حديث: الجدة السدس إذا لم تكن دونها أم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في الجدة والجد

عن بريدة بن الحصيب أن النبي ﷺ جعل للجدة السدس إذا لم تكن دونها أم.

حسن: رواه أبو داود (٢٨٩٥)، والنسائي في الكبرى (٦٣٣٨) كلاهما من حديث عبيد اللَّه بن عبد اللَّه أبي المنيب العتكي، عن ابن بريدة، عن أبيه فذكره.

عن بريدة بن الحصيب أن النبي ﷺ جعل للجدة السدس إذا لم تكن دونها أم.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يفتح علينا أبواب فهم سنّة نبيه الكريم.
هذا الحديث الذي ذكر حديث صحيح، رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وغيرهم، وهو من الأحاديث التي تبيّن تفصيلاً في مسائل الميراث، وقد عمل به جمهور العلماء من أهل السنة والجماعة.
وفيما يلي شرح وافٍ للحديث:


1. شرح المفردات:


* جعل: قضى، شرع، أوجب.
* الجدة: هي أم الأم أو أم الأب (أي والدة الوالد أو والدة الوالدة).
* السدس: هو سدس التركة (المال الموروث).
* إذا لم تكن دونها أم: أي إذا لم تكن والدة الميت (أمه) على قيد الحياة لترثه.


2. شرح الحديث:


بيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث نصيب الجدة من ميراث ابن ابنتها أو ابن ابنها، وهو السدس، ولكن هذا النصيب مشروط بشرط مهم، وهو ألا تكون أم الميت (والدته) موجودة على قيد الحياة.
التفصيل والبيان:
* متى ترث الجدة؟ ترث الجدة السدس في حالة عدم وجود "الأم"، لأن الأم هي الأصل والأقرب، وهي التي تحجب الجدة (أمها) من الميراث. فوجود الأم يمنع الجدة من الإرث تمامًا.
* لماذا السدس؟ السدس هو نصيب مقدر للوارث الذي لا يرث بالفرض والتعصيب معًا، وهو يناسب مكانة الجدة وقربها من الميت.
* أي الجدات تدخل في هذا الحكم؟ اختلف الفقهاء في تحديد الجدة التي ترث بهذا الحديث، وأشهر الأقوال:
* قول الجمهور (الحنفية والشافعية والحنابلة): أن جميع الجدات الصحيحات (أم الأم، وأم الأب، وأم أم الأب، وأم أب الأب... إلخ) يرثن السدس إذا لم تحجبهن أم الميت، بشرط أن يكن أقرب جدات للميت. فإذا تعددت الجدات من جهة واحدة (مثل وجود أم الأم وأم أب الأم)، فالسدس بينهن بالتساوي.
* قول المالكية: قصرُوا الإرث على الجدة التي ليست بينها وبين الميت جدة (أي أقرب الجدات)، وأوجبوا للسدس لجدة واحدة فقط.
مثال تطبيقي:
توفيت امرأة عن: زوج، وأب، وجدة (أم أمها). فكيف يكون التوزيع؟
* الزوج: له النصف (١/٢) لأن لا فرع وارث.
* الأب: له الباقي تعصيبًا (ما بقي بعد أصحاب الفروض).
* ولكن الحديث يخصص للجدة السدس.
* إذن: الجدة (أم الأم): لها السدس (١/٦).
* الزوج: له النصف (٣/٦).
* الأب: له الباقي تعصيبًا، وهو (٢/٦) أي الثلث.
وهذا تقسيم عادل بين الأقارب.


3. الدروس المستفادة منه:


1- عدالة الشريعة الإسلامية: حيث أعطت الجدة - وهي من الأقارب الذين قد يهمشون - نصيبًا مقدرًا في الميراث يكفل لها العيش الكريم، مما يدل على رعاية الإسلام للأسرة بكاملها.
2- مراعاة حق القرابة والرحم: فالجدة من الأرحام التي أوصى الإسلام بصلتها، وجعل لها حقًا في مال قريبها بعد وفاته.
3- دقة التشريع الإسلامي: حيث وضع شروطًا دقيقة لمنع تداخل الحقوق، فاشترط عدم وجود الأم لتمنع الجدة من الإرث، لأن حق الأم أوجب وأولى.
4- أن السنة النبوية هي المبيّنة للقرآن الكريم: فالقرآن الكريم ذكر نصيب الأم في قوله تعالى: (وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ) [النساء: 11]، ولكن لم يذكر نصيب الجدة، فجاءت السنة النبوبة لتبينه وتوضحه، مما يدل على أن السنة مصدر تشريعي مستقل.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الحديث أصل من أصول علم الفرائض (الميراث)، وهو متفق على العمل به بين العلماء.
* إذا وجدت أكثر من جدة من جهات مختلفة (مثل أم الأم وأم الأب)، فلهن السدس كله يقسم بينهن بالسوية عند الجمهور.
* الجدة لا ترث مع وجود الأم أو الجد (أب الأب) على الصحيح من أقوال العلماء، لأن الجد يحجبها كما تحجبها الأم.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا فهم سنة نبيه والعمل بها، وأن يجعلنا من أهل العلم النافع والعمل الصالح.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٨٩٥)، والنسائي في الكبرى (٦٣٣٨) كلاهما من حديث عبيد اللَّه بن عبد اللَّه أبي المنيب العتكي، عن ابن بريدة، عن أبيه فذكره.
وعبيد اللَّه بن عبد اللَّه العتكي مختلف فيه، فقال البخاري: «عنده مناكير». وقال العقيلي: «لا يتابع عليه». ولكن قال أبو حاتم: «صالح». وأنكر على البخاري إدخاله في كتاب «الضعفاء»، وقال: «يحول». ووثّقه ابن معين والنسائي، وأورده ابن عدي في الكامل، وقال: «هو عندي لا بأس به». وذكر ابن السكن هذا الحديث في «صحاحه» كما في التلخيص (٣/ ٨٣).
والخلاصة فيه أنه حسن الحديث إذا لم يكن في حديثه نكارة أو مخالفة، وقد يشهد له ما سبق.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 55 من أصل 66 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الجدة السدس إذا لم تكن دونها أم

  • 📜 حديث: الجدة السدس إذا لم تكن دونها أم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الجدة السدس إذا لم تكن دونها أم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الجدة السدس إذا لم تكن دونها أم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الجدة السدس إذا لم تكن دونها أم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب