حديث: إِنَّهُمْ خَيَّرُونِي أَنْ يَسْأَلُونِي بِالْفُحْشِ أَوْ يُبَخِّلُونِي فَلَسْتُ بِبَاخِل
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب حقّ السّائل لا يسقط ولو أفحش في كلامه
صحيح: رواه مسلم (١٠٥٦) من طريق جرير، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن سلمان بن ربيعة، قال: قال عمر بن الخطّاب، فذكر الحديث.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا جميعاً بحديث رسول الله ﷺ.
الحديث الذي طلبت شرحه رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو حديث عظيم فيه موعظة بليغة وأدب رفيع مع النبي ﷺ، وفيه بيان لخلقه الكريم ﷺ.
أولاً. شرح المفردات:
● قَسَمَ: وزع وأعطى عطاءً من مال أو غنيمة.
● قَسْمًا: ما يوزع من الأموال أو الغنائم.
● خَيَّرُونِي: قدموا لي خيارين وطلبوا مني الاختيار بينهما.
● بِالْفُحْشِ: هنا بمعنى السوء والجفاء والكلام البذيء أو التصرف السيء.
● يُبَخِّلُونِي: يصفوني بالبخل، أو يجعلونني في صورة البخيل في أعين الناس.
ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:
يخبر سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ كان يوزع غنائم أو أموالاً على نفر من الناس، فرأى عمر أن هناك من هو أولى بهذا العطاء وأحق به من هؤلاء المعطين؛ لكونهم من ضعفاء المسلمين أو من ذوي الحاجة الماسة، فاستنكر هذا التقسيم بأدب مع النبي ﷺ قائلاً: "والله يا رسول الله، لغير هؤلاء كان أحق به منهم".
فأجابه النبي ﷺ مبيناً سبب إعطائه لهؤلاء دون غيرهم، فقال: "إنهم خيروني أن يسألوني بالفحش أو يبخلوني، فلست بباخل".
أي أن هؤلاء القوم كانوا سيئي الخلق، فهددوا بطريقة غير مباشرة بأنهم إذا لم يعطوا فسيقابلون ذلك بإحدى خصلتين ذميمتين:
1- إما أن "يسألوني بالفحش": أي أنهم سيلحون في الطلب بطريقة سيئة وبكلام بذيء وجاف، أو سيشيعون عني الأقوال السيئة.
2- أو "يبخلوني": أي أنهم سينشرون بين الناس أني بخيل ولا أعطي، فيسيئون إلى سمعتي.
فاختار النبي ﷺ أن يعطيهم دفاعاً عن عرضه وشخصيته الكريمة ﷺ، وقال: "فلست بباخل"، أي لأني لست ببخيل، ولا أريد أن يظن بي الناس أني بخيل، فدفع هذه التهمة عن نفسه بالإعطاء.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- علو أخلاق النبي ﷺ وكرمه: حيث فضل أن ينفق ماله ويبذل عطاءه دفاعاً عن سمعته وعرضه من أن يتصف بصفة البخل الذميمة، مع علمه بأنه أبعد الناس عنها.
2- حسن خلقه ﷺ وحلمه: حيث تعامل مع من هددوه بهذه الطريقة بالإحسان والعطاء بدلاً من المؤاخذة والعقاب.
3- حرص الصحابة على المصلحة العامة: حيث تجلى حرص عمر رضي الله عنه على أن يصل المال إلى مستحقيه الحقيقيين، وهذا من غيرته على الدين وأهله.
4- أدب الصحابة مع النبي ﷺ: نلاحظ كيف عبر عمر عن اعتراضه بأدب جمٍّ، فبدأ بقوله "والله يا رسول الله"، مما يدل على الاحترام والتقدير حتى عند الاختلاف في الرأي.
5- جواز إعطاء المال لدفع الشر عن النفس: خاصة إذا كان هذا الشر هو اتهامٌ في العرض أو الدِين، وهذا من باب درء المفاسد.
6- ذمُّ التَّهَدُّدِ وَالْوُقُوفِ بِوَجْهِ ذَوِي الْفَضْلِ بِالْفُحْشِ فِي الْكَلامِ وَالْعِنَادِ: ففعل هؤلاء القوم من سوء الأدب والجفاء.
رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث من أمارات النبوة، حيث أخبر النبي ﷺ عن ما في نفوس هؤلاء القوم وما سيصدر عنهم، وهو غيب لا يعلمه إلا الله.
- فيه بيان أن الإعطاء أحياناً يكون لعارضٍ طارئ وليس لأنه هو المستحق الشرعي الأصلي، مما يدل على مرونة التشريع ومراعاة المصالح.
- استدل بعض العلماء بهذا الحديث على جواز دفع مال لساكتٍ خوفَ كلامه الباطل، أو لدفع شره وفساده.
أسأل الله أن يفقهنا في ديننا، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 314 من أصل 379 حديثاً له شرح
- 289 مَنِ اسْتَعَفَّ أَعَفَّهُ اللهُ وَمَنِ اسْتَغْنَى أَغْنَاهُ اللهُ
- 290 من يستعفف يُعِفّه الله ومن يستغن يُغْنِه الله
- 291 اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِن اليَدِ السُّفْلَى
- 292 إعطاء المال فتنة وإمساكه فتنة
- 293 لا تُلْحِفُوا فِي المَسْأَلَةِ
- 294 من سأل وله أوقية فقد سأل إلحافًا
- 295 من سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف
- 296 من سأل وله أربعون درهما فهو الملحف
- 297 من سأل الناس وله عدل خمس أواق
- 298 لا تلحفوا بالمسألة فإنه لا يبارك فيه
- 299 خذه وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا...
- 300 خذه فتموله أو تصدق به
- 301 المال خضرة حلوة من أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه
- 302 مَنْ بَلَغَهُ مَعْرُوفٌ عَنْ أَخِيهِ فَلْيَقْبَلْهُ
- 303 مَنْ آتاهُ اللهُ مالًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْأَلَهُ فَلْيَقْبَلْهُ
- 304 ليس المسكين الذي يطوف على الناس
- 305 لَيْسَ المِسْكِينُ بِالَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ
- 306 المسكين الذي ليس له غنى ويستحيي أو لا يسأل الناس...
- 307 لَيْسَ المِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ
- 308 لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من...
- 309 من يسأل الناس معطى أو ممنوعًا
- 310 خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه
- 311 لا تَسْأَل النَّاسَ شَيْئًا
- 312 مَنْ أَنْزَلَ فَاقَتَهُ بِاللهِ أَوْشَكَ اللهُ لَهُ بِالْغِنَى
- 313 جذبه جذبة شديدة حتى أثرت حاشية الرداء في عاتقه
- 314 إِنَّهُمْ خَيَّرُونِي أَنْ يَسْأَلُونِي بِالْفُحْشِ أَوْ يُبَخِّلُونِي فَلَسْتُ بِبَاخِل
- 315 يأبون إلا ذلك ويأبى الله لي البخل
- 316 ردوا المسكين ولو بظلف محرق
- 317 رجل معتزل في شعب يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، ويعتزل شرور...
- 318 مَن اسْتَعَاذَكُمْ بِاللهِ فَأَعِيذُوهُ
- 319 من سألكم بالله فأعطوه
- 320 من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سألكم بوجه الله فأعطوه
- 321 ألا تبايعون رسول الله على عبادة الله وإقام الصلاة وعدم...
- 322 مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
- 323 المسألة كدوح في وجه صاحبها يوم القيامة
- 324 الْمَالُ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ وَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ
- 325 مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا
- 326 مَنْ سَأَلَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِخُمُوشٍ
- 327 المسائل كدوح يكدح بها الرجل وجهه
- 328 من يسأل ويعطى ويحمل في حضنه النار
- 329 من سأل مسألة وهو عنها غني كانت شينًا في وجهه
- 330 من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من النار
- 331 إِنْ شِئْتُمَا أعطيتُكُما ولا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ ولا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ
- 332 لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي
- 333 تحريم الصدقة على الغني والقوي السليم
- 334 لا تَصْلُحُ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ
- 335 من سأل من غير فقر فكأنما يأكل الجمر
- 336 كيفتان أو ثلاث
- 337 عبد أسود مات وترك دينارين فقال النبي كيتان
- 338 عن رجل من أهل الصفة توفي وترك دينارا فقال رسول...
معلومات عن حديث: إِنَّهُمْ خَيَّرُونِي أَنْ يَسْأَلُونِي بِالْفُحْشِ أَوْ يُبَخِّلُونِي فَلَسْتُ بِبَاخِل
📜 حديث: إِنَّهُمْ خَيَّرُونِي أَنْ يَسْأَلُونِي بِالْفُحْشِ أَوْ يُبَخِّلُونِي فَلَسْتُ بِبَاخِل
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إِنَّهُمْ خَيَّرُونِي أَنْ يَسْأَلُونِي بِالْفُحْشِ أَوْ يُبَخِّلُونِي فَلَسْتُ بِبَاخِل
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إِنَّهُمْ خَيَّرُونِي أَنْ يَسْأَلُونِي بِالْفُحْشِ أَوْ يُبَخِّلُونِي فَلَسْتُ بِبَاخِل
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إِنَّهُمْ خَيَّرُونِي أَنْ يَسْأَلُونِي بِالْفُحْشِ أَوْ يُبَخِّلُونِي فَلَسْتُ بِبَاخِل
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








