طريقة لبس الإزار

حديث: طريقة لبس الإزار

عن عكرمة أنه رأى ابن عباس يأتزر، فيضع حاشية إزاره من مقدمه على ظهر قدميه، ويرفع من مؤخره. قلت: لم تأتزر هذه الإزرة؟ قال: رأيت رسول اللَّه ﷺ يأتزرها.

صحيح: رواه أبو داود (٤٠٩٦)، والبيهقي في الشعب (٥٧٣٩) كلاهما من حديث يحيى (هو القطان)، عن محمد بن أبي يحيى قال: حدثني عكرمة، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث الذي ذكر هو من الآداب النبوية في اللباس، وفيه دلالة على حرص الصحابة رضي الله عنهم على اتباع النبي ﷺ في كل صغيرة وكبيرة، حتى في هيئة لباسه.

شرح الحديث:

الراوي: الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وغيره، وهو حديث صحيح.
الرواية: عن عكرمة مولى ابن عباس أنه رأى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما (وهو حبر الأمة وترجمان القرآن) يلبس إزاره (وهو ما يُغطي النصف الأسفل من الجسم) بطريقة معينة.
وصف الهيئة:
1- يَضَعُ حَاشِيَةَ إِزَارِهِ مِنْ مُقَدَّمِهِ عَلَى ظَهْرِ قَدَمَيْهِ: أي أنه كان يجر طرف الإزار الأمامي ويسدله حتى يغطي ظهور قدميه من الأمام.
2- وَيَرْفَعُ مِنْ مُؤَخَّرِهِ: أي أنه كان يقصر طرف الإزار من الخلف ويرفعه فلا يجرره على الأرض.
سؤال عكرمة: تعجب عكرمة من هذه الهيئة التي قد تبدو غير مألوفة أو مختلفة عن عادة الناس، فسأل ابن عباس: "لِمَ تَأْتَزِرُ هَذِهِ الإِزَارَةَ؟" أي: لماذا تلبس الإزار بهذه الطريقة الخاصة؟
جواب ابن عباس: فأجابه ابن عباس رضي الله عنهما بالسبب الأعظم الذي يدفع المسلم لفعل أي شيء في عباداته وعاداته: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَأْتَزِرُهَا". أي أنني رأيت النبي ﷺ يلبس إزاره بهذه الهيئة بالذات، فأنا أفعله اقتداءً به ﷺ.

شرح المفردات:

* يأتزر: يلبس الإزار.
* الإزار: ثوب يلف على نصف الجسم الأسفل (الوسط والساقين)، وهو أحد اللباسين الأساسيين في الإحرام وغيره.
* حاشية الإزار: طرفه أو ذيله.
* من مقدمه: من جهة الأمام.
* ظهر قدميه: أعلى القدم.
* من مؤخره: من جهة الخلف.

الدروس المستفادة والفقه في الحديث:

1- وجوب الاقتداء بالنبي ﷺ: الحديث أصل عظيم في وجوب اتباع النبي ﷺ في كل شيء، حتى في الأمور العادية التي تخص هيئته الشخصية ولباسه. ففعله ﷺ تشريع لأمته.
2- حرص الصحابة على الاتباع: يظهر من فعل ابن عباس وسؤاله حرص الصحابة رضي الله عنهم على تطبيق سنة النبي ﷺ الظاهرة والباطنة، وعدم تفويت أي فرصة للاقتداء به.
3- الأخذ بالرخصة واليسر: قد يكون في هذه الهيئة حكمة، مثل التيسير في المشي وعدم جر الثوب كله على الأرض، مما قد يتسبب في إتساخه أو الإصابة بالأذى. فالأمام يُسدل للستر والتوقير، والخلف يُرفع للخفة والحذر.
4- جواز السؤال عن الحكمة: سؤال عكرمة "لم؟" يدل على أنه من الجائز للمسلم أن يسأل عن حكمة الأفعال أو السنن ليزداد يقيناً وفهماً، وليس مجرد تقليداً أعمى.
5- الأدب في اللباس: الحديث يدخل في باب الآداب العامة، وفيه تنبيه إلى عدم الإسراف في اللباس وجر الثياب على الأرض (الإسبال) إذا كان للخيلاء، أما هذه الهيئة فمشروعة لأنها سنة.
6- فضل ابن عباس: يدل على دقة ملاحظة ابن عباس رضي الله عنهما وحفظه لهدي النبي ﷺ التفصيلي، وهو صغير السن، مما يدل على نبوغه وفهمه.

معلومات إضافية:

* هذه الهيئة في اللباس هي سنة، وليست فرضاً، فمن فعلها فله أجر الاقتداء، ومن لبس بإزار متساوٍ من الأمام والخلف فلا حرج عليه.
* يستفاد من هذا الحديث في باب الإحرام، حيث يلبس المحرم الإزار، فيستحب له أن يحافظ على هذه الهيئة النبوية.
* الفعل هنا ("رأيته يفعل") يدل على مشروعية الفعل، وهو من السنة الفعلية التي ينبغي للمسلم أن يعرفها ويحرص عليها.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتبعين لسنة نبيه ﷺ، المهتدين بهديه، المستنيرين بنوره. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٠٩٦)، والبيهقي في الشعب (٥٧٣٩) كلاهما من حديث يحيى (هو القطان)، عن محمد بن أبي يحيى قال: حدثني عكرمة، فذكره.
وإسناده صحيح. ومحمد بن أبي يحيى هو الأسلمي وثّقه ابن معين وأبو داود وابن سعد وغيرهم.
وفي معناه ما روي عن أشعث بن سليم، عن عمته، عن عمها، قال: إني لبسوق ذي المجاز علي بردة لي ملحاء أسحبها قال: فطعنني رجل بمخصرة فقال: «ارفع إزارك؛ فإنه أبقى وأنقى» فنظرت فإذا رسول اللَّه ﷺ، فنظرت فإذا إزاره إلى أنصاف ساقيه.
رواه أحمد (٢٣٠٨٦) عن وكيع، عن سفيان، عن أشعث بن سليم، فذكره.
ورواه أيضًا من وجه آخر (٢٣٠٨٧) عن حسين بن محمد، حدّثنا سليمان بن قرم، عن الأشعث، عن عمته رهم، عن عمها عبيدة بن خلف قال: قدمت المدينة وأنا شاب متأزر ببردة لي ملحاء أجرها، فأدركني رجل، فغمزني بمخصرة معه، ثم قال: «أما لو رفعت ثوبك كان أبقى وأنقى»، فالتفت، فإذا هو رسول اللَّه ﷺ، قال: قلت: يا رسول اللَّه، إنما هي بردة ملحاء. قال: «وإن كانت بردة ملحاء، أما لك في أسوتي». فنظرت إلى إزاره، فإذا فوق الكعبين، وتحت العضلة.
ورواه أيضًا البغوي في شرح السنة (١٢/ ١١)، والبيهقي في الشعب (٥٧٣٧، ٥٧٣٨) كلاهما من حديث الأشعث نحوه.
وفي أسانيدهم جميعا عمة الأشعث وهي رهم بنت الأسود مجهولة.
قوله: «ملحاء» بردة فيها خطوط بيض وسود.
وقوله: «بمخصرة» أي بعصا.
وفي معناه ما روي أيضًا عن عثمان بن عفان أنه كان يأتزر إلى أنصاف ساقيه، وقال: هكذا صاحبي يعني النبي ﷺ. رواه الترمذيّ في الشمائل (١٢١)، وابن أبي شيبة (٤٨٤٣)، والبزار مسنده (٣٥٣) كلهم من حديث موسى بن عبيدة الربذي، عن إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه، عن عثمان بن عفان، فذكره.
قال البزار: «وهذا الحديث لا نعلمه أحدًا رواه أعلى من عثمان في صفة إزرة رسول اللَّه ﷺ، وإن كان قد روي من وجوه عن النبي ﷺ، وروي عن أبي بكر، عن النبي ﷺ غير متصل».
وموسى بن عبيدة الربذي المدني ضعيف عند جمهور أهل العلم. قال أحمد: «اضرب حديثه». وبه أعله الهيثمي في المجمع (٥/ ١٢٢) بعد أن عزاه للبزار.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 85 من أصل 337 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: طريقة لبس الإزار

📜 حديث: طريقة لبس الإزار

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: طريقة لبس الإزار

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: طريقة لبس الإزار

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: طريقة لبس الإزار

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية