كان على رسول الله ﷺ ثوبان قطريان غليظان فكان إذا قعد فعرق ثقلا

حديث: كان على رسول الله ﷺ ثوبان قطريان غليظان فكان إذا قعد فعرق ثقلا

عن عائشة قالت: كان على رسول الله ﷺ ثوبان قطريان غليظان، فكان إذا قعد فعرق ثقلا عليه، فقدم بَزٌّ من الشام لفلان اليهودي، فقلت: لو بعثت إليه، فاشتريت منه ثوبين إلى الميسرة، فأرسل إليه، فقال: قد علمت ما يريد، إنما يريد أن يذهب بمالي أو بدراهمي. فقال رسول الله ﷺ: «كذب، قد علم أني من أتقاهم الله وآداهم للأمانة».

صحيح: رواه الترمذي (١٢١٣)، والنسائي (٤٦٢٨)، وصحّحه الحاكم (٢/ ٢٣ - ٢٤)، كلهم من حديث يزيد بن زريع، عن عمارة بن أبي حفصة، عن عكرمة، عن عائشة فذكرته.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النبوي الشريف الذي رواه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:

الحديث:

شرح المفردات:

● ثوبان قطريان: نوع من الثياب الغليظة المصنوعة في قطر (منطقة معروفة بصناعة النسيج)، وهي ثياب خشنة وثقيلة.
● بَزٌّ: مصطلح يشير إلى الأقمشة الفاخرة والثمينة، خاصة تلك المستوردة من الشام.
● إلى الميسرة: أي بالشراء بالأجل أو الدفع لاحقًا عندما يتيسر المال.
● يذهب بمالي أو بدراهمي: أي يأخذ مالي أو دراهمي دون مقابل أو بطريقة غير أمينة.

شرح الحديث:

يصف هذا الحديث موقفًا من حياة النبي ﷺ يعكس تواضعه وصدقه وأمانته. كان النبي ﷺ يرتدي ثوبين غليظين ثقيلين، وعندما يجلس ويُعرق (بسبب الحر أو الجهد)، يشعر بثقل هذه الثياب عليه. فلما قدمت تجارة من الأقمشة الفاخرة (البز) من الشام لرجل يهودي، اقترحت عليه عائشة رضي الله عنها أن يشتري ثوبين خفيفين من هذا اليهودي بالأجل (إلى الميسرة) ليخفف عن نفسه ثقل الثياب الغليظة.
فأرسل النبي ﷺ إلى اليهودي يعرض عليه الشراء بالأجل، فرد اليهودي بتهمة سيئة، حيث قال: "قد علمت ما يريد، إنما يريد أن يذهب بمالي أو بدراهمي"، أي يتهم النبي ﷺ بأنه قد لا يدفع الثمن أو يأخذ البضاعة دون وفاء بالدين.
فرد النبي ﷺ ردًا قويًا يبرئ نفسه ويؤكد على مكانته الأخلاقية العالية، فقال: «كذب، قد علم أني من أتقاهم الله وآداهم للأمانة»، أي أن اليهودي كاذب في اتهامه، لأنه يعلم جيدًا أن النبي ﷺ هو أكثر الناس تقوى لله وأعظمهم أداءً للأمانة ووفاءً بالعهد.

الدروس المستفادة:

1- تواضع النبي ﷺ: كان النبي ﷺ يرضى باليسير من الدنيا، ويرتدي الثياب البسيطة رغم قدرته على ارتداء الفاخر، مما يعلمنا الزهد والقناعة.
2- الأمانة والصدق: النبي ﷺ هو المثال الأعلى في الأمانة والوفاء، حتى أقر بذلك أعداؤه، كما في قصة هرقل مع أبي سفيان عندما سأله عن صفات النبي ﷺ فقال: "ما قال لي شيئًا إلا صدقني".
3- الرد على التهم الباطلة: ينبغي للمسلم أن يدفع عن نفسه التهم الباطلة بالحجة والبرهان، دون غلو أو تفريط.
4- الثقة بالله والتوكل عليه: النبي ﷺ لم يغضب أو ينتقم لنفسه، بل رد برد يليق بمقام النبوة، معتمدًا على سمعته التي يعرفها الجميع.
5- التعامل مع غير المسلمين: النبي ﷺ تعامل مع اليهودي بالعدل والإنصاف، ولم يمنعه كفره من التعامل التجاري العادل، لكنه دافع عن حقه عندما اُتهم ظلمًا.

معلومات إضافية:

- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حديث صحيح.
- يشير الحديث إلى أن النبي ﷺ كان يعيش حياة بسيطة، ولم يكن يملك مالًا وفيرًا، مما يدل على زهده في الدنيا وتركيزه على الآخرة.
- قول النبي ﷺ: «كذب» ليس شتمًا، بل هو تكذيب للقائل في اتهامه، وهو أسلوب شرعي في الرد على الباطل.
أسأل الله أن يفقهنا في سنن نبيه، وأن يجعنا من المتخلقين بأخلاقه، والمتبعين لهديه. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذي (١٢١٣)، والنسائي (٤٦٢٨)، وصحّحه الحاكم (٢/ ٢٣ - ٢٤)، كلهم من حديث يزيد بن زريع، عن عمارة بن أبي حفصة، عن عكرمة، عن عائشة فذكرته.
قال الترمذي: «حسن غريب صحيح».
وقال الحاكم: «صحيح على شرط البخاري».
قال الترمذي، والحاكم: «وقد رواه شعبة أيضا عن عمارة بن أبي حفصة».
قال الأعظمي: ومن طريق شعبة رواه الإمام أحمد (٢٥١٤١)، والحاكم مثله.
قال الترمذي: «وسمعت محمد بن فراس البصري يقول: سمعت أبا داود يقول: سئل شعبة يوما عن هذا الحديث، فقال: لست أحدثكم حتى تقوموا إلى حرمي بن عمارة بن أبي حفصة، فتقبلوا رأسه. قال: وحرمي في القوم».
قال الترمذي: «أي إعجابا بهذا الحديث».
وقوله: «إلى الميسرة» أي أجل معلوم، يكون فيه يسر، وإلا فجهالة الأجل مفسدة للبيع.
وفي معناه ما روي عن أنس بن مالك قال: بعثني رسول الله ﷺ إلى حليق النصراني ليبعث إليه بأثواب إلى الميسرة، فأتيته، فقلت: بعثني إليك رسول الله ﷺ لتبعث إليه بأثواب إلى الميسرة، فقال: وما الميسرة؟ ومتى الميسرة؟ والله ما لمحمد تاغية، ولا راغية، فرجعت، فأتيت النبي ﷺ، فلما رآني قال: «كذب عدو الله، أنا خير من بايع، لأن يلبس أحدكم ثوبا من رقاع شتي خير له من أن يأخذ بأمانته -أو في أمانته- ما ليس عنده».
رواه أحمد (١٣٥٥٩) عن محمد بن يزيد، حدثنا أبو سلمة صاحب الطعام قال: أخبرني جابر ابن يزيد -وليس بجابر الجعفي- عن الربيع بن أنس، عن أنس فذكره. وأبو سلمة، وجابر بن يزيد مجهولان.
وقال الهيثمي في «المجمع» (٤/ ١٢٥): «جابر بن يزيد لم أجد من ترجمه».
ورواه البزار -كشف الأستار (١٣٠٥) - من وجه آخر، وفيه أسيد بن زيد ضعيف.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 88 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كان على رسول الله ﷺ ثوبان قطريان غليظان فكان إذا قعد فعرق ثقلا

📜 حديث: كان على رسول الله ﷺ ثوبان قطريان غليظان فكان إذا قعد فعرق ثقلا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: كان على رسول الله ﷺ ثوبان قطريان غليظان فكان إذا قعد فعرق ثقلا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: كان على رسول الله ﷺ ثوبان قطريان غليظان فكان إذا قعد فعرق ثقلا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: كان على رسول الله ﷺ ثوبان قطريان غليظان فكان إذا قعد فعرق ثقلا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية