نهى النبي عن النذر وقال إنه لا يرد شيئًا

حديث: نهى النبي عن النذر وقال إنه لا يرد شيئًا

عن عبد الله بن عمر: نهى النَّبِيّ ﷺ عن النذر وقال: «إنَّه لا يرد شيئًا ولكنه يُستخرج به من البخيل».
وفي لفظ: «من الشحيح».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الأيمان والنذور (٦٦٩٣)، ومسلم في النذر (٢: ١٦٣٩) كلاهما من طريق منصور، أخبرنا عبد الله بن مرة، عن عبد الله بن عمر، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وهو يحمل حكماً شرعياً مهماً ودرساً أخلاقياً بليغاً.

أولاً. شرح المفردات:

● نهى: أي منع وزجر عن فعل الشيء.
● النَّذْر: هو إلزام المرء نفسه بعبادة أو طاعة لله تعالى لم تكن واجبة عليه بأصل الشرع، كأن يقول: "لله عليَّ أن أصوم كذا إن شفى الله مريضي".
● لا يرد شيئًا: أي لا يغير من قدر الله وقضائه شيئاً، فلا يجلب نفعاً ولا يدفع ضراً.
● يُستخرج به: يُستخرج بواسطته ويُستَخلَص.
● البخيل / الشحيح: وهما بمعنى واحد، وهو الذي يمنع المال الواجب أو المستحب عن أهله، والشحيح أبلغ في البخل.

ثانياً. شرح الحديث:

يخبرنا الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الإكثار من النذر أو التزامه كعادة، وقال إن النذر لا يغيّر من قدر الله شيئاً، فلو كان مقدراً للشخص خير سيناله سواء نذر أم لم ينذر، ولو كان مقدراً له شر فلن يدفعه عنه نذره.
ولكن النبي صلى الله عليه وسلم يبين الحكمة من وجود النذر رغم ذلك، ألا وهي أنه وسيلة يُستخرج بها المال أو الطاعة من البخيل أو الشحيح. فالشخص الذي يبخل بماله أو بوقته في فعل الخيرات، قد يضطر تحت ضغط حاجته أو خوفه (كمرض أو مشكلة) إلى أن ينذر نذراً لله، فيلزم نفسه بما كان يبخل به، فيخرج من ماله أو جهده ما لم يكن ليفعله لولا هذا النذر.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- كراهة النذر والإكثار منه: النهي في الحديث للكراهة التنزيهية وليس للتحريم المطلق، لأن النذر في أصله جائز إذا وفى به، كما قال تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ}. ولكن النهي هنا لمعانٍ:
- لأنه يشبه نوعاً من المساومة مع الله، كأن يقول العبد: "إن فعلت لي كذا فسأفعل لك كذا".
- لأنه قد يؤدي إلى التقصير في الوفاء، وهو أمر خطير، لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ» (رواه البخاري).
- خوفاً من أن يحمله النذر على فعل ما لا يطيق.
2- التسليم لقضاء الله وقدره: الحديث يؤصل عقيدة مهمة، وهي أن الأسباب لا تؤثر بذاتها، بل المؤثر الحقيقي هو الله تعالى. فلا يتعلق قلب المسلم بالنذر أو غيره من الأمور الظاهرة، بل يتعلق بالله وحده الذي بيده ملكوت كل شيء.
3- ذم صفة البخل والشح: يصور الحديث النذر كأداة تكشف حقيقة البخيل وتستخرج ما في جعبته من خير كان يمنعه، مما يعتبر ذماً شديداً لهذه الصفة الذميمة.
4- الحكمة الإلهية في تشريع النذر: رغم كراهية الإكثار منه، فإن تشريعه فيه حكمة عظيمة، وهي حمْلُ الناس على فعل الخير والطاعة، خاصة من اعتادوا الشح والبخل.

رابعاً. فتوى متعلقة بالحديث:

- إذا نذر شخص نذراً صحيحاً (أي نذر طاعة لله)، وجب عليه الوفاء به.
- من نذر نذراً ثم لم يفِ به، فعليه كفارة يمين، وهي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام. لقوله صلى الله عليه وسلم: «كَفَّارَةُ النَّذْرِ إِذَا لَمْ يُسَمَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» (رواه مسلم).

الخلاصة:

نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر لأنه لا يغير القدر، ولكنه وسيلة يستخرج بها من البخيل ما كان يبخل به من الطاعات. والمسلم يتوكل على الله حق توكله ولا يجعل قلبه معلقاً بالنذور، وإن نذر نذر طاعة وجب عليه الوفاء به.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الأيمان والنذور (٦٦٩٣)، ومسلم في النذر (٢: ١٦٣٩) كلاهما من طريق منصور، أخبرنا عبد الله بن مرة، عن عبد الله بن عمر، فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 75 من أصل 103 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نهى النبي عن النذر وقال إنه لا يرد شيئًا

📜 حديث: نهى النبي عن النذر وقال إنه لا يرد شيئًا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: نهى النبي عن النذر وقال إنه لا يرد شيئًا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: نهى النبي عن النذر وقال إنه لا يرد شيئًا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: نهى النبي عن النذر وقال إنه لا يرد شيئًا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية