حديث: من أصاب من التمر المعلق من ذي حاجة فلا شيء عليه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب يجوز لابن السبيل أن يأكل من التمر، ويشرب من اللبن إذا مر به

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول الله ﷺ سئل عن التمر المعلق، فقال: «من أصاب منه من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه».

حسن: رواه أبو داود (١٧١٠)، والنسائي (٤٩٥٨)، والترمذي (١٢٨٩) كلهم عن قتيبة، حدثنا الليث، عن ابن عجلان، عن عمرو بن شعيب بإسناده.

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول الله ﷺ سئل عن التمر المعلق، فقال: «من أصاب منه من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن الحديث الذي سألت عنه حديث صحيح رواه أبو داود في سننه، والدارقطني، والحاكم، وصححه الألباني. وهو يتناول مسألة فقهية دقيقة، وهي حكم من يأخذ من ثمر الشجر المعلق الذي لم يتم جنيه بعد، وهو مملوك لغيره.

أولاً. شرح المفردات:


● التمر المعلق: هو الثمر (الرطب أو البسر) الذي لا يزال معلقًا في النخلة، ولم يُجْنَ بعد، ولم يُحَزَّ (أي يُوضَع في مكان محصّن).
● من أصاب منه: أي من حصل على شيء منه وأخذه.
● ذي حاجة: أي الشخص المحتاج الذي يجوع ويعطش.
● غير متخذ خبنة: "خبنة" بمعنى مخبأ أو مكان يخبئ فيه الإنسان شيئًا. والمعنى: الذي لا يتخذ هذا الأخذ عادةً مستمرةً، ولا يأخذ ليخزن ويختزن للمستقبل، بل يأخذ قدر حاجته فقط ليدفع جوعه أو عطشه في تلك اللحظة.

ثانيًا. شرح الحديث:


يخبرنا الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن حكم شخص يأخذ من التمر الذي لا يزال على النخلة (أي ليس في مكان محروس ومملوك بشكل كامل لصاحبه)، فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم بأنه: إذا كان الشخص الذي يأخذ محتاجًا (جائعًا أو عطشانًا)، وأخذ فقط بقدر ما يسد جوعه أو عطشه في تلك الساعة، ولم يتخذ من هذا الأخذ عادةً أو وسيلةً للتخزين والادخار للمستقبل، فلا إثم عليه ولا غرم (أي لا يجب عليه ضمان قيمته أو رد مثله).

ثالثًا. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:


1- التيسير ورفع الحرج: هذا الحديث من أعظم الأدلة على سماحة الإسلام ويسره، ورفعه للحرج عن الناس، خاصة في حالات الضرورة والحاجة الملحة. فالإسلام لا يريد أن يجوع إنسان وهو يرى طعامًا يمكن أن ينقذه من الموت أو الهلاك.
2- ضابط الإباحة: الحاجة لا الشهوة: الإذن هنا مقيد بكون الأخذ لحاجة ضرورية (سد الجوع أو العطش)، وليس لمجرد الشهوة أو الأكل للتلذذ. فالفارق كبير بين من يأكل ليعيش ومن يعيش ليأكل.
3- النهي عن الاستغلال وإساءة الاستخدام: قيد النبي صلى الله عليه وسلم الإباحة بعدم اتخاذ "خبنة"، أي أن هذا ليس ترخيصًا للسرقة أو الاختلاس، أو لأن يتخذ الإنسان هذا الأمر حيلةً دائمةً يأكل منها دون حساب. فهو رخصة للضرورة، والضرورة تقدر بقدرها.
4- الفقه في ملكية الثمر: الثمر المعلق على الشجر يعتبر مملوكًا لصاحب الشجرة، ولكن لأن حيازته لم تكتمل بعد (بجعله في مكان محروس)، فإن الرخصة جاءت في الأخذ اليسير منه للضرورة، بخلاف ما إذا كان الثمر مجنياً موضوعًا في مكانه (الجرين)، فإن أخذه يعتبر سرقةً كاملةً لأنه أصبح محرزًا.
5- سقوط الضمان: من أخذ بهذه الشروط (حاجة + عدم اتخاذ خبنة) فلا شيء عليه، أي لا يلزمه ضمان ما أكل لأنه أكل لحاجة ضرورية أباحها الشارع.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحكم ليس مقصورًا على التمر فقط، بل يعم كل طعام يمكن أن تندفع به الضرورة من ثمار أو زرع، إذا كان بشرط عدم التحرز الكامل (كالذي لم يحز بعد).
- هذه الرخصة تندرج تحت القاعدة الفقهية العظيمة: "الضرورات تبيح المحظورات"، وقيدها: "ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها".
- على المسلم أن يتقي الله حتى في حال الضرورة، فلا يأخذ إلا بقدر حاجته الماسة فقط، وأن يخلص النية لله، فلا يأخذ وهو قادر على دفع الثمن أو لديه مال.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (١٧١٠)، والنسائي (٤٩٥٨)، والترمذي (١٢٨٩) كلهم عن قتيبة، حدثنا الليث، عن ابن عجلان، عن عمرو بن شعيب بإسناده. واللفظ للترمذي.
قال الترمذي: «حديث حسن».
قال الأعظمي: وهو كما قال؛ فإن عمرو بن شعيب حسن الحديث.
قال الترمذي عقب حديث سمرة بن جندب: «والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وبه يقول أحمد، وإسحاق».
وذلك لغير المضطر. وأما المضطر فلا خلاف بين أهل العلم أنه يجوز له أن يحلب بغير إذن صاحبه. واختلفوا هل عليه ضمان، أم لا؟ .
وفي الباب ما روي عن ابن عمر، عن النبي ﷺ أنه قال: «من دخل حائطا فليأكل، ولا يتخذ خبنة».
رواه الترمذي (١٢٧٨)، وابن ماجه (٢٣٠١) كلاهما عن يحيى بن سُليم الطائفي، عن عبيد الله ابن عمر، عن نافع، عن ابن عمر فذكره.
ويحيى بن سليم الطائفي مختلف فيه غير أنه حسن الحديث إلا في روايته عن عبيد الله بن عمر، فإنه أخطأ فيه، كما قال الساجي، وقال النسائي: هو منكر الحديث عن عبيد الله بن عمر. ولذا غرَّبه الترمذي، وقال: لا نعرفه من هذا الوجه إلا من حديث يحيي بن سليم.
وقال في «العلل الكبير» (١/ ٥١٦): «سألت محمدا عن هذا الحديث، فقال: يحيى بن سليم يروي أحاديث عن عبيد الله بهم فيها. كأنه لم يعرف هذا الحديث إلا من حديث يحيي بن سليم».
وقوله: «خبنة» أي لا يجعل شيئا في ثوبه.
وفي الباب روي أيضا عن رافع بن عمرو قال: كنت أرمي نخل الأنصار، فأخذوني، فذهبوا بي إلى النبي ﷺ، فقال: «يا رافع، لم ترمي نخلهم؟». قال: قلت: يا رسول الله، الجوع. قال: «لا ترم، وكل ما وقع، أشبعك الله وأرواك».
رواه الترمذي (١٢٨٨)، والحاكم (٣/ ٤٤٤) كلاهما من حديث الفضل بن موسى، عن صالح ابن أبي جبير، عن أبيه، عن رافع بن عمرو فذكره.
قال الترمذي: «حسن غريب».
وصالح بن أبي جبير وأبوه لم يوثّقهما غير ابن حبان، وجهلهما الآخرون.
قال الترمذي: «سألت محمدا عن هذا الحديث، فقال: لا أعرف هذا إلا من حديث الفضل ابن موسي. وصالح بن أبي جبير لا أعرف اسم أبيه». (العلل ١/ ٥١٧).
قال الأعظمي: وله إسناد آخر، وهو ما رواه أبو داود (٢٦٢٢)، وابن ماجه (٢٢٩٩)، وأحمد (٢٠٣٤٣)، والحاكم كلهم من حديث معتمر بن سليمان قال: سمعت ابن أبي الحكم الغفاري قال: حدثتني جدتي، عن عم أبيها رافع بن عمرو فذكر نحوه. وزادوا: ومسح رأسي، وقال: «اللَّهم اشبع بطنه». وفيه ابن أبي الحكم وجدته لا يعرفان.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 84 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من أصاب من التمر المعلق من ذي حاجة فلا شيء عليه

  • 📜 حديث: من أصاب من التمر المعلق من ذي حاجة فلا شيء عليه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من أصاب من التمر المعلق من ذي حاجة فلا شيء عليه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من أصاب من التمر المعلق من ذي حاجة فلا شيء عليه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من أصاب من التمر المعلق من ذي حاجة فلا شيء عليه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب