حديث: «ليس لك أن ترجعي حتى يذوق عسيلتك رجل غيره»
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب لا تحل المبتوتة حتى تنكح زوجًا غيره
صحيح: روبه النسائي (٣٤١١) وأحمد (١٨٣٧) كلاهما من حديث هُشيم، قال: أنبأنا يحيى بن أبي إسحاق، عن سليمان بن يسار، عن عبيد الله بن العباس فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن ماجه في سننه، وغيرهم، وهو حديث صحيح. وهو يحكي قصة امرأة جاءت تشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيها أحكام عظيمة تتعلق بالشكوى والعدل بين الخصوم.
أولاً. شرح المفردات:
● الغُميصاء أو الرميصاء: هذان وصفان للمرأة، و"الغُميصاء" هي التي في عينها غمص، أي نُكتة أو نقطة بيضاء، و"الرَميصاء" هي واسعة العينين وحسنة العينين. والظاهر أن الرواة شكوا في الوصف فذكروا اللفظين.
● تشكو زوجها: ترفع إليه شكواها منه.
● لا يصل إليها: أي لا يجامعها ويقوم بحقها الزوجي.
● عسيلتك: العسيلة هي العُسيلة، وهي كناية عن الجماع، أي: حتى يجامعك زوجك الجديد كما جامعك الأول.
ثانياً. شرح الحديث:
تتلخص قصة الحديث في أن امرأة (يُقال اسمها خولة بنت ثعلبة) جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشتكي من زوجها، وادَّعت أنه هجرها ولم يعد يجامعها، مما يعني أنه ضيَّق عليها حقوقها الزوجية وأهملها.
ولم يمض وقت طويل حتى حضر زوجها لينفي عن نفسه هذه التهمة، وادَّعى أن زوجته كاذبة في دعواها، وكشف عن حقيقة نيتها، وهي أنها تريد الطلاق منه لترجع إلى زوجها السابق.
فأصبحت القضية بين خصمين: امرأة تدعي الهجر والإضرار، ورجل ينفي ذلك ويدعي أن الدافع هو الحنين إلى الزوج الأول.
في هذا الموقف، لم يستطع النبي صلى الله عليه وسلم أن يحكم لأحدهما دون الآخر لمجرد الدعوى والادعاء المضاد، فالحكم يحتاج إلى بينة.
لذلك، قضى النبي صلى الله عليه وسلم بقاعدة شرعية عظيمة، وهي: أن لا يحل للمرأة أن ترجع إلى زوجها الأول بمجرد الطلاق، بل لابد من أن تنكح زوجاً غيره نكاحاً حقيقياً (ليس مقصوداً به التحليل)، ثم يطلقها، فحينئذٍ تحل للأول. فقال: «لَيْسَ لَكِ ذَلِكَ، حَتَّى يَذُوقَ عَسِيلَتَكِ رَجُلٌ غَيْرُهُ».
فهذا الحكم من النبي صلى الله عليه وسلم يحقق عدة مقاصد:
1. إثبات أن دعواها تحتاج إلى دليل وإثبات، ولم تثبت.
2. كشف عن نيتها الحقيقية التي هي الرغبة في الرجوع للزوج الأول.
3. تطبيقاً لحكم الله تعالى في المطلقات في قوله: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230].
ثالثاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:
1- وجوب إنصاف الخصوم والعدل بينهم: لم يصدق النبي صلى الله عليه وسلم الرجل لمجرد كونه رجلاً، ولم يكذب المرأة لمجرد كونها امرأة، بل أنصت للطرفين وفحص الدعوى.
2- أن الدعوى بدون بينة لا يقضى بها: الأصل براءة الذمة، والمدعي عليه (الزوج) منكر، فكان على المدعية (الزوجة) إثبات دعواها.
3- تحريم التحايل على أحكام الله: كانت بعض النساء في الجاهلية وبعد الإسلام يتزوجن رجلاً ثم يطلبن الطلاق منه بسرعة لتحل لزوجها الأول، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وأبطل هذه الحيلة، وجعل النكاح الثاني شرطاً حقيقياً لا مجرد عقد صورة.
4- حكمة التشريع في تحريم الرجعة بعد الطلاق الثالث إلا بعد زواج: هذا الحكم ليكسر حدة الغضب والطيش في الطلاق، وليعطي الفرصة للتفكير، وليمنع الاستهانة بالطلاق وجعله لعبة.
5- حسن معاملة النبي صلى الله عليه وسلم للنساء واستماع شكواهن: فقد استقبلها صلى الله عليه وسلم وأصغى إلى شكواها، وهذا من رحمته بأمته.
رابعاً. معلومات إضافية:
- هذا الحديث أصل في باب "التحليل" المحرم، وهو أن يتزوج الرجل امرأة مطلقة ثلاثاً بقصد أن يطلقها فتحل لزوجها الأول، وهو من الكبائر وإثمه عظيم، وهو الزواج الباطل الذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه "الملعون فيه"، أي الذي يُلعن فاعله.
- الفقهاء استنبطوا من هذا الحديث أن من ادعت أن زوجها لا يطؤها، فأنكر، فالقول قوله مع يمينه، لأن الأصل عدم الهجران، وهي تدعي خلاف الأصل.
نسأل الله أن يفقهنا في ديننا، ويبصرنا في أحكامه.
والله أعلم.
تخريج الحديث
وفي لفظ النسائي: «لا، حتى يذوق عسيلتها كما ذاق الأول» وإسناده صحيح. وعبيد الله بن عباس هو أخو عبد الله بن عباس، أصغر منه بسنة. قال ابن حجر في الإصابة في ترجمته: «ورجاله ثقات إلا أنه ليس بصريح بأن عبيد الله بن عباس شهد القصة». يعني أنه من مراسيل الصحابي. وقد ثبت أنه كان رديف النبي ﷺ، وأنه سمع منه مثل أخيه عبد الله. وكان عند وفاة رسول الله ﷺ
ابن أكثر من عشر سنوات.
والغميصاء أو الرميصاء هي زوج عمرو بن حزم، فطلّقها فنكحها رجل آخر، فطلقها قبل أن يمسّها، فأتت النبي ﷺ تسأله أن ترجع إلى زوجها الأول فقال: فذكر الحديث.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 33 من أصل 53 حديثاً له شرح
- 4 الوالد أوسط أبواب الجنة
- 5 ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق
- 6 إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه
- 7 مره فليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر
- 8 مره فليراجعها حتى تحيض حيضة أخرى مستقبلة
- 9 مره فليراجعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم يطلق...
- 10 مره فليراجعها فإذا طهرت فليطلقها لطهرها
- 11 طلاق المرأة وهي حائض وكيفية الرجعة.
- 12 طلاق المرأة الحائض تطليقة واحدة وأمره بردها
- 13 طلاق السنة تطليقة وهي طاهر في غير جماع
- 14 لا طلاق إلا فيما تملك ولا عتق إلا فيما تملك
- 15 ما لم يتكلموا أو يعملوا
- 16 لا طلاق ولا عتاق في إغلاق
- 17 رفع القلم عن ثلاثة: النائم والمجنون والصغير
- 18 ثلاث جدّهن جد وهزلهن جد
- 19 طلاق بغير شهود ورجوع بغير شهود
- 20 طلاق الثلاث واحدة في عهد رسول الله وأبي بكر
- 21 طلاق الثلاث في مجلس واحد يعد طلقة واحدة
- 22 اخترنا الله ورسوله فلم يعد ذلك علينا شيئا
- 23 أبو بكر وعمر يجآن عنق عائشة وحفصة لسؤال النفقة
- 24 اعتزل امرأتك ولا تقربها
- 25 أعوذ بالله منك فقال لقد عذت بعظيم
- 26 امرأة قالت لرسول الله: أعوذ بالله منك
- 27 ثلاث لا يكلمهم الله يوم القيامة
- 28 إذا حرم امرأته ليس بشيء
- 29 لا تحل للأول حتى يذوق عسيلتها كما ذاق الأول
- 30 أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا حتى تذوقي عسيلته
- 31 امرأة تشتكي خضرة بجلدها لرسول الله ﷺ
- 32 «لا تحل لك حتى تذوق العسيلة»
- 33 «ليس لك أن ترجعي حتى يذوق عسيلتك رجل غيره»
- 34 حتى يذوق من عسيلتها ما ذاق صاحبه
- 35 رد ابنته على أبي العاص بن الربيع بعد سنتين
- 36 رد المرأة إلى زوجها الأول بعد إسلامها
- 37 اجلس ناحية، واجلسي ناحية، وادعواها
- 38 من يُحَاقُّني في ولدي هذا أبوك وهذه أمك
- 39 أنت أحق به ما لم تنكحي
- 40 قال لزيد: أنت أخونا ومولانا
- 41 الجارية عند خالتها فإن الخالة والدة
- 42 سبب نزول: لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها
- 43 تحريم عضل المرأة بعد انقضاء العدة
- 44 ما نسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو...
- 45 الطلاق لمن أخذ بالساق
- 46 طلاق الأمة تطليقتان وقروؤها حيضتان
- 47 المُحِلّ والمُحَلَّل له
- 48 المُحِلّ والمُحَلَّل له لعنة الله
- 49 المحلل لعن الله المحلل والمحلل له
- 50 لا تحل المطلقة ثلاثًا إلا بنكاح رغبة.
- 51 المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء
- 52 أعوذ بالله منك فقال قد عذت بمعاذ
- 53 مَتِّعْهَا ولو نصف صاع من تمر
معلومات عن حديث: «ليس لك أن ترجعي حتى يذوق عسيلتك رجل غيره»
📜 حديث: «ليس لك أن ترجعي حتى يذوق عسيلتك رجل غيره»
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: «ليس لك أن ترجعي حتى يذوق عسيلتك رجل غيره»
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: «ليس لك أن ترجعي حتى يذوق عسيلتك رجل غيره»
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: «ليس لك أن ترجعي حتى يذوق عسيلتك رجل غيره»
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








