حديث: الصرف يدا بيد فلا بأس، وإن كان نساء فلا يصلح
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب جواز بيع الذهب بالفضة أو العكس إذا كان يدا بيد
صحيح: رواه البخاريّ في البيوع (٢٠٦٠، ٢٠٦١) من طريقين عن ابن جريج قال: أخبرني عمرو بن دينار، عن أبي المنهال فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فسأشرح هذا الحديث الشريف شرحًا وافيًا مستندًا إلى كلام أهل العلم المعتمدين لدى أهل السنة والجماعة.
الحديث ومصدره:
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام البخاري في صحيحه، والإمام مسلم في صحيحه، وغيرهم من أصحاب السنن. وهو حديث صحيح متفق على صحته.
1. شرح المفردات:
● أتجر في الصرف: أي أتعامل وأبيع وأشتري في بيع الصرف، وهو بيع النقود بعضها ببعض، كبيع الذهب بالذهب، أو الفضة بالفضة، أو الذهب بالفضة، أو العملات الورقية المختلفة.
● البراء بن عازب، وزيد بن أرقم: صحابيان جليلان، من الأنصار، رضي الله عنهما.
● كنا ناجرين: أي كنا نتعامل ونتجر في بيع الصرف ونتكسب منه.
● يدا بيد: أي التقابض في مجلس العقد، بحيث يسلم كل من المتعاقدين السلعة (النقود) للآخر في نفس المجلس قبل التفرق.
● نساء: أي التأجيل والتأخير في التسليم، بأن يدفع أحد المتعاقدين نقوده في المجلس ويؤخر الآخر تسليم نقوده إلى أجل.
2. شرح الحديث:
يخبرنا الصحابي أبو المنهال أنه كان يتعامل في بيع الصرف (عملة بعملة)، فسأل صحابيين جليلين هما البراء بن عازب وزيد بن أرقم - وكانا قد تعاملا في هذا البيع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم - عن حكمه.
فأخبراه أنهما سألا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نفس المسألة، فأجابهم النبي عليه الصلاة والسلام ببيان حكم شرعي عظيم، وهو: أن بيع الصرف (أي بيع النقد بالنقد، سواء كانا من جنس واحد كالذهب بالذهب، أو من جنسين مختلفين كالذهب بالفضة أو الدولار بالريال) جائز بشروط، ومحرم بشروط.
فقال صلى الله عليه وسلم: «إن كان يدا بيد فلا بأس»: أي إذا تم البيع مع التقابض الفوري في مجلس العقد، بحيث يسلم كل من البائع والمشتري ما عليه من النقود للطرف الآخر قبل أن يتفرقا من مكانهما، فهذا جائز وحلال ولا حرج فيه.
ثم قال صلى الله عليه وسلم: «وإن كان نساء فلا يصلح»: أي إذا كان البيع مع التأخير في التسليم، بأن يؤخر أحد الطرفين أو كلاهما تسليم النقود، كأن يبيع شخص دولارات مقابل ريالات يسلمها بعد يوم أو أسبوع، فهذا لا يصلح، أي لا يجوز وهو محرم وربا.
3. الدروس المستفادة منه:
1- تحريم ربا النسيئة في بيع الصرف: هذا الحديث أصل عظيم من أصول تحريم الربا، ويخص ما يعرف بـ "ربا النسيئة" في بيع الأموال الربوية بعضها ببعض. وهو يدل على اشتراط التقابض في مجلس العقد لصحة بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والذهب بالفضة، وكذلك جميع العملات النقدية المعاصرة (كالريال والدولار واليورو وغيرها) لأنها تقوم مقام الذهب والفضة في الثمنية.
2- الحكمة من التحريم: الحكمة من اشتراط التقابض هي سد ذريعة الربا، ومنع الاستغلال والظلم، فالتأخير قد يؤدي إلى اختلاف القيم والديون التي يتعذر وفاؤها، فيدخل الناس في دائرة المظالم والخصومات.
3- وجوب السؤال عن أمور الدين: فعل الصحابة رضي الله عنهم في سؤالهم النبي صلى الله عليه وسلم عن حكم معاملتهم دليل على وجوب سؤال أهل العلم عن الأمور المشتبهة وعدم التقدم بالمعاملات قبل معرفة حكم الله فيها.
4- التقابض شرط لصحة بيع العملات: يستفاد من الحديث أن جميع معاملات صرف العملات في العصر الحاضر يجب أن تكون نقدًا (يدا بيد) في مجلس العقد. فما يفعله بعض الناس من بيع عملة بعملة أخرى مع التأخير في التسليم (حتى ولو لساعات قليلة عبر التحويل البنكي خارج المجلس) هو من الربا المحرم.
5- الاستدلال على أحكام جديدة بأصول ثابتة: العلماء يستدلون بهذا الحديث على أن كل ما كان من الأموال الربوية (الذهب، الفضة، العملات الورقية) فلا يجوز بيع بعضه ببعض إلا بشرطين:
* التقابض في مجلس العقد.
* التساوي إذا كانا من جنس واحد (كالدولار بالدولار، أو الريال بالريال)، فلا بد من التساوي في المقدار. أما إذا كانا من جنسين مختلفين (كالدولار بالريال) فيجوز التفاضل بشرط التقابض.
4. معلومات إضافية مفيدة:
* الأموال التي تدخل في حكم "الصرف" وتشملها أحكام هذا الحديث هي: الذهب، الفضة، والعملات النقدية بجميع أنواعها لأنها أثمان.
* "مجلس العقد" المقصود هو المكان الذي يتم فيه العقد والاتفاق، والمقصود بالتفرق هو التفرق فعليًا أو التفرق بأقوال أو أفعال تدل على انتهاء المعاملة، كأن ينهض من جلسته أو يبدأ في حديث آخر لا علاقة له بالبيع.
* من التطبيقات المعاصرة المحرمة: تداول العملات عبر الإنترنت (الفوركس) إذا لم يتم التقابض الفعلي في نفس الجلسة، وكذلك شراء العملة بشيك مؤجل، فهذا كله داخل في النهي عن "النساء".
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 324 من أصل 506 حديثاً له شرح
- 299 لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل
- 300 البر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر
- 301 بيعوا الذهب بالفضة والفضة بالذهب كيف شئتم
- 302 بيع النسيئة ربا
- 303 الذهب بالذهب والفضة بالفضة مثلاً بمثل يدا بيد
- 304 نهى رسول الله ﷺ عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة...
- 305 الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما
- 306 التمر بالتمر والحنطة بالحنطة مثلاً بمثل يدا بيد
- 307 الذهب بالذهب وزنا بوزن مثلا بمثل
- 308 لا تبيعوا الدينار بالدينارين ولا الدرهم بالدرهمين
- 309 تحريم التفاضل في بيع الذهب والفضة
- 310 بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيبا
- 311 بيع التمر صاعين بصاع
- 312 بع التمر بيعًا آخر ثم اشتره
- 313 الطعام بالطعام مثلا بمثل
- 314 بع بالورق ثم اشتر به
- 315 لا ربا فيما كان يدا بيد
- 316 الربا في النسيئة
- 317 قولك في الصرف؟
- 318 بيع التمر بالتمر ربا
- 319 بيع التمر بالتمر إذا زدت بعض الزيادة
- 320 الذهب بالذهب مثلا بمثل والورق بالورق مثلا بمثل
- 321 نهى رسول الله ﷺ عن الصرف
- 322 نهى رسول الله عن بيع الذهب بالورق دينا
- 323 ما كان يدا بيد فليس به بأس وما كان نسيئة...
- 324 الصرف يدا بيد فلا بأس، وإن كان نساء فلا يصلح
- 325 ما كان بنقد فأجيزوه وما كان نسيئة فردوه
- 326 نهى النبي ﷺ عن الصرف
- 327 الذهب بالذهب وزنا بوزن
- 328 من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يأخذن إلا مثلا...
- 329 ربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضع ربا عباس بن عبد...
- 330 ألا أن كل ربا من ربا الجاهلية موضوع
- 331 بيع الدنانير بالدراهم بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء
- 332 نهى رسول الله ﷺ عن المزابنة
- 333 والمزابنة اشتراء الثمر بالتمر في رؤوس النخل. والمحاقلة كراء الأرض...
- 334 نهى النبي عن المحاقلة والمزابنة
- 335 نهي النبي عن المزابنة والحقول
- 336 نهى رسول الله ﷺ عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة وشراء النخل...
- 337 نهي النبي عن بيع المحاقلة
- 338 نهي النبي عن المحاقلة والمزابنة في الزرع
- 339 صاحب العرية يبيعها بخرصها.
- 340 بيع العرايا بخرصها.
- 341 نهى رسول الله عن المحاقلة والمزابنة والمعاومة والمخابرة
- 342 بيع الثمر بالتمر نهى عنه رسول الله ﷺ وقال ذلك...
- 343 بيع الثمر بالتمر نهى عنه إلا لأصحاب العرايا
- 344 بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق
- 345 بيع العرايا بخرصها: الوسق والوسقين والثلاثة والأربعة
- 346 بيع الرطب بالتمر نهى عنه رسول الله ﷺ
- 347 بيع الثمار حتى يبدو صلاحها نهى البائع والمشتري
- 348 بيع النخل حتى يزهو والسنبل حتى يبيض
معلومات عن حديث: الصرف يدا بيد فلا بأس، وإن كان نساء فلا يصلح
📜 حديث: الصرف يدا بيد فلا بأس، وإن كان نساء فلا يصلح
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: الصرف يدا بيد فلا بأس، وإن كان نساء فلا يصلح
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: الصرف يدا بيد فلا بأس، وإن كان نساء فلا يصلح
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: الصرف يدا بيد فلا بأس، وإن كان نساء فلا يصلح
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








