حديث: ما رأينا من شيء وإن وجدناه لبحرا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في العارية بأنها مؤداة

عن أنس بن مالك قال: كان بالمدينة فزع، فاستعار النبي ﷺ فرسا من أبي طلحة يقال له: المندوب، فركب، فلما رجع قال: «ما رأينا من شيء، وإن وجدناه لبحرا».

متفق عليه: رواه البخاري في الهبة (٢٦٢٧)، ومسلم في الرؤيا (٢٣٠٧) كلاهما من حديث شعبة، عن قتادة قال: سمعت أنسا يقول فذكره.

عن أنس بن مالك قال: كان بالمدينة فزع، فاستعار النبي ﷺ فرسا من أبي طلحة يقال له: المندوب، فركب، فلما رجع قال: «ما رأينا من شيء، وإن وجدناه لبحرا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد، فإني أُقدم شرحًا لهذا الحديث النافع، معتمدًا على كُتب أهل السنة والجماعة، وأسأل الله التوفيق والسداد.

نص الحديث:


عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان بالمدينة فَزَعٌ، فَاسْتَعَارَ النَّبِيُّ ﷺ فَرَسًا مِنْ أَبِي طَلْحَةَ يُقَالُ لَهُ: المَنْدُوبُ، فَرَكِبَ، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: «مَا رَأَيْنَا مِنْ شَيْءٍ، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا».
مصدر الحديث: أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (كتاب الجهاد والسير، باب اسم الفرس والحمار).


الشرح التفصيلي:



# أولاً. شرح المفردات:


● فَزَعٌ: خوفٌ وذُعرٌ شديدٌ أصاب أهل المدينة، إما بسبب إشاعة وصول عدو، أو سماع صوت مزعج في الليل.
● اسْتَعَارَ: طلب العارية، أي طلب أن يُعطى الفرس ليركبه ثم يرده، وهذا من تواضعه ﷺ وعدم تكلفه ما ليس عنده.
● أَبِي طَلْحَةَ: هو زوج أم أنس رضي الله عنه، وهو من كبار الأنصار وأغنيائهم، وكان من أشجع الصحابة وأسخاهم.
● المَنْدُوبُ: اسم الفرس، والمندوب في اللغة: المُسْرع المُطيع الذي لا يحتاج إلى كثير حثٍّ وزجر.
● لَبَحْرًا: كناية عن جودة الفرس وسرعته وكثرة جريه دون تعب، كالبحر في اتساعه وقوته.

# ثانيًا. شرح الحديث:


يخبرنا أنس بن مالك رضي الله عنه عن موقف حصل في المدينة المنورة، حيث حدث ذعرٌ أو خوفٌ among الناس، فربما كان هناك إشاعة بقدوم عدو، أو صوتٌ مفاجئٌ سبب الفزع. فقام النبي ﷺ ليتحقق من الأمر ويطمئن الناس، وهو القائد الذي يشارك أمته في السراء والضراء.
ولم يكن لدى النبي ﷺ فرسٌ جاهز في تلك اللحظة، فلم يتردد في استعارة فرسٍ من أبي طلحة رضي الله عنه، وهو فرسٌ مشهور باسم "المندوب". فامتطى النبي ﷺ ظهر الفرس وخرج للاستكشاف.
وعندما عاد، أخبر الناس أنه لم يرَ أي شيءٍ يثير الخوف، أي أن الأمر كان كاذبًا أو مبالغًا فيه، فهدأت نفوسهم. ثم أثنى على فرس أبي طلحة بقوله: «وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا»، أي أنهم وجدوا الفرس سريعًا قويًا لا يُعيا في الجري، كالبحر في جريه واتساعه.

# ثالثًا. الدروس المستفادة والفَوائد:


1- حسن التصرف في الأزمات: النبي ﷺ لم ينتظر بل بادر بالتحقق بنفسه ليطمئن ويزيل الخوف عن الناس، وهذا درس في قيادة الأزمات وتحمل المسؤولية.
2- التواضع وعدم التكلف: النبي ﷺ وهو رسول الله لم يستنكف من استعارة حاجةٍ يملكها غيره، فلم يقل: "أنا رسول الله وأستعير؟!" بل فعل ذلك بكل تواضع.
3- الإشادة بالمعروف وشكر المحسن: النبي ﷺ لم يكتفِ برد الفرس، بل أثنى عليه ثناءً جميلاً أمام الناس، مما يعد شكرًا لأبي طلحة وتكريمًا له، وفيه تشجيع على الإحسان والمعروف.
4- الاستعداد الدائم: حتى في وقت السلم، كان النبي ﷺ وأصحابه مستعدين لأي طارئ، وهذا من أساسيات القوة التي أمرنا الله بها.
5- جواز الاستعارة: الحديث أصل في مشروعية الاستعارة، وهي طلب الانتفاع بالشيء مع بقاء عينه ورده إلى صاحبه.
6- مدح ما يستحق المدح: الثناء على الخيل والشهادة لها بصفاتها الحسنة من الأمور المحمودة في الإسلام، لما فيها من إظهار لنعمة الله.

# رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث من أعلام نبوته ﷺ، حيث إنه خرج للتحقق بنفسه مما يدل على شجاعته وعدم تخليه عن قيادة أمته في أصعب الظروف.
- قوله: «مَا رَأَيْنَا مِنْ شَيْءٍ» فيه تربية على نفي الإشاعات والأخبار الكاذبة التي تسبب الفزع بين الناس.
- الفرس "المندوب" نال شرفاً عظيماً بحمله لنبينا ﷺ، وهذا يدل على بركة متابعة النبي والخير في كل ما يقترب منه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
هذا والله أعلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الهبة (٢٦٢٧)، ومسلم في الرؤيا (٢٣٠٧) كلاهما من حديث شعبة، عن قتادة قال: سمعت أنسا يقول فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 89 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما رأينا من شيء وإن وجدناه لبحرا

  • 📜 حديث: ما رأينا من شيء وإن وجدناه لبحرا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ما رأينا من شيء وإن وجدناه لبحرا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ما رأينا من شيء وإن وجدناه لبحرا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ما رأينا من شيء وإن وجدناه لبحرا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب