حديث: الولد ولد زنا لا يرث ولا يورث
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ميراث ابن الملاعنة وولد الزنا
حسن: رواه الترمذي (٢١١٣) عن قتيبة، حدثنا ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الحديث: عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول اللَّه ﷺ قال: «أيما رجل عاهر بحرة أو أمة فالولد ولد زنا، لا يرث ولا يورث».
شرح الحديث:
هذا حديث صحيح رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، والدارقطني، وغيرهم، وهو حسن. وهو حديث عظيم يبين حكماً شرعياً مهماً يتعلق ببنيان الأسرة وحفظ الأنساب.
أولاً: شرح المفردات:
● عَاهَرَ: أي جامعها جماع زنا ولو لمرة واحدة، من العهر وهو الفجور والزنا.
● حُرَّة: هي المرأة الحرة غير الأمة (أي غير الجارية).
● أَمَة: هي الجارية المملوكة.
● وَلَدُ زِنًا: هو الولد الناتج عن علاقة غير شرعية (الزنا).
● لا يَرِثُ: لا يحق له أن يأخذ من تركة والده الزاني.
● لا يُورَثُ: لا يحق لأبيه الزاني أن يرث منه لو مات الولد.
ثانياً: شرح الحديث ومعناه الإجمالي:
يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بحكم شرعي مهم، وهو أن الرجل إذا زنى بامرأة – سواء أكانت حرة أم أمة (جارية) – ونتج عن هذه العلاقة المحرمة ولد، فإن هذا الولد يُنْسَب إلى أمه فقط ويُحْكَم بأنه "ولد زنا"، وليس ابناً شرعياً للرجل الزاني.
وبناءً على هذه الحقيقة الشرعية، تترتب أحكام أهمها:
1- انقطاع الميراث بينهما: فلا يرث هذا الولد من أبيه الزاني أبداً، كما لا يرث الأب من ولده هذا إذا مات الولد قبله. وذلك لأن علاقة النسب والوراثة مبناها على النكاح الشرعي الصحيح، والزنا يهدم هذا البنيان.
2- انقطاع النسب: لا يلحق نسب هذا الولد بأبيه الزاني، فلا يُنْسَب إليه ولا يُنادى به، بل هو منسوب لأمه. وهذا من حفظ الإسلام للأنساب وصيانتها من الاختلاط.
ثالثاً: الدروس المستفادة والفقه في الحديث:
1- تحريم الزنا وعظيم جرمه: الحديث يظهر خطورة جريمة الزنا وآثارها المدمرة على الفرد والمجتمع، حيث تؤدي إلى ضياع الأنساب وتمزيق أواصر الأسرة.
2- الحكمة من حرمان ولد الزنا من الميراث: هذا الحكم ليس قسوة على الطفل، بل هو رحمة بالمجتمع كله لحماية نظام الأسرة. فلو أُعطي الولد حق الميراث من الزاني، لشجع ذلك على انتشار الفاحشة وضياع الأموال في غير محلها الشرعي.
3- المساواة في الحكم بين الحرة والأمة: الحكم واحد سواء كانت المرأة المحصنة حرة أو أمة، مما يدل على أن جريمة الزنا قبيحة بكل حال، وأن حق الله تعالى في حفظ الأنساب مقدس لا فرق فيه بين طبقة وأخرى.
4- الفرق بين النسب والحضانة والنفقة: يجب التفريق بين أحكام مختلفة:
● النسب والوراثة: منقطعة بين الولد وأبيه الزاني كما في الحديث.
● النفقة: ذهب جمهور العلماء (من الحنفية والشافعية والحنابلة) إلى أن على الزاني أن ينفق على ولد الزنا، لأنه جزء منه وهو مسؤول عن إيجاده، وهذه النفقة ليست بدلاً عن الميراث، بل هي حق للولد لسد حاجته.
● الحضانة والرعاية: تكون للأم ومن بعدها لأقاربها من النساء.
رابعاً: تنبيه مهم:
هذا الحكم خاص بالولد الناتج عن الزنا المحض. أما إذا حصل اللعان بين الزوجين (أن ينفي الزوج نسب الولد ويتهم زوجته بالزنا بشروط معينة)، فإن حكم اللعان يختلف، حيث يُنْفَى النسب ولا يرث الولد من الأب، ولكن لا يُطلق عليه لفظ "ولد زنا" تحرزاً لأن الأصل في المرأة المسلمة العفاف.
الخاتمة:
هذا الحديث من أحاديث الحدود والأحكام التي تحفظ كيان المجتمع الإسلامي، وتصون الأعراض والأنساب، وتقطع الطريق على الفساد. وهو دليل على عدل الشريعة الإسلامية وحكمتها، حيث راعت مصلحة المجتمع الكبرى في الوقاية من الشر وانتشار الفاحشة، مع مراعاة حقوق الطفل في النفقة والرعاية دون أن يتحمل وزر جريمة لم يرتكبها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
وإسناده حسن من أجل رواية قتيبة بن سعيد، عن ابن لهيعة، وقد توبع كما أشار إليه الترمذي بقوله:
«وقد روى غير ابن لهيعة هذا الحديث عن عمرو بن شعيب».
وهو كما قال، فقد رواه ابن ماجه (٢٧٤٥) عن أبي كريب قال: حدثنا يحيى بن اليمان، عن المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده فذكر مثله.
والمثنى بن الصباح هو اليماني الأبناوي ضعيف، إلا أنه يتقوّى بما قبله.
وقال الترمذي: «والعمل على هذا عند أهل العلم أن ولد الزنى لا يرث من أبيه».
وهذا مما لا خلاف فيه، فإن ولد الزنا لا يرث من أبيه، ولا من أقاربه، ولكن تختلف الصورة إذا تزوّج الرجل الزاني بهذه الزانية، فقد قال الإمام أبو حنيفة: «لا أرى بأسا إذا زنا الرجل بالمرأة فحملت منه أن يتزوجها مع حملها، ويستر عليها، والولد له». فالولد في هذه الصورة يرثُه ويورّثه.
وكذلك لا يصح ما روي عن ابن عباس أنه قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لا مُساعدة في الإسلام، من سَاعى في الجاهلية فقد لحِق بعصبته، ومن دعا ولدا من غير رِشْدةٍ فلا يرث ولا يورث».
رواه أبو داود (٢٢٦٤)، ومن طريقه البيهقي (٦/ ٢٥٩ - ٢٦٠) عن يعقوب بن إبراهيم، حدثنا معتمر، عن سلم -يعني ابن أبي الذيال-، حدثني بعض أصحابنا، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس فذكره.
ورواه أحمد (٣٤١٦) عن معتمر بإسناده مثله.
وفيه رجال مجهولون، وهم الرواة عن سعيد بن جبير.
ورواه الطبراني في الأوسط -مجمع البحرين (٢٢١٨) -، والحاكم (٤/ ٣٤٢) كلاهما من حديث عمرو بن حصين العقيلي، ثنا معتمر بن سليمان، ثنا سالم بن أبي الذيال، عن سعيد بن جبير بإسناده مثله.
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين.
وتعقبه الذهبي، فقال: لعله موضوع؛ فإن الحصين تركوه.
قال الأعظمي: لعله تعمد، فأسقط الواسطة المجهولة بين سلم بن أبي الذيال، وبين سعيد بن جبير.
وقوله: «المساعاة» الزنا، وكان الأصمعي يجعل المساعاة في الإماء دون الحرائر، وذلك لأنهن يسعين لمواليهن، فيكتسبن لهم بضرائب كانت عليهن، فأبطل النبي ﷺ المساعاة في الإسلام، ولم يلحق النسب لها، وعفا عما كان منها في الجاهلية، وألحق النسب به.
ويقال: هذا ولد رِشدة ورَشدة لغتان. من إفادات الخطابي.
ومعنى ولد رشدة إذا كان من النكاح الصحيح.
وضده ولد زَنيةٍ بفتح الزاي وكسرها.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 30 من أصل 66 حديثاً له شرح
- 5 آخر سورة نزلت براءة وآخر آية نزلت يستفتونك
- 6 من يستفتونك في الكلالة
- 7 عنوان الحديث: "إن الله قد أنزل فبين لأخواتك فجعل لهن...
- 8 ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر
- 9 أقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله
- 10 قضى رسول الله في جنين امرأة سقط ميتا بغرة عبد...
- 11 من ترك مالا فهو لورثته ومن توفي وعليه دين فعلي...
- 12 من ترك مالا فلورثته ومن ترك كلا فإلينا
- 13 النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم في الدنيا والآخرة
- 14 من ترك كلا أو ضياعا فأنا وليه
- 15 من ترك مالا فلورثته، ومن ترك دينا أو ضياعا فإلي
- 16 أنا أولى الناس بالمؤمنين في كتاب الله
- 17 من ترك دينا أو ضياعا فإلَيَّ وعلَيَّ
- 18 بيعة علي لأبي بكر رضي الله عنهما
- 19 ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤونة عاملي فهو صدقة
- 20 من كان النبي يعوله أنفق عليه
- 21 عن عمر بن الخطاب في قضية إرث النبي ﷺ
- 22 ما تركه النبي صدقة لا ميراث
- 23 شيء تركه رسول الله فلم يحركه فلا أحركه
- 24 للابنة النصف ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللأخت
- 25 قضى معاذ بن جبل النصف للابنة والنصف للأخت
- 26 أعطى الابنة النصف والأخت النصف
- 27 فرق النبي بين الملاعن وامرأته وألحق الولد بها
- 28 ميراث ابن الملاعنة لأمه ولورثتها من بعدها
- 29 من استلحق بعد أبيه فله نصيبه فيما لم يقسم
- 30 الولد ولد زنا لا يرث ولا يورث
- 31 إنما الولاء لمن أعتق
- 32 مولى القوم من أنفسهم
- 33 ما أحرز الولد والوالد فهو لعصبته من كان
- 34 يرث الولاء من ورث المال من والد أو ولد
- 35 نهى رسول الله عن بيع الولاء وعن هبته
- 36 الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب
- 37 أعطوا ميراثه رجلا من أهل قريته
- 38 الميراث للمهاجر والأنصاري نسخ بالإرث للعصبة
- 39 كان الرجل يحالف الرجل ليس بينهما نسب فيرث أحدهما الآخر
- 40 ابن أخت القوم منهم، أو من أنفسهم
- 41 ابن أخت القوم منهم
- 42 ابن الأخت منهم
- 43 اللَّه ورسوله مولى من لا مولى له
- 44 من ترك دينا أو ضيعة فإلي
- 45 لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم
- 46 هل ترك عقيل من رباع أو دور؟
- 47 الإسلام يزيد ولا ينقص
- 48 لا يتوارث أهل ملتين شتى
- 49 لا تسافر امرأة ثلاث ليال مع غير ذي محرم
- 50 ليس للقاتل شيء
- 51 جعل للزوجة الثمن والربع، وللزوج الشطر والربع
- 52 من أسلم على يدي رجل فهو أولى الناس بمحياه ومماته
- 53 أعط ابنتي سعد ثلثي ماله وأعط امرأته الثمن
- 54 ميراث الجدة السدس من النبي ﷺ
معلومات عن حديث: الولد ولد زنا لا يرث ولا يورث
📜 حديث: الولد ولد زنا لا يرث ولا يورث
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: الولد ولد زنا لا يرث ولا يورث
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: الولد ولد زنا لا يرث ولا يورث
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: الولد ولد زنا لا يرث ولا يورث
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








