كل قسم قسم في الجاهلية فهو على ما قسم

حديث: كل قسم قسم في الجاهلية فهو على ما قسم

عن ابن عباس قال: قال النبي ﷺ: «كل قَسْم قُسِم في الجاهلية فهو على ما قُسم، وكل قَسم أدركه الإسلام فهو على قَسْم الإسلام».

حسن: رواه أبو داود (٢٩١٤)، وابن ماجه (٢٤٨٥) كلاهما من حديث موسى بن داود قال: حدثنا محمد بن مسلم الطائفي، عن عمرو بن دينار، عن أبي الشعثاء، عن ابن عباس فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الشريف:
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ قَسْمٍ قُسِمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَلَى مَا قُسِمَ، وَكُلُّ قَسْمٍ أَدْرَكَهُ الإِسْلاَمُ فَهُوَ عَلَى قَسْمِ الإِسْلاَمِ».
(رواه أبو داود في سننه، وصححه الألباني)

1. شرح المفردات:

● قَسْم: المقصود هنا هو القسمة أو التقسيم، أي توزيع الميراث أو الغنائم أو الأملاك بين الورثة أو الشركاء.
● قُسِمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: أي تم توزيعه وتقسيمه في زمن الجاهلية، قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم.
● فَهُوَ عَلَى مَا قُسِمَ: أي يبقى على حاله، ولا يُنقض أو يُعاد تقسيمه وفق أحكام الإسلام.
● أَدْرَكَهُ الإِسْلاَمُ: أي أن التقسيم لم يتم بعد، أو كان قائماً ولم يُنفذ بشكل نهائي، فوجده الإسلام ولم يُبت فيه.
● فَهُوَ عَلَى قَسْمِ الإِسْلاَمِ: أي يُحكم فيه ويُوزع وفق الشريعة الإسلامية وأحكامها.

2. شرح الحديث:

يُبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الشريعة الإسلامية في التعامل مع الحقوق والمواريث التي كانت في الزمن السابق للإسلام.
● القسم الأول: «كُلُّ قَسْمٍ قُسِمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَلَى مَا قُسِمَ»
- هذا يعني أن أي تقسيم للمال أو الميراث أو الغنيمة تم بشكل نهائي في عصر الجاهلية، وأصبحت الملكية مستقرة بموجبه، فإن الإسلام يُقرّه ويُجيزه ولا يطلب إعادة تقسيمه.
- الحكمة من ذلك: تحقيق الاستقرار الاجتماعي和经济ي، وعدم إثارة الفتن والخصومات بإعادة فتح ملفات قديمة استقرت عليها الأحوال، ومراعاة حقوق الناس التي اكتسبوها بحسن نية حتى لو كانت تحت نظام غير إسلامي.
● القسم الثاني: «وَكُلُّ قَسْمٍ أَدْرَكَهُ الإِسْلاَمُ فَهُوَ عَلَى قَسْمِ الإِسْلاَمِ»
- هذا يعني أن أي تقسيم لم يتم بعد، أو كان الأمر فيه قيد النظر ولم يستقر عند مجيء الإسلام، فإنه يُحكم فيه بأحكام الإسلام.
- مثال: إذا مات شخص في الجاهلية وترك مالاً ولم يقسم بين ورثته حتى جاء الإسلام، فإن ميراثه يقسم حسب الفرائض الإسلامية.
- الحكمة من ذلك: تطبيق أحكام الله تعالى على جميع المعاملات الجديدة والمستقبلية، لتحقيق العدل الكامل الذي جاء به الإسلام.

3. الدروس المستفادة منه:

1- العدل والرحمة: يظهر الحديث عدل الإسلام ومرونته ورحمته؛ حيث احترم الحقوق المكتسبة في السابق ولم يهدرها، وفي نفس الوقت طبق نظامه العادل على كل ما يحدث بعد ذلك.
2- الاستقرار الاجتماعي: من حكمة الشريعة الحفاظ على استقرار المجتمع وعدم زعزعة الأوضاع المستقرة، ما دامت لا تتعارض مع أصول الدين الجديد.
3- سيادة الشريعة: تأكيد مبدأ أن أحكام الإسلام هي الحاكمة على كل شيء من لحظة تطبيقها، فلا عودة لأحلام الجاهلية أو قوانينها بعد مجيء الحق.
4- الفقه في النوازل: يعطي هذا الحديث قاعدة فقهية مهمة للمسلمين في كيفية التعامل مع التغيرات النظامية والانتقال من أنظمة غير إسلامية إلى نظام الإسلام، فيراعى فيه عدم الإضرار بحقوق الناس المكتسبة.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث أصل من أصول فقه المرحلة الانتقالية، وهو مهم جداً لفهم كيف تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع الواقع المعقد في مكة والمدينة بعد الهجرة.
- يستدل به الفقهاء على أن العقود والتصرفات التي تمت في الكفر بصورة صحيحة حسب أعراف ذلك الوقت، يقرها الإسلام إذا لم تخالف أصلاً من أصوله (كعقود الربا أو بيع الخمر، فهذه تُنقض لأنها محرمة في ذاتها).
- الحديث يدل على عظمة الشريعة الإسلامية التي جاءت لتحقق المصالح وتراعي واقع الناس، لا لتُحدث قطيعة كاملة أو فوضى في المجتمع.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٩١٤)، وابن ماجه (٢٤٨٥) كلاهما من حديث موسى بن داود قال: حدثنا محمد بن مسلم الطائفي، عن عمرو بن دينار، عن أبي الشعثاء، عن ابن عباس فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن مسلم الطائفي؛ فإنه حسن الحديث، وهو من رجال مسلم.
ومن هذا الطريق رواه أيضًا الطحاوي في مشكله (٣٢٢١)، والبيهقي (٩/ ١٢٢).
ورواه مالك في الأقضية (٣٧) بلاغا عن ثور بن زيد الديلي أنه قال: بلغني أن رسول اللَّه ﷺ قال: «أيما دار أو أرض قُسمت في الجاهلية، فهي على قَسم الجاهلية، وأيما دار أو أرض أدركها الإسلام ولم تقسم فهي على قسم الإسلام».
ووصله البيهقي (٩/ ١٢٢) بذكر عكرمة، عن ابن عباس، فقال: أخبرنا أبو عبد اللَّه، حدثني محمد ابن المظفر الحافظ، ثنا أبو بكر بن أبي داود، ثنا أحمد بن حفص، حدثني أبي، ثنا إبراهيم بن طهمان، عن مالك، عن ثور بن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه ﷺ فذكر الحديث.
وأما ما روي عن عبد اللَّه بن عمر مرفوعا مثله فهو ضعيف. رواه ابن ماجه (٢٧٤٩) عن محمد ابن رمح قال: أنبأنا عبد اللَّه بن لهيعة، عن عقيل أنه سمع نافعا يخبر عن عبد اللَّه بن عمر فذكره.
وعبد اللَّه بن لهيعة فيه كلام معروف، وعقيل هو ابن خالد الأيلي، وهو من رجال الجماعة.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 60 من أصل 66 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كل قسم قسم في الجاهلية فهو على ما قسم

📜 حديث: كل قسم قسم في الجاهلية فهو على ما قسم

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: كل قسم قسم في الجاهلية فهو على ما قسم

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: كل قسم قسم في الجاهلية فهو على ما قسم

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: كل قسم قسم في الجاهلية فهو على ما قسم

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية