حديث: بعث إلى صفوان بن أمية فسأله أدرعا عنده مائة درع وما يصلحها من عدتها

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في تضمين العارية

عن جابر بن عبد الله أن رسول الله ﷺ سار إلى حنين. فذكر الحديث. وفيه: ثم بعث رسول الله ﷺ إلى صفوان بن أمية فسأله أدرعا عنده مائة درع وما يصلحها من عدتها. فقال: أغصبا يا محمد؟ فقال: «بل عارية مضمونة حتى نُؤديها عليك».

حسن: رواه الحاكم (٣/ ٤٨ - ٤٩)، وعنه البيهقي (٦/ ٨٩) من طريق ابن إسحاق قال: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن عبد الرحمن بن جابر، عن أبيه جابر بن عبد الله فذكره.

عن جابر بن عبد الله أن رسول الله ﷺ سار إلى حنين. فذكر الحديث. وفيه: ثم بعث رسول الله ﷺ إلى صفوان بن أمية فسأله أدرعا عنده مائة درع وما يصلحها من عدتها. فقال: أغصبا يا محمد؟ فقال: «بل عارية مضمونة حتى نُؤديها عليك».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا وإياك بشرح هذا الحديث النبوي الشريف.

الحديث بلفظه كاملاً (للتوسع):


عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سَارَ إِلَى حُنَيْنٍ، ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، فَسَأَلَهُ أَدْرُعًا عِنْدَهُ، مِائَةَ دِرْعٍ، وَمَا يُصْلِحُهَا مِنْ عُدَّتِهَا، فَقَالَ: أَغَصْبًا يَا مُحَمَّدُ؟ فَقَالَ: «بَلْ عَارِيَةً مَضْمُونَةً حَتَّى نُؤَدِّيَهَا إِلَيْكَ».
(رواه أبو داود في سننه، وصححه الألباني)


1. شرح المفردات:


* سار إلى حنين: ذهب ومشى بجيشه متوجهاً إلى وادي حُنَيْن (وهو وادي قريب من مكة، وقعت فيه غزوة حنين بعد فتح مكة).
* صفوان بن أمية: كان من سادات قريش وكبارها، وكان لا يزال مشركاً وقت هذه الواقعة، ثم أسلم بعد ذلك.
* أدرعاً: جمع درع، وهو لباس الحرب المصنوع من الحلقات الحديدية (الزرد) لوقاية المحارب.
* مائة درع: العدد الذي طلبه النبي ﷺ، وهو عدد كبير يدل على حجم المعركة المتوقعة.
* عدتها: ما يلزمها من متعلقات، مثل الأسلحة الأخرى (السيوف، الرماح) أو أدوات إصلاحها.
* أغصبا؟: استفهام على وجه الإنكار والتعجب، أي: أتأخذها مني قسراً وقهراً دون رضاي؟ (لأنه كان حديث عهد بإسلام، بل لا يزال مشركاً في رواية).
* عارية مضمونة: العارية في اللغة والشرع: هي إعطاء المنفعة بلا عوض. ومضمونة أي أن النبي ﷺ يضمن له إعادتها سليمة أو تعويضه عنها إذا تلفت.


2. شرح الحديث:


يحدثنا الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن موقف من مواقف غزوة حنين، حيث كان النبي ﷺ يستعد لملاقاة قبيلتي هوازن وثقيف، وكان جيش المسلمين بحاجة إلى عتاد وسلاح.
فأرسل النبي ﷺ إلى صفوان بن أمية - وهو من كبار قريش الذين كانوا لا يزالون على شركهم أو حديثي عهد بالإسلام - ليسأله إعارة مائة درع من عنده، مع ما يلزمها من سلاح آخر.
وردَّ صفوان بهذه الصيغة التي تحمل شيئاً من التوجس والخشية: (أغصبا يا محمد؟)، وهذا السؤال يدل على:
* أن صفواناً كان يعرف مكانة النبي ﷺ وسلطته، وخشي أن يأخذها منه قهراً.
* بيان الجو الأمني الذي صنعه النبي ﷺ بعد الفتح، حيث أصبح الجميع تحت حكمه وسلطانه.
فأجابه النبي ﷺ رداً مطمئناً وبأخلاق عالية: (بل عارية مضمونة حتى نؤديها إليك).
* فكلمة (بل) للإضراب الإبطالي، أي: لست آخذها غصبا، بل على وجه آخر هو الإعارة.
* وقوله (مضمونة) هو تأكيد على حق صفوان، وأن النبي ﷺ يلتزم بضمانها حتى لا يتضرر صفوان بأي حال من الأحوال.
* وقوله (حتى نؤديها إليك) وعد صريح بردها بعد انتهاء الغزوة.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- جواز الاستعارة والحاجة إليها: الحديث أصل في مشروعية عقد العارية، خاصة في الحاجة العامة كالجهاد في سبيل الله.
2- العدل والأمانة مع غير المسلمين: النبي ﷺ تعامل مع صفوان وهو مشرك بعدل وأمانة تامة، وضمن حقوقه المالية. وهذا من أدلة أن الإسلام يحفظ أموال غير المسلمين ويصونها.
3- أخلاق الدعوة والقيادة: رد النبي ﷺ كان ليناً وحكيماً، حيث طمأنه وأزال مخاوفه، مع أنه كان يمكن أن يأخذها منه قهراً كغنيمة لأنه حربي، لكنه آثر الرفق والحكمة.
4- الضمان في العارية: ذهب جمهور الفقهاء إلى استحباب ضمان العارية إذا اشترطها المُعير، كما فعل النبي ﷺ هنا. وهو من مكارم الأخلاق.
5- الاستعداد للجهاد: حرص النبي ﷺ على الاستعداد الكامل للجهاد بكل ما أوتي من قوة، حتى يستعين بسلاح من مشرك.
6- الثقة بالنفس والصدق في المعاملة: كان رد النبي ﷺ واضحاً وصريحاً، مما زرع الثقة في نفس صفوان، ويقال إنه أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه، وكان هذا الموقف من العوامل المؤثرة.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* نتيجة هذا الموقف: تقول الروايات أن صفواناً أعطى النبي ﷺ ما سأله، بل وزاد على المائة. وبعد انتهاء الغزوة، ردَّ النبي ﷺ إليه الأدرع، وأعطاه فوق ذلك غنائم كثيرة من غنائم هوازن، فكان ذلك سبباً في إسلامه.
* الفرق بين الغصب والعارية: الغصب هو أخذ مال الغير بغير حق
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الحاكم (٣/ ٤٨ - ٤٩)، وعنه البيهقي (٦/ ٨٩) من طريق ابن إسحاق قال: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن عبد الرحمن بن جابر، عن أبيه جابر بن عبد الله فذكره.
قال الحاكم: «صحيح الإسناد».
وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق، وقد صرّح بالتحديث.
ورواه أبو داود (٣٥٦٢) من طرق عن يزيد بن هارون، حدثنا شريك، عن عبد العزيز بن رفيع،
عن أمية بن صفوان بن أمية، عن أبيه أن رسول الله ﷺ استعار منه أدراعا يوم حنين، فقال: أغصب يا محمد؟ فقال: «لا بل عارية مضمونة».
وفيه أمية بن صفوان لا يعرف، ولم يذكر عنه ابن حجر في تهذيبه شيئا غير أنه روى عنه اثنان. وقال في التقريب: «مقبول». أي عند المتابعة. وقد توبع.
وشريك هو ابن عبد الله القاضي سيء الحفظ، ومن طريقه رواه أحمد (١٥٣٠٢)، والدارقطني (٣/ ٣٩)، والحاكم (٢/ ٤٧)، وعنه البيهقي (٦/ ٨٩).
وسكت عليه الحاكم إلا أن شريكا توبع أيضا. رواه أبو داود (٣٥٦٣) من حديث جرير، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أناس من آل عبد الله بن صفوان أن رسول الله ﷺ قال: «يا صفوان، هل عندك من سلاح؟» قال: عارية أم غصبا؟ قال: «لا، بل عارية» فأعاره ما بين الثلاثين إلى الأربعين درعا، وغزا رسول الله ﷺ حنينا، فلما هزم المشركون جمعت دروع صفوان، ففقد منها أدراعا، فقال رسول الله ﷺ لصفوان: «إنا قد فقدنا من أدراعك أدراعا، فهل نغرم لك؟» قال: لا يا رسول الله؛ لأن في قلبي اليوم ما لم يكن يومئذ. وفيه أناس مجهولون.
وله متابع آخر: وهو ما رواه أيضا أبو داود (٣٥٦٤) من طريق أبي الأحوص، حدثنا عبد العزيز ابن رفيع، عن عطاء، عن أناس من آل صفوان قال: استعار النبي ﷺ. فذكر معناه.
وفيه أيضا أناس مجهولون.
وله إسناد آخر: وهو ما رواه البيهقي (٦/ ٨٩ - ٩٠) من حديث ابن وهب قال: أخبرني أنس بن عياض الليثي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه أن صفوان بن أمية أعار رسول الله ﷺ سلاحا، هي ثمانون درعا. فذكر الحديث.
قال البيهقي: «بعض هذه الأخبار وإن كان مرسلا فإنه يقوي بشواهده مع ما تقدم من الموصول». وهو يقصد به حديث جابر.
وله شاهد أيضا عن ابن عباس، رواه الدارقطني، والحاكم، وعنه البيهقي، ولكن فيه إسحاق ابن عبد الله متروك الحديث.
وله شاهد آخر عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. وهو ضعيف أيضا. انظر تخريجه في «المنة الكبرى» (٥/ ٣٧١).
وأما البخاري -رحمه الله تعالى- فلعله يرى أن فيه اضطرابا إذ أنه ذكر الأسانيد المختلفة، ولم يرجح كعادته. انظر «التاريخ الكبير» (٢/ ٨).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 94 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: بعث إلى صفوان بن أمية فسأله أدرعا عنده مائة درع وما يصلحها من عدتها

  • 📜 حديث: بعث إلى صفوان بن أمية فسأله أدرعا عنده مائة درع وما يصلحها من عدتها

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: بعث إلى صفوان بن أمية فسأله أدرعا عنده مائة درع وما يصلحها من عدتها

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: بعث إلى صفوان بن أمية فسأله أدرعا عنده مائة درع وما يصلحها من عدتها

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: بعث إلى صفوان بن أمية فسأله أدرعا عنده مائة درع وما يصلحها من عدتها

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب