حديث: لا تلقوا الركبان للبيع ولا يبع بعضكم على بيع بعض

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النهي عن بيع المصرّاة

عن أبي هريرة أن رسول اللَّه ﷺ قال: «لا تلقوا الركبان للبيع، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا تناجشوا، ولا يبع حاضر لباد، ولا تُصرُّوا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها: إن رضيها أمسكها، وإن سخطها ردها وصاعا من تمر».

متفق عليه: رواه مالك في البيوع (٩٦) عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة فذكره.

عن أبي هريرة أن رسول اللَّه ﷺ قال: «لا تلقوا الركبان للبيع، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا تناجشوا، ولا يبع حاضر لباد، ولا تُصرُّوا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها: إن رضيها أمسكها، وإن سخطها ردها وصاعا من تمر».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، جمع فيه تحريم عدة صور من صور الغش والاحتكار والغبن في المعاملات التجارية، حفظاً للحقوق، وإرساءً لمبدأ العدل في التعامل.

أولاً. شرح المفردات:


● لا تلقوا الركبان: التلقي هو الخروج إلى meet القوافل التجارية القادمة من خارج البلد قبل وصولهم إلى السوق.
● لا يبع بعضكم على بيع بعض: أي لا يعرض أحدكم سلعة ليشترى بها مشترياً قد اتفق مع بائع آخر على شراء سلعته.
● لا تناجشوا: النجش هو أن يزيد شخص في ثمن سلعة لا يريد شراءها، ليوهم الآخرين أن قيمتها عالية فينافسوه فيها، وهو نوع من الخداع.
● لا يبع حاضر لباد: الحاضر هو سكان المدن، والبادي هو سكان البوادي (الأعراب). والمعنى ألا يتوسط الحاضر للبادي لبيع سلعته (كالإبل والغنم) بثمن بخس وهو جاهل بسعر السوق.
● لا تُصرُّوا الإبل والغنم: الإصرار هو حبس اللبن في ضرع الحيوان (الناقة أو الشاة) أياماً ليكثر، حتى إذا بدا للمشتري أنها حلوب غزيرة اللبن اشتراها على هذه الصفة، وهي خدعة.
● بخير النظرين: الخيار بين خيارين.
● صاعا من تمر: الصاع مكيال يساوي approximately أربعة أمداد، والمد هو ملء اليدين المعتدلتين.


ثانياً. شرح الحديث:


يضم هذا الحديث النبوي الشريف خمسة تحذيرات من صور التعامل المحرمة:
1- تحريم تلقي الركبان: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أن يخرج تاجر المدينة ليلتقي بالقوافل التجارية القادمة (الركبان) خارج المدينة، قبل أن يصلوا إلى السوق ويعلموا بسعر السوق الحقيقي، فيشتري منهم بضائعهم بأسعار زهيدة وهو يعلم أنهم لو دخلوا السوق لباعوها بأعلى من ذلك. هذا الفعل غبن واضح للمسلم الوارد واستغلال لجهله بأحوال السوق.
2- تحريم البيع على البيع: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يعرض شخص على مشترٍ سلعة ليصرفه عن سلعة قد اتفق على شرائها من بائع آخر، كأن يقول له: "أنا أبيعك مثلها بأرخص أو أجود"، فهذا إضرار بالبائع الأول، ونقض للعقد شبه المكتمل، وإفساد لسوق المسلمين.
3- تحريم النجش: وهو أن يقوم شخص (غالباً صديق البائع أو من يتواطأ معه) بالمزايدة على سلعة في السوق وهو لا يريد شراءها، بل يريد فقط رفع سعرها ليغري غيره من المشترين الحقيقيين بشرائها بسعر مرتفع. وهذا غش صريح وخداع للمشتري.
4- تحريم بيع الحاضر للبادي: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتولى سكان الحضر (العلماء بأحوال السوق وأسعاره) بيع سلع أهل البوادي (الذين قد يجهلون الأسعار الحقيقية) مقابل عمولة، لأنه قد يستغل جهلهم ويبيع سلعتهم بأقل من قيمتها الحقيقية. والأولى أن يتركوا لهم الدخول إلى السوق وبيع سلعهم بأنفسهم، أو أن ينصحهم الحاضر بالسعر العادل دون غش.
5- تحريم الإصرار في البيع (بيوع الغرر): نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن خدعة كانت معروفة، وهي أن يحبس البائع لبن الناقة أو الشاة يومين أو ثلاثة فلا يحلبها، فيمتلئ الضرع ويراه المشتري فيظن أنها غزيرة اللبن دائماً، فيشتريها على هذا الأساس. وهذا غرر (جهالة وخطر) وغش.
ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم العلاج والعدل في حالة وقوع هذه المعاملة المحرمة (الإصرار)، فأعطى للمشتري خياراً بعد اكتشافه للخدعة:
● الخيار الأول: أن يرضى بالسلعة كما هي ويمسكها.
● الخيار الثاني: أن يردها إلى البائع ويأخذ ثمنها back، ولكن عليه أن يرد معها صاعاً من تمر كتعويض للبائع عن اللبن الذي احتلب منه أثناء مدة بقاء الحيوان عنده. وهذا من كمال عدل الشريعة، حيث حفظ حق البائع أيضاً.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- تحريم الغش والاحتيال في المعاملات: الإسلام دين الأمانة والصدق، والغش في البيع محرم كبير، وهو منافٍ للإيمان.
2- النهي عن استغلال جهل الآخرين: يحرم على المسلم أن يستفيد من جهل أخيه أو عدم معرفته بالسوق ليغبنه في البيع والشراء.
3- الحفاظ على استقرار السوق: النهي عن هذه الصور يحول دون الفوضى والضرر في السوق، ويبني الثقة بين المتعاملين.
4- العدل المطلق: حتى عندما يقع الظلم، جاءت الشريعة بالحل العادل الذي يرعى حقوق الطرفين، كما في إلزام المشتري برد الصاع تعويضاً عن المنفعة التي أخذها.
5- سمو الأخلاق في الإسلام: لم يأت الإسلام لتنظيم العبادات فقط، بل لتنظيم كل شؤون الحياة، including المعاملات، وجعل الأمانة والصدق ركيزة فيها.


رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، مما يدل على عظم مكانته وصحته.
- هذه الصور المحرمة تدخل في باب "التجارة بالمعروف" التي أمر الله
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في البيوع (٩٦) عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة فذكره. ورواه البخاري في البيوع (٢١٥٠)، ومسلم في البيوع (١٥١٥: ١١)، كلاهما من طريق مالك به مثله.
ورواه مسلم أيضًا (١٥٢٤: ٢٨) من طريق همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول اللَّه ﷺ، فذكر أحاديث منها: «إذا ما أحدكم اشترى لقحة مصراة أو شاة مصراة، فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها: إما هي، وإلا فليردها وصاعًا من تمرٍ».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 480 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تلقوا الركبان للبيع ولا يبع بعضكم على بيع بعض

  • 📜 حديث: لا تلقوا الركبان للبيع ولا يبع بعضكم على بيع بعض

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا تلقوا الركبان للبيع ولا يبع بعضكم على بيع بعض

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا تلقوا الركبان للبيع ولا يبع بعضكم على بيع بعض

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا تلقوا الركبان للبيع ولا يبع بعضكم على بيع بعض

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب