حديث: الميراث للمهاجر والأنصاري نسخ بالإرث للعصبة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب نسخ ميراث العقد والحلف بميراث الرحم

عن ابن عباس: ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ﴾ قال: ورثة ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ كان المهاجرون لما قدموا المدينة يرث المهاجر الأنصاري دون ذوي رحمه للأخوة التي آخى النبي ﷺ بينهم، فلما نزلت: ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ﴾ نسخت. ثم قال: ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ من النصر، والرفادة، والنصيحة، وقد ذهب الميراث، ويوصي له.

صحيح: رواه البخاري في التفسير (٤٥٨٠) عن الصلت بن محمد، حدثنا أبو أسامة، عن
إدريس، عن طلحة بن مصرف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس فذكره.

عن ابن عباس: ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ﴾ قال: ورثة ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ كان المهاجرون لما قدموا المدينة يرث المهاجر الأنصاري دون ذوي رحمه للأخوة التي آخى النبي ﷺ بينهم، فلما نزلت: ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ﴾ نسخت. ثم قال: ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ من النصر، والرفادة، والنصيحة، وقد ذهب الميراث، ويوصي له.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث الوارد عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، والذي يفسر آيتين من كتاب الله تعالى:
### أولاً. نص الحديث ومصدره
هذا الأثر رواه الإمام البخاري في صحيحه في كتاب "التفسير"، باب تفسير سورة النساء. وهو من رواية ابن عباس t يفسر به قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} [النساء: 33].

### ثانيًا. شرح المفردات
* مَوَالِيَ: جمع "مَوْلَى"، والمقصود به هنا الورثة، أي الذين يتولون أمر الميت ويَرِثونه.
* عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ: أي حلفتم لهم باليمين (القسم) على الموالاة والنصرة. والعقد هنا بمعنى الربط والإحكام.
* آخَى: من المؤاخاة، وهي رابطة أخوة في الدين، جعلها النبي ﷺ بين المهاجرين والأنصار.
* نَسَخَتْ: أي أبطلت حكم المؤاخاة في الميراث، وأثبتت حكمًا جديدًا وهو التوريث للعصبة والأقارب.
* النَّصْر: المعونة والمساعدة في الشدائد.
* الرَّفَادَة: العطاء والإعانة بالمال والصدقة.
* النَّصِيحَة: أن يريد الخير لأخيه وينصحه فيه.

### ثالثًا. شرح الحديث
يشرح لنا ابن عباس رضي الله عنهما السياق التاريخي الذي نزلت فيه هذه الآية، والسبب في نزولها:
1- الحالة قبل نزول الآية: عندما هاجر المسلمون من مكة إلى المدينة (المهاجرون)، تركوا أموالهم وديارهم وأهلهم. فآخى النبي ﷺ بينهم وبين إخوانهم في المدينة (الأنصار)، فصار المهاجر يرث الأنصاري الذي آخاه، ولا يرثه أحد من أقاربه البعيدين، بناء على هذه الأخوة الإيمانية والتعاقد، وذلك لتقوية الروابط بينهم وتذويب الفوارق القبلية.
2- نزول الآية ونَسْخ الحكم: ثم نزلت آية {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} أي جعلنا لكل إنسان ورثة هم أقاربه (الوالدان والأقربون)، فنسخت هذا الحكم الخاص (التوارث بالمؤاخاة). وأصبح الميراث محصورًا في القرابات النسبية والسببية (كالزوجية) كما فصّلتها آيات المواريث لاحقًا في السورة نفسها.
3- المعنى الجديد للتعاقد: بعد أن نسخ حكم التوارث، بقي معنى آخر للذين "عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ" معهم. فبيَّن ابن عباس أن المقصود بهم الآن هم الحلفاء الذين بينكم وبينهم عهود ونصرة، وليسوا ورثة. فحقهم لم يعد الميراث، بل أصبح الحقوق المعنوية والاجتماعية وهي:
* النَّصْر: نصرتهم ومناصرتهم إذا استنصروكم.
* الرَّفَادَة: إعانتهم بالمال والصدقة إذا احتاجوا.
* النَّصِيحَة: أن تنصحوا لهم ولا تغشوهم.
ومع أن الميراث قد ذهب، إلا أنه يجوز الوصية لهم بجزء من المال (في حدود الثلث) تكرمًا وصلةً لهذه الرابطة.

### رابعًا. الدروس المستفادة
1- مرونة التشريع الإسلامي: يظهر هذا الحديث كيف أن التشريع الإسلامي يتدرج في تطبيقه، فيشرع حكمًا مؤقتًا يناسب ظرفًا طارئًا (كحالة المهاجرين الذين فقدوا كل شيء)، ثم ينسخه بحكم دائم وشامل عندما تستقر الأحوال. وهذا من حكمة الله تعالى.
2- تقديم روابط الدين والعقيدة: المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار كانت أعظم رابطة، حتى قدّمت على رابطة القرابة في بداية الأمر، مما يدل على قوة الترابط الذي يبنيه الإيمان.
3- الحكمة من النسخ: نسخ التوارث بالمؤاخاة كان لحكمة عظيمة، وهي إعادة تنظيم المجتمع المسلم على أسس عادلة ودائمة، وجعل نظام الميراث نظامًا ثابتًا قائمًا على النسب، مما يقطع النزاع ويحفظ الأموال للأهل.
4- الحفاظ على حقوق الحلفاء والمواثيق: الإسلام يحث على الوفاء بالعهود والعقود، حتى بعد زوال سببها الأصلي. فحق النصرة والنصيحة والإعانة باقٍ للحلفاء، تأكيدًا على مبدأ الوفاء.
5- فضل الصحابة: يفهم من الحديث مدى إيثار الأنصار وإخاء المهاجرين، وتضحيتهم في سبيل الله ونصرة دينه.
والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في التفسير (٤٥٨٠) عن الصلت بن محمد، حدثنا أبو أسامة، عن
إدريس، عن طلحة بن مصرف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس فذكره.
قال البخاري: «سمع أبو أسامة إدريس، وسمع إدريس طلحة».
قال الأعظمي: هكذا رواه أيضًا في الفرائض (٦٧٤٧) عن إسحاق بن إبراهيم قال: قلت لأبي أسامة: حدثكم إدريس، حدثنا طلحة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ﴾ ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [سورة النساء: ٣٣] قال: كان المهاجرون حين قدموا المدينة يرث الأنصاري المهاجري دون ذوي رحمه للأُخوة التي أخى النبي ﷺ بينهم، فلما نزلت: ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ﴾ قال: نسختها ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾.
فقوله: ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ أي والذين تحالفتموهم بالأيمان المؤكدة -أنتم، وهم- فآتوهم نصيبهم من الميراث، كما وعدتموهم في الأيمان المغلظة. وقد كان هذا في ابتداء الإسلام، ثم نسخ بعد ذلك.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 38 من أصل 66 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الميراث للمهاجر والأنصاري نسخ بالإرث للعصبة

  • 📜 حديث: الميراث للمهاجر والأنصاري نسخ بالإرث للعصبة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الميراث للمهاجر والأنصاري نسخ بالإرث للعصبة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الميراث للمهاجر والأنصاري نسخ بالإرث للعصبة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الميراث للمهاجر والأنصاري نسخ بالإرث للعصبة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب