حديث: أبو بكر وعمر يجآن عنق عائشة وحفصة لسؤال النفقة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في الخيار

عن جابر بن عبد الله قال: دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله ﷺ، فوجد الناس جلوسًا ببابه، لم يؤذن لأحد منهم، قال: فأذن لأبي بكر. فدخل، ثم أقبل عمر فاستأذن فأذن له، فوجد النبي ﷺ جالسًا حوله نساؤه واجمًا ساكتًا قال: لأقولن شيئًا أُضحك النبي ﷺ فقال: يا رسول الله، لو رأيت بنت خارجة! سألتني النفقة، فقمت إليها فوجأت عنقها. فضحِكَ رسول الله ﷺ وقال: «هن حولي كما ترى. يسألني النفقة» فقام أبو بكر إلى عائشة يجأُ عنقَها، فقام عمر إلى حفصة يجأُ عنقَها. كلاهما يقول: تسألن رسول الله ﷺ ما ليس عنده. فقلن: والله، لا نسأل رسول الله ﷺ شيئا أبدا ليس عنده. ثم اعتزلهن شهرًا أو تسعا وعشرين. ثم نزلت عليه هذه الآية: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ﴾ حَتَّى بَلَغَ ﴿لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: ٢٨ - ٢٩] قال: فبدأ بعائشة. فقال: «يا عائشة! إني أريد أن أعرض عليك أمرًا أحب أن لا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك» قالت: وما هو؟ يا رسول الله: فتلا عليها الآية. قالت: أفيك، يا رسول الله! أستشير أبوي؟ بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة. وأسألك أن لا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت. قال: «لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها. إن الله لم يبعثني معنِّتًا ولا متعنِّتًا ولكن بعثني معلمًا ميسرًا».

صحيح: رواه مسلم في الطلاق (١٤٧٨) عن زهير بن حرب، حدّثنا روح بن عبادة، حدّثنا زكريا بن إسحاق، حدّثنا أبو الزبير، عن جابر بن عبد الله فذكره.

عن جابر بن عبد الله قال: دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله ﷺ، فوجد الناس جلوسًا ببابه، لم يؤذن لأحد منهم، قال: فأذن لأبي بكر. فدخل، ثم أقبل عمر فاستأذن فأذن له، فوجد النبي ﷺ جالسًا حوله نساؤه واجمًا ساكتًا قال: لأقولن شيئًا أُضحك النبي ﷺ فقال: يا رسول الله، لو رأيت بنت خارجة! سألتني النفقة، فقمت إليها فوجأت عنقها. فضحِكَ رسول الله ﷺ وقال: «هن حولي كما ترى. يسألني النفقة» فقام أبو بكر إلى عائشة يجأُ عنقَها، فقام عمر إلى حفصة يجأُ عنقَها. كلاهما يقول: تسألن رسول الله ﷺ ما ليس عنده. فقلن: والله، لا نسأل رسول الله ﷺ شيئا أبدا ليس عنده. ثم اعتزلهن شهرًا أو تسعا وعشرين. ثم نزلت عليه هذه الآية: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ﴾ حَتَّى بَلَغَ ﴿لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: ٢٨ - ٢٩] قال: فبدأ بعائشة. فقال: «يا عائشة! إني أريد أن أعرض عليك أمرًا أحب أن لا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك» قالت: وما هو؟ يا رسول الله: فتلا عليها الآية. قالت: أفيك، يا رسول الله! أستشير أبوي؟ بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة. وأسألك أن لا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت. قال: «لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها. إن الله لم يبعثني معنِّتًا ولا متعنِّتًا ولكن بعثني معلمًا ميسرًا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنه:

1. شرح المفردات:


● يستأذن: يطلب الإذن للدخول.
● واجمًا ساكتًا: صامتًا لا يتكلم، يظهر عليه التأمل أو الحزن.
● بنت خارجة: يقصد عمر رضي الله عنه زوجته التي هي أم ولده عبد الله بن عمر.
● فوجأت عنقها: أي ضربتها على عنقها ضربة ليست شديدة، والمقصود التعنيف والتأديب.
● يجأ عنقها: نفس المعنى، وهو التأديب بالضرب الخفيف على العنق.
● اعتزلهن: ابتعد عنهن ولم يجامعهن.
● معنتًا ولا متعنتًا: المعنت هو المتشدد المتعسف، والمتعنت هو الذي يتطلب المشقة والعنت.

2. شرح الحديث:


يدخل الحديث في سياق تعليم النبي ﷺ لأصحابه وتهذيبه لأمته، وفيه موقف من مواقف حياته الشريفة مع أزواجه وصحابته:
● الموقف الأول: دخول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما على النبي ﷺ، حيث كان النبي جالسًا مع أزواجه ساكتًا مفكرًا، فأراد عمر أن يخفف عن النبي ويسره، فحكى له أن زوجته (بنت خارجة) طلبت منه نفقة فقام إليها وعنفها بضرب عنقها. فضحك النبي ﷺ من هذا الموقف، وأخبره أن أزواجه حوله يطلبن منه النفقة أيضًا.
● الموقف الثاني: قام أبو بكر إلى ابنته عائشة، وعمر إلى ابنته حفصة، وعنفا كل منهما زوجته (ابنتيه) على طلب النفقة من النبي ﷺ، مع علمهما بأن النبي لا يملك كثيرًا من المال. فاعتذرت الزوجات وقلن: "والله لا نسأل رسول الله ﷺ شيئًا أبدًا ليس عنده".
● الموقف الثالث: نتيجة هذا الحادث، اعتزل النبي ﷺ نساءه شهرًا أو تسعًا وعشرين يومًا، لا يدخل عليهن ولا يخالطهن، حتى يشعرن بخطئهن ويعتبرن.
● الموقف الرابع: نزلت الآيات من سورة الأحزاب (28-29) تخير نساء النبي بين الحياة الدنيا وزينتها، أو الله ورسوله والدار الآخرة. فبدأ النبي ﷺ بعائشة رضي الله عنها، وعرض عليها الخيار، ونصحها أن تستشير والديها (أبا بكر وأم رومان)، لكنها اختارت الله ورسوله والدار الآخرة دون تردد، وطلبت من النبي ألا يخبر غيرها من الزوجات باختيارها حتى لا يحرجن، لكن النبي ﷺ رفض ذلك وقال: "إن الله لم يبعثني معنّتًا ولا متعنتًا ولكن بعثني معلمًا ميسرًا"، أي أن رسالته تبليغية تعليمية، وليست للإحراج أو التعسير.

3. الدروس المستفادة منه:


● الأدب مع النبي ﷺ: حرص الصحابة على أدب الدخول عليه ومراعاة حاله.
● رفق النبي ﷺ وحكمته: في تعامله مع أزواجه، حيث لم يعنفهن مباشرة، بل اعتزلهن ليفكرن ويتراجعن عن طلبات الدنيا.
● اختيار الآخرة على الدنيا: وهو الدرس الأكبر، حيث فضلت نساء النبي الله ورسوله والدار الآخرة على الدنيا وزينتها.
● التيسير لا التعسير: من أخلاق النبي ﷺ أنه كان ميسرًا غير متشدد، يعلم الناس برفق.
● مشروعية تأديب الزوجة: إذا أخطأت، ولكن within الحدود الشرعية، دون إيذاء أو ظلم.
● فضل أبي بكر وعمر: وحرصهما على نبي الله وغيرة كل منهما على ابنته.

4. معلومات إضافية مفيدة:


- الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من الأحاديث الصحيحة المتعلقة بسيّر النبي ﷺ مع أزواجه.
- الآيات التي نزلت هي قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29)} [الأحزاب: 28-29].
- هذا الحديث يظهر جانبًا من حياة النبي ﷺ الأسرية، وكيف كان يعلم أمته من خلال مواقفه اليومية.
أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا، وأن يرزقنا حب نبيه واتباع سنته، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الطلاق (١٤٧٨) عن زهير بن حرب، حدّثنا روح بن عبادة، حدّثنا زكريا بن إسحاق، حدّثنا أبو الزبير، عن جابر بن عبد الله فذكره.
يستفاد من الحديث بأن الرجل إذا خيّر امرأته فاختارته فلا شيء. كما دلَّ عليه حديث عائشة.
ويفهم منه أنها لو اختارت نفسها أكان ذلك طلاقًا أم لا؟ فالصحيح أن ذلك طلاق.
واختلفوا إذا اختارت نفسها فذهب الجمهور إلى أنها واحدة وهي أحق بها رُوي ذلك عن عمر، وابن مسعود، وابن عباس، وهو قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق، والثوري، وغيرهم.
وذهب علي بن أبي طالب إلى واحدة بائنة وبه قال أصحاب الرأي وذهب مالك إلى أنها ثلاث.
واختلفوا أيضًا في مدة الخيار. فالصحيح الذي عليه أكثر أهل العلم أن الخيار إلى أن تقوم في مجلسها، فإذا قامت انتهى الخيار.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 23 من أصل 53 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أبو بكر وعمر يجآن عنق عائشة وحفصة لسؤال النفقة

  • 📜 حديث: أبو بكر وعمر يجآن عنق عائشة وحفصة لسؤال النفقة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أبو بكر وعمر يجآن عنق عائشة وحفصة لسؤال النفقة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أبو بكر وعمر يجآن عنق عائشة وحفصة لسؤال النفقة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أبو بكر وعمر يجآن عنق عائشة وحفصة لسؤال النفقة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب