من طلبني بمظلمة فأنا منه بريء

حديث: من طلبني بمظلمة فأنا منه بريء

عن أبي سعيد قال: غلا السعر على عهد رسول اللَّه ﷺ، فقالوا: لو قوَّمت يا رسول اللَّه، قال: «إني لأرجو أن أفارقكم، ولا يطلبني أحد منكم بمظلمة ظلمته».

صحيح: رواه ابن ماجه (٢٢٠١)، والإمام أحمد (١١٨٠٩)، والطبراني في الأوسط (٥٩٥٢) كلهم من طرق عن أبي نضرة، عن أبي سعيد فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يزيدنا وإياك فهماً لسنة نبيه ﷺ.
هذا حديث عظيم من جوامع كلمه ﷺ، الذي أوتي الحكمة وفصل الخطاب. وها هو شرحه على النحو التالي:

الحديث بلفظه كاملاً:

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: غَلا السِّعْرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ قَوَّمْتَ (أي: حددت أسعاراً ثابتة)، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ، الْقَابِضُ، الْبَاسِطُ، الرَّازِقُ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى رَبِّي وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَطْلُبُنِي بِمَظْلِمَةٍ فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ».
(رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني)

1. شرح المفردات:

● غلا السعر: ارتفعت الأسعار وازدادت تكلفة السلع.
● قوَّمت: حددت سعراً إلزامياً للبضائع، أي تتدخل لتحديد الأسعار (التسعير الجبري).
● المسعِّر: الذي يرفع الأسعار ويخفضها بقدرته وحكمته.
● القابض، الباسط: الذي يقبض الأرزاق ويوسعها على من يشاء.
● الرازق: الذي يتكفل بأرزاق العباد.
● مظلمة: أي ظلم أو حقٍ اغتصبه من أحد.

2. شرح الحديث:

يخبرنا الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن الناس في عهد النبي ﷺ شكوا إليه ارتفاع الأسعار (غلا السعر) وطلبوا منه أن يتدخل بفرض أسعار ثابتة على الباعة (لو قوَّمت).
فأجابهم النبي ﷺ رداً حكيماً وعميقاً، يمكن تقسيمه إلى جزأين:
الجزء الأول: التوجيه الاقتصادي والعقدي (إن الله هو المسعِّر...):
رفض النبي ﷺ فكرة التسعير الجبري، وبيَّن أن تقلب الأسعار وارتفاعها وانخفاضها هو من تقدير الله تعالى وقدرته. فالله هو الذي يوسع الرزق ويقدره، وهو الذي يخلق أسباب الغلاء والرخص (كالقحط، وفرة المحصول، قلة المعروض، كثرة الطلب... إلخ). هذا الرفض ليس إهمالاً لأحوال الناس، بل هو احترام لسنن الله في السوق和经济، والتي تقوم على قانون العرض والطلب والمنافسة الحرة في إطار الضوابط الشرعية (مثل تحريم الاحتكار والغش).
الجزء الثاني: التوجيه الأخلاقي والمسؤولية (إني لأرجو أن ألقى ربي...):
هنا يربط النبي ﷺ بين قراره بعدم التدخل في التسعير وبين المسؤولية العظيمة الملقاة على عاتقه، وهي العدل وعدم الظلم. فلو فرض أسعاراً قسرية، لكان ذلك ظلماً للبائعين إذا كانت الأسعار المفروضة أقل من التكلفة الحقيقية، مما يجبرهم على البيع بخسارة. وهذا ظلم يطلبون به النبي ﷺ يوم القيامة. فرفضه للتسعير هو في الحقيقة حماية لنفسه من الظلم، وحماية لأموال الناس من المصادرة غير العادلة.

3. الدروس المستفادة والعبر:

1- الحكمة في التعامل مع الاقتصاد: يرشدنا الحديث إلى أن التدخل في السوق يجب أن يكون بحكمة وبعد عن العشوائية. فدور الدولة ليس التحكم في الأسعار بقوة القانون، بل محاربة الممارسات الظالمة التي تسبب الغلاء الاصطناعي، مثل الاحتكار (حَبْس السلع انتظاراً لغلائها)، والغش، والتلاعب، واحتكار القلة.
2- التسعير الجبري ظلم: يحرم التسعير القسري إذا كان سيؤدي إلى ظلم أحد الطرفين (البائع أو المشتري). أما إذا تدخل ولي الأمر لتسعير سلعة معينة بسبب وجود ظلم صارخ أو احتكار، وكان التسعير بقدر القيمة الحقيقية العادلة للسلعة (لا أقل منها)، فهذا جائز بل ومطلوب لرد الظلم. وهذا تفصيل مهم ذكره الفقهاء.
3- توحيد الربوبية: الحديث يغرس فينا إيماناً عميقاً بأن الرزق بيد الله وحده، وهو الذي يرفع الأسعار ويخفضها لحكمة يعلمها. وهذا يمنعنا من الاعتراض على قضاء الله وقدره في هذه الأمور، ويدفعنا للبحث عن الأسباب الشرعية لتحسين أحوالنا.
4- قدوة في العدل والمسؤولية: النبي ﷺ يعلمنا كيف يكون القائد العادل الذي يخاف من أن يظلم أحداً من رعيته حتى لو بحق، حتى في الأمور الاقتصادية الدقيقة. فهو يريد أن يقف بين يدي الله وضميره مرتاحاً من حقوق العباد.
5- سمو الأخلاق فوق المصلحة المادية: حتى في أزمة اقتصادية (غلاء الأسعار)، يرفض النبي ﷺ أن يحل المشكلة بظلم فئة أخرى (البائعين). المخرج هو في إصلاح الأخلاق الاقتصادية وليس في القمع والإجبار.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث هو أصل من أصول الاقتصاد الإسلامي، ويستدل به العلماء على أن الأصل هو حرية Prices في السوق ما دامت within الإطار الشرعي.
- الفقهاء است

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن ماجه (٢٢٠١)، والإمام أحمد (١١٨٠٩)، والطبراني في الأوسط (٥٩٥٢) كلهم من طرق عن أبي نضرة، عن أبي سعيد فذكره.
وأبو نضرة اسمه المنذر بن مالك بن قُطعة العبدي، ثقة من رجال مسلم.
قال الهيثمي في المجمع (٤/ ٩٩) بعد أن عزاه لأحمد والطبراني: «رجال أحمد رجال الصحيح».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 494 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من طلبني بمظلمة فأنا منه بريء

📜 حديث: من طلبني بمظلمة فأنا منه بريء

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من طلبني بمظلمة فأنا منه بريء

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من طلبني بمظلمة فأنا منه بريء

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من طلبني بمظلمة فأنا منه بريء

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية