حديث: لا تحل المطلقة ثلاثًا إلا بنكاح رغبة.
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء في المُحِلّ والمُحَلَّل له
صحيح: رواه الطبراني في الأوسط - مجمع البحرين - (٢٣٦٧) والحاكم (٢/ ١٩٩) وعنه البيهقي (٧/ ٢٠٨) من طريق أبي غسان محمد بن مطرف، عن عمر بن نافع، عن أبيه فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن ينفعنا وإياك بالعلم النافع والعمل الصالح.
هذا الأثر المروي عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، يوضح حكمًا عظيمًا من أحكام الطلاق والنكاح، وهو شرحه على النحو التالي:
أولاً. شرح مفردات الحديث:
● طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا: أي أصدر عليها الطلاق ثلاث مرات، مما يجعله طلاقًا بائنًا بينونة كبرى، لا تحل له بعده حتى تنكح زوجًا غيره نكاحًا صحيحًا.
● تَزَوَّجَهَا أَخُ لَهُ: أي تزوجها أخ للرجل المطلق (أي أخوه في النسب أو في الدين)، بقصد.
● مِنْ غَيْرِ مُوَامَرَةٍ مِنْهُ: أي دون أن يطلب منه ذلك أو يتفق معه على القيام بهذه الحيلة.
● لِيُحِلَّهَا لِأَخِيهِ: أي بقصد أن يحلها عن طريق هذا الزواج المفتعل، لتعود حلالاً للأول بعد انقضاء العدة من الثاني.
● نِكَاحُ رَغْبَةٍ: هو النكاح الصحيح الذي يقصده الرجل لذاته، للاستمتاع والاستئناس وتكوين أسرة، لا لغرض آخر كتحليل المرأة لزوجها السابق.
● سِفَاحًا: أي نكاحًا باطلاً محرمًا، يشبه نكاح الجاهلية، وليس النكاح الشرعي المعتبر.
ثانيًا. شرح الحديث ومعناه:
يخبرنا نافع مولى ابن عمر رضي الله عنه، أن رجلاً جاء ليسأل ابن عمر عن قصة رجل طلق زوجته الطلاق المحرم (ثلاثًا دفعة واحدة)، فقام أخوه بتزوجها ليس لأنه يريدها زوجةً له حقًا، ولكن بقصد واحد وهو أن يطلقها بعد ذلك لتحل لزوجها الأول مرة أخرى.
فأجابه ابن عمر رضي الله عنهما جوابًا حاسمًا: لا تحل للأول. أي أن هذه الحيلة لا تُجدي ولا ترفع الحرمة، ولا تحل المرأة لزوجها السابق بهذا الزواج المفتعل. ثم بين الشرط الذي به only يحل النكاح، فقال: "إلا نكاح رغبة". أي إلا إذا كان النكاح الثاني نكاحًا حقيقيًا صحيحًا، نَوى فيه الرجل الثاني الرغبة في المرأة والاستمتاع بها وإمساكها، لا مجرد التحليل.
ثم استشهد ابن عمر بقول له وزن عظيم، حيث قال: "كنا نعد هذا سفاحًا على عهد رسول الله ﷺ". أي أن الصحابة رضوان الله عليهم، في عصر النبوة والوحي، كانوا يعتبرون مثل هذا النكاح (نكاح التحليل) نكاحًا باطلاً محرمًا، وليس من النكاح الشرعي في شيء، بل هو يشبه السفاح والفاحشة.
ثالثًا. الدروس المستفادة والفقه في المسألة:
1- تحريم نكاح التحليل وإبطاله: وهو المقصود الرئيسي من الأثر. فمن تزوج امرأة بنية أن يطلقها ليحلها لزوجها الأول، فإن نكاحه باطل، وهو آثم، ولا يترتب على هذا العقد أي أثر شرعي، ولا تحل المرأة للأول.
2- أن النكاح يجب أن يقصد لذاته: يشترط في صحة النكاح أن يكون المقصود منه ما شرع النكاح من أجله، من التمتع والإحصان وتكوين الأسرة. فإذا انعدمت هذه النية وحل محلها قصد آخر (كالقصد إلى التحليل فقط) فإنه يفسد العقد.
3- حرمة الاستهانة بحدود الله: في هذا الحديث تحذير شديد من التلاعب بحدود الله وأحكامه، ومحاولة تحليل الحرام بالحيل والتمويهات، فإن الله تعالى لا يُخدع. والنية الفاسدة تُفسد العمل.
4- الفرق بين نكاح الرغبة ونكاح التحليل: نكاح الرغبة هو العقد الصحيح الذي يريد فيه الرجل المرأة لذاتها. فإذا حصل ذلك وتم الدخول بها ثم طلقها بعد ذلك حلت للأول. أما إذا كانت نيته من الأول التحليل فقط، فهو باطل.
5- العبرة في العقود بالنيات والمقاصد: وهذا أصل عظيم في الشريعة، فنية المحلل تُفسد العقد منذ البداية.
رابعًا. معلومات إضافية:
- هذا الحكم (تحريم نكاح التحليل) هو إجماع من أهل العلم من السلف والخلف، وقد جاءت أحاديث صريحة عن النبي ﷺ تذم فاعله وتلعنه، منها قوله ﷺ: "لَعَنَ اللَّهُ المُحَلِّلَ وَالمُحَلَّلَ لَهُ" (رواه الترمذي وابن ماجه وهو حسن).
- اتفق الأئمة الأربعة على بطلان نكاح المحلل وتحريمه.
- من تزوج بنية التحليل ثم بدا له أن يمسك المرأة ويعيش معها، فالنظر في حاله: فإنه إن نوى الإمساك من جديد نية صادقة، ينظر فيها العلماء، ولكن الأصل فساد العقد لنيته الأولى الفاسدة.
نسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا، وأن يجنبنا الحيل والزيغ، وأن يوفقنا لاتباع شرعه على بصيرة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
تخريج الحديث
قال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين» ـ
وفي معناه ما روي عن ابن عباس قال: «لعن رسول الله ﷺ المحلّل والمحلَّل له» رواه ابن ماجه (١٩٣٤) عن محمد بن بشار قال: حدثنا أبو عامر، عن زمعة بن صالح، عن سلمة بن وهرام، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.
وزمعة بن صالح ضعيف باتفاق أهل العلم، ضعّفه الإمام أحمد وابن معين وأبو داود وأبو حاتم والنسائي وغيرهم. وقال ابن حبان: كان رجلًا صالحًا يهم ولا يعلم، ويُخطئ ولا يفهم، حتى غلب في حديثه المناكير التي يرويها عن المشاهير. وبه أعله أيضا البوصيري.
وأما شيخه سلمة بن وهرام فهو مختلف فيه غير أنه حسن الحديث.
وأما ما روي عن علي قال: «لعن رسول الله ﷺ عشرة: آكلَ الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، والمحل والمحلل له، ومانع الصدقة، والواشمة والمستوشمة» فهو ضعيف.
انظر تخريجه في كتاب البيوع، وكذلك لا يصح حديث جابر.
قال الترمذي: «حديث علي وجابر حديث معلول هكذا رواه أشعث بن عبد الرحمن، عن مجالد، عن عامر الشعبي، عن الحارث، عن علي، وعامر عن جابر بن عبد الله، عن النبي ﷺ. وهذا حديث ليس إسناده بالقائم. لأن مجالد بن سعيد قد ضعَّفه بعضُ أهل العلم، منهم أحمد بن حنبل. وروى عبد الله بن نُمير هذا الحديث عن مجالد، عن عامر، عن جابر بن عبد الله، عن علي. وهذا قد وهم فيه ابنُ نمير، والحديث الأول أصح، وقد رواه مغيرة، وابن أبي خالد وغير واحد عن الشعبي، عن الحارث، عن علي». انتهى.
قال الأعظمي: وأما حديث علي بن أبي طالب فرواه أبو داود (٢٠٧٦) والترمذي (١١١٩) والنسائي (٨/ ١٤٧) وابن ماجة (١٩٣٥) وأحمد (٦٣٥) كلهم عن الشعبي، عن الحارث، عن علي فذكر الحديث. ذكر بعضهم مطولًا، وبعضهم مختصرًا. والحارث هو الأعور وهو ضعبف باتفاق أهل العلم.
قوله: والمحلّ: من الإحلال، والمحلَّل له: من التحليل، وهما بمعني، ولذا روي المُحِلّ والمُحَلّ له بلام واحد مشددة، والمحلل والمحلل له، بلامين أولهما مشددة، ثم المحلل من تزوج مطلقة الغير ثلاثا لتُحِل له، والمحلل له: هو المُطَلِّق، وإنما لعن، لأنه هتكُ مروءةٍ وقلةُ حميةٍ، وخِسَّة نفسٍ، وهو بالنسبة إلى المحلل له ظاهر، وأما المحلِّل فإنه كالتيس يُعير نفسه بالوطء لغرض الغير، وتسميته محلِّلا عند من يقول بصحة نكاحه ظاهرة، ومن لا يقول بها، لأنه قصد التحليل وإن كانت لا تحل، والله تعالى أعلم. قاله السندي.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 50 من أصل 53 حديثاً له شرح
- 4 الوالد أوسط أبواب الجنة
- 5 ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق
- 6 إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه
- 7 مره فليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر
- 8 مره فليراجعها حتى تحيض حيضة أخرى مستقبلة
- 9 مره فليراجعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم يطلق...
- 10 مره فليراجعها فإذا طهرت فليطلقها لطهرها
- 11 طلاق المرأة وهي حائض وكيفية الرجعة.
- 12 طلاق المرأة الحائض تطليقة واحدة وأمره بردها
- 13 طلاق السنة تطليقة وهي طاهر في غير جماع
- 14 لا طلاق إلا فيما تملك ولا عتق إلا فيما تملك
- 15 ما لم يتكلموا أو يعملوا
- 16 لا طلاق ولا عتاق في إغلاق
- 17 رفع القلم عن ثلاثة: النائم والمجنون والصغير
- 18 ثلاث جدّهن جد وهزلهن جد
- 19 طلاق بغير شهود ورجوع بغير شهود
- 20 طلاق الثلاث واحدة في عهد رسول الله وأبي بكر
- 21 طلاق الثلاث في مجلس واحد يعد طلقة واحدة
- 22 اخترنا الله ورسوله فلم يعد ذلك علينا شيئا
- 23 أبو بكر وعمر يجآن عنق عائشة وحفصة لسؤال النفقة
- 24 اعتزل امرأتك ولا تقربها
- 25 أعوذ بالله منك فقال لقد عذت بعظيم
- 26 امرأة قالت لرسول الله: أعوذ بالله منك
- 27 ثلاث لا يكلمهم الله يوم القيامة
- 28 إذا حرم امرأته ليس بشيء
- 29 لا تحل للأول حتى يذوق عسيلتها كما ذاق الأول
- 30 أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا حتى تذوقي عسيلته
- 31 امرأة تشتكي خضرة بجلدها لرسول الله ﷺ
- 32 «لا تحل لك حتى تذوق العسيلة»
- 33 «ليس لك أن ترجعي حتى يذوق عسيلتك رجل غيره»
- 34 حتى يذوق من عسيلتها ما ذاق صاحبه
- 35 رد ابنته على أبي العاص بن الربيع بعد سنتين
- 36 رد المرأة إلى زوجها الأول بعد إسلامها
- 37 اجلس ناحية، واجلسي ناحية، وادعواها
- 38 من يُحَاقُّني في ولدي هذا أبوك وهذه أمك
- 39 أنت أحق به ما لم تنكحي
- 40 قال لزيد: أنت أخونا ومولانا
- 41 الجارية عند خالتها فإن الخالة والدة
- 42 سبب نزول: لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها
- 43 تحريم عضل المرأة بعد انقضاء العدة
- 44 ما نسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو...
- 45 الطلاق لمن أخذ بالساق
- 46 طلاق الأمة تطليقتان وقروؤها حيضتان
- 47 المُحِلّ والمُحَلَّل له
- 48 المُحِلّ والمُحَلَّل له لعنة الله
- 49 المحلل لعن الله المحلل والمحلل له
- 50 لا تحل المطلقة ثلاثًا إلا بنكاح رغبة.
- 51 المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء
- 52 أعوذ بالله منك فقال قد عذت بمعاذ
- 53 مَتِّعْهَا ولو نصف صاع من تمر
معلومات عن حديث: لا تحل المطلقة ثلاثًا إلا بنكاح رغبة.
📜 حديث: لا تحل المطلقة ثلاثًا إلا بنكاح رغبة.
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا تحل المطلقة ثلاثًا إلا بنكاح رغبة.
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا تحل المطلقة ثلاثًا إلا بنكاح رغبة.
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا تحل المطلقة ثلاثًا إلا بنكاح رغبة.
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








