حديث: بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه مرجل جمته

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النهي عن افتخار في اللباس وجره خيلاء

عن أبي هريرة قال: قال النبي ﷺ: «بينما رجل يمشي في حلة، تعجبه نفسه، مرجل جمته، إذ خسف اللَّه به، فهو يتجلجل إلى يوم القيامة»

متفق عليه: رواه البخاريّ في اللباس (٥٧٨٩)، ومسلم في اللباس (٢٠٨٨: ٤٩) كلاهما من طرق عن شعبة، حدّثنا محمد بن زياد، قال: سمعت أبا هريرة، فذكره.

عن أبي هريرة قال: قال النبي ﷺ: «بينما رجل يمشي في حلة، تعجبه نفسه، مرجل جمته، إذ خسف اللَّه به، فهو يتجلجل إلى يوم القيامة»

شرح الحديث:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
أهلاً وسهلاً بك، وأسأل الله أن ينفعنا وإياك بما نسمع ونعلم.
هذا الحديث الشريف الذي ذكر رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو تحذيرٌ عظيم من آفتين خطيرتين: الكبر والعجب بالنفس. وإليك الشرح الوافي له على النحو المطلوب:

1. شرح المفردات:


* يَمْشِي فِي حُلَّةٍ: الحلة هي ثوبان متجاوران (أي لباس فاخر وكامل)، فالمقصود أنه يمشي في ثياب جميلة وزينة تظهر عليه مظاهر الغنى والترف.
* تَعْجِبُهُ نَفْسُهُ: أي يرى نفسه بعين الإعجاب والافتخار، ويشعر بالكبر والترفع على الآخرين بسبب ما هو فيه من نعمة.
* مُرَجِّلٌ جُمَّتَهُ: "الترجيل" هو تسريح الشعر وتمشيطه، و"الجمة" هي الشعر الكثيف الذي يصل إلى المنكبين. أي كان يسَرّح شعره الجميل الكثيف ليزيد من مظهره الحسن.
* خَسَفَ اللَّهُ بِهِ: "الخسف" هو أن تبتلعه الأرض وتهوي به إلى أسفل.
* يَتَجَلْجَلُ: أي يغوص ويتدحرج في الأرض وينزل إلى أسفل باستمرار، ولا يتوقف عن الهوي.

2. شرح الحديث:


يصور لنا النبي صلى الله عليه وسلم مشهداً مؤلماً ورائعاً في آن واحد. فبينما كان هذا الرجل سائراً في طريقه، متبختراً في مشيته، مغتراً بنعمة الله عليه من المال والجمال واللباس، معجباً بنفسه إعجاباً يصل إلى درجة الكبر ونسيان المنعم (الله تعالى)، إذا بالأرض تبتلعه فجأة بأمر من الله.
ولم يكن مصيره مجرد الموت، بل هو عذاب مستمر إلى قيام الساعة، فهو يهوي في الأرض ويتدحرج إلى أسفل باستمرار، لا يصل إلى قاع ولا يرجع إلى سطح، في عذاب دائم ومستمر، وهذا من أشد أنواع العذاب.

3. الدروس المستفادة منه:


* خطر الكبر والعجب: الحديث تحذير صريح من مرض القلب العضال، وهو الكبر والعجب بالنفس. فالعجب هو رؤية النفس بعين الكمال والاستغناء عن الله، والكبر هو الاحتقار والترفع على الخلق. وهما من المهلكات.
* النعمة قد تكون محنة: المال والجمال والملبس الفاخر نعم من الله، ولكنها اختبار وامتحان. فمن شكرها واستخدمها في طاعة الله كانت نعمة، ومن اغتر بها واستخدمها في المعصية والكبر كانت نقمة وعذاباً.
* وجوب شكر الله على النعم: الشكر ليس باللسان فقط، بل يكون بالقلب (الإقرار بأن النعمة من الله)، واللسان (الثناء على الله)، والجوارح (استخدام النعمة في طاعة الله ومرضاته).
* التواضع خلق إسلامي أصيل: على المسلم أن يكون متواضعاً لله وللخلق، فلا يرى نفسه فوق الآخرين بسبب مال أو جاه أو منصب.
* عقوبة المستكبرين: يبين الحديث أن عقوبة الكبر وعاقبته شديدة جداً، ليس فقط في الآخرة، بل قد تكون في الدنيا أيضاً كما في قصة هذا الرجل.
* التجمل المباح لا بأس به: ليس في الحديث ذم للباس الحسن أو تسريح الشعر بذاته، فهذا من الأمور المباحة، بل الذم والوعيد هو للنية المصاحبة لذلك، وهي العجب والكبر ونسيان الله.

4. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الحديث جزء من قصة أطول وردت في الصحيحين عن الرجال الثلاثة الذين أول من تسعر بهم النار، وهم: العالم، والمنفق (الشهيد)، والغني. وكلهم دخلوا النار بسبب نية فاسدة أبطلت عملهم الصالح (الرياء، أو قتل الشهيد لأجل أن يقال جريء، أو منع الغني حق الله في ماله).
* يستفاد من الحديث أن الأعمال بالنيات، فحتى الأمور المباحة كاللباس الحسن قد تتحول إلى معصية إذا قارنها العجب والكبر.
* على المسلم أن يحاسب نفسه دائماً، ويخلص نيته لله، ويذكر نفسه دائماً بأن النعم من الله، وأنه فقير إلى الله تعالى، لئلا يقع في حبائل الشيطان والهوى.
أسأل الله أن يعيذنا وإياك من الكبر والعجب، وأن يرزقنا قلوباً خاشعةً متواضعة.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في اللباس (٥٧٨٩)، ومسلم في اللباس (٢٠٨٨: ٤٩) كلاهما من طرق عن شعبة، حدّثنا محمد بن زياد، قال: سمعت أبا هريرة، فذكره.
واللفظ للبخاري، ولم يسق مسلم لفظه، وإنما أحال على الذي قبله، وهو ما رواه من طريق الربيع بن مسلم، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة، بلفظ: «بينما رجل يمشي قد أعجبته جمته وبرداه، إذ خسف به الأرض، فهو يتجلجل في الأرض حتى تقوم الساعة»
كما رواه من طرق عن أبي هريرة (٢٠٨٨: ٥٠) بألفاظ متقاربة نحوها، وقال في رواية أبي رافع عن أبي هريرة: «إن رجلا ممن كان قبلكم يتبختر في حلة. . .» فذكره.
وزاد معمر في روايته عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة وفيه: «بينا رجل يتبختر في حلة معجبا بجمته قد أسبل إزاره خسفت به الأرض. . .».
رواه عبد الرزاق في مصنفه (١١/ ٨٢) عن معمر، عن محمد بن زياد بإسناده.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 88 من أصل 337 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه مرجل جمته

  • 📜 حديث: بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه مرجل جمته

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه مرجل جمته

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه مرجل جمته

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه مرجل جمته

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب