حديث: بيعة علي لأبي بكر رضي الله عنهما

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قول النبي ﷺ: «لا نورث ما تركنا صدقة»

عن عائشة أن فاطمة عليها السلام بنت النبي ﷺ أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول اللَّه ﷺ مما أفاء اللَّه عليه بالمدينة وفَدَك وما بقي من خمس خيبر، فقال أبو بكر: إن رسول اللَّه ﷺ قال: «لا نورث ما تركنا صدقة، إنما يأكل آل محمد ﷺ في هذا المال». وإني واللَّه لا أغير شيئًا من صدقة رسول اللَّه ﷺ عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول اللَّه ﷺ، ولأعملنَّ فيها بما عمل به رسول اللَّه ﷺ، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئًا، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك، فهجرته، فلم تكلمه حتى توفيت، وعاشت بعد النبي ﷺ ستة أشهر، فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلا، ولم يؤذن بها أبا بكر، وصلى عليها، وكان لعلي من الناس وجهٌ حياة فاطمة، فلما توفيت استنكر عليٌ وجوهَ الناس، فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته، ولم يكن يبايع تلك الأشهر، فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا، ولا يأتنا أحد معك كراهية لمحضر عمر، فقال عمر: لا واللَّه لا تدخل عليهم وحدك، فقال أبو بكر: وما عسيتُهم أن يفعلوا بي، واللَّه لآتينهم. فدخل عليهم أبو بكر، فتشهد علي، فقال: إنا قد عرفنا فضلك وما أعطاك اللَّه، ولم نفس عليك خيرا ساقه اللَّه إليك، ولكنك استبددت علينا بالأمر، وكنا نرى لقرابتنا من رسول اللَّه ﷺ نصيبًا، حتى فاضت عينا أبي بكر، فلما تكلم أبو بكر قال: والذي نفسي بيده، لقرابة رسول اللَّه ﷺ أحب إلي أن أصل من قرابتي، وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال فلم آل فيها عن الخير، ولم أترك أمرا رأيت رسول اللَّه ﷺ يصنعه
فيها إلا صنعته. فقال علي لأبي بكر: موعدك العشية للبيعة. فلما صلى أبو بكر الظهر رقي على المنبر، فتشهد، وذكر شأن علي، وتخلفه عن البيعة، وعذره بالذي اعتذر إليه، ثم استغفر، وتشهد علي، فعظم حق أبي بكر، وحدث أنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبي بكر ولا إنكارا للذي فضله اللَّه به، ولكنا نرى لنا في هذا الأمر نصيبا، فاستبد علينا فوجدنا في أنفسنا. فسر بذلك المسلمون، وقالوا: أصبت، وكان المسلمون إلى علي قريبا حين راجع الأمر بالمعروف.

صحيح: رواه البخاري في المغازي (٤٢٤٠، ٤٢٤١) عن يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة فذكرته.

عن عائشة أن فاطمة ﵍ بنت النبي ﷺ أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول اللَّه ﷺ مما أفاء اللَّه عليه بالمدينة وفَدَك وما بقي من خمس خيبر، فقال أبو بكر: إن رسول اللَّه ﷺ قال: «لا نورث ما تركنا صدقة، إنما يأكل آل محمد ﷺ في هذا المال». وإني واللَّه لا أغير شيئًا من صدقة رسول اللَّه ﷺ عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول اللَّه ﷺ، ولأعملنَّ فيها بما عمل به رسول اللَّه ﷺ، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئًا، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك، فهجرته، فلم تكلمه حتى توفيت، وعاشت بعد النبي ﷺ ستة أشهر، فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلا، ولم يؤذن بها أبا بكر، وصلى عليها، وكان لعلي من الناس وجهٌ حياة فاطمة، فلما توفيت استنكر عليٌ وجوهَ الناس، فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته، ولم يكن يبايع تلك الأشهر، فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا، ولا يأتنا أحد معك كراهية لمحضر عمر، فقال عمر: لا واللَّه لا تدخل عليهم وحدك، فقال أبو بكر: وما عسيتُهم أن يفعلوا بي، واللَّه لآتينهم. فدخل عليهم أبو بكر، فتشهد علي، فقال: إنا قد عرفنا فضلك وما أعطاك اللَّه، ولم نفس عليك خيرا ساقه اللَّه إليك، ولكنك استبددت علينا بالأمر، وكنا نرى لقرابتنا من رسول اللَّه ﷺ نصيبًا، حتى فاضت عينا أبي بكر، فلما تكلم أبو بكر قال: والذي نفسي بيده، لقرابة رسول اللَّه ﷺ أحب إلي أن أصل من قرابتي، وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال فلم آل فيها عن الخير، ولم أترك أمرا رأيت رسول اللَّه ﷺ يصنعه
فيها إلا صنعته. فقال علي لأبي بكر: موعدك العشية للبيعة. فلما صلى أبو بكر الظهر رقي على المنبر، فتشهد، وذكر شأن علي، وتخلفه عن البيعة، وعذره بالذي اعتذر إليه، ثم استغفر، وتشهد علي، فعظم حق أبي بكر، وحدث أنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبي بكر ولا إنكارا للذي فضله اللَّه به، ولكنا نرى لنا في هذا الأمر نصيبا، فاستبد علينا فوجدنا في أنفسنا. فسر بذلك المسلمون، وقالوا: أصبت، وكان المسلمون إلى علي قريبا حين راجع الأمر بالمعروف.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه عن السيدة عائشة رضي الله عنها:

1. شرح المفردات:


● أفاء الله عليه: أي ما أعطاه الله تعالى وأرده إليه من أموال الكفار بدون قتال.
● فَدَك: أرض خصبة كانت ليهود فصالحوا النبي صلى الله عليه وسلم عليها.
● خمس خيبر: الخمس هو جزء من الغنائم الذي كان يخصص لبيت مال المسلمين.
● لا نورث: أي أن الأنبياء لا يورثون مالًا دنيويًا.
● هجرته: أي قطعت الكلام معه.
● استنكر علي وجوه الناس: لاحظ تغير نظرة الناس إليه وتجنبهم له.
● استبددت علينا بالأمر: اتخذت القرار منفردًا دون مشورتنا.

2. شرح الحديث:


تطلب السيدة فاطمة رضي الله عنها من أبي بكر الصديق رضي الله عنه ميراثها من النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ما تركه من أموال مثل فدك وخمس خيبر. فأجابها أبو بكر رضي الله عنه بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا نورث ما تركنا صدقة"، أي أن أموال الأنبياء لا تورث بل تكون صدقة للمسلمين، وأن آل محمد صلى الله عليه وسلم كانوا يأخذون من هذا المال بقدر حاجتهم فقط.
رفض أبو بكر رضي الله عنه إعطاءها شيئًا من هذه الأموال التزامًا بما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، فغضبت السيدة فاطمة رضي الله عنها وهجرت أبا بكر حتى توفيت بعد ستة أشهر. دفنها علي رضي الله عنه ليلًا دون إعلام أبي بكر، وصلى عليها بنفسه.
بعد وفاتها رضي الله عنها، لاحظ علي رضي الله عنه تغير نظرة الناس إليه، فقرر مصالحة أبي بكر ومبايعته بعد أن كان لم يبايعه تلك الفترة. طلب علي أن يأتيه أبو بكر منفردًا دون عمر رضي الله عنهما، فحضر أبو بكر وحده رغم تحذير عمر. اعتذر علي عن تأخره في البيعة وذكر أن السبب هو شعورهم بأن لهم حقًا في الأمر لقرابتهم من النبي صلى الله عليه وسلم. فبكى أبو بكر ورد بأنه يفضل قرابة النبي على قرابته، وأنه لم يخالف سنة النبي في إدارة الأموال. فبايعه علي في المساء أمام المسلمين، وشرح أبو بكر للمسلمين موقف علي، فحمدوا ذلك.

3. الدروس المستفادة:


● طاعة السنة النبوية: تمسك أبي بكر رضي الله عنه بالسنة ورفضه مخالفتها حتى لو في موقف صعب.
● العدل في الحكم: أهمية تطبيق العدل حتى مع أقرب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
● المصالحة والأخوة الإسلامية: قيمة المصالحة وحسن الظن بين الصحابة رضي الله عنهم.
● الحكمة في القيادة: حكمة أبي بكر في التعامل مع الموقف وحسن استماعه وتوضيحه.
● عدم توريث الأنبياء: بيان أن أموال الأنبياء صدقة للمسلمين وليست ميراثًا.

4. معلومات إضافية:


- هذا الحديث يرد على من يتهم الصحابة بعدالتهم، ويظهر حرصهم على اتباع السنة.
- السيدة فاطمة رضي الله عنها لم تستمر في الهجرة بعد أن تبين لها الحق، وقبلت بقضاء الله.
- البيعة التي تمت كانت تجسيدًا للوحدة الإسلامية وانتظام الأمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في المغازي (٤٢٤٠، ٤٢٤١) عن يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة فذكرته.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 18 من أصل 66 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: بيعة علي لأبي بكر رضي الله عنهما

  • 📜 حديث: بيعة علي لأبي بكر رضي الله عنهما

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: بيعة علي لأبي بكر رضي الله عنهما

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: بيعة علي لأبي بكر رضي الله عنهما

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: بيعة علي لأبي بكر رضي الله عنهما

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب