حديث: لا طلاق إلا فيما تملك ولا عتق إلا فيما تملك

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب لا طلاق قبل النكاح

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله ﷺ: «لا طلاق إلا فيما تملك، ولا عتق إلا فيما تملك، ولا بيع إلا فيما تملك، ولا وفاء نذر إلا فيما تملك».

حسن: رواه أبو داود (٢١٩٠) والترمذي (١١٨١) والنسائي (٤٦١٣) وابن ماجه (٢٠٤٧) وأحمد (٦٧٦٩) وابن الجارود (٧٤٣) والحاكم (٢/ ٢٠٥) كلهم من طرق كثيرة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده فذكره، واختصره البعض على بعض الفقرات.

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله ﷺ: «لا طلاق إلا فيما تملك، ولا عتق إلا فيما تملك، ولا بيع إلا فيما تملك، ولا وفاء نذر إلا فيما تملك».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد في مسنده، والترمذي في سننه، وابن ماجه، وغيرهم عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، هو من الأحاديث التي تُبنى عليها أصول عظيمة في المعاملات المالية والعبادية في الإسلام.

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● لا طلاق: النفي هنا بمعنى عدم الصحة والاعتبار شرعاً.
● إلا فيما تملك: أي إلا في الشيء الذي تكون مالكاً له ملكاً تاماً شرعياً، قادراً على التصرف فيه.
● عتق: تحرير الرقاب من العبودية.
● بيع: عقد المعاوضة المالية.
● وفاء نذر: الوفاء بما التزمه الإنسان على نفسه لله تعالى من عبادة غير واجبة أصلاً.

ثانياً. شرح الحديث:


يضع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث قاعدة شرعية كبرى، وهي أن التصرفات الشرعية لا تصح إلا من مالك، أي أن الإنسان لا يستطيع أن يتصرف تصرفاً يعتد به شرعاً إلا في الشيء الذي يملكه ملكاً صحيحاً.
ويمكن تفصيل ذلك كما يلي:
1- "لا طلاق إلا فيما تملك":
- معناه أن الرجل لا يقع طلاقه إلا إن كان يطلق امرأة هي في عصمته، أي زوجته. فلا يصح أن يطلق إمرأة أبيه، أو أخته، أو امرأة غيره، لأنها ليست مملوكة له بعقد النكاح. فالنكاح هو سبب الملكية الشرعية للحق في الاستمتاع والاستئثار بالزوجة.
2- "لا عتق إلا فيما تملك":
- لا يصح للإنسان أن يعتق (يحرر) عبداً لا يملكه. فلا يستطيع أن يعتق عبد جاره أو عبد أبيه، لأن العتق تصرف في ملك الغير بغير إذنه، وهو باطل.
3- "لا بيع إلا فيما تملك":
- هذا أصل عظيم من أصول المعاملات المالية في الإسلام. لا يجوز للإنسان أن يبيع شيئاً لا يملكه. فلا يصح أن يبيع سلعة لم تشترَ بعد، أو عقاراً لا يملكه، أو أن يبيع سلعة وهي لا تزال في ملك البائع الأول قبل استلامها وقبضها. وهذا يندرج تحت ما يسمى في الفقه بـ "بيع ما لا يملك".
4- "لا وفاء نذر إلا فيما تملك":
- إذا نذر الإنسان نذراً يتعلق بالمال، كأن يقول: "للّه عليَّ أن أتصدق بمائة ريال"، فلا يوفّي بهذا النذر إلا من ماله الخاص الذي يملكه. فلا يوفيه من مال غيره بغير إذنه، كأن يتصدق بمال ولده أو مال أبيه من غير رضاهم.

ثالثاً. الدروس المستفادة والفَوائد:


1- حكمة التشريع الإسلامي: يظهر من هذا الحديث حرص الإسلام على ضبط المعاملات وحماية الحقوق، ومنع التعدي على أموال الناس وممتلكاتهم بالباطل.
2- تحريم التصرف في مال الغير بغير إذنه: وهذا من أعظم أسباب حفظ الأموال ونزاهة المعاملات، وهو يحقق العدل والأمانة.
3- النهي عن الغرر والجهالة في المعاملات: لأن بيع ما لا تملكه يؤدي إلى الغرر (أي المخاطرة والجهالة) والنزاع، فقد لا تستطيع تسليم المبيع الذي لا تملكه أصلاً.
4- التيسير ورفع الحرج: فالإسلام لا يكلِّف الإنسان بما لا يطيق، ولا يلزمه الوفاء بما لا يقدر عليه أو بما ليس في ملكه.
5- شمولية الإسلام: حيث تناول الحديث جوانب مختلفة: جانب الأسرة (الطلاق)، وجانب الحقوق الاجتماعية (العتق)، وجانب المعاملات المالية (البيع)، وجانب العبادة (النذر).

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أصل في باب "الشروط في العقود"، وأن التصرف المشروط بصحة العقود هو الملك أو إذن المالك.
- يستثنى من هذه القاعدة بعض الصور التي أذن بها الشارع، مثل: بيع السلم (وهو بيع موصوف في الذمة)، والوكالة بالبيع والشراء، فإن الوكيل يتصرف في مال موكله بإذنه، فالإذن هنا يقوم مقام الملك في صحة التصرف.
- الحديث يدل على أن الركن الأساسي في صحة هذه التصرفات هو "القدرة على التسليم"، فلا يمكن أن تسلّم ما لا تملك.
نسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢١٩٠) والترمذي (١١٨١) والنسائي (٤٦١٣) وابن ماجه (٢٠٤٧) وأحمد (٦٧٦٩) وابن الجارود (٧٤٣) والحاكم (٢/ ٢٠٥) كلهم من طرق كثيرة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده فذكره، واختصره البعض على بعض الفقرات.
قال الترمذي: «حسن صحيح، وهو أحسن شيء رُوي في هذا الباب».
وسكت عليه الحاكم ولكن قال الذهبي في التلخيص: «صحيح».
قال الأعظمي: إسناده حسن من أجل عمرو بن شعيب وهو حسن الحديث.
هكذا هذا الحديث رواه عامر الأحول ومطر الوراق وعبد الرحمن بن الحارث وحبيب المعلم وحسين المعلم كلهم عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده.
وخالفهم ابن جريج فرواه عن عمرو بن شعيب، عن طاوس، عن معاذ بن جبل أن رسول الله ﷺ قال: فذكر الحديث.
ومن هذا الطريق رواه عبد الرزاق (٦/ ٤١٧، ٤١٨) والطبراني في الكبير (٢٠/ ١٦٦) والدارقطني (٤/ ١٤)
والحاكم (٢/ ٤١٩) والبيهقي (٧/ ٣٢٠) وسكت عنه الحاكم والذهبي، وهذه رواية شاذة المخالفة ابن جريج لجماعة من رووه عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده.
وقد سئل الدارقطني عن حديث طاوس، عن معاذ بن جبل، فبين الاختلاف على عمرو، ورجّع رواية عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. «العلل» (٦/ ٦٥).
وفي الباب عن علي، ومعاذ بن جبل، وجابر، وابن عباس، وعائشة. وهي كلها معلولة ولا يصح في هذا الباب غير حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده.
روي عن ابن عباس قال: ما قالها ابن مسعود - وإن يكن قاله - فزلة من عالم في الرجل يقول: إن تزوجت فلانة فهي طالق. قال الله عز وجل: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٤٩] ولم يقل إذا طلقتم المؤمنات ثم نكحتموهن.
رواه الحاكم (٢/ ٢٥٠) وعنه البيهقي (٧/ ٣٢١) من حديث علي بن حسن بن شقيق، نا الحسين بن واقد وأبو حمزة جميعا عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.
قال الحاكم: «حديث صحيح الإسناد».
قال الأعظمي: إسناده حسن، الحسين بن واقد فيه كلام يسير إلا أنه توبع.
وذكر البخاري تعليقا (٩/ ٣٨١ - مع الفتح).
قال الخطابي في «معالم السنن»: «وقوله: «لا طلاق«ومعناه نفي حكم الطلاق المرسل على المرأة قبل أن تملك بعقد النكاح، وهو يقتضي نفي وقوعه على العموم، سواء كان في امرأة بعينها أو في نساء لا بأعيانهن.
وقد اختلف الناس في هذا: فروي عن علي، وابن عباس، وعائشة، ﵃ أنهم لم يروا طلاقا إلا بعد النكاح، وروي ذلك عن شريح، وابن المسيب، وعطاء، وطاوس، وسعيد بن جبير، وعروة، وعكرمة، وقتادة. وإليه ذهب الشافعي.
وروي عن ابن مسعود إيقاع الطلاق قبل النكاح، وبه قال الزّهريّ، وإليه ذهب أصحاب الرأي. وقال مالك والأوزاعي وابن أبي ليلى: إن خص امرأة بعينها، أو قال: من قبيلة، أو بلد بعينه جاز، وإن عم فليس بشيء، وكذلك قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن، وقال سفيان الثوري نحوا من ذلك إذا قال: إلى سنة، أو وقت معلوم.
وقال أحمد بن حنبل وأبو عبيد: إن كان نكح لم يؤمر بالفراق، وإن لم يكن نكح لم يؤمر بالتزويج. وقد روي نحو من هذا عن الأوزاعي».
قال الشيخ: وأسعد الناس بهذا الحديث من قال بظاهره وأجراه على عمومه. إذ لا حجة مع من فرق بين حال وحال. والحديث حديث حسن.
وقال أبو عيسى الترمذي: سألت محمد بن إسماعيل، فقلت: أي شيء أصح في الطلاق قبل
النكاح؟ فقال: حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. وسئل ابن عباس عن هذا؟ فقرأ قوله عز وجل: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٤٩] انتهى كلام الخطابي.
وقد ذكر البخاري - الفتح (٩/ ٣٨١) والترمذي، والبيهقي (٧/ ٣١٧ - ٣٢٠) عددا كثيرا من الأخبار في عدم وقوع الطلاق والعتاق. ثم قال البيهقي كما في: الفتح«: «هذه الآثار تدل على أن معظم الصحابة والتابعين فهموا من الأخبار أن الطلاق أو العتاق الذي علق قبل النكاح والملك لا يعمل بعد وقوعها، وأن تأويل المخالف في حمله عدم الوقوع على ما إذا وقع الملك، والوقوع إذا وقع بعده ليس بشيء، لأن كل أحد يعلم بعدم الوقوع قبل وجود عقد النكاح أو الملك. فلا يبقى في الأخبار فائدة، بخلاف ما إذا حملناه على ظاهره، فإن فيه فائدة، وهو الإعلام بعدم الوقوع، ولو بعد وجود العقد. فهذا يرجح ما ذهبنا إليه من حمل الأخبار على ظاهرها». انتهى.
ولم أقف على هذا النص في السنن الكبرى المطبوعة في باب الطلاق قبل النكاح في الصفحات المشار إليها أعلاه فتأكد من مصدر كلامه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 14 من أصل 53 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا طلاق إلا فيما تملك ولا عتق إلا فيما تملك

  • 📜 حديث: لا طلاق إلا فيما تملك ولا عتق إلا فيما تملك

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا طلاق إلا فيما تملك ولا عتق إلا فيما تملك

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا طلاق إلا فيما تملك ولا عتق إلا فيما تملك

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا طلاق إلا فيما تملك ولا عتق إلا فيما تملك

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب