حديث: من كان النبي يعوله أنفق عليه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قول النبي ﷺ: «لا نورث ما تركنا صدقة»

عن أبي هريرة قال: جاءت فاطمة إلى أبي بكر، فقالت: من يرثك؟ قال: أهلي وولدي. قالت: فما لي لا أرث أبي؟ فقال أبو بكر: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «لا نورث» ولكني أعول من كان رسول اللَّه ﷺ يعوله، وأنفق على من كان رسول اللَّه ﷺ ينفق عليه.

حسن: رواه الترمذي (١٦٠٨) عن محمد بن المثنى قال: حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا حماد ابن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة فذكره.

عن أبي هريرة قال: جاءت فاطمة إلى أبي بكر، فقالت: من يرثك؟ قال: أهلي وولدي. قالت: فما لي لا أرث أبي؟ فقال أبو بكر: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «لا نورث» ولكني أعول من كان رسول اللَّه ﷺ يعوله، وأنفق على من كان رسول اللَّه ﷺ ينفق عليه.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه، وهو في الصحيحين، يحكي قصة عظيمة وموقفًا جليلًا من مواقف الخليفة الراشد أبي بكر الصديق رضي الله عنه مع سيدة نساء أهل الجنة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أولاً. شرح المفردات:


● ترثك: تأخذ ميراثك بعد وفاتك.
● أهلي وولدي: أقاربي وأولادي.
● لا نورث: لا يُورَث النبي صلى الله عليه وسلم، أي لا يُتْرَك له مالٌ يُقْسَم بعد وفاته على ورثته كسائر الناس.
● أعول: أُنفق وأكفل.
● ينفق عليه: يُحْضِرُه في عياله ويلزم نفسه بالنفقة عليه.

ثانيًا. شرح الحديث:


تخبرنا الرواية أن السيدة فاطمة رضي الله عنها، بعد وفاة أبيها النبي صلى الله عليه وسلم، جاءت إلى الخليفة أبي بكر رضي الله عنه وسألته: من سيرثك بعد موتك؟ فأجابها بأن ورثته هم أهله وولده كسائر الناس.
فاستشهدت بسؤاله هذا لتقول: فلماذا لا أرث أنا أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يرثك أهلك؟ أي أنها طالبة بنصيبها من ميراث أبيها النبي صلى الله عليه وسلم، الذي ترك بعض الأراضي والمتاع.
فأجابها أبو بكر رضي الله عنه بأدب واحترام، مُذَكِّرًا إياها بحكم شرعي سمعه مباشرة من فم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا نورث». أي أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يورثون، فما تركوه من مال ليس ميراثًا يُقَسَّم بين الورثة، بل هو صدقة تُصرف في مصالح المسلمين العامة.
ولكن أبي بكر، بحكمته وعدله ورحمته، أكمل قائلاً: «ولكني أعول من كان رسول الله يعوله، وأنفق على من كان رسول الله ينفق عليه». أي أنا كخليفة للمسلمين، سأستمر في النفقة على من كان النبي صلى الله عليه وسلم ينفق عليهم من بيت مال المسلمين (مثل أهل بيته كفاطمة وعلي وأولادهما، وغيرهم ممن كانوا في كفالته)، من نفس المصدر الذي كان ينفق منه النبي، وهو بيت المال، وليس من ميراث خاص.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- عدم إرث الأنبياء: هذا الحديث أصل في أن الأنبياء لا يورثون، وأن ما تركوه من مال هو صدقة لأمة الإسلام، وليس ميراثًا لذويهم. وهذا حكم شرعي خاص بالأنبياء تكريمًا لهم، لئلا يُتَّهَمُوا بجمع الدنيا أو يورثوها لأهلهم. وقد أجمع على هذا الصحابة رضوان الله عليهم.
2- عدل وورع أبي بكر: موقف أبي بكر رضي الله عنه يظهر مدى تمسكه بنص السنة النبوية، حتى ولو كان في ذلك ما يخالف هوى أقرب الناس إليه. لم يخشَ في الله لومة لائم، وطبَّق الحكم الشرعي بحكمة ورفق.
3- رحمة أبي بكر وحنكته: لم يقتصر على رفض طلب الإرث بحكم الشرع فحسب، بل سدَّ حاجة أهل البيت بطريقة أخرى شرعية، وهي النفقة عليهم من بيت مال المسلمين، مما يُظهر حبه لأهل بيت النبي وحرصه على رعايتهم وكفالتهم.
4- أدب الحوار: الحوار تم بين الطرفين بأعلى درجات الأدب والاحترام، فلم يغلظ أبو بكر في الرد، ولم تخرج فاطمة عن أدبها مع خليفة رسول الله.
5- مسؤولية الحاكم: يبين الحديث مسؤولية الحاكم في رعاية مصالح المسلمين والقيام على شؤونهم، والإنفاق على من تستحق نفقتهم من بيت المال، والسير على منهج من سبقه في العدل والإنصاف.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث هو ردٌّ قاطع على من يدَّعي أن فدكًا或其他 أموال النبي صلى الله عليه وسلم كانت حقًّا خاصًّا للسيدة فاطمة. فالحكم الشرعي العام الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم هو أن الأنبياء لا يورثون.
- استمر الخلفاء الراشدون من بعد أبي بكر على هذا المنهج، فكانوا ينفقون على آل بيت النبي من بيت مال المسلمين، تكريمًا لهم وإحسانًا إليهم، تنفيذًا لوصية النبي صلى الله عليه وسلم فيهم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذي (١٦٠٨) عن محمد بن المثنى قال: حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا حماد ابن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن عمرو، وهو حسن الحديث.
قال الترمذي: حديث أبي هريرة حديث حسن غريب من هذا الوجه، إنما أسنده حماد بن سلمة وعبد الوهاب بن عطاء، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وسألت محمدا عن هذا الحديث، فقال: لا أعلم أحدا رواه عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة إلا حماد بن سلمة. وقد رواه عبد الوهاب بن عطاء، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة نحو رواية حماد بن سلمة.
ثم رواه هو (١٦٠٩)، وأحمد (٧٩) كلاهما من حديث عبد الوهاب بن عطاء بإسناده، وفيه: أن فاطمة جاءت إلى أبي بكر وعمر تسأل ميراثها من رسول اللَّه ﷺ، فقالا: سمعنا رسول اللَّه ﷺ يقول: «إني لا أُورث». قالت: واللَّه لا أكلمكما أبدا. فماتت ولا تكلمهما. هذا لفظ الترمذي.
ولم يذكر أحمد قولها: «واللَّه لا أكلمكما أبدا. . .».
قال الترمذي: «قال علي بن عيسى (وهو شيخه): معنى (لا أكلمكما): تعني في هذا الميراث أبدا. أنتما صادقان».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 20 من أصل 66 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من كان النبي يعوله أنفق عليه

  • 📜 حديث: من كان النبي يعوله أنفق عليه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من كان النبي يعوله أنفق عليه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من كان النبي يعوله أنفق عليه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من كان النبي يعوله أنفق عليه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب