من ترك دينا أو ضيعة فإلي

حديث: من ترك دينا أو ضيعة فإلي

عن المقدام الكندي قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، فمن ترك دينا أو ضيعة فإليَّ، ومن ترك مالا فلورثته، وأنا مولى من لا مولى له، أرث ماله، وأفك عانه. والخال مولى من لا مولى له، يرث ماله، ويفك عانه».

حسن: رواه أبو داود (٢٩٠٠)، وابن ماجه (٢٦٣٤) كلاهما من حديث حماد بن زيد، عن بديل بن ميسرة، عن علي بن أبي طلحة، عن راشد بن سعد، عن أبي عامر الهوزني، عن المقدام الشامي فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع الذي رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، عن المقدام بن معديكرب الكندي رضي الله عنه، عن النبي ﷺ:

أولاً. شرح المفردات:

● أولى بكل مؤمن من نفسه: أي أحق بتدبير شؤونه ومصالحه من نفسه، وهذا منزلة عظيمة للنبي ﷺ في قلوب المؤمنين.
● ضَيعة: ما يتركه الميت من مال أو متاع أو ديون عليه.
● فإليَّ: أي فعليَّ أداء دينه وتحمل ضيعته.
● مولى: وليٌّ ونصيرٌ، وهو الذي يتولى أمور غيره وينصره.
● أرث ماله: أي آخذ ميراثه إذا لم يكن له وارث.
● أفك عانه: أفكَّ يعني أطلق، والعانة: الأسير أو المملوك، والمعنى أن النبي ﷺ يُحرر أسيره إذا لم يكن له مولى.
● الخال: هو أخو الأم.

ثانياً. شرح الحديث:

يبيّن النبي ﷺ في هذا الحديث عظيم حقه على المؤمنين، ويقرر قاعدة مهمة في المواريث والولاية، فيقول:
1- "أنا أولى بكل مؤمن من نفسه":
هذه منزلة لا يبلغها أحد بعد النبي ﷺ، فهو أحق بالمؤمن من نفسه، لأن هديه وحكمته فوق اختيارات النفس وأهوائها. وهذه الأولوية تشمل الشفاعة والقيادة والاتباع في الدين.
2- "فمن ترك ديناً أو ضيعة فإليَّ":
أي إذا مات المسلم وترك ديناً على عاتقه، أو ترك ضيعة (أي مالاً لا وارث له)، فإن النبي ﷺ يتحمل ذلك، فيقضي دينه من مال المسلمين العام (بيت المال) إن لم يكن للميت مال.
3- "ومن ترك مالاً فلورثته":
هذه قاعدة الميراث الأساسية، فمن ترك مالاً وله ورثة معروفون، فالمال لهم بحسب فرائض الله تعالى.
4- "وأنا مولى من لا مولى له":
أي أن النبي ﷺ هو وليُّ الذي لا وليَّ له، كاللقطاء أو المنقطعين الذين لا عشيرة لهم.
5- "أرث ماله، وأفك عانه":
فإذا مات شخص لا وارث له، فإن ميراثه يؤول إلى بيت مال المسلمين، وكان النبي ﷺ يتولى ذلك بنفسه في عصره. وقوله "أفك عانه" يعني أنه يُعتق رقيقه إذا كان له عبد ولم يكن له وارث.
6- "والخال مولى من لا مولى له":
هنا يبين النبي ﷺ أن الخال (أخو الأم) يُعتبر ولياً لمن لا وليَّ له، فيرثه ويعتق رقيقه إذا لم يكن هناك عصبة أقرباء.

ثالثاً. الدروس المستفادة:

1. عظم حق النبي ﷺ على أمته، وأنه أحق بهم من أنفسهم، مما يوجب تقديم طاعته على الهوى.
2. بيان رحمة الإسلام بالغرباء والمنقطعين، حيث جعل لهم ولاة من أهل الدين والقرابة.
3. أهمية قضاء ديون الموتى والاهتمام بأموال اليتامى والغرباء.
4. إثبات ولاية الخال في الميراث عند انعدام الورثة من العصبة، وهو توجيه رحيم بحفظ الأموال داخل الأسر.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث يدل على أن النبي ﷺ كان بمثابة الدولة الراعية لأفراد الأمة، يتولى شؤونهم المالية والاجتماعية عند الحاجة.
- القاعدة الفقهية المستفادة: أن مال من لا وارث له يؤول إلى بيت مال المسلمين.
- الخال يرث عند عدم وجود العصبة، كما ذهب إلى ذلك جمهور الفقهاء.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٩٠٠)، وابن ماجه (٢٦٣٤) كلاهما من حديث حماد بن زيد، عن بديل بن ميسرة، عن علي بن أبي طلحة، عن راشد بن سعد، عن أبي عامر الهوزني، عن المقدام الشامي فذكره. واللفظ لأبي داود، واختصره ابن ماجه.
ومن هذا الطريق رواه الدارقطني (٤/ ٨٥ - ٨٦)، وصحّحه الحاكم (٤/ ٣٤٤) على شرط الشيخين، والبيهقي (٦/ ٢١٤). وتعقبه الذهبي، فقال: «علي بن أبي طلحة لم يخرج له البخاري، وقال أحمد: له أشياء منكرات».
قال الأعظمي: هو مختلف فيه غير أنه حسن الحديث.
ورواه شعبة عن بديل، وفيه: «الخال وارث من لا وارث له». رواه أبو داود (٢٨٩٩)، وابن ماجه (٢٧٣٨)، وصحّحه ابن حبان (٦٠٣٥)، وقد سمع ابن أبي حاتم أبا زرعة، وذكر حديث
المقدام بن معدي كرب، فقال: «حديث حسن». «العلل» (٢/ ٥٠).
إلا أن البيهقي أعله بالاضطراب، ونقل عن يحيى بن معين أنه يبطل حديث: «الخال وارث من لا وارث له». يعني حديث المقدام. وقال: ليس فيه حديث قوي. انتهى.
وقد عرفت من صحَّح هذا الحديث من الأئمة، أو حسَّنه، وهو المعتمد؛ فإن علي بن أبي طلحة مولى بني العباس حسن الحديث. قال أبو داود: «هو إن شاء اللَّه مستقيم الحديث، ولكن له رأي سوء». وقال النسائي: «ليس به بأس». وذكره ابن حبان في الثقات.
قال أبو داود: «رواه الزبيدي، عن راشد بن سعد، عن ابن عائذ، عن المقدام. ورواه معاوية ابن صالح، عن راشد قال: سمعت المقدام».
وحديث الزبيدي أخرجه ابن حبان (٦٠٣٦) من طريق عبد اللَّه بن سالم عنه قال: حدثنا راشد ابن سعد بإسناده، ولفظه: «من ترك دينا أو ضيعة فإلي، ومن ترك مالا فلورثته، وأنا مولى من لا مولى له، أفك عنه، وأرث ماله. والخال مولى من لا مولى له، يفك عنه، ويرث ماله».
والزبيدي هو محمد بن الوليد ثقة.
قال ابن حبان: «سمع هذا الخبر راشد بن سعد عن أبي عامر الهوزني، عن المقدام، وسمعه عن عبد الرحمن بن عائذ الأزدي عن المقدام بن معدي كرب، فالطريقان جميعا محفوظان، ومتناهما متباينان».
وأما حديث معاوية بن صالح -وهو ابن حدير الحمصي- فأخرجه أحمد (١٧١٩٩) عن حماد ابن خالد قال: حدثنا معاوية بن صالح بإسناده، ولفظه: «من ترك مالا فلورثته، ومن ترك دينا أو ضيعة فإلي، وأنا ولي من لا ولي له، أفك عنه، وأرث ماله. والخال ولي من لا ولي له، يفك عنه، ويرث ماله».
ورواه أيضًا (١٧٢٠٠) عن عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية بن صالح قال: سمعت راشد بن سعد يحدث عن المقدام بن معدي كرب قال فذكر مثله.
ورواه الطحاوي في مشكله (٢٧٥٠) من حديث أسد بن موسى، حدثنا معاوية بن صالح حدثني راشد بن سعد، أنه سمع المقدام بن معد يكرب فذكره.
وفيه التصريح بسماع راشد بن سعد من المقدام.
فلا سبيل إلى الجمع إلا أن نقول: لعله سمع أولا بالواسطة، ثم سمع بدونها؛ لأنه سمع ممن كان في أيامه من أصحاب رسول اللَّه ﷺ، قد سمع معاوية بن أبي سفيان وثوبان وغيرهما، وهذه ليست بعلة قادحة.
وقوله: «يفك عانه». وفي رواية: «يفك عنه». ومعناه أنه عاقلة يفك عنه أسره في الجنايات.
وأما ما روي عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه ﷺ: «الخال وارث من لا وارث له» فالصحيح
أنه موقوف.
رواه الترمذي (٢١٠٤) عن إسحاق بن منصور، أخبرنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن عمرو ابن مسلم، عن طاوس، عن عائشة فذكرته.
قال الترمذي: «حسن غريب. وقد أرسله بعضهم، ولم يذكر فيه عن عائشة».
قال الأعظمي: وهو كما قال؛ فقد رواه الدارقطني (٤/ ٨٥)، والبيهقي (٦/ ٢١٥) من طريق أبي عاصم، وشك أبو عاصم في رفعه.
وعمرو بن مسلم ليس بالقوي، كما قال أحمد، وابن معين.
قال البيهقي: وقد روي عن ابن طاوس مرسلا، ورجح الدارقطني وقفه.
ثم قال الترمذي: «واختلف فيه أصحاب النبي ﷺ، فورث بعضهم الخال والخالة والعمة. وإلى هذا الحديث ذهب أكثر أهل العلم في توريث ذوي الأرحام. وأما زيد بن ثابت فلم يورثهم، وجعل الميراث في بيت المال».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 44 من أصل 66 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من ترك دينا أو ضيعة فإلي

📜 حديث: من ترك دينا أو ضيعة فإلي

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من ترك دينا أو ضيعة فإلي

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من ترك دينا أو ضيعة فإلي

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من ترك دينا أو ضيعة فإلي

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية