حديث: إذا أتي أحدكم على ماشية فليستأذن صاحبها

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب يجوز لابن السبيل أن يأكل من التمر، ويشرب من اللبن إذا مر به

عن سمرة بن جندب أن النبي ﷺ قال: «إذا أتي أحدكم على ماشية، فإن كان فيها صاحبها فليستأذنه، فإن أذن له فليحتلب وليشرب. وإن لم يكن فيها أحد فليصوت ثلاثا فإن أجابه أحد فليستأذنه، فإن لم يجبه أحد فليحتلب وليشرب، ولا يحمل».

صحيح: رواه أبو داود (٢٦١٩)، والترمذي (١٢٩٦) كلاهما من حديث عبد الأعلى، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب.

عن سمرة بن جندب أن النبي ﷺ قال: «إذا أتي أحدكم على ماشية، فإن كان فيها صاحبها فليستأذنه، فإن أذن له فليحتلب وليشرب. وإن لم يكن فيها أحد فليصوت ثلاثا فإن أجابه أحد فليستأذنه، فإن لم يجبه أحد فليحتلب وليشرب، ولا يحمل».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام البخاري في الأدب المفرد، عن الصحابي الجليل سمرة بن جندب رضي الله عنه، يضع لنا النبي صلى الله عليه وسلم قواعدَ وأخلاقياتٍ عظيمةً في التعامل مع أموال الناس وممتلكاتهم، حتى في أبسط الأمور.

أولاً. شرح المفردات:


● أتي أحدكم على ماشية: أي إذا مررتَ أو وجدتَ عند قطيع من الأنعام (مثل الإبل أو البقر أو الغنم).
● فليستأذنه: فليسأل صاحبها الإذن في أن يأخذ من لبنها.
● فليحتلب: فليحلب منها.
● فليصوت ثلاثا: فلينادي ويُسمع صوته ثلاث مرات؛ ليتأكد من عدم وجود صاحبها أو من ينوب عنه.
● ولا يحمل: أي لا يحمل معه اللبن في وعاء ليأخذه إلى بيته، بل يشرب فقط في الحال لحاجته.


ثانياً. شرح الحديث:


يعلّمنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث آداباً عالية في التعامل مع مال الغير، حتى لو كان شيئاً يسيراً مثل شرب اللبن. والحديث يمكن تقسيمه إلى حالتين:
1- الحالة الأولى: وجود صاحب الماشية
- إذا كان صاحب الماشية حاضراً، فلا يجوز لأحد أن يأخذ من لبنها إلا بعد أن يستأذنه ويحصل على موافقته الصريحة. هذا تأكيد على حق الملكية واحترامها، فحتى لو كان الصاحب غنياً وكريماً، فلا يجوز التصرف في ماله دون علمه.
2- الحالة الثانية: غياب صاحب الماشية
- إذا لم يكن صاحبها موجوداً، فلا يتسرع المرء في الأخذ، بل عليه أن ينادي ثلاث مرات بصوت عالٍ؛ ليتأكد من عدم وجود صاحبها أو راعٍ لها أو أحد أفراد عائلته في الجوار.
● فإن أجابه أحد، فالأمر يعود إلى الحالة الأولى، عليه أن يستأذن من هذا الشخص.
● فإن لم يجبه أحد بعد النداء ثلاثاً، فهذا دليل على الغياب التام لأصحابها، وحينها يُباح له أن يحلب ويشرب فقط ليروي غلته وسد جوعه أو عطشه في تلك اللحظة.
ويختم النبي صلى الله عليه وسلم الحديث بتحذير مهم جداً: "ولا يحمل". أي لا يجوز له أن يحلب في إناء ليملأه ويحمله معه إلى بيته أو لعائلته. الفرق هنا بين "سد الحاجة الآنية" و"الاستفادة والادخار". الأولى مباحة بشروط، والثانية تعتبر أخذاً للمال دون وجه حق.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- حرمة مال المسلم: يغرس الحديث أعلى درجات احترام مال المسلم وعدم التعدي عليه، حتى لو كان شيئاً تافهاً في نظر الناس. فحق الملكية مصون في الإسلام.
2- التخلق بالاستئذان: الاستئذان ليس مجرد كلمة، بل هو خلق إسلامي رفيع يعبر عن الاحترام والتقدير للآخرين ويبني الثقة بين أفراد المجتمع.
3- التيسير ورفع الحرج: الشرع الحكيم يدرك أن الإنسان قد يُصاب بجوع أو عطش شديدين وهو في البرية أو السفر، فشرع له هذه الرخصة ليدفع عنه الضرر، مما يدل على سماحة الإسلام ومرونته.
4- الفرق بين الضرورة والاستغلال: الرخصة مقيدة بسد الحاجة الآنية فقط (الشرب لحظة الجوع أو العطش)، وتمنع منعاً باتاً أي استغلال لهذا الموقف لأخذ شيء زائد أو ادخاره، وهو معنى "لا يحمل".
5- الأمانة والورع: الحديث يربي في المسلم خصلة الورع والأمانة، حتى عندما يغيب عن أعين الناس. فالمسلم يتصرف دائماً على أساس أن الله تعالى يراه.


رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، حيث جمع في كلمات قليلة أحكاماً وآداباً عديدة.
- العلماء يستدلون بهذا الحديث على العديد من الأحكام، منها: وجوب الاستئذان على الملكيات الخاصة، ورفع الحرج عن المضطر بشروط، وأن النداء ثلاثاً هو السنة للتحري والتأكد.
- هذه الآداب ليست مقصورة على الماشية فقط، بل يعمم معناها على كل مالٍ غاب صاحبه، فيجب التحري والاستئذان وعدم الاستغلال.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٦١٩)، والترمذي (١٢٩٦) كلاهما من حديث عبد الأعلى، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب. فذكره.
قال الترمذي: «حديث سمرة حديث حسن غريب. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وبه يقول أحمد، وإسحاق». وفي بعض النسخ: حسن صحيح غريب.
قال الأعظمي: وسماع الحسن من سمرة صحيح، كما قال علي بن المديني، وغيره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 81 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إذا أتي أحدكم على ماشية فليستأذن صاحبها

  • 📜 حديث: إذا أتي أحدكم على ماشية فليستأذن صاحبها

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إذا أتي أحدكم على ماشية فليستأذن صاحبها

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إذا أتي أحدكم على ماشية فليستأذن صاحبها

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إذا أتي أحدكم على ماشية فليستأذن صاحبها

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب