حديث: عن عمر بن الخطاب في قضية إرث النبي ﷺ

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قول النبي ﷺ: «لا نورث ما تركنا صدقة»

عن مالك بن أوس بن الحدثان النصري قال: إن عمر بن الخطاب دعاه، فانطلقت حتى دخلت عليه، فأتاه حاجبه يرفأ، فقال: هل لك في عثمان وعبد الرحمن والزبير وسعد؟ قال: نعم. فأذن لهم، ثم قال: هل لك في علي وعباس؟ قال: نعم. قال عباس: يا أمير المؤمنين، اقض بيني وبين هذا، قال: أنشدكم باللَّه الذي بإذنه تقوم السماء والأرض هل تعلمون أن رسول اللَّه ﷺ قال: «لا نورث ما تركنا صدقة؟» يريد رسول اللَّه ﷺ نفسه. فقال الرهط: قد قال ذلك. فأقبل على عَليٍّ وعباس، فقال: هل تعلمان أن رسول اللَّه ﷺ قال ذلك؟ قالا: قد قال ذلك. قال عمر: فإني أحدثكم عن هذا الأمر، إن اللَّه قد كان خص رسوله ﷺ في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدا غيره، فقال عز وجل: ﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ﴾ إلى قوله ﴿قَدِيرٌ﴾ [سورة الحشر: ٦] فكانت خالصة لرسول اللَّه ﷺ، واللَّه ما احتازها دونكم، ولا أستأثر بها عليكم، لقد أعطاكموها وبثها فيكم، حتى بقي منها هذا المال، فكان النبي ﷺ ينفق على أهله من هذا المال نفقة سنته، ثم يأخذ ما بقي، فيجعله مجعل مال اللَّه، فعمل بذاك رسول اللَّه ﷺ حياته، أنشدكم باللَّه هل تعلمون ذلك؟ قالوا: نعم، ثم قال لعلي وعباس: أنشدكما باللَّه هل تعلمان ذلك؟ قالا: نعم. فتوفى اللَّه نبيه ﷺ، فقال أبو بكر: أنا ولي رسول اللَّه ﷺ، فقبضها، فعمل بما عمل به رسول اللَّه ﷺ، ثم توفى اللَّه أبا بكر، فقلت: أنا ولي ولي رسول اللَّه ﷺ، فقبضتها سنتين أعمل فيها ما عمل رسول اللَّه ﷺ وأبو بكر، ثم جئتماني، وكَلِمَتُكما واحدة، وأمركما جميع، جئتني تسألني نصيبك من ابن أخيك، وأتاني هذا يسألني نصيب امرأته من أبيها، فقلت: إن شئتما دفعتها إليكما بذلك، فتَلْتَمِسان مني قضاء غير ذلك، فواللَّه الذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيها قضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة، فإن عجزتما فادفعاها إلي، فأنا أكفيكماها».

متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (٤٠٣٣)، وفي الفرائض (٦٧٢٨)، ومسلم في الجهاد والسير (١٧٥٧: ٤٩) كلاهما من حديث الزهري قال: أخبرني مالك بن أوس بن الحدثان فذكره.

عن مالك بن أوس بن الحدثان النصري قال: إن عمر بن الخطاب دعاه، فانطلقت حتى دخلت عليه، فأتاه حاجبه يرفأ، فقال: هل لك في عثمان وعبد الرحمن والزبير وسعد؟ قال: نعم. فأذن لهم، ثم قال: هل لك في علي وعباس؟ قال: نعم. قال عباس: يا أمير المؤمنين، اقض بيني وبين هذا، قال: أنشدكم باللَّه الذي بإذنه تقوم السماء والأرض هل تعلمون أن رسول اللَّه ﷺ قال: «لا نورث ما تركنا صدقة؟» يريد رسول اللَّه ﷺ نفسه. فقال الرهط: قد قال ذلك. فأقبل على عَليٍّ وعباس، فقال: هل تعلمان أن رسول اللَّه ﷺ قال ذلك؟ قالا: قد قال ذلك. قال عمر: فإني أحدثكم عن هذا الأمر، إن اللَّه قد كان خص رسوله ﷺ في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدا غيره، فقال ﷿: ﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ﴾ إلى قوله ﴿قَدِيرٌ﴾ [سورة الحشر: ٦] فكانت خالصة لرسول اللَّه ﷺ، واللَّه ما احتازها دونكم، ولا أستأثر بها عليكم، لقد أعطاكموها وبثها فيكم، حتى بقي منها هذا المال، فكان النبي ﷺ ينفق على أهله من هذا المال نفقة سنته، ثم يأخذ ما بقي، فيجعله مجعل مال اللَّه، فعمل بذاك رسول اللَّه ﷺ حياته، أنشدكم باللَّه هل تعلمون ذلك؟ قالوا: نعم، ثم قال لعلي وعباس: أنشدكما باللَّه هل تعلمان ذلك؟ قالا: نعم. فتوفى اللَّه نبيه ﷺ، فقال أبو بكر: أنا ولي رسول اللَّه ﷺ، فقبضها، فعمل بما عمل به رسول اللَّه ﷺ، ثم توفى اللَّه أبا بكر، فقلت: أنا ولي ولي رسول اللَّه ﷺ، فقبضتها سنتين أعمل فيها ما عمل رسول اللَّه ﷺ وأبو بكر، ثم جئتماني، وكَلِمَتُكما واحدة، وأمركما جميع، جئتني تسألني نصيبك من ابن أخيك، وأتاني هذا يسألني نصيب امرأته من أبيها، فقلت: إن شئتما دفعتها إليكما بذلك، فتَلْتَمِسان مني قضاء غير ذلك، فواللَّه الذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيها قضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة، فإن عجزتما فادفعاها إلي، فأنا أكفيكماها».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا الحديث الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه من رواية مالك بن أوس بن الحدثان النصري، يحكي قصة مهمة من أحداث خلافة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ويتعلق بموقف الصحابة من إرث النبي صلى الله عليه وسلم وإدارة الأموال التي خلفها.

شرح المفردات:


● حاجبه يرفأ: حاجب عمر بن الخطاب، واسمه يرفأ.
● أنشدكم بالله: أحلفكم بالله وأستحلفكم.
● لا نورث ما تركنا صدقة: أي أن ما يتركه النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ليس ميراثًا، بل هو صدقة.
● احتازها: استأثر بها أو اختص بها.
● بثها فيكم: وزعها وأنفقها عليكم.
● مجعل مال الله: أي جعله في مصالح المسلمين العامة.
● كلمتكما واحدة: أي أنكما متفقان في الطلب.
● تلتْمِسان مني: تطلباني مني.

شرح الحديث:


يبدأ الحديث بدعوة سيدنا عمر بن الخطاب لمالك بن أوس، ثم يستأذن حاجبه بقدوم مجموعة من كبار الصحابة وهم عثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم، ثم يستأذن لعلي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب رضي الله عنهما.
ثم يبدأ العباس رضي الله عنه بالشكوى إلى عمر حول الخلاف بينه وبين علي رضي الله عنه في ميراث النبي صلى الله عليه وسلم، فيستحلفهم عمر بالله على أنهم سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا نورث، ما تركنا صدقة"، أي أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن ما يتركه بعد موته ليس ميراثًا يُوزع على ورثته، بل هو صدقة تُصرف في مصالح المسلمين.
فيؤكد الجميع بما فيهم علي والعباس أنهم سمعوا ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم يشرح سيدنا عمر رضي الله عنه أن الله تعالى قد خص النبي صلى الله عليه وسلم بأموال الفيء (أموال الغنائم والفيء التي أفاءها الله على رسوله دون قتال) كما في قوله تعالى: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الحشر: 6].
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتصرف في هذه الأموال بنفقة سنته لأهله، ثم يجعل الباقي في مصالح المسلمين.
وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، تولى أبو بكر الصديق رضي الله عنه هذه الأموال وعمل بنفس الطريقة، ثم تولاها عمر من بعده.
ثم جاءه علي والعباس يطلبان نصيبهما من الميراث، فأخبرهما عمر أن النظام الذي اتبعه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر هو الاستمرار في إنفاق هذه الأموال في مصالح المسلمين، وليس توزيعها كإرث.

الدروس المستفادة:


1- عدم توريث ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم: فقد بين الحديث أن ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم من أموال ليست ميراثًا، بل هي صدقة تُصرف في مصالح المسلمين، وهذا حكم خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم.
2- العدل والشفافية في إدارة المال العام: حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم والخليفتان من بعده يتصرفون في هذه الأموال بطريقة واضحة ومعلنة.
3- التأكيد على أهمية الشهادة والإقرار بالحق: حيث استحلفهم عمر بالله لتأكيد الحق وقطع النزاع.
4- وحدة الأمة وعدم التفرق: حيث حرص عمر على حل النزاع بين علي والعباس بطريقة تحافظ على الوئام بين الصحابة.
5- اتباع منهج النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين: حيث أكد عمر على ضرورة الالتزام بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في إدارة هذه الأموال.

معلومات إضافية:


- هذا الحديث يدل على أن أموال النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته كانت تُصرف في مصالح المسلمين، ولم توزع على ورثته، وهذا خاص به صلى الله عليه وسلم.
- كما يبين حرص الخلفاء الراشدين على تطبيق سنة النبي صلى الله عليه وسلم وعدم الخروج عنها.
- وهو أيضًا يدل على مدى حرص الصحابة على التوثيق والتأكيد باليمين والحلف بالله لتثبيت الحق.
هذا والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في المغازي (٤٠٣٣)، وفي الفرائض (٦٧٢٨)، ومسلم في الجهاد والسير (١٧٥٧: ٤٩) كلاهما من حديث الزهري قال: أخبرني مالك بن أوس بن الحدثان فذكره.
واللفظ للبخاري. ولفظ مسلم نحوه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 21 من أصل 66 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: عن عمر بن الخطاب في قضية إرث النبي ﷺ

  • 📜 حديث: عن عمر بن الخطاب في قضية إرث النبي ﷺ

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: عن عمر بن الخطاب في قضية إرث النبي ﷺ

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: عن عمر بن الخطاب في قضية إرث النبي ﷺ

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: عن عمر بن الخطاب في قضية إرث النبي ﷺ

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب