حديث: المُحِلّ والمُحَلَّل له لعنة الله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في المُحِلّ والمُحَلَّل له

عن أبي هريرة قال: لعن رسولُ الله ﷺ المُحِلّ والمُحَلَّل له.

حسن: رواه أحمد (٨٢٨٧) وابن الجارود (٦٨٤) والبزار - كشف الأستار - (١٤٤٢) والبيهقي (٧/ ٢٠٨) والترمذي في العمل الكبير (١/ ٤٣٧) من حديث عبد الله بن جعفر المخزومي، عن
عثمان بن محمد الأخنسي، عن المقبري، عن أبي هريرة فذكره.

عن أبي هريرة قال: لعن رسولُ الله ﷺ المُحِلّ والمُحَلَّل له.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الشريف:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "لعن رسولُ الله ﷺ المُحِلّ والمُحَلَّل له".
أخرجه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وصححه الألباني.


1. شرح المفردات:


* لعن: اللعن هو الطرد والإبعاد من رحمة الله تعالى. وهو وعيد شديد يدل على كبر الجرم والمعصية.
* المُحِلّ: هو الرجل الذي يطلّق زوجته طلاقاً ثالثاً (بائناً بينونة كبرى)، فيصبح حراماً عليه أن يعود إليها إلا بعد أن تنكح زوجاً غيره نكاحاً صحيحاً. ثم يأتي هذا الرجل (المحل) ليتفق مع رجل آخر (المحلَّل) على أن يتزوجها بنية أن يطلّقها فقط ليحلّلها للأول.
* المُحَلَّل له: هو الزوج الأول الذي طلق زوجته ثلاثاً، وهو صاحب الحاجة والرغبة في عودتها، فيدفع لغيره ليتزوجها ويطلّقها.


2. شرح الحديث:


هذا الحديث العظيم يوضح حكماً شرعياً مهماً، ويحذر من حيلة محرمة كان بعض الناس يلجأون إليها للتحايل على أحكام الله تعالى.
* المقصود بالتحليل:
الشرع الحكيم قد جعل للمرأة المطلقة ثلاثاً حكماً عظيماً، وهو أنها لا تحل لزوجها الأول إلا بعد أن تتزوج زوجاً آخر زواجاً صحيحاً شرعياً (ليس بنية التحليل)، ثم يحدث بينهما فراق حقيقي (بموت أو طلاق)، ثم تنتهي عدتها من الزوج الثاني. هذا الحكم فيه حكم عظيمة، منها اختبار صدق رغبة الزوج الأول في العودة، وإعطاء المرأة فرصة لحياة زوجية جديدة، وعدم جعل الطلاق играاً يتلاعب به الناس.
* جريمة المحلّ والمحلَّل له:
جاء بعض الناس ليتحايلوا على هذا الحكم الإلهي، فيتفق الزوج الأول (المحلَّل له) مع رجل آخر (المحلّ) على أن يتزوج المرأة بنية واحدة فقط هي طلاقها بعد الدخول بها أو بدونها، ليصبح حلالاً للأول. فهذا تحايل سافر على نص القرآن الكريم {فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230]. فالنكاح هنا يجب أن يكون نكاح رغبة حقيقية، لا نكاح تحليل.
* سبب اللعن:
لعن النبي ﷺ الفاعلَين لهذه الحيلة لعدة أسباب:
1- الاستهزاء بأحكام الله: فهي محاولة للالتفاف على حكم شرعي واضح، وكأنهم يخادعون الله، وهو يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
2- تحليل الحرام: فهم يحاولون جعل ما حرمه الله حلالاً بواسطة هذه الحيلة المكشوفة.
3- الاعتداء على حرمة النكاح: النكاح عقدٌ عظيمٌ جعله الله ميثاقاً غليظاً، فجعلوه وسيلة للعبث والتحايل.
4- الضرر بالمرأة: حيث يتم استغلالها وتداولها بين الرجال دون وجه حق شرعي.


3. الدروس المستفادة منه:


1- تحريم التحايل على أحكام الشرع: يجب على المسلم أن يتقبل أحكام الله تعالى وينقاد لها راضياً محتسباً، ولا يحاول التحايل عليها بحيل واهية، فالله يعلم السر وأخفى.
2- خطورة المشاركة في الإثم: ليس فقط الفاعل للحرام هو الآثم، بل كل من ساعده أو شاركه فيه أو دله عليه داخل في الإثم، كما في قوله ﷺ: (والمُحَلَّل له).
3- التشديد في مسائل النكاح والطلاق: لأنها من الأمور الخطيرة التي تتعلق بالأعراض وأنساب الأمة، فلا يجوز التلاعب بها.
4- وجوب التحرز من اللعن: اللعن من الله تعالى هو الطرد من رحمته، فإذا كان النبي ﷺ قد لعن فاعلي هذه المعصية، فهذا يدل على عظم جرمها وخطورتها.
5- الإخلاص في العبادة: النكاح من العبادات العظيمة، فيجب أن يقصد به وجه الله والاستعفاف، لا أن يكون وسيلة لأغراض دنيئة محرمة.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* حكم نكاح التحليل: هو نكاح باطل عند جمهور العلماء، لأنه نكاح لم يقصد به مقصوده الشرعي، وإنما قصد به حيلة محرمة. وهو من كبائر الذنوب.
* هل يصح التحليل لو حدث بغير قصد؟ إذا تزوج الرجل المرأة بنية صادقة للزواج بها والاستمتاع بها، ثم حصل بينهما طلاق لأسباب حقيقية، فإنه يحلّلها لزوجها الأول، لأن الشرط هو "نكاح رغبة" حقيقي، وليس نكاح تحليل.
* الفرق بينه وبين التيس المستعار: شبه بعض السلف المحلّ بـ "التيس المستعار" الذي يُؤتى به فقط لإنجاح عملية ثم يُرمى، وذلك لتحقير هذه الفعلة وبيان قبحها.
نسأل الله تعالى أن يبصرنا في ديننا، وأن يجنبنا مواضع الغضب والشبهات، وأن يرزقنا الإخلاص في القول
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٨٢٨٧) وابن الجارود (٦٨٤) والبزار - كشف الأستار - (١٤٤٢) والبيهقي (٧/ ٢٠٨) والترمذي في العمل الكبير (١/ ٤٣٧) من حديث عبد الله بن جعفر المخزومي، عن
عثمان بن محمد الأخنسي، عن المقبري، عن أبي هريرة فذكره.
وإسناده حسن من أجل عبد الله بن جعفر المخزومي، وشيخه عثمان بن محمد الأخنسي فإنهما حسنا الحديث.
قال الترمذي: «سألت محمدا عن هذا الحديث فقال: هو حديث حسن، وعبد الله بن جعفر المخزومي صدوق ثقة، وعثمان بن محمد الأخنسي ثقة، وكنت أظن أن عثمان لم يسمع من سعيد المقبري».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 48 من أصل 53 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: المُحِلّ والمُحَلَّل له لعنة الله

  • 📜 حديث: المُحِلّ والمُحَلَّل له لعنة الله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: المُحِلّ والمُحَلَّل له لعنة الله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: المُحِلّ والمُحَلَّل له لعنة الله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: المُحِلّ والمُحَلَّل له لعنة الله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب