حديث: من يُحَاقُّني في ولدي هذا أبوك وهذه أمك

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب تخيير الصبي بين أبويه الذين افترقا

عن أبي ميمونة سُلمي - مولى من أهل المدينة، رجل صدق - قال: بينما أنا جالس مع أبي هريرة، جاءت امرأة فارسية معها ابن لها فادعياه. وقد طلقها زوجها فقالت: يا أبا هريرة - ورطنتْ بالفارسية - زوجي يريد أن يذهب بابني؟ فقال أبو هريرة: استهما عليه. ورطن لها بذلك. فجاء زوجها فقال: من يُحَاقُّني في ولدي؟ فقال أبو هريرة: اللهم إني لا أقول هذا إلا أني سمعت امرأة جاءت إلى رسول الله ﷺ وأنا قاعد عنده. فقالت: يا رسول الله! إن زوجي يريد أن يذهب بابني، وقد سقاني من بئر أبي عِنبة، وقد نفعني. فقال رسول الله ﷺ: «استهما عليه» فقال زوجها: من يُحَاقُّني في ولدي؟ فقال النبي ﷺ: «هذا أبوك، وهذه أمك، فخذ بيد أيهما شئت» فأخذ بيد أمه فانطلقت به.

صحيح: رواه أبو داود (٢٢٧٧) والنسائي (٣٤٩٦) وصحّحه الحاكم (٤/ ٩٧) والبيهقي (٣٨) كلهم من حديث ابن جريج، قال: أخبرني زياد، عن هلال بن أسامة، أن أبا ميمونة سُلمي قال: فذكره.

عن أبي ميمونة سُلمي - مولى من أهل المدينة، رجل صدق - قال: بينما أنا جالس مع أبي هريرة، جاءت امرأة فارسية معها ابن لها فادعياه. وقد طلقها زوجها فقالت: يا أبا هريرة - ورطنتْ بالفارسية - زوجي يريد أن يذهب بابني؟ فقال أبو هريرة: استهما عليه. ورطن لها بذلك. فجاء زوجها فقال: من يُحَاقُّني في ولدي؟ فقال أبو هريرة: اللهم إني لا أقول هذا إلا أني سمعت امرأة جاءت إلى رسول الله ﷺ وأنا قاعد عنده. فقالت: يا رسول الله! إن زوجي يريد أن يذهب بابني، وقد سقاني من بئر أبي عِنبة، وقد نفعني. فقال رسول الله ﷺ: «استهما عليه» فقال زوجها: من يُحَاقُّني في ولدي؟ فقال النبي ﷺ: «هذا أبوك، وهذه أمك، فخذ بيد أيهما شئت» فأخذ بيد أمه فانطلقت به.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإني أقدم لكم شرحًا لهذا الحديث النبوي الشريف، الذي رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، وغيرهما من أئمة الحديث، وهو حديث صحيح يشهد لصحته متنه وسنده، وفيه من الفوائد والعبر ما ينبغي للمسلم أن يتأمل فيه.

أولًا:

شرح المفردات:
● سُلمي: نسبة إلى قبيلة سليم.
● مولى من أهل المدينة: أي عبد مُعتق كان يعيش في المدينة.
● رجل صدق: وصف للراوي أبي ميمونة بالصدق والأمانة في الرواية.
● فارسيَّة: من بلاد فارس (إيران اليوم).
● فادعياه: أي كل منهما يدعي الولد ويطلبه لنفسه.
● رَطَنَتْ: أي تكلمت بلغة غير العربية (الفارسية).
● استهما عليه: أي اقترعا عليه، والاستهام هو الاقتراع بالقدح أو السهم.
● يُحَاقُّني: أي ينازعني ويخاصمني فيه.

ثانيًا. شرح الحديث:


يحكي هذا الحديث قصة امرأة فارسية جاءت إلى أبي هريرة رضي الله عنه تشكو أن زوجها المطلق يريد أن يأخذ ولدها منها، وكانت تتكلم بالفارسية، ففهم أبو هريرة مرادها، فأشار عليها بأن يقترعا على الولد، أي يترك الأمر لله تعالى ليختار من يكون أولى به. ثم جاء الزوج وهو غاضب متسائلًا: من ينازعني في ولدي؟ فخشي أبو هريرة أن يكون في كلامه ما يُعتب عليه، فاستعاذ بالله من القول بغير علم، ثم ذكر أن ما قاله إنما هو توقيف من النبي صلى الله عليه وسلم، حيث إن امرأة جاءت إلى النبي تشكو نفس المشكلة، وقالت: "إن زوجي يريد أن يذهب بابني، وقد سقاني من بئر أبي عِنبة، وقد نفعني" أي أنها أرضعت الولد من لبنها، وكان هذا اللبن من ماء شربته من ذلك البئر، فكان له أثر في إدرار اللبن، فصارت لها فضل في تربية الولد. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاقتراع بينهما، فلما احتج الأب بأنه أحق بولده، بين النبي صلى الله عليه وسلم أن لكل من الأب والأم حقًا في الولد، ثم خيَّر الولد بينهما، فأخذ بيد أمه وذهب معها.

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- العدل في القضاء: النبي صلى الله عليه وسلم لم يحكم لأحد الطرفين دون الآخر، بل أقام العدل بالاقتراع، الذي هو تفويض الأمر إلى الله تعالى.
2- حق الأم في الحضانة: الحديث يظهر أهمية حق الأم في الحضانة، خاصة إذا كانت هي الأقدر على تربية الولد ورعايته، وقد فضلها الولد على أبيه، مما يدل على ميل الأطفال إلى أمهاتهم في الصغر.
3- التثبت في الفتوى: أبو هريرة رضي الله عنه لم يقل برأيه، بل نَسَب الحكم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا درس للعلماء والدعاة في أن يردوا الأمر إلى النصوص الشرعية.
4- رفع الحرج في الخصومات: الاقتراع وسيلة شرعية لحل النزاع عندما يتعادل الطرفان في الحق.
5- العبرة بالمقاصد والمعاني: المرأة تكلمت بالفارسية، لكن أبو هريرة فهم مرادها، مما يدل على أن فهم المقصد هو المهم، وليس مجرد الألفاظ.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث يدخل في باب الحضانة في الفقه الإسلامي، حيث ذهب جمهور العلماء إلى أن الأم أحق بالولد في الصغر، خاصة إذا كانت أصلح له.
- الاقتراع (الاستهام) مشروع في الأمور التي يتعارض فيها الحقوق، وقد ورد في أحاديث أخرى في مواضع مختلفة.
- قول المرأة: "وقد سقاني من بئر أبي عِنبة، وقد نفعني" يدل على اعترافها بفضل الزوج في إسعافها، لكن ذلك لا يلغي حقها في الولد.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٢٧٧) والنسائي (٣٤٩٦) وصحّحه الحاكم (٤/ ٩٧) والبيهقي (٣٨) كلهم من حديث ابن جريج، قال: أخبرني زياد، عن هلال بن أسامة، أن أبا ميمونة سُلمي قال: فذكره. قال الحاكم: «صحيح الإسناد».
ورواه الترمذي (١٣٥٧) وابن ماجه (٢٣٥١) وأحمد (٧٣٥٢) والبيهقي كلهم من وجه آخر عن سفيان بن عيينة، عن زياد بن سعد، عن هلال بن أبي ميمونة، عن أبي ميمونة فذكره مختصرًا.
قال الترمذي: «حسن صحيح».
قال الأعظمي: هلال بن أبي ميمونة ليس هو ابن أبي ميمونة الذي في الإسناد، فإن هلال بن أبي ميمونة هو هلال بن علي بن أسامة العامر القرشي المدني، ينسب إلى جده، كما ذكر في الرواية السابقة.
وأبو ميمونة هو الفارسي المدني الآبار، قيل: اسمه سُليم، أو سلمان، أو سلمى، أو أسامة يروي عن أبي هريرة وغيره، وليس هو والد هلال بن أبي ميمونة كما وقع في رواية عند البيهقي في حديث سفيان بن عيينة فالظاهر أنه خطأ، أو شاذ.
وهذا الحديث يُحمل على الغلام الذي عقل، واستغنى عن الحضانة، فإذا كان كذلك خُيّر بين أبويه.
أخذ به الشافعي وأحمد. قال الشافعي: «إذا صار ابن سبع أو ثمان خُيّر، وقال أحمد: إذا كبر يُخير.
ومن لم يأخذ به جعل الأب أحق به؛ لأن الولد أحوج إلى الأب من الأم للتعليم والمعاش وغيرها.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 38 من أصل 53 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من يُحَاقُّني في ولدي هذا أبوك وهذه أمك

  • 📜 حديث: من يُحَاقُّني في ولدي هذا أبوك وهذه أمك

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من يُحَاقُّني في ولدي هذا أبوك وهذه أمك

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من يُحَاقُّني في ولدي هذا أبوك وهذه أمك

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من يُحَاقُّني في ولدي هذا أبوك وهذه أمك

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب