حديث: ميراث ابن الملاعنة لأمه ولورثتها من بعدها

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ميراث ابن الملاعنة وولد الزنا

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي ﷺ قال: «ميراث ابن الملاعنة لأمه، ولورثتها من بعدها».

حسن: رواه أبو داود (٢٩٠٨) عن موسى بن عامر، حدثنا الوليد، أخبرني عيسى أبو محمد، عن العلاء بن الحارث، عن عمرو بن شعيب فذكره.

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي ﷺ قال: «ميراث ابن الملاعنة لأمه، ولورثتها من بعدها».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يفتح لنا أبواب فضله وكرمه، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما وفقها في الدين وارض عنا يا أكرم الأكرمين.
هذا الحديث الشريف يتعلق بأحكام الميراث في حالة نادرة وحساسة، وهي حالة "ابن الملاعنة". وسأشرحه لك شرحاً وافياً على النحو التالي:

أولاً. شرح المفردات:


* الميراث: ما يتركه الإنسان لورثته من مال أو حق بعد وفاته.
* ابن الملاعنة: هو الولد الذي حصلت فيه اللعان بين والديه.
* الملاعنة (اللعان): هي حكم شرعي يحدث عندما ينكر الرجل نسب ولد من زوجته ويتهمها بالزنا، ولا يوجد بينة، فيقومان بتحلف الأيمان المخصوصة أمام القاضي لينفي الرجل النسب وترد المرأة التهمة عن نفسها. فتثبت حكم اللعان، وينقطع نسب الولد من الأب.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن حكم شرعي دقيق، وهو:
إذا حصل اللعان بين زوجين، فنتج عن ذلك نفي نسب الولد عن أبيه (أي أن الأب لم يعد أباً شرعياً لهذا الولد)، فإن هذا الولد يُنتسب إلى أمه فقط، ويصبح من قبيلتها.
وبناءً على ذلك، فإن أحكام الميراث تكون على النحو التالي:
1- يرث الولد أمه: إذا ماتت الأم، فإن "ابن الملاعنة" هذا يرث منها كأي ولد من أولادها.
2- يرثه أهل أمه (ورثتها): إذا مات "ابن الملاعنة" هو، فإن ميراثه لا يذهب إلى أبيه (الذي لعنه) ولا إلى عائلة أبيه (الذين أصبحوا أغراباً عنه)، بل يذهب ميراثه كاملاً إلى ورثة أمه، وهم إخوته لأمه، وأعمامه من جهة أمه، وغيرهم من عصبتها الذين يرثونها هم يرثونه.
بمعنى آخر، يصبح "ابن الملاعنة" جزءاً من أسرة أمه وعشيرتها تماماً، تنقطع صلته الشرعية والقانونية (في الميراث والنسب والنفقة等) بأبيه وعائلة أبيه، وتثبت صلته بأمه وعائلة أمه.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- عدالة الشريعة الإسلامية: الشرع الحكيم لم يترك الولد الضائع في هذه الحالة دون حكم، بل ألحقه بأمه وأهلها ليكون له نسب ومعيل وينتظم في مجتمع.
2- الحفاظ على الأنساب: شرع اللعان أساساً لحفظ الأعراض ودرء الحدود عند الشك في نسب الولد، مع وضع ضوابط صارمة (كالأيمان الأربعة) حتى لا يتساهل الناس في اتهام الأعراض ونفي الأولاد.
3- قطع أسباب الفتنة والشر: قطع النسب والميراث بين الولد والأب الذي أنكره ونفاه يقطع المنازعات والخصومات المستقبلية بينهما.
4- الرحمة بالطفل: إلحاق الولد بأمه وأهلها هو صورة من صور الرحمة به، حيث يضمن له العيش في كنف أسرة تنتمي إليها أمه، بدلاً من أن يبقى طفلاً بلا نسب أو عائلة.

رابعاً. معلومات إضافية:


* هذا الحديث رواه أبو داود في سننه، والدارقطني، والبيهقي، وهو حسن.
* هذا الحكم (أن ميراث ابن الملاعنة لأمه وورثتها) هو مذهب جمهور العلماء من أهل السنة والجماعة، including الإمام مالك والشافعي وأحمد.
* المقصود بـ "ورثتها" هم عصبة أمه، أي الذين يرثون بالتعصيب (كالإخوة والأعمام من جهة الأب)، وليس فقط الورثة من فرض (كالأبناء والبنات). فهم الذين يتحملون الدية عنه إذا قتل خطأً، وهم الذين يرثون تركته.
والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٩٠٨) عن موسى بن عامر، حدثنا الوليد، أخبرني عيسى أبو محمد، عن العلاء بن الحارث، عن عمرو بن شعيب فذكره.
وإسناده حسن من أجل عيسى أبي محمد، وهو عيسى بن موسى القرشي أبو محمد، قال عثمان الدارمي: «ثقة». ووثّقه دحيم، وابن حبان. ولكن قال البيهقي: «فيه نظر».
وتابعه الهيثم بن محمد، عن العلاء بن الحارث بإسناده إلا أنه لم يجاوزه عن عمرو بن شعيب: أن النبي ﷺ قضى بميرات ابن الملاعنة لأمه كلها؛ لما لقيت فيه من العناء. وهذا مرسل.
وتقويه رواية مكحول قال: «جعل رسول اللَّه ﷺ ميراث ابن الملاعنة لأمه، ولورثتها من بعدها». رواه أيضًا أبو داود (٢٩٠٧).
قال فيه البيهقي: «حديث مكحول منقطع».
وأما ما روي عن واثلة بن الأسقع، عن النبي ﷺ قال: «المرأة تُحرز ثلاثة مواريث: عتيقها، ولقيطها، وولدها الذي لاعنت عنه». فهو ضعيف.
رواه أبو داود (٢٩٠٦)، والترمذي (٢١١٦)، وابن ماجه (٢٧٤٢) كلهم من حديث محمد بن حرب، حدثني عمر بن رؤبة التغلبي، عن عبد الواحد بن عبد اللَّه النصري، عن واثلة بن الأسقع فذكره.
قال الترمذي: «حسن غريب، لا يعرف إلا من هذا الوجه من حديث محمد بن حرب».
ومن هذا الوجه رواه أيضًا البيهقي (٦/ ٢٤٠)، وقال: «هذا غير ثابت. قال البخاري: عمر بن رؤبة التغلبي، عن عبد الواحد النصري فيه نظر. وقال ابن عدي: أنكروا عليه أحاديث عن عبد الواحد النصري».
وقال ابن المنذر: «لا يثبت».
وقال الذهبي في الميزان: «ليس بذاك».
وقال الخطابي: «هذا الحديث غير ثابت عند أهل النقل».
وأما الحاكم (٤/ ٣٤٠ - ٣٤١) فرواه من حديث سليمان بن سليم، عن عمر بن رؤبة. وقال: صحيح الإسناد.
قال الأعظمي: عمر بن رؤبة التغلبي الحمصي مختلف فيه، فرأيت كلام البخاري وابن عدي فيه. وقال أبو حاتم: صالح الحديث. قال ابنه: تقوم به الحجة؟ قال: لا، ولكن صالح. ووثّقه دحيم، وابن حبان. وجعله الحافظ في مرتبة «صدوق».
فالخلاصة فيه أنه صدوق في نفسه، ويضعف في روايته عن عبد الواحد بن عبد اللَّه النصري، كما قال غير واحد من أهل العلم، وهذا منه لتفرده.
ثم إن الحديث يشتمل على ثلاثة أحكام، في أحدها نكارة، وهو ميراث اللقيط، فقد رأى الجمهور أن الملتقط لا يرث اللقيط؛ لأنه حر، كما صح عن عمر بن الخطاب وغيره، إلا ما جاء عن إسحاق بن راهويه أن ميراثه للملتقط عند عدم نسبه.
كما أن المرأة ترث ولدها الذي لاعنت عليه، ولكن اختلف فيه أهل العلم، فجعل زيد بن ثابت ميراثها منه كميراثها من الولد الذي لم تلاعن عليه، وهو قول مالك، وأبي حنيفة، والشافعي، وغيرهم. يعني أنها تكون من أصحاب الفرائض، ولها السدس
وأما ميراث العتيق فهو متفق عليه بأن ميراثه لمعتقه إذا لم يكن له وارث.
انظر للمزيد كلام الخطابي في «معالم السنن»، وكلام الحافظ ابن القيم في «تهذيب السنن».
إن الرجل إذا لاعن امرأته، ونفي ولدها، وفرق الحاكم بينهما انتفى ولدها عنه، وانقطع تعصيبه من جهة الملاعن؛ فلم يرثه هو، ولا أحد من عصباته، وإنما ترث أمه، وإخوته لأمه. وهذا أمر لا خلاف فيه بين أهل العلم، وإنما الخلاف فيما بقي من المال:
فقال الجمهور: يكون لبيت المال، ولا يجعل عصبة أمه عصبة له.
وقال أبو حنيفة: ذوو الأرحام أولي من بيت المال، فيجعل ما فضل عن فرض أمه وإخوته ردا على أمه وعلى إخوته إلا أن تكون الأم مولاة، فيكون الفاضل لمواليها.
وهو قول علي بن أبي طالب، وعبد اللَّه بن مسعود، وابن عمر من الصحابة. وحجتهم حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. وهو الآتي.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 28 من أصل 66 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ميراث ابن الملاعنة لأمه ولورثتها من بعدها

  • 📜 حديث: ميراث ابن الملاعنة لأمه ولورثتها من بعدها

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ميراث ابن الملاعنة لأمه ولورثتها من بعدها

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ميراث ابن الملاعنة لأمه ولورثتها من بعدها

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ميراث ابن الملاعنة لأمه ولورثتها من بعدها

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب