حديث: جذبه جذبة شديدة حتى أثرت حاشية الرداء في عاتقه
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب حقّ السّائل لا يسقط ولو أفحش في كلامه
متفق عليه: رواه البخاريّ في فرض الخمس (٣١٤٩) عن يحيى بن بكير، ومسلم في الزّكاة (١٠٥٧) من طريق إسحاق بن سليمان الرّازيّ، وابن وهب كلّهم عن مالك بن أنس، عن إسحاق ابن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك، فذكر الحديث.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الحديث: عن أنس بن مالك قال: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الحَاشِيَةِ فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَذَبَهُ جَذْبَةً شَدِيدَةً حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِيِّ ﷺ قَدْ أَثَّرَتْ بِهِ حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَذْبَتِهِ ثُمَّ قَال: مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي عِنْدَكَ! فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ.
[رواه البخاري ومسلم]
1. شرح المفردات:
* بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ: البُرْد: كساء من الصوف يُتَّزر به. النجراني: منسوب إلى نجران، وهي منطقة معروفة باليمن، كانت تشتهر بصناعة هذه الأكسية.
* غَلِيظُ الحَاشِيَةِ: الحاشية هي الطرف أو الحافة المحيطة بالثوب. أي أن طرف هذا الرداء كان ثخينًا وخشنًا.
* أَعْرَابِيٌّ: رجل من أهل البادية، وكانوا يشتهرون بالغلظة والجفاء في التعامل أحيانًا لقلة اختلاطهم بأهل الحضر.
* جَذَبَهُ جَذْبَةً شَدِيدَةً: الجذبة: الشد بعنف وقوة.
* صَفْحَةِ عَاتِقِهِ: صفحة العاتق هي جانبه أو ناحيته. والعاتق هو ما بين العنق والكتف.
* أَثَّرَتْ بِهِ: تركت أثرًا عليه من شدة الشد.
* مَالِ اللهِ: يقصد بيت مال المسلمين، وهو المال العام الذي يجب صرفه في مصالح المسلمين.
2. المعنى الإجمالي للحديث:
يصف أنس بن مالك رضي الله عنه، وهو خادم النبي ﷺ، موقفًا حدث وهو يمشي مع النبي ﷺ الذي كان يرتدي رداءً غليظ الحواف. فجاءه رجل بدوي وأمسك بردائه بشدة وعنف حتى ترك حافة الرداء الخشنة أثرًا على كتف النبي ﷺ من شدة تلك الجذبة. ثم طلب هذا الأعرابي من النبي ﷺ بلهجة جافة أن يعطيه من مال المسلمين الذي تحت يده. فلم يغضب النبي ﷺ من هذا الفعل الجافي، بل التفت إليه مبتسمًا وأمر بإعطائه ما سأل.
3. الدروس المستفادة والعبر:
يحوي هذا الحديث العظيم كنوزًا من الأخلاق والفوائد، منها:
1- خلق الحلم والرحمة: يتجلى في هذا الموقف أعلى درجات الحلم والتسامح. فالنبي ﷺ وهو سيد الخلق، والمطاع الذي يُهاب، قابل هذه الإساءة والجفاء بالصبر والابتسام والعطاء. وهذا من كمال خلقه ﷺ الذي وصفه الله تعالى بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4].
2- التواضع ولين الجانب: لم يتكبر النبي ﷺ على هذا الأعرابي الجافي، ولم يعامله بالمثل، بل عاملهم بخلقه العظيم، مما يدل على تواضعه الجم مع جميع الناس، regardless of their status or manners.
3- القدوة العملية في التعامل مع الجفاة: يعلمنا النبي ﷺ كيف نتعامل مع من يسيء إلينا أو يتعامل معنا بفظاظة، لا بالرد بالمثل، بل بالحلم والإحسان، لعل ذلك يكون سببًا في هدايته وكسب قلبه. قال تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34].
4- السعي في قضاء حوائج الناس: لم يمنع سوء أدب الأعرابي النبي ﷺ من قضاء حاجته والسعي في مساعدته، مما يشجع الدعاة والعاملين للإسلام على الصبر على أذى الناس والسعي في خدمتهم.
5- بيان بشرية النبي ﷺ: الحديث يظهر أثر الجذبة على كتفه ﷺ، مما يؤكد بشريته وأنه عبد الله ورسوله، لا يعلم الغيب، ويجري عليه ما يجري على البشر من الألم والآثار، لكنه صبر وتحمل.
6- تفقد أحوال الرعية: حرص النبي ﷺ على سد حاجة هذا الرغم طريقته الخشنة، يدل على اهتمامه بشؤون المسلمين وعدم إهمال مطالبهم.
4. معلومات إضافية مفيدة:
* هذا الحديث من الأحاديث التي استدل بها العلماء على فضل الحلم والصبر وأنهما خلقان كريمان يجب أن يتحلى بهما المسلم، خاصة الدعاة وطلبة العلم.
* فيه دليل على جواز الابتسام والضحك إذا كان within the bounds of الشرع ولم يكن فيه سخرية أو استهزاء.
* يوضح الحديث جانبًا من أخلاق النبي ﷺ في القيادة والحكم، حيث كان قدوة في العدل والرحمة وحسن المعاملة مع جميع الرعية.
* قول الأعرابي: "مَالِ الله
تخريج الحديث
وليس هذا الحديث في الموطأ برواية يحيى اللّيثيّ، وقد رواه سويد بن سعيد الحدثاني في «موطئه» (١٥٠٦)، وأبو مصعب الزّهريّ في «موطئه» (٢١٢٤)، وهو أيضًا في موطأ يحيى بن بكير، وابن برد، ومصعب الزُّبيريّ، وهو عند القعنبيّ خارج «الموطأ». انظر: «مسند الموطأ» لأبي القاسم الجوهريّ (٢٨٤).
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 313 من أصل 379 حديثاً له شرح
- 288 مَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ
- 289 مَنِ اسْتَعَفَّ أَعَفَّهُ اللهُ وَمَنِ اسْتَغْنَى أَغْنَاهُ اللهُ
- 290 من يستعفف يُعِفّه الله ومن يستغن يُغْنِه الله
- 291 اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِن اليَدِ السُّفْلَى
- 292 إعطاء المال فتنة وإمساكه فتنة
- 293 لا تُلْحِفُوا فِي المَسْأَلَةِ
- 294 من سأل وله أوقية فقد سأل إلحافًا
- 295 من سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف
- 296 من سأل وله أربعون درهما فهو الملحف
- 297 من سأل الناس وله عدل خمس أواق
- 298 لا تلحفوا بالمسألة فإنه لا يبارك فيه
- 299 خذه وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا...
- 300 خذه فتموله أو تصدق به
- 301 المال خضرة حلوة من أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه
- 302 مَنْ بَلَغَهُ مَعْرُوفٌ عَنْ أَخِيهِ فَلْيَقْبَلْهُ
- 303 مَنْ آتاهُ اللهُ مالًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْأَلَهُ فَلْيَقْبَلْهُ
- 304 ليس المسكين الذي يطوف على الناس
- 305 لَيْسَ المِسْكِينُ بِالَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ
- 306 المسكين الذي ليس له غنى ويستحيي أو لا يسأل الناس...
- 307 لَيْسَ المِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ
- 308 لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من...
- 309 من يسأل الناس معطى أو ممنوعًا
- 310 خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه
- 311 لا تَسْأَل النَّاسَ شَيْئًا
- 312 مَنْ أَنْزَلَ فَاقَتَهُ بِاللهِ أَوْشَكَ اللهُ لَهُ بِالْغِنَى
- 313 جذبه جذبة شديدة حتى أثرت حاشية الرداء في عاتقه
- 314 إِنَّهُمْ خَيَّرُونِي أَنْ يَسْأَلُونِي بِالْفُحْشِ أَوْ يُبَخِّلُونِي فَلَسْتُ بِبَاخِل
- 315 يأبون إلا ذلك ويأبى الله لي البخل
- 316 ردوا المسكين ولو بظلف محرق
- 317 رجل معتزل في شعب يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، ويعتزل شرور...
- 318 مَن اسْتَعَاذَكُمْ بِاللهِ فَأَعِيذُوهُ
- 319 من سألكم بالله فأعطوه
- 320 من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سألكم بوجه الله فأعطوه
- 321 ألا تبايعون رسول الله على عبادة الله وإقام الصلاة وعدم...
- 322 مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
- 323 المسألة كدوح في وجه صاحبها يوم القيامة
- 324 الْمَالُ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ وَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ
- 325 مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا
- 326 مَنْ سَأَلَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِخُمُوشٍ
- 327 المسائل كدوح يكدح بها الرجل وجهه
- 328 من يسأل ويعطى ويحمل في حضنه النار
- 329 من سأل مسألة وهو عنها غني كانت شينًا في وجهه
- 330 من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من النار
- 331 إِنْ شِئْتُمَا أعطيتُكُما ولا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ ولا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ
- 332 لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي
- 333 تحريم الصدقة على الغني والقوي السليم
- 334 لا تَصْلُحُ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ
- 335 من سأل من غير فقر فكأنما يأكل الجمر
- 336 كيفتان أو ثلاث
- 337 عبد أسود مات وترك دينارين فقال النبي كيتان
معلومات عن حديث: جذبه جذبة شديدة حتى أثرت حاشية الرداء في عاتقه
📜 حديث: جذبه جذبة شديدة حتى أثرت حاشية الرداء في عاتقه
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: جذبه جذبة شديدة حتى أثرت حاشية الرداء في عاتقه
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: جذبه جذبة شديدة حتى أثرت حاشية الرداء في عاتقه
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: جذبه جذبة شديدة حتى أثرت حاشية الرداء في عاتقه
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








