حديث: ليس للقاتل شيء
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء أن القاتل لا يرث
حسن: رواه مالك (٢/ ٨٦٧) عن يحيى بن سعيد، عن عمرو بن شعيب أن رجلا من بني مُدْلج، يقال له: قتادة، حذف ابنه بسيف، فأصاب ساقه، فتزي في جرحه، فمات، فقدم سراقة بن جعشم على عمر بن الخطاب، فذكر ذلك له، فقال عمر بن الخطاب: اعْدُد لي على ماء قديد عشرين ومائة بعير
حتى أقدم عليك، فلما قدم عليه عمر أخذ من تلك الإبل ثلاثين حقة، وثلاثين جذعة، وأربعين خلفة، ثم قال: أين أخو المقتول؟ فقال: ها أنا ذا.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث الذي رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «لَيْسَ لِلْقَاتِلِ شَيْءٌ».
### أولاً. تخريج الحديث ومصدره
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والنسائي في سننه، وابن ماجه، والدارمي، وغيرهم من أئمة الحديث. وهو حديث صحيح ثابت عن النبي ﷺ.
### ثانياً. شرح المفردات
● لَيْسَ: نافية تعني العدم والانتفاء.
● لِلْقَاتِلِ: أي الشخص الذي ارتكب جريمة القتل عمداً وظلماً.
● شَيْءٌ: هنا يقصد به الميراث من تركة القتيل.
فالمعنى الإجمالي: لا حق للقاتل في أن يرث من تركة من قتله.
### ثالثاً. شرح الحديث
هذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الشريعة الإسلامية، يبين فيها النبي ﷺ أن من قتل شخصاً عمداً ثم ادعى الحق في ميراثه (كأن يكون ابناً قتل أباه أو أخاً قتل أخاه ليرثه)، فإنه يُحرم من هذا الميراث كلياً.
الحكمة من التحريم:
1- الزجر والردع: سدّ الذريعة إلى الجريمة، فلو علم القاتل أنه سيرث من قتيله لكثرت جرائم القتل لأجل المال.
2- العقوبة: حرمانه من المال الذي قتل من أجله هو جزء من عقوبته الدنيوية قبل الأخروية.
3- تحقيق العدالة: فمن ارتكب جريمة بشعة كالقتل لا يستحق أن ينال مالاً كان سيناله بالطرق المشروعة لو صبر وأطاع الله.
هل التحريم عام في جميع حالات القتل؟
جمهور العلماء على أن الحرمان خاص بـ القتل العمد فقط، وأما القتل الخطأ أو شبه العمد ففيه خلاف بين العلماء، والأرجح أنه لا يرث أيضاً في هذه الحالات عملاً بعموم الحديث، وهو مذهب الإمام أحمد واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.
استثناء مهم:
إذا كان للقاتل حق في الميراث من جهة أخرى (مثل أن يكون للقتيل ورثة آخرون)، فإن الحرمان يقتصر على نصيب القاتل فقط، أما بقية الورثة فيأخذون حقوقهم.
### رابعاً. الدروس المستفادة والعبر
1- عظمة الشريعة الإسلامية في سد الذرائع والحيل التي تؤدي إلى ارتكاب الجرائم.
2- التحذير من الطمع في أموال الناس بالباطل، وأن عاقبة الجريمة وخيمة في الدنيا قبل الآخرة.
3- الحث على حفظ النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، وأن الاعتداء عليها من كبائر الذنوب.
4- العدل الإلهي حيث يجعل العقوبة من جنس العمل، فمن قتل لأجل المال حُرم منه.
خامساً:
تطبيقات معاصرة- ينطبق هذا الحكم في المحاكم الشرعية عند تقسيم الميراث إذا ثبتت جريمة القتل.
- يعتبر هذا الحديث أساساً لقوانين many الدول الإسلامية التي تمنع القاتل من الميراث.
- تحذير للأسر من الطمع في الميراث وتذكيرهم بأن الرزق بيد الله تعالى.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
حتى أقدم عليك، فلما قدم عليه عمر أخذ من تلك الإبل ثلاثين حقة، وثلاثين جذعة، وأربعين خلفة، ثم قال: أين أخو المقتول؟ فقال: ها أنا ذا. فقال: خذها؛ فإن رسول اللَّه ﷺ قال فذكر الحديث.
وعمرو بن شعيب لم يدرك عمر بن الخطاب فقيه انقطاع، ولكن جاء موصولا من طريق محمد ابن عجلان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص قال: نحلت لرجل من بني مدلج جارية، فأصاب منها ابنا، فكان يستخدمها، فلما شب الغلام دعاها يوما، فقال: اصنعي كذا وكذا. فقال: لا تأتيك حتى متى تستأمي أمي؟ قال: فغضب، فحذفه بسيفه، فأصاب رجله، فنزف الغلام، فمات، فانطلق في رهط من قومه إلى عمر، فقال: يا عدو نفسه، أنت الذي قتلت ابنك لولا أني سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «لا يقاد الأب من ابنه» لقتلتك. هلم ديته، قال: فأتاه بعشرين أو ثلاثين ومائة بعير، قال: فخير منها مائة، فدفعها إلى ورثته، وترك أباه.
رواه ابن الجارود (٧٨٨)، والدارقطني (٣/ ١٤٠)، والبيهقي (٨/ ٣٨) كلهم من حديث محمد ابن واره -يعني محمد بن مسلم-، نا محمد بن سعيد، نا عمرو بن أبي قيس، عن منصور، عن محمد بن عجلان، عن عمرو بن شعيب بإسناده. واللفظ لابن الجارود، والبيهقي.
وأما الدارقطني فاختصره على قوله: «لا يقاد الأب من ابنه».
وإسناده حسن من أجل عمرو بن شعيب.
وقال البيهقي في «المعرفة» (١٢/ ٤٠): وإسناده صحيح.
قال الأعظمي: محمد بن عجلان صدوق، وتابعه الحجاج بن أرطاة في قوله: «لا يقتل والد بولده». رواه الترمذي (١٤٠٠)، وابن ماجه (٢٦٦٢)، وأحمد (٣٤٦)، والبيهقي وغيرهم كلهم من طريق الحجاج بن أرطاة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قتل رجل ابنه عمدا، فرفع إلى عمر بن الخطاب، فجعل عليه مائة من الإبل إلى أن قال: ولولا أني سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «لا يقتل والد بولده» لقتلتك. والحجاج بن أرطاة مدلس، وقد عنعن، وتابعه أيضًا ابن لهيعة فقال: حدثنا عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن عمر أن رسول اللَّه ﷺ قال: «لا يقاد والد من ولد». وقال رسول اللَّه ﷺ: «يرث المال من يرث الولاء».
رواه الإمام أحمد (١٤٧) عن أبي سعيد، حدثنا عبد اللَّه بن لهيعة بإسناده.
وبمجموع هذه الأسانيد يكون الحديث حسنا.
وأما ما رواه الدارقطني (٤/ ٩٦) من طريق إسماعيل بن عياش، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «ليس للقاتل من الميراث شيء». فهو خطأ. أخطأ فيه إسماعيل بن عياش، فإنه يخطئ في روايته عن غير الشامين، وهذا منها، والصواب فيه ما رواه مالك، عن يحيى بن سعيد، عن عمرو بن شعيب، عن عمر فذكر الحديث. كما قال النسائي. وكذلك لا يصح ما روي عن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «ليس
لقاتل ميراث» فإنه ضعيف.
رواه الدارقطني (٤/ ٩٥) من طريق محمد بن سليمان بن أبي داود، نا عبد اللَّه بن جعفر، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب فذكره. ومحمد بن سليمان بن أبي داود قال فيه أبو حاتم الرازي: «منكر الحديث». الجرح والتعديل (٧/ ٢٦٧).
وقال ابن عبد الهادي في «التنقيح» (٤/ ٢٥٧): «هذا إسناد لا يثبت، وهو غير مخرج في شيء من السنن، والصواب ما تقدم من رواية مالك، عن يحيى بن سعيد».
وكذلك لا يصح ما روي عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: «القاتل لا يرث». رواه الترمذي (٢١٠٩)، وابن ماجه (٢٦٤٥، ٢٧٣٥)، والدارقطني (٤/ ٩٦) كلهم من طريق إسحاق بن عبد اللَّه ابن أبي فروة، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة فذكره.
قال الترمذي: «هذا حديث لا يصح، لا يعرف إلا من هذا الوجه، وإسحاق بن عبد اللَّه بن أبي فروة، قد تركه بعض أهل العلم، منهم أحمد بن حنبل». انتهى.
قال الأعظمي: وكذلك تركه أيضًا: البخاري، وابن معين، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والنسائي، والدارقطني، وغيرهم. فقول الترمذي: «تركه بعض أهل العلم» لا معنى له، بل تركهـ جمهور أهل العلم.
ثم قال الترمذي: «والعمل على هذا عند أهل العلم أن القاتل لا يرث، كان القتلُ عمدًا أو خطأ. وقال بعضهم: إذا كان القتل خطأ، فإنه يرثه، وهو قول مالك».
قال الأعظمي: قول عامة أهل العلم أن من قتل مورثه لا يرث، عمدًا كان القتل أو خطأً.
وخالفهم مالك فقال: قتل الخطأ لا يمنع من الميراث؛ لأنه غير منهم فيه، إلا أنه لا يرث من ديته شيئًا. لعل من عمدته حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد اللَّه بن عمرو، وفيه: «إن قتل أحدهما صاحبه عمدًا لم يرث من دينه وماله شيئًا، وإن قتل صاحبه خطأ ورث من ماله، ولم ترث من ديته». رواه الدارقطني (٤/ ٧٢ - ٧٣): وفيه سعيد الشامي المصلوب ضعيف جدا، وقال الذهبي: «هذا خبر منكر».
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 50 من أصل 66 حديثاً له شرح
- 17 من ترك دينا أو ضياعا فإلَيَّ وعلَيَّ
- 18 بيعة علي لأبي بكر رضي الله عنهما
- 19 ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤونة عاملي فهو صدقة
- 20 من كان النبي يعوله أنفق عليه
- 21 عن عمر بن الخطاب في قضية إرث النبي ﷺ
- 22 ما تركه النبي صدقة لا ميراث
- 23 شيء تركه رسول الله فلم يحركه فلا أحركه
- 24 للابنة النصف ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللأخت
- 25 قضى معاذ بن جبل النصف للابنة والنصف للأخت
- 26 أعطى الابنة النصف والأخت النصف
- 27 فرق النبي بين الملاعن وامرأته وألحق الولد بها
- 28 ميراث ابن الملاعنة لأمه ولورثتها من بعدها
- 29 من استلحق بعد أبيه فله نصيبه فيما لم يقسم
- 30 الولد ولد زنا لا يرث ولا يورث
- 31 إنما الولاء لمن أعتق
- 32 مولى القوم من أنفسهم
- 33 ما أحرز الولد والوالد فهو لعصبته من كان
- 34 يرث الولاء من ورث المال من والد أو ولد
- 35 نهى رسول الله عن بيع الولاء وعن هبته
- 36 الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب
- 37 أعطوا ميراثه رجلا من أهل قريته
- 38 الميراث للمهاجر والأنصاري نسخ بالإرث للعصبة
- 39 كان الرجل يحالف الرجل ليس بينهما نسب فيرث أحدهما الآخر
- 40 ابن أخت القوم منهم، أو من أنفسهم
- 41 ابن أخت القوم منهم
- 42 ابن الأخت منهم
- 43 اللَّه ورسوله مولى من لا مولى له
- 44 من ترك دينا أو ضيعة فإلي
- 45 لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم
- 46 هل ترك عقيل من رباع أو دور؟
- 47 الإسلام يزيد ولا ينقص
- 48 لا يتوارث أهل ملتين شتى
- 49 لا تسافر امرأة ثلاث ليال مع غير ذي محرم
- 50 ليس للقاتل شيء
- 51 جعل للزوجة الثمن والربع، وللزوج الشطر والربع
- 52 من أسلم على يدي رجل فهو أولى الناس بمحياه ومماته
- 53 أعط ابنتي سعد ثلثي ماله وأعط امرأته الثمن
- 54 ميراث الجدة السدس من النبي ﷺ
- 55 الجدة السدس إذا لم تكن دونها أم
- 56 أتي النبي ﷺ بفريضة فيها جد فأعطاه ثلثا أو سدسا
- 57 قضى رسول الله ﷺ بالدين قبل الوصية
- 58 إذا استهل المولود وُرِّث
- 59 لا يرث الصبي حتى يستهل صارخا
- 60 كل قسم قسم في الجاهلية فهو على ما قسم
- 61 أهل الإسلام لا يُسيّبون وأهل الجاهلية كانوا يُسِيبون
- 62 ما ولدت أم عبد الرحمن ويعقوب مكاتب فهو للحرقي
- 63 تكتب إلي رسول الله أن أورث امرأة من دية زوجها
- 64 الأخت والأم والزوج والجد من سبعة وعشرين
- 65 عنوان الحديث: "تكلمي واعملي عملك"
- 66 فضل ثلاثة عشر وسقا بعد قضاء الدين
معلومات عن حديث: ليس للقاتل شيء
📜 حديث: ليس للقاتل شيء
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ليس للقاتل شيء
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ليس للقاتل شيء
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ليس للقاتل شيء
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








