من ترك مالا فهو لورثته ومن توفي وعليه دين فعلي قضاؤه

حديث: من ترك مالا فهو لورثته ومن توفي وعليه دين فعلي قضاؤه

عن أبي هريرة أن رسول اللَّه ﷺ كان يؤتى بالرجل الميت عليه الدين، فيسأل: «هل ترك لدينه من قضاء؟». فإن حدث أنه ترك وفاء صلي عليه، وإلا قال: «صلوا على صاحبكم. فلما فتح اللَّه عليه الفتوح قال: «أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي وعليه دين فعلي قضاؤه، ومن ترك مالا فهو لورثته».

متفق عليه: رواه البخاري في الكفالة (٢٢٩٨)، ومسلم في الفرائض (١٦١٩) كلاهما من حديث الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
فيسرني أن أقدم شرحًا لهذا الحديث النبوي الشريف، الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه.

نص الحديث:

1. شرح المفردات:

● يؤتى به: يُحضَر إليه.
● عليه الدين: عليه دين مستحق للغير.
● وفاء: ما يكفي للسداد والتسديد.
● صلي عليه: أقام الصلاة على جنازته بنفسه تشريفًا وتكريمًا.
● صلوا على صاحبكم: أمر للناس بالصلاة عليه دون أن يصلي هو بنفسه؛ تحذيرًا من خطر الدين.
● فتح الله عليه الفتوح: بعد انتصار المسلمين واتساع رقعة الدولة الإسلامية وزيادة الأموال في بيت المال.
● أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم: هذا أصل عظيم من أصول الولاية والنصرة، فالنبي ﷺ أولى بمصالح المؤمن من نفسه، فهو ينصح له أكثر مما ينصح لنفسه.
● فعلي قضاؤه: على النبي ﷺ من بيت مال المسلمين.

2. شرح الحديث:

يصف هذا الحديث حال النبي ﷺ في التعامل مع من يموت وعليه دين في فترتين:
المرحلة الأولى (قبل الفتوح):
كان النبي ﷺ إذا أُتي بميت عليه دين، يسأل أولاً: هل ترك من المال ما يسدد به دينه؟
- فإن كان قد ترك مالًا يكفي لسداد الدين، صلى عليه النبي ﷺ تكريمًا له لوفائه بحقوق العباد.
- وإن لم يترك وفاءً للدين، امتنع النبي ﷺ عن الصلاة عليه مباشرة، وقال للناس: "صلوا على صاحبكم"، أي صلوا عليه أنتم دوني. وهذا ليس حرمانًا من الصلاة عليه مطلقًا، بل هو امتناع منه ﷺ شخصيًا للتنبيه على عظم أمر الدين، وأنه يجب على المسلم الحذر من أن يموت وعليه دين لا يستطيع سداده. فهذا نوع من الزجر والوعظ للأحياء.
المرحلة الثانية (بعد الفتوح):
بعد أن فتح الله على المسلمين واغتنى بيت المال، أعلن النبي ﷺ تطمينًا للأمة وتخفيفًا عنها، أنه ﷺ – بصفته ولي أمر المسلمين و القائم على مصالحهم – سيتكفل بسداد دين أي مسلم يموت ولا يترك ما يقضيه، من مال بيت المال (مال الدولة الإسلامية). وهذا من كمال نصحه ﷺ وشفقته على أمته. ثم بين القاعدة العامة في الميراث: أن من ترك مالًا بعد سداد ديونه، فإنه يكون حقًا لورثته الشرعيين.

3. الدروس المستفادة منه:

1- خطورة الدين: الحديث يظهر الخطورة العظيمة للدين الذي لا يستطيع الإنسان سداده، لدرجة أن النبي ﷺ امتنع عن الصلاة على من كان بهذه الحالة تنبيهًا للأمة.
2- وجوب الوفاء بالدين: يجب على المسلم السعي جدياً لسداد ديونه في حياته، وأن يحرص على عدم تركها بعد موته.
3- عظم مسؤولية ولي الأمر: من مسؤوليات الدولة الإسلامية (ولي الأمر) رعاية مصالح الرعية، ومنها التكفل بسداد دين المعسرين الذين يموتون ولا يتركوا وفاءً، تطييبًا لخواطر الأحياء وتخليصًا للميت من تبعات الدين.
4- الشفقة والنصيحة للأمة: في تصرف النبي ﷺ تظهر شفقته العظيمة على أمته، حيث خفف عنهم بعد أن تيسرت الأمور المالية.
5- أصل الولاية: قوله ﷺ "أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم" أصل كبير في وجوب نصح الوالي لرعيته والسعي لمصالحهم.
6- حقوق الورثة محفوظة: بيان أن الميراث محدد بحدود الله، فما بقي بعد سداد الديون فهو للورثة.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث يدل على أن الصلاة على الميت ليست مجرد ritual (شعيرة) شكلية، بل لها معاني وأحكام تتعلق بحال الميت.
- استدل العلماء بهذا الحديث على أن الدين يجب أن يكون مقدماً على تقسيم الميراث بين الورثة، فلا يقسم المال حتى تسدد الديون أولاً.
- التكفل بدين الميت المعسر من بيت المال هو من صورة التكافل الاجتماعي في الإسلام.
- ينبغي للمسلم أن يستعد للموت بالإقلال من الديون والإسراع في قضائها، وأن يوصي بها إن خشي ألا يتمكن من سدادها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الكفالة (٢٢٩٨)، ومسلم في الفرائض (١٦١٩) كلاهما من حديث الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 11 من أصل 66 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من ترك مالا فهو لورثته ومن توفي وعليه دين فعلي قضاؤه

📜 حديث: من ترك مالا فهو لورثته ومن توفي وعليه دين فعلي قضاؤه

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من ترك مالا فهو لورثته ومن توفي وعليه دين فعلي قضاؤه

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من ترك مالا فهو لورثته ومن توفي وعليه دين فعلي قضاؤه

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من ترك مالا فهو لورثته ومن توفي وعليه دين فعلي قضاؤه

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية