حديث: نهى رسول الله عن بيع الولاء وعن هبته

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النهي عن بيع الولاء وهبته

عن ابن عمر يقول: نهى رسول اللَّه ﷺ عن بيع الولاء، وعن هبته.

متفق عليه: رواه مالك في العتق (٢٠) عن عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر فذكره.

عن ابن عمر يقول: نهى رسول اللَّه ﷺ عن بيع الولاء، وعن هبته.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي طلبت شرحه هو حديث صحيح رواه الإمام البخاري في صحيحه عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله ﷺ قال: "نهى رسول اللَّه ﷺ عن بيع الولاء، وعن هبته".
ودعنا نفصل شرح هذا الحديث النبوي الشريف على النحو التالي:

1. شرح المفردات:


* نهى: أي حرّم وأمر بالكف عن ذلك الفعل.
* الولاء: هو مصطلح إسلامي خاص، وهو الرابط القانوني والشرعي الذي يربط المعتَق (العبد الذي أُعتق) بمُعتِقه (سيده السابق). فمن أعتق عبدًا، صار له ولاء هذا العتيق، أي صار بينهما نوع من القرابة الاصطناعية تترتب عليها حقوق وواجبات، أهمها حق الإرث. فالعتيق يرث معتقه إذا لم يكن له وارث من أصوله أو فروعه.
* بيع الولاء: أي أن يبيع المعتقُ حقَّ ولائه (أي حق الإرث منه) لشخص آخر بمال.
* هبته: أي أن يتنازل المعتق عن هذا الحق وينقله إلى شخص آخر مجانًا، من غير عوض.

2. شرح الحديث:


نهى النبي ﷺ نهياً شديداً عن فعلتين:
* النهي عن بيعه: فلا يجوز للمعتق أن يقول لشخص: "أبيعك ولائي بمال، فتصير أنت الوارث لي بدلاً من معتقي".
* النهي عن هبته: وكذلك لا يجوز له أن يقول: "أهبتُ لك ولائي، فأنت وارثي مكان معتقي" من غير مقابل.
الحكمة من النهي:
جعل الإسلام الولاء حقاً ثابتاً لصاحبه (المعتق) لا يجوز التصرف فيه، وذلك للأسباب التالية:
* إغلاق باب الاستغلال: منعاً من أن يستغل المعتق حاجة عتيقه أو جهله، فيشتري منه حقه في الإرث بثمن بخس.
* صون كرامة العتيق: حتى لا يصبح هذا الولاء، الذي هو بمثابة رابطة شريفة، سلعةً تباع وتشترى، فتهدر كرامة الإنسان.
* تأكيد معنى الأخوة: الولاء هو رابطة替代ية عن رابطة الرق، وجعله كالنسب في الإرث. والنسب لا يباع ولا يوهب، فكذلك الولاء.
* الحفاظ على نظام الإرث: نظام الميراث في الإسلام نظام إلهي محكم، لا يجوز التحايل عليه أو بيعه أو هبته. فالولاء سبب من أسباب الإرث الثابتة شرعاً، فلا يجوز نقله من شخص إلى آخر بالمعاوضة أو التبرع.

3. الدروس المستفادة منه:


1- قدسية الروابط الشرعية: يُعلّمنا الحديث أن الروابط التي شرعها الإسلام (كالنسب والولاء) لها حرمتها، ولا يجوز أن تتحول إلى سلع مادية قابلة للتجارة.
2- تحريم التحايل على أحكام الشريعة: النهي عن بيع الولاء وهبته هو سد لذريعة التحايل على نظام الإرث الذي وضعه الله تعالى.
3- العدل والرحمة في المعاملة: جاء النهي لحماية الطرف الضعيف (العتيق) من أن يُستغل أو يُجبر على التخلي عن حق ثابت له.
4- إبطال العادات الجاهلية: كانت في الجاهلية بعض الممارسات في بيع الحقوق والروابط، فجاء الإسلام لإبطالها وتطهير المجتمع منها.

4. معلومات إضافية مفيدة:


* حكم من باع ولاء أو وهبه: البيع والهبة باطلان شرعاً ولا ينقلان الحق. فالولاء يبقى لازماً للمعتق الأول، وهو الوارث شرعاً.
* الفرق بين الولاء والولاء العام: المقصود في الحديث هو "ولاء العتق" الخاص، وليس الولاء العام للمسلمين الذي هو حب الله ورسوله والموالاة في الدين، فهذا مأمور به وليس محلاً للبيع أصلاً.
* هل هذا الحكم معمول به اليوم؟ هذا الحكم ثابت شرعاً، ولكن مع انتهاء عصر الرق القانوني في معظم العالم، أصبحت قضايا الولاء نادرة الوقوع عملياً، لكن يبقى حكمها الشرعي معتبراً لأي حالة قد تظهر.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في العتق (٢٠) عن عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر فذكره. ورواه البخاري في العتق (٢٥٣٥)، وفي الفرائض (٦٧٥٦)، ومسلم في العتق (١٥٠٦) كلاهما من أوجه أخرى عن عبد اللَّه بن دينار.
قال مسلم: «الناس كلهم عيال على عبد اللَّه بن دينار في هذا الحديث».
ثم ذكر جماعة من الرواة الذين رووه عن عبد اللَّه بن دينار، ولم يذكر منهم مالك، وهو أولى.
قال الأعظمي: ومن هؤلاء الذين رووه عن عبد اللَّه بن دينار مع مالك: سفيان بن عيينة، وشعبة، وسفيان ابن سعيد الثوري، وسليمان بن بلال، وإسماعيل بن جعفر، والضحاك.
وأما ما رواه ابن ماجه (٢٧٤٨) عن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب قال: حدثنا يحيى بن سُليم الطائفي، عن عبيد اللَّه بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: «نهى رسول اللَّه عن بيع الولاء، وعن هبته» فهو خطأ، نبه عليه أبو زرعة في علل ابن أبي حاتم (٢/ ٥٢)، والترمذي (١٢٣٦).
قال الترمذي: وقد روي يحيى بن سُليم هذا الحديث عن عبيد اللَّه بن عمر، عن نافع، عن ابن
عمر، عن النبي ﷺ. وهو وهم، وهم فيه يحيى بن سُليم».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 35 من أصل 66 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نهى رسول الله عن بيع الولاء وعن هبته

  • 📜 حديث: نهى رسول الله عن بيع الولاء وعن هبته

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: نهى رسول الله عن بيع الولاء وعن هبته

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: نهى رسول الله عن بيع الولاء وعن هبته

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: نهى رسول الله عن بيع الولاء وعن هبته

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب