حديث: البيع عن تراض، وكونوا عباد الله إخوانا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في التسعير

عن أبي سعيد الخدري أن يهوديا قدم زمن النبي ﷺ بثلاثين حمل شعير وتمر، فسعَّر مدًّا بمد النبي ﷺ، وليس في الناس يومئذ طعام غيره، وكان قد أصاب الناس قبل ذلك جوع، لا يجدون فيه طعاما، فأتى النبيَّ ﷺ الناسُ يشكون إليه غلاء السعر، فصعد المنبر، فحمد اللَّه، وأثنى عليه، ثم قال: «لا ألقين اللَّه من قبل أن أعطي أحدا من مال أحد من غير طيب نفس، إنما البيع عن تراض، ولكن في بيوعكم خصالا أذكرها لكم. لا تضاغنوا، ولا تناجشوا، ولا تحاسدوا، ولا يسوم الرجل على سوم أخيه، ولا يبيعن حاضر لباد، والبيع عن تراض، وكونوا عباد اللَّه إخوانا».

حسن: رواه ابن حبان (٤٩٦٧)، وأبو يعلى (١٣٥٤)، والبيهقي (٦/ ١٧)، وابن ماجه (٢١٨٥) كلهم من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن داود بن صالح التمار، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري فذكره.

عن أبي سعيد الخدري أن يهوديا قدم زمن النبي ﷺ بثلاثين حمل شعير وتمر، فسعَّر مدًّا بمد النبي ﷺ، وليس في الناس يومئذ طعام غيره، وكان قد أصاب الناس قبل ذلك جوع، لا يجدون فيه طعاما، فأتى النبيَّ ﷺ الناسُ يشكون إليه غلاء السعر، فصعد المنبر، فحمد اللَّه، وأثنى عليه، ثم قال: «لا ألقين اللَّه من قبل أن أعطي أحدا من مال أحد من غير طيب نفس، إنما البيع عن تراض، ولكن في بيوعكم خصالا أذكرها لكم. لا تضاغنوا، ولا تناجشوا، ولا تحاسدوا، ولا يسوم الرجل على سوم أخيه، ولا يبيعن حاضر لباد، والبيع عن تراض، وكونوا عباد اللَّه إخوانا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث النبوي الشريف الذي رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه:

نص الحديث:


عن أبي سعيد الخدري أن يهوديا قدم زمن النبي ﷺ بثلاثين حمل شعير وتمر، فسعَّر مدًّا بمد النبي ﷺ، وليس في الناس يومئذ طعام غيره، وكان قد أصاب الناس قبل ذلك جوع، لا يجدون فيه طعاما، فأتى النبيَّ ﷺ الناسُ يشكون إليه غلاء السعر، فصعد المنبر، فحمد اللَّه، وأثنى عليه، ثم قال: «لا ألقين اللَّه من قبل أن أعطي أحدا من مال أحد من غير طيب نفس، إنما البيع عن تراض، ولكن في بيوعكم خصالا أذكرها لكم. لا تضاغنوا، ولا تناجشوا، ولا تحاسدوا، ولا يسوم الرجل على سوم أخيه، ولا يبيعن حاضر لباد، والبيع عن تراض، وكونوا عباد اللَّه إخوانا».


1. شرح المفردات:


● حمل: ما يُحمل على الدابة من طعام أو غيره.
● شعير وتمر: نوعان من الطعام الأساسي في ذلك الوقت.
● سعَّر مدًّا بمد النبي ﷺ: أي جعل سعر المد من طعامه يساوي مد النبي ﷺ من الطعام، وهذا يدل على التسعير بغير حق.
● غلاء السعر: ارتفاع الأسعار بشكل مفرط.
● لا ألقين اللَّه: أي لا أموت وألقى الله تعالى.
● من غير طيب نفس: بدون رضا صاحب المال وموافقته.
● البيع عن تراض: بأن يرضى البائع والمشتري بالبيع.
● لا تضاغنوا: لا تحقدوا أو تباغضوا.
● لا تناجشوا: النجش هو أن يزيد في السلعة من لا يريد شراءها ليروجها ويغري الآخرين بشرائها.
● لا تحاسدوا: لا يتمنى أحدكم زوال نعمة الآخر.
● لا يسوم الرجل على سوم أخيه: لا يعرض على البائع بعد أن اتفق مع أخيه على الشراء.
● لا يبيعن حاضر لباد: لا يبيع سكان المدينة (الحاضر) للتجار القادمين من البادية (الباد) بل اتركوا لهم يبيعون مباشرة للمستهلك.


2. شرح الحديث:


يحدثنا أبو سعيد الخدري رضي الله عنه عن قصة وقعت في زمن النبي ﷺ، حيث قدم يهودي بكمية كبيرة من الطعام (شعير وتمر) في وقت كان الناس يعانون فيه من الجوع وغلاء الأسعار. فقام هذا اليهودي بتسعير الطعام بطريقة غير عادلة، مما دفع الناس للشكوى إلى النبي ﷺ.
فصعد النبي ﷺ المنبر – وهو مكان الخطابة والتوجيه – وحمد الله وأثنى عليه، ثم وجه كلامه إلى الأمة بوصايا مهمة في المعاملات المالية والأخلاقية، منها:
- التأكيد على أن البيع يجب أن يكون بالتراضي بين البائع والمشتري.
- النهي عن البغضاء والحقد بين المسلمين.
- النهي عن النجش (الغش في البيع).
- النهي عن الحسد.
- النهي عن أن يعرض أحد على سلعة قد سبقه أخوه إلى التفاوض عليها.
- النهي عن أن يتوسط سكان المدينة بين البادية والمستهلكين لاستغلال حاجتهم.
وختم النبي ﷺ وصيته بقوله: «كونوا عباد الله إخوانا»، تأكيدًا على أهمية الأخوة والتعاون في الإسلام.


3. الدروس المستفادة منه:


● تحريم التسعير الجائر: لا يجوز استغلال حاجة الناس ورفع الأسعار بشكل غير مبرر.
● أهمية التراضي في المعاملات: البيع لا يصح إلا برضا الطرفين.
● تحريم النجش: وهو من أنواع الغش المحرمة في الإسلام.
● تحريم الحسد والبغضاء: فهما من أمراض القلوب التي تهدم المجتمع.
● النهي عن التدخل في صفقات الآخرين: حتى لا يفسد العلاقات ويسبب الخصومات.
● الحث على الأخوة والتعاون: فالمسلمون أخوة، يجب أن يتعاونوا ولا يتضرر بعضهم من بعض.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده، وهو حديث صحيح.
- الحديث يظهر عدل الإسلام وحرصه على تحقيق التوازن في المعاملات المالية.
- النهي عن "بيع الحاضر للباد" من أجل منع الاحتكار واستغلال حاجة البادية.
- هذه الوصايا النبوية تشكل أساسًا للأخلاق التجارية في الإسلام، والتي تهدف إلى بناء مجتمع متعاون ومتراحم.

أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يعيننا على تطبيق تعاليم الإسلام في معاملاتنا وأخلاقنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن حبان (٤٩٦٧)، وأبو يعلى (١٣٥٤)، والبيهقي (٦/ ١٧)، وابن ماجه (٢١٨٥) كلهم من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن داود بن صالح التمار، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري فذكره. واللفظ لابن حبان. واختصره أبو يعلى والبيهقي، واكتفى ابن ماجه بقوله: «إنما البيع عن تراض». وإسناده حسن من أجل الدراوردي، وشيخه داود بن صالح.
وفي الباب عن ابن عباس، وعلي، وأبي جحيفة، وأبي بصيلة. ولا يصح منها شيء. (انظر مجمع الزوائد ٤/ ٩٩ - ١٠٠). والصحيح منها ما ذكرته.
فقه الحديث:
الأصل في البيع والشراء التراضي، كما قال اللَّه تعالى ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا
أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [سورة النساء: ٢٩].
ولذا ذهب جمهور أهل العلم إلى عدم التسعير مستدلين بهذه الأحاديث.
وقد ثبت عن عمر بن الخطاب أنه راجع عن تدخله في أمور السوق، رواه مالك في الموطأ في البيوع (٦٠) عن يونس بن يوسف، عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب مر بحاطب بن أبي بلتعة، وهو يبيع زبيبا له بالسوق، فقال له عمر بن الخطاب: إما أن تزيد في السعر، وإما أن ترفع من سوقنا.
وتفصيل ذلك كما رواه الشافعي عن الدراوردي، عن داود بن صالح التمار، عن القاسم بن محمد، عن عمر بن الخطاب أنه مر بحاطب بن أبي بلتعة، وبين يديه غرارتان فيهما زبيب، فذكر نحو حديث مالك: إما أن ترفع في السعر، وإما أن تدخل زبيبك بيتك فتبيعه كيف شئت. فلما رجع عمر حاسب نفسه، ثم أتى حاطبا في داره، فقال له عمر: إن الذي قلت ليس بعزيمة مني، ولا قضاء، وإنما هو شيء أردت به الخير لأهل البلد، فحيث شئت وكيف شئت فبع». (الاستذكار ٢٠/ ٧٥، والسنن الكبرى للبيهقي (٦/ ٢٩).
ولكن يجوز للحاكم إذا رأى أن البائعين أغلوا أسعارهم، وأفسدوا على المسلمين معيشتهم أن بسعر لهم الطعام الذي هو قوت الحياة؛ لأن فيه إقامة السوق وإصلاحها؛ لأن من حق الوالي أن ينظر للمسلمين فيما يصلحهم، ويعمهم نفعه.
وقد قال به بعض أهل العلم، منهم الليث بن سعد، وربيعة، ويحيى بن سعيد، وغيرهم.
وبه قال بعض المالكية والحنفية بناء على القاعدة الفقهية: «إن الضرر يزال». ولا شك إن تعدى البائع على السلعة الأساسية يعتبر من أكبر الضرر على عامة الناس.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 495 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: البيع عن تراض، وكونوا عباد الله إخوانا

  • 📜 حديث: البيع عن تراض، وكونوا عباد الله إخوانا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: البيع عن تراض، وكونوا عباد الله إخوانا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: البيع عن تراض، وكونوا عباد الله إخوانا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: البيع عن تراض، وكونوا عباد الله إخوانا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب