حديث: من أسلم على يدي رجل فهو أولى الناس بمحياه ومماته

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ميراث الذي يسلم على يدي الرجل

عن تميم الداري قال: سألت رسول اللَّه ﷺ عن الرجل يسلم على يدي الرجل. فقال: «هو أولى الناس بمحياه ومماته».

صحيح: رواه الطحاوي في مشكله (٢٨٥٢)، والدارمي (٣٠٧٦)، والبيهقي (١٠/ ٢٩٦) كلهم من حديث أبي نعيم، حدثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، عن عبد اللَّه بن موهب قال: سمعت تميما الداري فذكره.

عن تميم الداري قال: سألت رسول اللَّه ﷺ عن الرجل يسلم على يدي الرجل. فقال: «هو أولى الناس بمحياه ومماته».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه والعمل بها.
هذا حديث عظيم الشأن، يدل على المكانة الرفيعة لمن كان سبباً في هداية شخص إلى الإسلام.

الحديث بلفظه:


عن الصحابي الجليل تميم الداري رضي الله عنه قال: سألت رسول الله ﷺ عن الرجل يسلم على يدي الرجل. فقال: «هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ».
(أخرجه الإمام أحمد في مسنده، والطبراني في المعجم الكبير، وهو حسن)


١. شرح المفردات:


● "يسلم على يدي الرجل": أي يدخل في دين الإسلام بسبب دعوة هذا الرجل وتوجيهه وإرشاده، أو بمعنى أن هذا الرجل كان الوسيلة والسبب المباشر في هدايته.
● "أولى الناس": الأحق والأقرب والأولى بالبر والإحسان والتقدير.
● "بمحياه": في أمور حياته ومعاملاته وشؤونه كلها.
● "بمماته": في شؤون وفاته، من تغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه والدعاء له، والإحسان إلى ذويه بعده.


٢. شرح الحديث:


يخبرنا الصحابي تميم الداري رضي الله عنه أنه سأل النبي ﷺ عن فضل ومنزلة الشخص الذي يكون سبباً في إسلام شخص آخر، أي أن يهديه الله على يديه.
فأجابه النبي ﷺ بهذا الجواب البليغ والعظيم، الذي يوضح قوة الصلة والرابطة التي تنشأ بين الداعية ومن هداه الله على يديه، حيث جعله "أولى الناس به"، أي أحق الناس بالبر والإحسان والصحبة والوفاء، في حالتي الحياة والموت.
● في المحيا: يكون أحق الناس بنصحه وإرشاده، وإكرامه وإحسانه إليه، وموالاته ومحبته، وتقديم العون له في شؤون دينه ودنياه. فهو بمثابة الأب الروحي الذي منحه أعظم هدية على الإطلاق، وهي نور الإيمان.
● في الممات: يكون من الأحق بالقيام بشؤون جنازته من تغسيل وتكفين والصلاة والدفن، والسؤال عنه والدعاء له، والوقوف بجانب أهله وعياله. فهذه حقوق تتعدى الحياة إلى ما بعد الموت.


٣. الدروس المستفادة والعبر:


1- عظم فضل الدعوة إلى الله: الحديث يبين أعلى درجات الفضل والأجر لمن كان سبباً في هداية الآخرين، حيث يربطه النبي ﷺ بأعلى أنواع الصلات الإنسانية والأخوية.
2- حقوق الداعية على من هداه الله على يديه: ينشأ للمهتدي حق عظيم تجاه من كان سبباً في هدايته، وهو حق البر والإحسان والوفاء والتقدير، في الحياة وبعد الممات.
3- تشجيع على الدعوة إلى الخير: يحفز هذا الحديث كل مسلم على أن يكون داعية إلى الله، بالحكمة والموعظة الحسنة، لينال هذا الفضل العظيم والأجر الجليل.
4- قوة روابط الأخوة في الإسلام: يبني الإسلام مجتمعاً متماسكاً تقوى فيه أواصر المحبة والبر، لا على أساس القبيلة أو العرق، بل على أساس الإيمان والتعاون على الخير.
5- الاستمرارية في الأجر: فضل الداعية لا ينقطع بموت من هداه، بل يستمر بحسناته وجزائه عند الله، كما أن له حقاً في البر بعد موته.


٤. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الفضل العظيم ليس حكراً على الدعاة والعلماء الكبار، بل كل من ساهم في هداية شخص، ولو بكلمة طيبة أو منشور مفيد أو قدوة حسنة، فهو داخل في معنى الحديث وله نصيب من هذا الأجر.
- ينبغي على من هداه الله على يد أحد أن يداوم على الدعاء له في ظهر الغيب، فهذا من أعظم أنواع الوفاء والبر.
- يذكر العلماء أن هذا الحديث لا يقتصر على إسلام الكافر فقط، بل يعم كل من تسبب في هدايته لأمر من أمور الخير، كتائب عن معصية أو رجوع إلى طاعة، لكن أعلى درجاته هو من كان سبباً في إسلامه.
أسأل الله أن يجعلنا جميعاً من الدعاة إلى الخير، الهادين إلى طريق الحق، وأن يوفقنا للفهم الصحيح والعمل الصالح.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطحاوي في مشكله (٢٨٥٢)، والدارمي (٣٠٧٦)، والبيهقي (١٠/ ٢٩٦) كلهم من حديث أبي نعيم، حدثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، عن عبد اللَّه بن موهب قال: سمعت تميما الداري فذكره.
ورواه ابن ماجه (٢٧٥٢) عن أبي بكر بن أبي شيبة -وهو في مصنفه (١١/ ٤٠٨) - قال: حدثنا وكيع، عن عبد العزيز بن عمر بإسناده مثله.
ورواه الترمذي (٢١١٢) من طريق أبي أسامة وابن نمير ووكيع، كلهم عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، عن عبد اللَّه بن موهب. وقال بعضهم: عن عبد اللَّه بن موهب، عن تميم الداري قال: سألت رسول اللَّه ﷺ فذكره.
ورواه أبو داود (٢٩١٨) عن يزيد بن خالد بن موهبة الرملي وهشام بن عمار قالا: حدثنا يحيى -قال أبو داود: وهو ابن حمزة-، عن عبد العزيز بن عمر قال: سمعت عبد اللَّه بن موهب يحدث عمر بن عبد العزيز، عن قبيصة بن ذؤيب - قال هشام: عن تميم الداري أنه قال: يا رسول اللَّه. وقال يزيد: أن تميما قال يا رسول اللَّه، ما السنة في رجل يسلم على يدي الرجل من المسلمين؟ قال: «هو أولى الناس بمحياه ومماته».
ومن طريق هشام بن عمار رواه أيضًا الطحاوي في مشكله (٢٨٥٤).
وهشام بن عمار ضعيف إلا أنه توبع، تابعه يزيد بن خالد.
ورواه الطحاوي أيضًا (٢٨٥٣)، والحاكم (٢/ ٢١٩) من طريق عبد الأعلى بن مسهر الغساني، حدثنا يحيى بن حمزة الحضرمي قال: حدثني عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، عن عبد اللَّه بن موهب، عن قبيصة بن ذؤيب، عن تميم الداري قال: سألت رسول اللَّه ﷺ، فذكر مثله.
قال الحاكم بعد أن رواه من حديث عبد اللَّه بن وهب، عن تميم: «هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم، ولم يخرجاه، وعبد اللَّه بن وهب بن زمعة مشهور، وشاهده عن تميم الداري حديث قبيصة بن ذؤيب». ثم رواه من طريقه.
ولكن قال الشافعي: «هذا الحديث ليس بثابت، إنما يرويه عبد العزيز بن عمر، عن ابن موهب، عن تميم الداري، وابن موهب ليس بمعروف عندنا، ولا نعلمه لقي تميما، ومثل هذا لا
يثبت عندنا ولا عندك من قبل أنه مجهول، ولا أعلمه متصلا».
قال يعقوب بن سفيان: هذا خطأ، ابن موهب لم يسمع من تميم، ولا لحقه. ذكره البيهقي.
وقال الترمذي: «هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث عبد اللَّه بن موهب. ويقال: ابن وهب، عن تميم الداري، وقد أدخل بعضهم بين عبد اللَّه بن وهب وبين تميم الداري «قبيصة بن ذؤيب»، ولا يصح، رواه يحيى بن حمزة، عن عبد العزيز بن عمر، وزاد فيه: «قبيصة بن ذؤيب».
والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم، وهو عندي ليس بمتصل. وقال بعضهم: يجعل ميراثه في بيت المال، وهو قول الشافعي: واحتج بحديث النبي ﷺ: «إنما الولاء لمن أعتق». انتهى قول الترمذي.
وذكر البخاري في كتاب الفرائض: «باب إذا أسلم على يديه الرجل، كان الحسن لا يرى له ولاية.
ويذكر عن تميم الداري رفعه قال: «هو أولى الناس بمحياه ومماته».
واختلفوا في صحة هذا الخبر». انتهى كلام البخاري.
هذا هو الصحيح بأن الناس اختلفوا في صحة هذا الخبر إلا أن البخاري جزم في «التاريخ» (٥/ ١٩٩) بأنه لا يصح لمعارضته حديث «إنما الولاء لمن أعتق».
قال ابن حجر في «الفتح» (١٢/ ٤٧): «ويؤخذ منه أنه لو صح سنده لما قاوم هذا الحديث، وعلى التنزل فتردد في الجمع هل يخص عموم الحديث المتفق على صحته بهذا، فيستثنى منه من أسلم، أو تؤول الأولوية في قوله: «أولى الناس«بمعنى النصرة والمعاونة وما أشبه ذلك لا بالميراث، ويبقى الحديث المتفق على صحته على عمومه. جنح الجمهور إلى الثاني، ورجحانه ظاهر». انتهى.
أي بعد صحة الخبر، وعدم معارضته لحديث «إنما الولاء لمن أعتق». وقد صحح هذا الخبر أبو زرعة الدمشقي، ويعقوب بن سفيان، والحاكم، وغيرهم.
وقال الحافظ ابن القيم في «تهذيب السنن» (٤/ ١٨٦): «وحديث تميم -وإن لم يكن في رتبة الصحيح- فلا ينحط عن أدنى درجات الحسن، وقد عضده المرسل (وهو يقصد به مرسل سعيد بن المسيب)، وقضاء عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز برواية الفرائض، وإنما يقتضي تقديم الأقارب عليه، ولا يدل على عدم توريثه إذا لم يكن له نسب».
وقال: «وبهذا الحديث قال إسحاق بن راهويه، وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه، وطاوس، وربيعة، والليث بن سعد، وهو قول عمر بن الخطاب، وعمر بن عبد العزيز». انتهى قوله.
وفي مصنف ابن أبي شيبة عن عبد السلام بن حرب، عن خصيف، عن مجاهد أن رجلا أتى عمر، فقال: إن رجلا أسلم على يدي، وترك ألف درهم، فتحرجت منها، فقال: أرأيت لو جنى جناية على من تكون؟ قال: علي. قال: فميراثه لك.
قال الأعظمي: وبه قال شريح.
وبه قال الحنفية إلا أنهم اشترطوا المحالفة.
وقال الطحاوي: «وقال بهذا الحديث عمر بن عبد العزيز، فإنه قضى بذلك في رجل أسلم على يدي رجل مسلم، فمات، وترك مالا وابنة. فأعطى البنت النصف، والذي أسلم على يديه البقية، ومنهم ربيعة بن أبي عبد الرحمن، وسعيد بن المسيب.
وذهب آخرون -وهم أكثر العلماء سواهم- إلى أن إسلام الرجل على يدي الرجل لا يوجب له ولاءه حتى يواليه بعد ذلك، فيكون بذلك مولاه، كما يكون مولاه لو والاه، ولم يكن أسلم على يديه قبل هذا، وهذا مذهب الكوفيين، وقد روي هذا القول عن ابن شهاب الزهري أنه سئل عن رجل أسلم، فوالى رجلا هل بذلك بأس؟ فقال: لا بأس به. قد أجاز ذلك عمر بن الخطاب». الطحاوي في مشكله (٧/ ٢٨٢ - ٢٨٣).
وقال ابن التركماني في الجوهر النقي (١٠/ ٢٩٧ - ٢٩٨): «وفي التهذيب لابن جرير الطبري: وروى خصيف، عن مجاهد قال: جاء رجل إلى عمر، فقال: إن رجلا أسلم على يدي، ومات، وترك ألف درهم، فلمن ميراثه؟ قال: أرأيت لو جنى جناية من كان يعقل عنه؟ قال: أنا. قال: فميراثه لك. ورواه مسروق، عن ابن مسعود. وقاله إبراهيم، وابن المسيب، والحسن، ومكحول، وعمر بن عبد العزيز. وفي الاستذكار: هو قول أبي حنيفة وصاحبيه وربيعة. وقال يحيى بن سعيد في الكافر الحربي: إذا أسلم على يد مسلم. وروي عن عمر، وعثمان، وعلي، وابن مسعود أنهم أجازوا الموالاة، وورثوا بها. وقال الليث. وعن عطاء والزهري ومكحول نحوه. وعن ابن المسيب: أيما رجل أسلم على يديه رجل فعقل عنه ورثه، وإن لم يعقل عنه لم يرثه. وقال به طائفة.
وعند أبي حنيفة وأصحابه: إذا أسلم على يديه ولم يعقل عنه ولم يواله لم يرثه ولم يعقل عنه، وإن والاه على أن يعقل عنه ويرثه ورِثه وعقل عنه. وهو قول الحكم، وحماد، وإبراهيم. وهذا كله إذا لم تكن له عصبة». انتهى قول ابن التركماني
ويظهر من هذا الكلام أن الحديث كان معمولا به في القرنين الأول والثاني، ولم يختلف فيه أحد، وإنما وقع الخلاف في أوائل القرن الثالث، ولعل الشافعي هو أول من تكلم فيه، ورده سندا ومتنا.
وأما ما روي عن عمرو بن العاص أنه أتى رسول اللَّه ﷺ، فقال: إن رجلا أسلم على يدي، وله مال وقد مات. قال: «فلك ميراثه». ففيه رجل مجهول لم يتنبه إليه الحافظ الهيثمي.
رواه إسحاق بن راهويه في مسنده: حدثنا بقية بن الوليد، حدثني كثير بن مرة النهراني، ثنا شيخ من باهلة، عن عمرو بن العاص فذكره. ومن طريق إسحاق رواه الطبراني في معجمه، كما في نصب الراية (٤/ ١٥٨).
قال الأعظمي: وفي الإسناد رجل مجهول، وهو شيخ من باهلة.
وأما قول الهيثمي في المجمع (٤/ ٢٣٢): «من رواية بقية قال: حدثني كثير بن مرة، فإن كان سمع منه فالحديث صحيح». فليس بصحيح لوجود رجل مجهول في الإسناد.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 52 من أصل 66 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من أسلم على يدي رجل فهو أولى الناس بمحياه ومماته

  • 📜 حديث: من أسلم على يدي رجل فهو أولى الناس بمحياه ومماته

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من أسلم على يدي رجل فهو أولى الناس بمحياه ومماته

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من أسلم على يدي رجل فهو أولى الناس بمحياه ومماته

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من أسلم على يدي رجل فهو أولى الناس بمحياه ومماته

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب