حديث: ما تركه النبي صدقة لا ميراث

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قول النبي ﷺ: «لا نورث ما تركنا صدقة»

عن عائشة أن أزواج النبي ﷺ في حين توفي رسول اللَّه ﷺ أردن أن يبعثن عثمان ابن عفان إلى أبي بكر الصديق، فيسألنه ميراثهن من رسول اللَّه ﷺ. فقالت لهن عائشة: أليس قد قال رسول اللَّه ﷺ: «لا نورث ما تركنا، فهو صدقة؟».

متفق عليه: رواه مالك في الكلام والغيبة والتقى (٢٧) عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة فذكرته.

عن عائشة أن أزواج النبي ﷺ في حين توفي رسول اللَّه ﷺ أردن أن يبعثن عثمان ابن عفان إلى أبي بكر الصديق، فيسألنه ميراثهن من رسول اللَّه ﷺ. فقالت لهن عائشة: أليس قد قال رسول اللَّه ﷺ: «لا نورث ما تركنا، فهو صدقة؟».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما وفقها في الدين، وأن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويجعلنا هداة مهتدين.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث التي تُظهر فقه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعمق فهمها للسنة النبوية. وإليك الشرح المفصل:

أولاً. شرح المفردات:


● أردن أن يبعثن عثمان: أرادت زوجات النبي صلى الله عليه وسلم أن يرسلن عثمان بن عفان رضي الله عنه (وكان من كبار الصحابة وأحد العشرة المبشرين بالجنة) كرسول وسفير لهن.
● إلى أبي بكر الصديق: الخليفة الأول بعد النبي صلى الله عليه وسلم، والذي كان يتولى أمور المسلمين.
● ليسألنه ميراثهن: ليطلبوا منه حصتهن من الميراث مما تركه النبي صلى الله عليه وسلم من مال أو أرض.
● لا نورث ما تركنا فهو صدقة: كلمة "نورث" هنا بمعنى "لا نُورَث" أي لا يُتَوارَث منا، فما تركناه من مال ليس ميراثاً يُقسم بين الورثة، بل هو صدقة تُصرف في مصالح المسلمين.

ثانياً. شرح الحديث:


بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، اجتمعت زوجاته الطاهرات رضي الله عنهن، وارتَأَيْنَ أن يطلبن حقهن في الميراث مما ترك النبي صلى الله عليه وسلم، وفقاً للشريعة الإسلامية التي تقرر للزوجات نصيباً من تركة أزواجهن. فأرادت أن يبعثن عثمان بن عفان رضي الله عنه ليتوسط لهن عند الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه ليسأله عن ذلك.
وهنا قامت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، التي كانت من أفقه الصحابيات وأعلمهن بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فذكّرتهن بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي سمعته منه مباشرة، وهو قوله: «لا نورث ما تركنا فهو صدقة».
ومعنى هذا أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يورثون بمعنى أن أموالهم لا تُقسم على ورثتهم كسائر الناس، بل ما يتركونه يكون صدقةً تُنفق في وجوه الخير ومصالح الأمة الإسلامية. وهذا حكم خاص بالأنبياء تكريماً لهم وتمييزاً، فلا يأكل أحد من ورثتهم من أموالهم بعد وفاتهم.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- عدم توريث الأنبياء: من خصائص الأنبياء أن أموالهم لا تورث، بل تكون صدقة من بعدهم. وهذا يدل على علو مقامهم واختصاصهم بأحكام تشريفية.
2- قوة حفظ عائشة وفقهها: الحديث يبرز مكانة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كمرجع في العلم والفقه، وقوة حفظها وحضور ذهنها في تذكير الصحابة بالسنن.
3- الاستدلال بالسنة في حل النزاعات: الموقف يُظهر كيف كانت السنة النبوية هي الحَكَم الأول في حل القضايا والمسائل، حتى بين كبار الصحابة وأمهات المؤمنين.
4- الحكمة في التعامل مع أهل الفضل: رغم أن طلب الزوجات للميراث حق شرعي في الأصل، إلا أن خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم غيّرت هذا الحكم، مما يدل على ضرورة مراعاة الخصوصيات والاستثناءات الشرعية.
5- الحرص على تطبيق أمر النبي صلى الله عليه وسلم: استجابت زوجات النبي صلى الله عليه وسلم فور تذكيرهن بالحديث، وهذا يدل على حرصهن على اتباع سنته وامتثال أوامره.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أصل في بيان أن أموال الأنبياء صدقة، وقد عمل به الخلفاء الراشدون من بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
- استمرار عمل أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما على هذا المنهج، حيث كانا يصرفان من أموال النبي صلى الله عليه وسلم (مثل أرض فدك وغيرها) في مصالح المسلمين العامة.
- الحديث يدحض ادعاءات بعض الطوائف التي تدعي حقاً في ميراث النبي صلى الله عليه وسلم، فقد حسمت السنة هذه المسألة بشكل قاطع.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في السنة وأن يجعلنا من المتبعين لرسوله صلى الله عليه وسلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في الكلام والغيبة والتقى (٢٧) عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة فذكرته. ورواه البخاري في الفرائض (٦٧٣٠)، ومسلم في الجهاد والسير (١٧٥٨) كلاهما من هذا الوجه.
ورواه أبو داود (٢٩٧٧) من طريق حاتم بن إسماعيل، عن أسامة بن زيد، عن ابن شهاب، بإسناده نحوه. قالت: ألا تتقين اللَّه؟ ألم تسمعن رسول اللَّه ﷺ يقول: «لا نورث ما تركنا فهو صدقة، وإنما هذا المال لآل محمد لنائبتهم ولضيفهم، فإذا مت فهو إلى ولي الأمر من بعدي».
وإسناده حسن من أجل أسامة بن زيد، وهو الليثي.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 22 من أصل 66 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما تركه النبي صدقة لا ميراث

  • 📜 حديث: ما تركه النبي صدقة لا ميراث

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ما تركه النبي صدقة لا ميراث

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ما تركه النبي صدقة لا ميراث

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ما تركه النبي صدقة لا ميراث

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب