرب أو أخذ المتاع.

سادسًا. تطبيقات معاصرة:

- هذا الحديث يذكرنا بضرورة التكافل الاجتماعي في زمن الأزمات الاقتصادية.
- يجب على الدول والمجتمعات أن توفر الغذاء للمحتاجين في أوقات الشدة.
- لا يجوز لصاحب العمل أو المال أن يقسو على العامل أو المحتاج بل يجب أن يعامله بالرحمة والعدل.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يجعلنا من المتعاونين على البر والتقوى. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٦٣٠)، والنسائي (٥٤٠٩)، وابن ماجه (٢٢٩٨)، وأحمد (١٧٥٢١)، وصحّحه الحاكم (٤/ ١٣٣) كلهم من طريق أبي بشر جعفر بن إياس أبي وحشية قال: سمعت عباد بن شرحبيل. فذكره. وإسناده صحيح.
وقوله: «ساغبا» أي جائعا.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 82 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما علمت إذ كان جاهلا ولا أطعمت إذ كان جائعا

📜 حديث: ما علمت إذ كان جاهلا ولا أطعمت إذ كان جائعا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ما علمت إذ كان جاهلا ولا أطعمت إذ كان جائعا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ما علمت إذ كان جاهلا ولا أطعمت إذ كان جائعا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ما علمت إذ كان جاهلا ولا أطعمت إذ كان جائعا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية