حديث: ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء في كراهية الطلاق
حسن: أخرجه الحاكم (2720) ورواه أبو داود مرسلا (٢١٧٧) ومن طريقه البيهقي (٧/ ٣٢٢) عن أحمد بن يونس، حدثنا معرف بن واصل، حدثني محارب بن دثار فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي ذكر: روي عن محارب بن دثار، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا أَحَلَّ اللهُ شَيْئًا أَبْغَضَ إِلَيْهِ مِنَ الطَّلَاقِ».
### أولاً. تخريج الحديث ومكانته
هذا الحديث رواه أبو داود في سننه، وابن ماجه، والحاكم في المستدرك، وأحمد في مسنده، وغيرهم. وحسنه عدد من أهل العلم، منهم الشيخ الألباني رحمه الله في "صحيح الجامع الصغير".
### ثانياً. شرح المفردات
* أَحَلَّ: أي أباحه وجعله حلالاً مباحاً.
* أَبْغَضَ: أي أكره وأبعد مما يحبه الله ويرضاه. والبغض نقيض الحب.
* إليه: أي إلى الله سبحانه وتعالى.
* الطلاق: هو حل عقد النكاح، وهو من الأمور المشروعة التي أباحها الله لحكمة.
### ثالثاً. شرح الحديث والمعنى الإجمالي
يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث العظيم عن حقيقة عظيمة، وهي أن الطلاق وإن كان حلالاً ومباحاً بأمر الله، إلا أنه أبغض الحلال إلى الله تعالى.
ولفهم هذا المعنى بدقة، ينبغي أن ننتبه إلى نقاط مهمة:
1- الطلاق حلال شرعاً: الله تعالى هو الذي شرع الطلاق وجعله حلاً لمشاكل قد تعترض الحياة الزوجية، فلا يجوز أن يُنظر إليه على أنه حرام أو معصية في ذاته، بل هو أحد الحلول الشرعية.
2- بغض الله له من جهة آثاره: البغض ليس للفعل نفسه كتشريع، ولكن لبغض عواقبه وآثاره. فالطلاق يؤدي إلى تفكيك الأسرة، وتمزيق أواصر الرحمة والمودة، وإيذاء الزوجة والأولاد، وتشتيت الشمل، وهو باب من أبواب الشر والعداوة. فالله يبغض هذه الآثار السيئة.
3- مقارنة بالحلالات الأخرى: المقصود هو أن الله أباح أشياء كثيرة (كالبيع والشراء، والزواج، وغيرها)، ولكن من بين كل هذه الحلالات، فإن الطلاق هو أبغضها إلى الله لما يترتب عليه من مفاسد. فهو "حلال مبغض" وليس محبوباً.
تشبيه توضيحي: كالمرء الذي يحمل سكيناً حادة، هي في الأصل حلال ومباحة لقطع اللحم وتقطيع الفاكهة، ولكن استخدامها في إيذاء الناس أو التعدي عليهم هو أبغض شيء إليه. فالسكين حلال، ولكن سوء استخدامها هو المكروه.
### رابعاً. الدروس المستفادة والعبر
1- التحذير من الاستهانة بالطلاق: الحديث تحذير شديد للرجال من التسرع في إصدار الطلاق أو التلفظ به عند كل خلاف بسيط. فلا يجوز أن يكون الطلاق هو الخيار الأول، بل هو آخر الدواء.
2- الحث على الصبر وحسن العشرة: على الزوجين أن يتحليا بالصبر، والحلم، والحكمة، ومحاولة حل المشاكل بالحوار والتفاهم، واللجوء إلى وساطة الأهل قبل التفكير في الطلاق.
3- إدراك عظمة رباط الزواج: الزواج ليس مجرد عقد دنيوي، بل هو ميثاق غليظ وأمانة عظيمة، والتفريط فيه من الأمور التي يبغضها الله.
4- بيان رحمة الله تعالى: من رحمة الله أنه مع بغضه للطلاق، لم يحرمه تحريماً مطلقاً، بل أباحه لحاجة الناس إليه في بعض الحالات المستعصية، حيث يكون استمرار الزواج ضرراً أكبر من ضرر الطلاق. فشرعه من رحمته، وبغضه لآثاره من حكمته.
5- التقوى في التعامل مع حدود الله: على المسلم أن يتقي الله في كل شيء، خاصة في الأمور التي بين الله حكمها وإن كانت مباحة، فيستخدمها في موضعها المناسب دون إفراط أو تفريط.
خامساً:
معلومات إضافية مفيدة* ينبغي للزوج إذا غضب من زوجته أن يتمالك نفسه ولا يطلقها في حال الغضب الشديد، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَقْضِيَنَّ حَكَمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ» (متفق عليه)، والطلاق حكم وقضاء.
* الإسلام شرع طرقاً قبل الوصول إلى الطلاق، مثل: الوعظ، والهجر في المضجع، ثم الضرب غير المبرح (بشروط شديدة)، ثم اللجوء إلى الحكمين من أهله وأهلها.
* إذا وقع الطلاق من زوج لا يريد حقيقة حل العقد، بل يريد التأديب أو الإعراض، فهذا من الأمور المذمومة شرعاً.
أسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعاً لفهم ديننا، وأن يعين الأزواج على حسن العشرة، وأن يحفظ الأسر المسلمة من التشتت والتفكك.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
ورجاله ثقات، إلا أنه مرسل، فإن محارب بن دثار من ثقات التابعين.
وتابعه وكيع بن الجراح، عن معرف به مرسلا. رواه ابن أبي شيبة (١٩٥٣٧) كما تابعه أيضا يحيى بن بكير، نا معرف بن واصل قال: حدثني محارب بن دثار قال: تزوج رجل على عهد رسول الله ﷺ امرأة فطلقها. فقال النبي ﷺ: «أتزوجت؟» قال: نعم، قال: ثم ماذا؟ قال: ثم طلقت. قال: «أمن ريبة؟» قال: لا، قال: «قد يفعل ذلك الرجل؟» قال: ثم تزوج امرأة أخرى، فطلقها. فقال له النبي ﷺ مثل ذلك. قال معرف: فما أدري أعند هذا، أو عند الثالثة. قال النبي ﷺ: «إنه ليس شيء من الحلال أبغض إلى الله من الطلاق». رواه البيهقين
ولكن رواه الحاكم (٢/ ١٩٦) وعنه البيهقي من حديث محمد بن عثمان بن أبي شيبة، عن أحمد بن يونس بذكر ابن عمر موصولًا.
قال الحاكم: «صحيح الإسناد»، وزاد الذهبي فقال: «على شرط مسلم».
قال الأعظمي: لكن محمد بن عثمان بن أبي شيبة ليس من رجال مسلم، بل ليس من رجال الستة، وإنما من أقران مسلم وأبي داود وغيرهما، ثم هو ممن كذبه أحمد، وقال ابن خراش: «كان يضع الحديث». فكيف يقبل منه مخالفة أبي داود الذي رواه مرسلا بدون ذكر ابن عمر.
وإليه أشار البيهقي بقوله: ولا أراه حفظه.
وقد رواه مرصولًا أيضًا محمد بن خالد الوهبي، عن معرف بن واصل، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر، عن النبي ﷺ قال: «أبغض الحلال إلى الله عز وجل الطلاق».
رواه أبو داود (٢١٧٨) عن كثير بن عبيد، حدّثنا محمد بن خالد فذكره. ومحمد بن خالد وإن كان ثقة وثّقه الدارقطني وغيره، إلا أنه خالف ثلاث ثقات وهم أحمد بن عبد الله بن يونس، ووكيع بن الجراح، ويحيى بن بكير فكل هؤلاء رووه عن محارب بن دثار مرسلا.
وقد سئل أبو حاتم عن حديث رواه محمد بن خالد الوهبي، عن الوضاح، عن محارب بن دثار، عن عبد الله بن عمر، عن النبي ﷺ، وعن محمد بن خالد الوهبي، عن معرف بن واصل، عن محارب بن دثار، عن عبد الله بن عمر، عن النبي ﷺ، فقال: إنما هو محارب عن النبي ﷺ مرسل. علل الحديث (١/ ٤٣١).
وقد تبيّن من هذا أن محمد بن خالد الوهبي مع مخالفته الثقات، قد اضطرب فيه فمرة رواه عن معرف بن واصل كما مضى، وأخرى عن الوضاح، وثالثة عن عبيد الله بن الوليد الصافي، وهو عند ابن ماجه (٢٠١٨) كل هؤلاء عن محارب بن دثار، عن عبد الله بن عمر فذكر الحديث.
وعبيد الله بن الوليد الصافي ضعيف.
ولذا رجح كونه مرسلا مع أبي حاتم الدارقطني في العلل (١/ ٤٣١) والبيهقي وغيرهم، والله تعالى أعلم بالصواب.
وفي الباب ما رُوي أيضًا عن شهر بن حوشب مرفوعًا: «إن الله لا يحب كل ذواق من الرجال، ولا كل ذواقة من النساء» رواه ابن أبي شيبة (١٩٥٣٦) عن محمد بن فضيل، عن ليث، عن شهر بن حوشب قال: تزوج رجل امرأة على عهد النبي ﷺ، فطلقها، فقال له النبي ﷺ: «طلقتها» قال: نعم، قال: «من بأس؟» قال: لا، يا رسول الله، ثم تزوج أخرى ثم طلقها، فقال له رسول الله ﷺ: «طلقتها؟» قال: نعم، قال: لمن بأس؟ قال: لا، يا رسول الله، ثم تزوج أخرى ثم طلقها، فقال له رسول الله ﷺ: «طلقتها؟» قال: نعم، قال: «من بأس؟» قال: لا، يا رسول الله، فقال رسول الله ﷺ في الثالثة: «إن الله لا يحب كل ذواق من الرجال، ولا كل ذواقة من النساء».
وفيه ليث وهو ابن أبي سُليم سيء الحفظ، وشهر بن حوشب فيه كلام معروف، ثم هو مرسل، وقد روي موصولا بذكر أبي هريرة ولا يصح كما رُوي نحوه عن أبي موسى. رواه البزار - كشف
الأستار - (٢/ ١٩٢) من ثلاثة أوجه وكلها ضعيفة. وقد سأل عبد الرحمن بن أبي حاتم، عن حديث أبي موسى، عن النبي ﷺ قال: «لا تطلقوا النساء إلا عن ريبة؛ فإن الله تعالى يَكرهُ الذواقين والذواقات».
قال: قال أبي: «عبادة بن نُسَي، عن أبي موسى لا يجيء». العلل (١٢٨٤).
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 5 من أصل 53 حديثاً له شرح
- 1 ليس منا من خبب امرأة على زوجها
- 2 ليس منا من حلف بالأمانة
- 3 طلِّقها أطع أباك
- 4 الوالد أوسط أبواب الجنة
- 5 ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق
- 6 إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه
- 7 مره فليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر
- 8 مره فليراجعها حتى تحيض حيضة أخرى مستقبلة
- 9 مره فليراجعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم يطلق...
- 10 مره فليراجعها فإذا طهرت فليطلقها لطهرها
- 11 طلاق المرأة وهي حائض وكيفية الرجعة.
- 12 طلاق المرأة الحائض تطليقة واحدة وأمره بردها
- 13 طلاق السنة تطليقة وهي طاهر في غير جماع
- 14 لا طلاق إلا فيما تملك ولا عتق إلا فيما تملك
- 15 ما لم يتكلموا أو يعملوا
- 16 لا طلاق ولا عتاق في إغلاق
- 17 رفع القلم عن ثلاثة: النائم والمجنون والصغير
- 18 ثلاث جدّهن جد وهزلهن جد
- 19 طلاق بغير شهود ورجوع بغير شهود
- 20 طلاق الثلاث واحدة في عهد رسول الله وأبي بكر
- 21 طلاق الثلاث في مجلس واحد يعد طلقة واحدة
- 22 اخترنا الله ورسوله فلم يعد ذلك علينا شيئا
- 23 أبو بكر وعمر يجآن عنق عائشة وحفصة لسؤال النفقة
- 24 اعتزل امرأتك ولا تقربها
- 25 أعوذ بالله منك فقال لقد عذت بعظيم
- 26 امرأة قالت لرسول الله: أعوذ بالله منك
- 27 ثلاث لا يكلمهم الله يوم القيامة
- 28 إذا حرم امرأته ليس بشيء
- 29 لا تحل للأول حتى يذوق عسيلتها كما ذاق الأول
- 30 أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا حتى تذوقي عسيلته
- 31 امرأة تشتكي خضرة بجلدها لرسول الله ﷺ
- 32 «لا تحل لك حتى تذوق العسيلة»
- 33 «ليس لك أن ترجعي حتى يذوق عسيلتك رجل غيره»
- 34 حتى يذوق من عسيلتها ما ذاق صاحبه
- 35 رد ابنته على أبي العاص بن الربيع بعد سنتين
- 36 رد المرأة إلى زوجها الأول بعد إسلامها
- 37 اجلس ناحية، واجلسي ناحية، وادعواها
- 38 من يُحَاقُّني في ولدي هذا أبوك وهذه أمك
- 39 أنت أحق به ما لم تنكحي
- 40 قال لزيد: أنت أخونا ومولانا
- 41 الجارية عند خالتها فإن الخالة والدة
- 42 سبب نزول: لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها
- 43 تحريم عضل المرأة بعد انقضاء العدة
- 44 ما نسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو...
- 45 الطلاق لمن أخذ بالساق
- 46 طلاق الأمة تطليقتان وقروؤها حيضتان
- 47 المُحِلّ والمُحَلَّل له
- 48 المُحِلّ والمُحَلَّل له لعنة الله
- 49 المحلل لعن الله المحلل والمحلل له
- 50 لا تحل المطلقة ثلاثًا إلا بنكاح رغبة.
معلومات عن حديث: ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق
📜 حديث: ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








