حديث: إِنَّهُمْ خَيَّرُونِي أَنْ يَسْأَلُونِي بِالْفُحْشِ أَوْ يُبَخِّلُونِي فَلَسْتُ بِبَاخِل

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب حقّ السّائل لا يسقط ولو أفحش في كلامه

عن عمر بن الخطّاب، قال: قَسَمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ قَسْمًا فَقُلْتُ: وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ لَغَيْرُ هَؤُلاءِ كَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنْهُمْ. قَال: «إِنَّهُمْ خَيَّرُونِي أَنْ يَسْأَلُونِي بِالْفُحْشِ أَوْ يُبَخِّلُونِي فَلَسْتُ بِبَاخِلٍ».

صحيح: رواه مسلم (١٠٥٦) من طريق جرير، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن سلمان بن ربيعة، قال: قال عمر بن الخطّاب، فذكر الحديث.

عن عمر بن الخطّاب، قال: قَسَمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ قَسْمًا فَقُلْتُ: وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ لَغَيْرُ هَؤُلاءِ كَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنْهُمْ. قَال: «إِنَّهُمْ خَيَّرُونِي أَنْ يَسْأَلُونِي بِالْفُحْشِ أَوْ يُبَخِّلُونِي فَلَسْتُ بِبَاخِلٍ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا جميعاً بحديث رسول الله ﷺ.
الحديث الذي طلبت شرحه رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو حديث عظيم فيه موعظة بليغة وأدب رفيع مع النبي ﷺ، وفيه بيان لخلقه الكريم ﷺ.

أولاً. شرح المفردات:


● قَسَمَ: وزع وأعطى عطاءً من مال أو غنيمة.
● قَسْمًا: ما يوزع من الأموال أو الغنائم.
● خَيَّرُونِي: قدموا لي خيارين وطلبوا مني الاختيار بينهما.
● بِالْفُحْشِ: هنا بمعنى السوء والجفاء والكلام البذيء أو التصرف السيء.
● يُبَخِّلُونِي: يصفوني بالبخل، أو يجعلونني في صورة البخيل في أعين الناس.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبر سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ كان يوزع غنائم أو أموالاً على نفر من الناس، فرأى عمر أن هناك من هو أولى بهذا العطاء وأحق به من هؤلاء المعطين؛ لكونهم من ضعفاء المسلمين أو من ذوي الحاجة الماسة، فاستنكر هذا التقسيم بأدب مع النبي ﷺ قائلاً: "والله يا رسول الله، لغير هؤلاء كان أحق به منهم".
فأجابه النبي ﷺ مبيناً سبب إعطائه لهؤلاء دون غيرهم، فقال: "إنهم خيروني أن يسألوني بالفحش أو يبخلوني، فلست بباخل".
أي أن هؤلاء القوم كانوا سيئي الخلق، فهددوا بطريقة غير مباشرة بأنهم إذا لم يعطوا فسيقابلون ذلك بإحدى خصلتين ذميمتين:
1- إما أن "يسألوني بالفحش": أي أنهم سيلحون في الطلب بطريقة سيئة وبكلام بذيء وجاف، أو سيشيعون عني الأقوال السيئة.
2- أو "يبخلوني": أي أنهم سينشرون بين الناس أني بخيل ولا أعطي، فيسيئون إلى سمعتي.
فاختار النبي ﷺ أن يعطيهم دفاعاً عن عرضه وشخصيته الكريمة ﷺ، وقال: "فلست بباخل"، أي لأني لست ببخيل، ولا أريد أن يظن بي الناس أني بخيل، فدفع هذه التهمة عن نفسه بالإعطاء.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- علو أخلاق النبي ﷺ وكرمه: حيث فضل أن ينفق ماله ويبذل عطاءه دفاعاً عن سمعته وعرضه من أن يتصف بصفة البخل الذميمة، مع علمه بأنه أبعد الناس عنها.
2- حسن خلقه ﷺ وحلمه: حيث تعامل مع من هددوه بهذه الطريقة بالإحسان والعطاء بدلاً من المؤاخذة والعقاب.
3- حرص الصحابة على المصلحة العامة: حيث تجلى حرص عمر رضي الله عنه على أن يصل المال إلى مستحقيه الحقيقيين، وهذا من غيرته على الدين وأهله.
4- أدب الصحابة مع النبي ﷺ: نلاحظ كيف عبر عمر عن اعتراضه بأدب جمٍّ، فبدأ بقوله "والله يا رسول الله"، مما يدل على الاحترام والتقدير حتى عند الاختلاف في الرأي.
5- جواز إعطاء المال لدفع الشر عن النفس: خاصة إذا كان هذا الشر هو اتهامٌ في العرض أو الدِين، وهذا من باب درء المفاسد.
6- ذمُّ التَّهَدُّدِ وَالْوُقُوفِ بِوَجْهِ ذَوِي الْفَضْلِ بِالْفُحْشِ فِي الْكَلامِ وَالْعِنَادِ: ففعل هؤلاء القوم من سوء الأدب والجفاء.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من أمارات النبوة، حيث أخبر النبي ﷺ عن ما في نفوس هؤلاء القوم وما سيصدر عنهم، وهو غيب لا يعلمه إلا الله.
- فيه بيان أن الإعطاء أحياناً يكون لعارضٍ طارئ وليس لأنه هو المستحق الشرعي الأصلي، مما يدل على مرونة التشريع ومراعاة المصالح.
- استدل بعض العلماء بهذا الحديث على جواز دفع مال لساكتٍ خوفَ كلامه الباطل، أو لدفع شره وفساده.
أسأل الله أن يفقهنا في ديننا، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم (١٠٥٦) من طريق جرير، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن سلمان بن ربيعة، قال: قال عمر بن الخطّاب، فذكر الحديث.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 314 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إِنَّهُمْ خَيَّرُونِي أَنْ يَسْأَلُونِي بِالْفُحْشِ أَوْ يُبَخِّلُونِي فَلَسْتُ بِبَاخِل

  • 📜 حديث: إِنَّهُمْ خَيَّرُونِي أَنْ يَسْأَلُونِي بِالْفُحْشِ أَوْ يُبَخِّلُونِي فَلَسْتُ بِبَاخِل

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إِنَّهُمْ خَيَّرُونِي أَنْ يَسْأَلُونِي بِالْفُحْشِ أَوْ يُبَخِّلُونِي فَلَسْتُ بِبَاخِل

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إِنَّهُمْ خَيَّرُونِي أَنْ يَسْأَلُونِي بِالْفُحْشِ أَوْ يُبَخِّلُونِي فَلَسْتُ بِبَاخِل

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إِنَّهُمْ خَيَّرُونِي أَنْ يَسْأَلُونِي بِالْفُحْشِ أَوْ يُبَخِّلُونِي فَلَسْتُ بِبَاخِل

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب