حديث: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب في ميراث العصبة

عن عبد اللَّه بن عباس قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر».

متفق عليه: رواه البخاري في الفرائض (٦٧٣٢)، ومسلم في الفرائض (١٦١٥) كلاهما من حديث وهيب، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن عباس فذكره.

عن عبد اللَّه بن عباس قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

أولاً. شرح المفردات:


● ألحقوا الفرائض بأهلها: أي أعطوا المستحقين من الورثة أنصباءهم المقدرة في كتاب الله تعالى (كالنصف، والربع، والثمن... إلخ).
● فما بقي: أي ما تبقى من التركة بعد إعطاء أصحاب الفروض حقوقهم.
● أولى رجل ذكر: أي أقرب رجل من العصبة إلى الميت، وهم الذكور من الأقارب الذين ليس لهم نصيب مقدر (فريضة) كالابن، والأخ، والعم، ونحوهم.

ثانياً. شرح الحديث:


يضع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث القاعدة الذهبية والأصل الكبير في تقسيم المواريث، والتي يمكن تفصيلها على النحو التالي:
1- المرحلة الأولى: إعطاء أصحاب الفروض أنصباءهم: يبدأ القاسم (المُوَرِّث) بتحديد الورثة الذين لهم أنصباء محددة في القرآن الكريم والسنة النبوية، وهؤلاء يُسمون "أصحاب الفروض". ومن أمثلة فروضهم: النصف، والربع، والثمن، والثلثان، والثلث، والسدس. فيعطي كل ذي حق حقه.
2- المرحلة الثانية: ما يتبقى من التركة (العصبة): بعد أن يأخذ كل صاحب فريضة نصيبه، قد يتبقى جزء من التركة، أو قد لا يتبقى شيء (كما في حالة استغراق الفروض للتركة بالكامل)، أو قد يزيد شيء (كما في حالة وجود عاصب). فإذا بقي شيء، فإنه لا يرد على أصحاب الفروض (في مذهب الجمهور)، بل يعطى لما يلي:
* لأولى رجل ذكر: أي للعصبة من الرجال، حسب ترتيبهم في القرابة، فيبدأ بالأقرب فالأقرب. فأولاهم بالمال الباقي هو الأقرب إلى الميت، فابن المتوفى أولى من حفيده، والأخ أولى من العم، وهكذا.
* قاعدة "العصبة": والعصبة هم كل وارث ليس له سهم مقدر، ويأخذ كل المال إذا انفرد، أو يأخذ ما بقي بعد أصحاب الفروض إذا وجدوا، وإذا لم يبق شيء فلا شيء له.

ثالثاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:


1- إثبات أصول الميراث: الحديث أصل عظيم من أصول علم الفرائض (الميراث)، وهو بمثابة القانون العام الذي تُرد إليه جزئيات المسائل.
2- العدل الإلهي في التوزيع: نظام الميراث في الإسلام نظام عادل ودقيق، حدد الله فيه أنصباء مستحقيها حفظًا للحقوق ومنعًا للجهالات والمنازعات.
3- التدرج في التوزيع: النظام واضح ومنطقي، يبدأ بإعطاء المستحقين حقوقهم المقدرة، ثم يصرف الباقي للعصبة.
4- مكانة العصبة: يبين الحديث مكانة العصبة وهم الرجال الذين يحملون اسم العائلة وينهضون بأعبائها، فهم العمود الفقري للنظام الاجتماعي، ويأخذون الباقي تعويضًا عن أعباء النفقة والكفالة التي تقع على عاتقهم.
5- الحكمة من حرمان بعض الأقارب في حالات معينة: قد يحرم بعض الأقارب (كالأخوة مع الابن) ليس ظلمًا لهم، ولكن لأن حاجة الابن -وهو العصبة المباشر- آكد وأولى، ولضمان تركيز الثروة وعدم تشتيتها.

رابعاً. مثال تطبيقي لتوضيح الحديث:


توفيت امرأة عن: زوج، وأم، وابنتين.
* المرحلة الأولى (أصحاب الفروض):
* الزوج: له الربع (لوجود الفرع الوارث وهو البنات). → ١/٤
* الأم: لها السدس (لوجود الفرع الوارث). → ١/٦
* الابنتان: لهما الثلثان (فرض الابنتين أو البنات إذا كن أكثر من اثنتين هو الثلثان). → ٢/٣
* نجمع الأنصباء: (١/٤ + ١/٦ + ٢/٣) = (٣/١٢ + ٢/١٢ + ٨/١٢) = ١٣/١٢. المجموع أكبر من الواحد الصحيح (التركة) وهذا يسمى "العول"، فيتم تخفيض أنصباء جميع الورقة بنسبة العول.
* في هذه الحالة لا يبقى شيء، فلا شيء للعصبة.
مثال آخر: توفي رجل عن: بنت، وأخ شقيق.
* المرحلة الأولى: البنت لها النصف فرضًا. → ١/٢
* المرحلة الثانية: بقي النصف الآخر، فيعطى للأخ الشقيق (وهو "أولى رجل ذكر" هنا) عصبةً. فيجتمع لهما المال كله: النصف فرضًا والنصف الآخر عصبة.
وهكذا يتضح منهج النبي صلى الله عليه وسلم في تقسيم التركة، وهو منهج قائم على العدل والحكمة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الفرائض (٦٧٣٢)، ومسلم في الفرائض (١٦١٥) كلاهما من حديث وهيب، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن عباس فذكره.
قوله: «ألحقوا الفرائض بأهلها» أي أعطوا ذوي السهام سهامهم.
وقوله: «لأولى رجل» أي لأقرب رجل. أراد قرب النسب.
واعلم أن أسباب الميراث ثلاثة: نسب، ونكاح، وولاء، فالمراد بالنسب أن القرابة يرث بعضهم بعضا، وبالنكاح أن أحد الزوجين يرث الآخر، وبالولاء أن المعتق وعصباته يرثون من المعتق.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 8 من أصل 66 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر

  • 📜 حديث: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب